مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 136

(19)
جلسة 24 من نوفمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ, وعبد الله عامر إبراهيم, محمد البهنساوي محمد, وحسن عبد الحميد البرعي
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين.
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4433 لسنة 49 قضائية. عليا:

تعليم - الجزاءات التأديبية المقررة للخروج على النظام المدرسي – ضماناتها.
عمد قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 في المادتين (1)، (3) منه إلى ضرورة تحلي الطلبة بالسلوك القويم والنظام العام وحسن الآداب ونظام المدرسة وعدم إتيان أي منهم ما يتعارض مع السلوك المفروض على هؤلاء الطلبة إتباعه. كما حظر على هؤلاء الطلبة إتيان أي سلوك إيجابي أو سلبي يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة. لذلك حدد المشرع الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على هؤلاء الطلبة عند إتيان الطالب أي فعل أو امتناع يشكل إخلالاً بأي من هذه الواجبات. وهذه العقوبات وردت على سبيل الحصر والتحديد، واشترط أن يكون توقيع أي من هذه الجزاءات مسبوقًا بتحقيق يتم فيه مواجهة الطالب المخالف بالمخالفة المنسوبة إليه وثبوت ارتكابه لهذه المخالفة بأية طريقة من طرق الإثبات، على أن يلي هذا التحقيق قرار مسبب يصدر من مدير المدرسة أو ناظرها بالنسبة للعقوبتين الأولى والثانية دون تعليق نفاذ العقوبة على إجراء آخر. أما العقوبة الثالثة فقد ألزم مدير المدرسة أو ناظرها بعدم إصدار قرار بتوقيعها إلا بعد أخذ رأي لجنة إدارة المدرسة ولا تنفذ تلك العقوبة إلا بعد تصديق مدير المديرية أو المنطقة التعليمية – تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 17/ 2/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن في الحكم سالف الذكر والذي قضى منطوقه: "بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وأمرت بحجب النتيجة لحين صدور حكم في موضوع الدعوى، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء".
واختتم الطاعنون بصفاتهم تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه بطلب تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي: أولاً: بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعنين بصفاتهم المصروفات.
وتحددت جلسة 6/ 1/ 2004 لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) وبهذه الجلسة قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها - وللأسباب التي أوردها بها بالحكم - برفض الطعن موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عن درجتي التقاضي وبالجلسة سالفة الذكر قررت دائرة فحص الطعون إصدار الحكم في الطعن بجلسة 16/ 3/ 2004 ومذكرات لمن يشاء وخلال شهر وبهذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة موضوع؛ لنظره بجلسة 14/ 4/ 2004 وعلى قلم الكتاب إخطار الطرفين.
ثم تدوول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة (موضوع) وبجلسة 14/ 4/ 2004 ثم تأجل نظره لجلسة 3/ 7/ 2004 وبها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن لجلسة 27/ 10/ 2004 وبها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم لتغيير تشكيل الهيئة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن لجلسة 24/ 11/ 2004، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطاعنين بصفاتهم يطلبون الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1990 لسنة 8 ق إداري أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية (الدائرة الأولى) وطلب في ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة المتضمن فصل نجله........ لمدة عام كامل في العام الدراسي 2002/ 2003 مع إعادة قيده في العام 2003/ 2004، وإلزام ولي أمره بتسديد المصروفات لهذا العام، وكذا إلزامه وولي أمر طالب آخر بإعادة القطع التي استولى عليها نجل المدعي وزميله من جهاز الكمبيوتر المملوك للمدرسة المقيدين بها، وما يترتب على ذلك من آثار أهمها السماح لنجله بالعودة إلى المدرسة المقيد بها وأداء الامتحانات في مواعيدها، مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بشقيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال الطاعن - شرحًا لدعواه - إنه في يوم 27/ 10/ 2002 قام أحد الطلبة المقيدين بالمدرسة الفنية التجريبية المتقدمة لتكنولوجيا المعلومات بالإسماعيلية بإحداث بعض التلفيات بأحد أجهزة الكمبيوتر بتلك المدرسة وتم إجراء تحقيق في الموضوع انتهى إلى اتهام نجل المطعون ضده بالتستر على من قام بارتكاب تلك الواقعة وذلك كله على النحو الثابت بالأوراق وأعقب هذا التحقيق صدور القرار المطعون فيه. وينعي المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لعدم ارتكاب نجله تلك المخالفة المسندة إليه، وفضلاً عن ذلك فإنه مع فرض صحة الواقعة المتهم فيها نجله فقد سبق معاقبته بالفصل من المدرسة لمدة أسبوعين وذلك بموجب القرار الذي أصدره مدير المدرسة وعلى ذلك فإن صدور القرار المطعون فيه بفصل نجله من المدرسة في العام الدراسي 2003/ 2004 في الوقت الذي لم ينص على هذا الجزاء في قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 في 22/ 3/ 1971، الأمر الذي يكون فيه قرار الجزاء المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون وهو ما دفعه - إلى إقامة هذه الدعوى للحكم له بطلباته الواردة في عريضة الدعوى. وبجلسة 26/ 12/ 2001 أصدرت المحكمة قضاءها المطعون فيه، والذي شيدته بعد استعراضها المادتين (1)، (3) من قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 بتاريخ 22/ 3/ 1971 وارتأت أن التحقيق المرفق بالأوراق جاء قاصرًا ومبتورًا ولم تثبت التهمة ضد نجل المدعي. كما أن الجزاء الذي وقعه القرار المطعون فيه غير وارد بالقرار الوزاري سالف الذكر مما يجعل القرار الطعين مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب الإلغاء، بذلك يتوافر ركن الجدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال، وعليه أصدرت المحكمة قضاءها المطعون فيه.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد أقامت ضده الطعن الماثل طالبة في ختام تقرير طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأسست الجهة الإدارية الطاعنة طعنها استنادًا إلى أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفًا للقانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن التحقيق الذي أجرته الجهة الإدارية بشأن واقعة سرقة بعض أجزاء الكمبيوتر قد انتهى إلى قيام نجل المطعون ضده بارتكاب تلك الواقعة مما يجعل القرار المطعون فيه قائمًا على سببه المبرر له قانونًا، كما أنه إذا كان قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 يعطي الجهة الإدارية سلطة فصل الطالب المخالف نهائيًا فإنه يكون لها الحق في فصل ذلك الطالب المخالف لمدة سنة. وخلص الطاعنون بصفاتهم إلى طلباتهم الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه وفقًا لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة فإنه يتعين أن يتوافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركن الجدية بأن يكون هذا القرار مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب الإلغاء وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه أو الاستمرار في تنفيذ أضرار يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 الصادر بتاريخ 22/ 3/ 1971 ينص في المادة الأولى منه على أنه "تطبق القواعد والأحكام الواردة في المواد التالية بالنسبة لطلبة المدارس التابعة أو التي "تشرف عليها وزارة التربية والتعليم أو المديريات والمناطق التعليمية. كذلك تسري الأحكام الخاصة بالامتحانات على المدارس التي تشرف الوزارة أو المديريات والمناطق على امتحاناتها" وتنص المادة (3) من القرار سالف الذكر على أنه "يجوز توقيع الجزاءات التأديبية الآتية على الطلاب المشار إليهم في المادة الأولى عند الإخلال بالنظام العام وحسن الآداب أو النظام المدرسي أو السلوك المفروض على الطلاب اتباعه أو ارتكاب ما يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة:
1 - الإنذار بالفصل من المدرسة.
2 - الفصل المؤقت من المدرسة بما لا يزيد على أسبوع.
3 - الفصل النهائي من المدرسة.
ويكون توقيع هذه العقوبات بعد التحقيق وبقرار مسبب يصدره مدير المدرسة أو ناظرها فيما عدا العقوبة الأخيرة فتصدر بعد أخذ رأي لجنة إدارة المدرسة وتعتبر واجبة التنفيذ بعد تصديق مدير المديرية أو المنطقة التعليمية".
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن المشرع قد عمد إلى ضرورة تحلي الطلبة المخاطبين بأحكام القرار الوزاري رقم 86 لسنة 1971 بالسلوك القويم والنظام العام وحسن الآداب ونظام المدرسة وعدم إتيان أي منهم ما يتعارض مع السلوك المفروض على هؤلاء الطلبة اتباعه كما حظر على هؤلاء الطلبة إتيان أي سلوك إيجابي أو سلبي يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة؛ لذلك فإن المشرع قد حدد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على هؤلاء الطلبة عند إتيان الطالب أي فعل أو امتناع يشكل إخلالاً لأي من هذه الواجبات، وهذه العقوبات - على سبيل الحصر والتحديد - هي: (1) إنذار الطالب المخالف بالفصل، (2) الفصل المؤقت من المدرسة بما لا يزيد على أسبوع، (3) الفصل النهائي من المدرسة. كما نص المشرع على أن يكون توقيع أي من هذه الجزاءات يجب أن يكون مسبوقًا بتحقيق يتم فيه مواجهة الطالب المخالف بالمخالفة المنسوبة إليه وثبوت ارتكابه لهذه المخالفة بأي طريق من طرق الإثبات وعلى أن يلي هذا التحقيق قرار مسبب سيصدر من مدير المدرسة أو ناظرها وذلك بالنسبة للعقوبتين الأولى والثانية دون تعليق نفاذ العقوبة على إجراء آخر، أما العقوبة الأخيرة (الثالثة) فقد ألزم المشرع مدير المدرسة أو ناظرها بعدم إصدار قرار بتوقيعها إلا بعد أخذ رأي لجنة إدارة المدرسة، ولا تنفذ تلك العقوبة إلا بعد تصديق مدير المديرية أو المنطقة التعليمية.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ولما كان البادئ من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية الطاعنة كانت قد نسبت إلى نجل المطعون ضده وآخر، أنهما قاما بسرقة بعض أجزاء جهاز الكمبيوتر الخاص بالمدرسة المقيدين بها.
وقد أجرت الجهة الإدارية مع نجل الطاعن تحقيقًا ثم أصدرت الجهة الإدارية قرارها المطعون فيه بفصل الطالب المذكور لمدة عام (2002/ 2003) وكان البين من ظاهر الأوراق أن التحقيق الإداري الذي أجرته الجهة الإدارية مع نجل المطعون ضده لم يقطع بارتكاب هذا الطلب لواقعة السرقة المنسوبة إليه، وفضلاً عن ذلك فإن العقوبة التي أوقعتها الجهة الإدارية على الطالب المذكور لم ترد ضمن العقوبات التي حددتها المادة (3/ أ/ ب/ ج) من قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 سالف الذكر، ومن ثم فإن ذلك يعتبر ابتداعاً لعقوبة لم يرد النص عليها في المادة (3/ أ/ ب/ ج) من القرار الوزاري سالف الذكر، الأمر الذي يجعل القرار المطعون فيه استنادًا للسببين سالفي الذكر صادرًا بالمخالفة للقانون مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغاء هذا القرار مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ هذا القرار من إضاعة سنة دراسية على نجل المطعون ضده، الأمر الذي يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار.
ولا ينال مما تقدم ما تذرعت به الجهة الإدارية من أنه إذا كان المشرع في القرار الوزاري سالف الذكر قد منحها سلطة توقيع عقوبة الفصل النهائي على الطالب الذي يرتكب مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في هذا القرار فإنه من باب أولى يكون للجهة الإدارية سلطة توقيع عقوبة الفصل لمدة عام وذلك إعمالاً للقاعدة القائلة "من يملك الأكثر يملك الأقل"، ذلك أنه إن كان لهذه القاعدة لها بعض التطبيقات فلا يجوز إعمالها في مجال توقيع العقوبات التأديبية، إذ يجب على الجهة الإدارية وهي تمارس سلطاتها التأديبية على الطلبة أن تلتزم حدود العقوبات التي حددها المشرع في القرار الوزاري سالف الذكر ولا يجوز لها التوسع في تلك الجزاءات أو القياس عليها، الأمر الذي يجعل القرار المطعون فيه - إذ ابتدع عقوبة لم ينص عليها القرار الوزاري سالف الذكر - قد صدر مخالفًا للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد طبق القانون التطبيق الصحيح، ويغدو الطعن عليه غير قائم على سنده الصحيح خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد خسرت الطعن، فمن ثم حق إلزامها المصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.