مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 86

(11)
جلسة 27 من أكتوبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية الأساتذة السادة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ, وعبد الله عامر إبراهيم, ومصطفى محمد عبد المعطي, وحسن عبد الحميد البرعي.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
أمين السر

الطعن رقم 8377 لسنة 45 قضائية. عليا:

تعليم - تأديب - تأديب الطالب لممارسته العنف ضد المدرس.
صدر قرار وزير التربية والتعليم رقم 591 لسنة 1998 بهدف منع العنف في المدارس وحفاظًا على قدسية المؤسسة التعليمية وحدد عقوبة واحدة مغلظة هي الفصل النهائي لكل طالب يثبت اعتداؤه على أحد المعلمين أو هيئات الإشراف بجميع المدارس وذلك إعلاء لشأنهم ولحمايتهم من التطاول عليهم أم النيل من كرامتهم أو المساس بها أو الحط من قدرهم أو ازدرائهم في المدرسة سواء من جانب الطلبة أو من زملائهم المعلمين أو العاملين بالمدرسة, حيث يجب أن تسمو كرامة المدرس وشرفه - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 8/ 9/ 1999 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 2523 لسنة 4ق. والذي قضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان وبإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعنون بصفاتهم - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - بصفة مستعجلة - الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وبقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه - للأسباب الواردة به - إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات, ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات على النحو الثابت بمحاضرها, وبجلسة 20/ 4/ 2004 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 12/ 5/ 2004 ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسات المذكورة, وبجلسة 23/ 6/ 2004 تقرر حجزه لإصدار الحكم فيه بجلسة 28/ 9/ 2004, ثم مد أجل النطق بالحكم فيه لجلسة 27/ 10/ 2004 إلا أنه أعيد للمرافعة لذات الجلسة لتغير تشكيل الهيئة ثم تقرر النطق بالحكم فيه آخر الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 3/ 5/ 1999 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية صحيفة الدعوى رقم 2523 لسنة 4ق. طالبًا في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 114 لسنة 99 فيما تضمنه من فصل نجله فصلاً نهائياً من مدرسة بور فؤاد الثانوية التجارية بنين, وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحًا لدعواه إنه بتاريخ 25/ 5/ 1999 علم بصدور القرار رقم 114/1999 بفصل ابنه...........فصلاً نهائيًا من مدرسة بور فؤاد الثانوية التجارية على سند من القول بمخالفته للقرارات والنشرات التي تمنع العنف داخل المدرسة بأن قام بتوجيه ألفاظ غير لائقة للسيد/......المدرس بالمدرسة وتعدى عليه بالضرب وأحدث به إصابات يوم 10/ 1/ 1999 وتم تحرير محضر عن الواقعة بقسم شرطة بور فؤاد ثانٍ وترتب عليه حجز ابنه بالقسم من يوم 10/ 1/ 1999 حتى 13/ 1/ 1999 وتخلفه عن دخول امتحان مواد التسويق والرياضة والفرنساوي والعربي.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره بالمخالفة للواقع والقانون؛ حيث إن المحضر الذي تحرر عن الواقعة برقم (12) جنح أحداث بور فؤاد ضد ابنه صدر فيه حكم بجلسة 5/ 4/ 1999 ببراءته لعدم ثبوت التهم في حقه, وتكون الواقعة لا محل لها فضلاً إلي عدم استناد القرار إلى أسباب صحيحة تبرره قانونًا الأمر الذي يتوفر معه ركن الجدية وكذلك ركن الاستعجال؛ حيث يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها لحرمان ابنه من دخول الامتحان.
وخلص المدعى في صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته.
وبجلسة 12/ 7/ 1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن الثابت من ظاهر الأوراق أنه وإن كان ابن المدعي تعدى بألفاظ غير لائقة على المدرس...... إلا أن تعديه عليه بالضرب واقعة غير ثابتة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على كامل سببه فهو مخالف للقانون ويتوافر بالتالي ركنا الجدية والاستعجال في طلب وقف تنفيذه, وانتهى الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم ذكره.
لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فأقاموا طعنهم الماثل ناعين عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ حيث إن الثابت من التحقيقات التي أجريت تعدى نجل المطعون ضده على المدرس..... بالألفاظ والضرب الأمر الذي يكون معه توقيع الجزاء المطعون عليه قد صدر في محله محمولاً على أسبابه ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم ثبوت واقعة الضرب؛ حيث إن القرار الوزاري رقم 86 لسنة 97 بشأن تأديب طلاب مدارس التعليم العام والفني وردت ألفاظه عامة من حيث العقوبات التي توقع في حالة الإخلال بالنظام العام أو حسن الآداب أو النظام المدرسي أو السلوك المفروض على الطالب اتباعه أو ارتكابه ما يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة, ولا شك أن واقعة التعدي باللفظ والشتائم على المدرس يشكل المساس بكرامة أحد العالمين بالمدرسة.
وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن الحكم بطلباتهم.
ومن حيث إن المادة (1) من قرار وزير التربية والتعليم رقم 591 لسنة 98 بشأن منع العنف في المدارس تنص على أنه: (يحظر حظرًا مطلقًا في جميع مدارس مراحل التعليم قبل الجامعي بما في ذلك مدارس التعليم الخاص.....)
وتنص المادة (2) منه على أنه:( يُعاقب بالفصل النهائي كل طالب يثبت اعتداؤه على أحد من المعلمين أو هيئات الإشراف بجميع المدارس المشار إليها في المادة السابقة).
ومن حيث إن قرار وزير التربية والتعليم رقم 591 لسنة 98 المشار إليه إنما صدر بهدف منع العنف في المدارس وحفاظًا على قدسية المؤسسة التعليمية حسبما ورد بديباجته, وحدد هذا القرار عقوبة واحدة مغلظة هي الفصل النهائي لكل طالب يثبت اعتداؤه على أحد المعلمين أو هيئات الإشراف بجميع المدارس وذلك إعلاء لشأنهم ولحمايتهم من التطاول عليهم أو النيل من كرامتهم أو المساس بها أو الحط من قدرهم أو ازدرائهم في المدرسة سواء من جانب الطلبة أو من زملائهم المعلمين أو العاملين بالمدرسة, حيث يجب أن تسمو كرامة المدرس وشرفه واعتباره فوق كل اعتبار إجلالاً وتقديرًا لعظم قدره, حيث كاد المعلم أن يكون رسولاً فإذا اعتدى أي طالب على هذا المعلم حق عليه توقيع تلك العقوبة الوحيدة بفصله نهائيًا من المدرسة غير مأسوف على مستقبله الذي فرط هو فيه جزاء ما اقترفته يداه باعتدائه على معلمه, ولم يترك النص أي خيار بحيث إذا ثبت الاعتداء تم توقيع هذا الجزاء وهو الفصل النهائي.
ومن حيث إن الثابت من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل ولا سيما التحقيقات المودعة ضمن حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة بجلسة 5/ 7/ 1999 أنه بتاريخ 10/ 1/ 1999 وأثناء عقد امتحان الفصل الأول بمدرسة بور فؤاد الثانوية التجارية للبنين كان السيد/...... المدرس بالمدرسة يلاحظ بإحدى اللجان المتواجد بها نجل المطعون ضده الذي أثار الشغب باللجنة وحاول الغش, وحينما حاول الملاحظ (المدرس المذكور) منعه من ذلك تطاول عليه الطالب بالقول (لا تبص لي كده يا جدع انت) ونظرًا لارتفاع الصخب باللجنة حضر مشرف الدور ومدير المدرسة اللذان شهدا بذلك وكذلك ملاحظة اللجنة الموجودة مع المدرس في ذات اللجنة.
كما ثبت من التحقيقات أنه عقب انتهاء الامتحان تربص نجل الطاعن بالمدرس المذكور خارج المدرسة وحينما رآه انهال عليه سباً بأفظع الألفاظ النابية؛ حيث قال له (يا ابن الوسخة, يا ابن الشرموطة, يا ابن الكلب, كما سب له ولأمه الدين) كما تعدى عليه بالضرب بقطعة كبيرة من الخشب وركض خلفه في الشارع أمام الطلبة والعاملين بالمدرسة؛ حيث شهد بذلك كل من المدرسين:........و......... وكذلك من الطلبة:........و....... ومن حيث إن الثابت على نحو ما تقدم وبشهادة الشهود أن الطالب......... نجل المطعون ضده تعدى على السيد/........ المدرس بالمدرسة بالقول والفعل بأن وجه إليه ألفاظًا بذيئة ورد ذكرها بالتحقيقات كما ضربه بخشبة كبيرة وجرى خلفه في الشارع على مرأى ومسمع من الطلبة والعاملين بالمدرسة وإزاء ذلك صدر القرار المطعون فيه بفصل الطالب نهائيًا من المدرسة فإن هذا القرار - والحال كذلك - يكون قد صدر محمولاً على صحيح أسبابه المبررة له حقًا وصدقًا وعدلاً مستخلصًا استخلاصًا سائغًا من الأوراق, ولا يكون بحال من الأحوال مرجحًا إلغاؤه عند نظر الموضوع؛ حيث واقعة تعدي الطالب على المدرس بالمدرسة ثابتة يقينًا حتى الحكم المطعون فيه انتهى إلى ذلك وإلى ثبوت واقعة التعدي فليس من جزاء إزاء ذلك التعدي إلا الفصل النهائي من المدرسة طبقًا لقرار وزير التربية والتعليم المشار إليه حتى يتحقق الردع الخاص للطالب المعتدي والردع العام لمن تسوِّل له نفسه من باقي الطلبة الاعتداء على أي مدرس بالمدرسة حفاظًا على هيبة وكرامة هيئة التدريس بمختلف المدارس وحفاظًا أيضًا على قدسية المؤسسة التعليمية, ينتفي بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ويقتضي الأمر بالتالي القضاء برفضه ولا ينال من ذلك القول بأن محكمة جنح الأحداث قضت ببراءة نجل المطعون ضده في القضية رقم 12/ 99 جنح أحداث بور فؤاد مما نسب إليه؛ حيث إنه لم يثبت بالأوراق أن هذا الحكم قد أصبح نهائيًا كما لم يثبت أنه قام على أساس عدم ارتكاب المتهم الواقعة المنسوبة إليه فضلاً عن أن المبدأ هو استقلال المسئولية الجنائية عن المسئولية التأديبية, حيث قد تنتفي الجريمة الجنائية وتشكل الواقعة في الوقت ذاته مخالفة تأديبية في جانب المتهم مما يتعين مجازاته عنها تأديبيًا إذا ما ثبت يقينًا للجهة الإدارية ارتكابه إياها؛ حيث إن الحكم الجنائي المشار إليه لا يغل يد جهة الإدارة في إعمال صحيح حكم القانون وتأديب الطلاب إذا تعدوا على مدرسيهم احترامًا لقدسية المؤسسة التعليمية وإعادة الهيبة والتقدير لمحراب العلم والمعلم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير هذه النتيجة فإنه يكون قد خالف صحيح الواقع والقانون يتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصاريف عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وألزمت المطعون ضده المصروفات.