مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 143

(20)
جلسة 25 من نوفمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسين على غربي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده, وإبراهيم على إبراهيم عبد الله, ومحمد الأدهم محمد حبيب, وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ طارق خفاجي.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغني جودة
أمين السر

الطعن رقم 7229 لسنة 44 قضائية. عليا:

صناديق التأمين الخاصة - صندوق التكافل الاجتماعي للعاملين بديوان عام المحافظة لا يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن الجهة الإدارية - أثر ذلك: ضرورة اختصام المحافظ المختص وإعلانه بعريضة الدعوى بمقره القانوني.
صناديق التأمين الخاصة إما أن تنشأ طبقًا لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة، والذي جعل لها الشخصية القانونية بمجرد تسجيلها لدى المؤسسة المصرية العامة للتأمين، وإما أن تنشأ هذه الصناديق داخل الجهاز الإداري للدولة ويشمل الوحدات المحلية أو الهيئات العامة وما يماثلها بغرض صرف مزايا تأمينية إضافية عند إحالة العاملين المشتركين في هذا النظام للمعاش أو الإصابة بعجز كلي أو جزئي يترتب عليه انتهاء خدمة العامل ويتم تمويلها باستقطاع جزء من مرتب العامل والمكافآت التي تصرف له، ومن حصيلة الغرامات التي تحصل من العاملين، وهذه الصناديق تصبح بمجرد تكوينها جزءًا من النظام الإداري للجهة التي تتبعها، ولا تنفصل عنها إذ لا يعدو تشكيل مجلس إدارة لها أن يكون مجرد تنظيم إداري داخلي، كما أن اللائحة التي تنظم عملها وحقوق المستفيدين منها يجب اعتمادها من المحافظ المختص أو رئيس الهيئة أو الوزير المختص بحسب الأحوال باعتباره الرئيس الأعلى للجهة التي ينشاً فيها الصندوق باعتبار أنها تتضمن تصرفًا في بعض الموارد الذاتية للجهة، وذلك على عكس الحال في الصناديق الخاصة التي تنشأ طبقًا لأحكام القانون رقم 54/ 1975 المشار إليه، إذ تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن الجهة وتصبح شخصًا معنويًا من أشخاص القانون الخاص - مقتضى ذلك: أن لائحة النظام الأساسي للصناديق الخاصة التي تنشأ باعتبارها جزءًا من الجهاز الإداري للوحدة المحلية للمحافظة والوحدات التابعة لها وإن كانت قد خولت السكرتير العام للمحافظة تمثيل الصندوق أمام الغير فهو يمارس هذه النيابة بصفته الوظيفية، ومن ثم يتعين اختصامه في الدعوى مع المحافظ باعتباره الرئيس الأعلى للجهة التي يتبعها الصندوق – تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 26/ 7/ 1998 أودع المستشار/ سيد رياض نائب رئيس هيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في حكم الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 27/ 5/ 1998 في الدعوى رقم 1344/ 7 ق والذي قضى بأحقية المدعيين في صرف مبلغ التأمين محل النزاع فيما يعادل أجر خمسة وثلاثين شهرًا من الأجر الأساسي الأخير المقرر لكل منهما والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتيهما للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبعد إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا بقبوله شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: وأصلياً: ببطلان إعلان صحيفة الدعوى في هيئة قضايا الدولة.
واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمحافظ أسيوط.
ومن باب الاحتياط الكلي: برفضها وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها في موضوعه انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات ثم قررت بجلسة 9/ 6/ 2003 إحالته إلى دائرة الموضوع بالدائرة الثانية عليا التي قررت بجلسة 18/ 10/ 2003 إحالة الطعن إلى الدائرة الثامنة عليا للاختصاص، وبعد تداول الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت الدائرة الثامنة موضوع إصدار الحكم في الطعن بجلسة 25/ 11/ 2004 حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد أقيم في الميعاد المنصوص عليه بالمادة (44) من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972 واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم تعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية ببطلان إعلان عريضة الدعوى بمقر هيئة قضايا الدولة تأسيسًا على أن لائحة النظام الأساسي لصندوق التكافل الاجتماعي للعاملين بديوان عام محافظة أسيوط تتضمن تشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة سكرتير عام المحافظة وينوب عنه سكرتير المحافظة المساعد وأن المادة (24) من اللائحة تنص على أن (يمثل الصندوق أمام الغير الرئيس أو نائبه)، مما يجعل للصندوق شخصية مستقلة عن الجهة الإدارية التي يمثلها المحافظ بصفته وكان يتعين إعلان صحيفة الطعن في مواجهة السكرتير العام مع عدم اختصام محافظ أسيوط بصفته.
ومن حيث إن صناديق التأمين الخاصة إما أن تنشأ طبقًا لأحكام القانون رقم 54/ 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة والذي تنص المادة الثانية من مواد إصداره على أن "تتولى المؤسسة المصرية العامة للتأمين الإشراف والرقابة على صناديق التأمين الخاصة وفقًا لأحكام هذا القانون"، كما توجب المادة الثالثة من القانون تسجيل صناديق التأمين الخاصة بمجرد إنشائها وفقًا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، كما أنها تجعل لها الشخصية القانونية بمجرد تسجيلها لدى المؤسسة المصرية العامة للتأمين وإما أن تنشأ هذه الصناديق داخل الجهاز الإداري للدولة ويشمل الوحدات المحلية أو الهيئات العامة وما يمثلها بغرض صرف مزايا تأمينية إضافية عند إحالة العاملين المشتركين في هذا النظام للمعاش أو الإصابة بعجز كلي أو جزئي يترتب عليه انتهاء خدمة العامل ويتم تمويلها باستقطاع جزء من مرتب العامل والمكافآت التي تصرف له ومن حصيلة الغرامات التي تحصل من العاملين. وهذه الصناديق تصبح بمجرد تكوينها جزءًا من النظام الإداري للجهة التي تتبعها ولا تنفصل عنها، إذ لا يعدو تشكيل مجلس إدارة لها أن يكون مجرد تنظيم إداري داخلي. كما أن اللائحة التي تنظم عملها وحقوق المستفيدين منها يجب اعتمادها من المحافظ المختص أو رئيس الهيئة أو الوزير المختص بحسب الأحوال باعتباره الرئيس الأعلى للجهة التي ينشأ فيها الصندوق باعتبار أنها تتضمن تصرفًا في بعض الموارد الذاتية للجهة. وذلك على عكس الصناديق التي تنشأ طبقًا لأحكام القانون رقم 54/ 1975 المشار إليه إذ تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن الجهة وتصبح شخصًا معنويًا من أشخاص القانون الخاص.
ومن حيث إن لائحة النظام الأساسي لصندوق التكافل الاجتماعي للعاملين بديوان عام محافظة أسيوط والوحدات المحلية للمراكز والمدن والأحياء والقرى قد أنشأت باعتبارها جزء من الجهاز الإداري للوحدة المحلية للمحافظة والوحدات التابعة بغرض تقديم تأمين إضافي عند انتهاء خدمة العضو لأحد الأسباب التي حددها قانون العاملين المدنيين وتشمل مواردها اشتراكات تحصل من الأعضاء بواقع 4% من الأجر الأساسي الشهري للعضو بالإضافة لنسب متفاوتة من أرباح المشروعات التي تتبع صندوق الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظة والوحدات المحلية الأخرى.
فمن ثم لا ينفصل هذا الصندوق عن النظام الإداري التابع للجهة ولا يتمتع بشخصية مستقلة وإنما يتبع الجهة الإدارية تبعية وثيقة لا تنفصل عنها، وإذ كانت اللائحة قد خولت السكرتير العام للمحافظة تمثيل الصندوق أمام الغير فهو يمارس هذه النيابة بصفته الوظيفية ومن ثم كان صحيحًا اختصامه مع محافظ أسيوط باعتباره الرئيس الأعلى للجهة التي يتبعها الصندوق ويضحى الدفع المبدى من الحاضر عن الجهة الإدارية في غير محله من صحيح القانون متعينًا الالتفات عنه.
وإذ أعلنت صحيفة الدعوى بمقر هيئة قضايا الدولة بأسيوط كما أن ممثل الجهة قد حضر وأبدى دفاعه الموضوعي أمام محكمة القضاء الإداري فمن ثم تكون الخصومة قد انعقدت بإعلانها للممثل القانوني للجهة طبقًا للمادة (13/ 1) من قانون المرافعات والمادة (6) من القانون رقم 75/ 1963 وتعديلاته بشأن تنظيم هيئة قضايا الدولة والتي تنص على أنه (وتنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها وعليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتسلم إليها صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون......)
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى ابتداء أمام محكمة أسيوط الابتدائية بصحيفة أودعاها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 21/ 1/ 1996 وقيدت بجدولها برقم 164/ 1996 طلبا في ختامها الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي لهما مبلغ 5355 جنيهًا للمدعي الأول ومبلغ 3395 جنيهًا للمدعي الثاني بالإضافة للفوائد القانونية.
وأوضحا - شرحًا لدعواهما - أنهما من الأعضاء المؤسسين والمشتركين بصندوق التكافل الاجتماعي بالمحافظة، وبلغا السن القانونية للإحالة للمعاش بتاريخ 31/ 12/ 1994 وطبقًا للائحة الصندوق فإن العضو المؤسس إذا سدد قيمة اشتراكات تعادل عشر سنوات قبل انتهاء خدمته يصرف له ما يعادل أجر خمسة وخمسين شهرًا من الأجر الأساسي الأخير إلا أن الجهة قامت بصرف ما يعادل عشرين شهرًا وبذلك يستحق لهما باقي حقوقهما بما يعادل 35 شهرًا، وبجلسة 8/ 6/ 1996 قضت المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 1344/ 7 ق وبجلسة 27/ 5/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذي استندت فيه إلى المادتين السابعة والحادية عشرة من لائحة الصندوق واللتين تكفلان للعضو عند انتهاء خدمته صرف مبلغ يعادل أجر خمسة وخمسين شهرًا من مرتبه الأساسي الأخير، واشترطت لإفادة العضو المؤسس من المزايا التأمينية ألا تقل مدة اشتراكه بالصندوق عن عشر سنوات على أن يسدد مدة تساوي مدة الاشتراك بواقع 2% من المرتب شهريًا في بداية الاشتراك بالإضافة ليوم الوفاء والدفعة السنوية عن المدة نفسها.
وأضافت أن المدعيين من العاملين بالوحدة المحلية بمنفلوط ومن الأعضاء المؤسسين لصندوق التكافل، وقاما بسداد الاشتراكات والالتزامات المالية المقررة حتى أحيلا للمعاش بتاريخ 25/ 9/ 1993 و21/ 9/ 1993 وأن الجهة الإدارية لم تدحض ما أورداه بصحيفة الدعوى من أحقيتهما في صرف باقي حقوقهما والتي تعادل أجر خمسة وثلاثين شهرًا من الأجر الأساسي، وأن المبلغ المطالب به معين المقدار وحال الأداء وبذلك يستحق عنه فائدة بواقع 4% اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المحكمة أخطأت في تطبيق لائحة صندوق التكافل إذ نظمت اللائحة في المادة العاشرة منها الحقوق المترتبة على انتهاء خدمة العضو في الفترة من 1/ 7/ 1991 حتى 31/ 12/ 1992 لأي سبب من الأسباب، وذلك بصرف مبلغ يعادل أجر عشرين شهرًا من الأجر الأساسي الأخير، بشرط ألا تقل مدة اشتراك العضو عن عشر سنوات وبذلك جعلت اللائحة الأساس في صرف الحقوق التأمينية كاملة ألا تقل مدة اشتراك العضو عن عشر سنوات، وأن المدعيين اشتركا في الصندوق منذ تأسيسه في 1/ 7/ 1991 وبلغا السن القانونية في شهر سبتمبر عام 1993 أي قبل مضي ثلاث سنوات على الاشتراك وبذلك يستحقا التأمين المقرر بالمادة العاشرة وقدره عشرون شهرًا وتضحى مطالبتهما بما يزيد على ذلك مخالفًا للائحة الصندوق.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادة (11) من لائحة الصندوق تنص على أنه (يشترط لاستفادة العضو المؤسس من المزايا التأمينية ألا تقل مدة اشتراكه بالصندوق عن عشر سنوات على أن يسدد دفعة تساوي مدة الاشتراك بواقع 2% من المرتب شهريًا في بداية الاشتراك بالإضافة إلى يوم الوفاء والدفعة السنوية عن نفس المدة على أن يجبر كسر الشهر إلى الشهر)، أما المادة العاشرة فقد عالجت حالة الذين تنتهي خدمتهم خلال السنة المالية الأولى للصندوق منذ 1/ 7/ 1991 حتى 31/ 12/ 1992 بأن قررت لهم الحق في صرف ما يعادل 20 شهرًا من الأجر الأساسي مع التزامهم بسداد اشتراكات لا تقل عن عشر سنوات.
وبذلك يستحق العضو المؤسس في حالة انتهاء خدمته ببلوغ السن القانونية للإحالة للمعاش مبلغ تأميني يعادل أجر (55) شهرًا من الأجر الأساسي الأخير طبقًا للفقرة الأولى من المادة السابعة من لائحة الصندوق إذا استوفى الشرط الذي حددته المادة الحادية عشرة بسداد اشتراكات بالصندوق لا تقل عن عشر سنوات وبشرط ألا يكون تاريخ إحالته للمعاش خلال الفترة من 1/ 7/ 1991 حتى 31/ 12/ 1992 وهي السنة المالية الأولى للصندوق حتى يتمكن من تدبير موارد تغطي تكلفة الميزة المقررة للمؤسسين.
ومن حيث إن المطعون ضدهما قد أحيلا للمعاش بتاريخ 25/ 9/ 1993 بالنسبة للأول وبتاريخ 21/ 9/ 1993 بالنسبة للثاني ولم تدحض الجهة الإدارية ما أشارا إليه من سدادهما اشتراكات لمدة عشر سنوات طبقًا للمادة (11) من لائحة الصندوق، فمن ثم يكون صحيحًا ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أحقيتهما في استكمال باقي المستحق لهما بواقع 35 شهرًا من أجرهما الأساسي تكملة لما صرف لهما من صندوق التكافل، ويضحى الطعن غير قائم على سند صحيح متعينًا القضاء برفضه وإلزام الجهة الطاعنة المصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات.