مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 161

(23)
جلسة 27 من نوفمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك, وعلى محمد الششتاوي إبراهيم, وعادل سيد عبد الرحيم بريك, وسراج الدين عبد الحافظ عثمان
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سيد عبد الله سلطان
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 12191 لسنة 47 قضائية. عليا:

موظف - طوائف خاصة - عاملون بالمحاكم - تأديبهم - السلطة المختصة بإقامة الدعوى التأديبية.
أوجب المشرع اتخاذ الإجراءات التأديبية قبل من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يخرج على مقتضياتها ويتصرف تصرفًا من شأنه أن يقلل من الثقة الواجب توافرها في الأعمال القضائية أو يمس اعتبار الهيئة القائمة عليها سواء وقع هذا التصرف داخل دور القضاء وساحاته أو خارجها وأجاز المشرع إقامة الدعوى التأديبية قبله بناءً على طلب رئيس المحكمة فيما يتعلق بموظفي المحاكم، وبناءً على طلب النائب العام أو رئيس النيابة بالنسبة لموظفي النيابات، بحيث تتضمن ورقة الاتهام التهم المنسوبة إلى المتهم وبيانًا موجزًا بالأدلة عليها واليوم المحدد للمحاكمة – تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 29/ 9/ 2001 أودع الأستاذ/ حسين عبد المعطي الدكاوي (المحامي) نائبًا عن الأستاذ محمد كمال عوض المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 12191 لسنة 47 ق عليا في القرار الصادر من مجلس التأديب بمحكمة المنصورة الابتدائية بجلستها المنعقدة بتاريخ 17/ 6/ 2001 في الدعوى رقم 19 لسنة 2000 فيما تضمنه من خصم أجر شهر من راتب الطاعن وحرمانه من نصف أجره الموقوف صرفه والتمس الطاعن - للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير طعنه - الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها رد ما يكون قد سبق خصمه من راتبه.
وقد تم إعلان المطعون ضدهم بصفتهم، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى طلب الحكم أصليًا: بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، واحتياطيًا: بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلستها المنعقدة بتاريخ 27/ 10/ 2003 حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 10/ 5/ 2004 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 19/ 6/ 2004 حيث نظر بهذه الجلسة وما تلاها من جلسات وبجلسة 9/ 10/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 6/ 11/ 2004، وبها قررت مد أجل النطق في الحكم لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن أقام طعنه الماثل ملتمسًا الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الطعين، وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استقرت بقضاء متواتر على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة في ذلك بطلبات الطاعن، أو الأسباب التي قام عليها طعنه.
ومن حيث إن المادة (165) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن "من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يأتي ما من شأنه أن يقلل الثقة اللازم توافرها في الأعمال القضائية، أو يقلل من اعتبار الهيئة التي ينتمي إليها، سواء كان ذلك داخل دور القضاء أو خارجها تتخذ ضده الإجراءات التأديبية".
وتنص المادة (168) على أنه "يجوز أن تقام الدعوى التأديبية ضد موظفي المحاكم والنيابات بناء على طلب رئيس المحكمة بالنسبة لموظفي المحاكم وبناء على طلب النائب العام أو رئيس النيابة بالنسبة لموظفي النيابات" كما تنص المادة (169) من ذات القانون على أن "تتضمن ورقة الاتهام التي تعلن بأمر رئيس مجلس التأديب التهمة أو التهم المنسوبة إلى المتهم وبيانًا موجزًا بالأدلة عليها واليوم المحدد للمحاكمة ..."
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوجب اتخاذ الإجراءات التأديبية قبل من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يخرج على مقتضياتها ويتصرف تصرفًا من شأنه أن يقلل من الثقة الواجب توافرها في الأعمال القضائية أو يمس اعتبار الهيئة القائمة عليها سواء وقع هذا التصرف داخل دور القضاء وساحاته أو خارجها. وأجاز المشرع إقامة الدعوى التأديبية قبله بناء على طلب رئيس المحكمة فيما يتعلق بموظفي المحاكم، وبناء على طلب النائب العام أو رئيس النيابة بالنسبة لموظفي النيابات، بحيث تتضمن ورقة الاتهام التهم المنسوبة إلى المتهم وبيانًا موجزًا بالأدلة عليها واليوم المحدد للمحاكمة ومن حيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الخصومة لا تنعقد في الدعوى التأديبية ولا تتصل بها المحكمة أو مجلس التأديب المختص إلا إذا تمت الإحالة لأي منهما وفق الإجراءات التي رسمها القانون ومن السلطة التي عينها المشرع كالنيابة الإدارية باعتبارها السلطة المختصة بالإحالة إلى المحاكم التأديبية أو السلطة الإدارية المختصة بالنسبة للإحالة إلى مجالس التأديب. فإذا لم تتم الإحالة وفق ما رسم القانون ومن خلال السلطة التي عينها المشرع فلا تنعقد الخصومة ولا تتصل الدعوى التأديبية بحسب الأصل بالمحكمة أو مجلس التأديب المختص بما لا يسوغ لأيهما قانونًا التصدي لنظرها بحسبان أنها لم تصبح في حوزته بعد، فإذا ما خالفت المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب ذلك وتصدت - دون إحالة - لنظر الدعوى فإن الحكم الصادر فيها يقع باطلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق المودعة ملف الطعن أن الطاعن الموظف بنيابة قسم ثان المنصورة قد اتهم في القضية رقم 2824/ 2000ج قسم ثان المنصورة، ومن ثم صدر قرار السيد المستشار مدير إدارة النيابات بالقاهرة بإيقافه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إخلاء سبيله في 9/ 8/ 2000 مع صرف نصف الأجر إليه وعرض أمره على مجلس التأديب المختص خلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار المشار إليه للنظر في صرف نصف الأجر الموقوف صرفه، والنظر في استمرار إيقافه عن العمل من عدمه قبل نهاية الثلاثة أشهر التي تنتهي في 7/ 11/ 2000 وبجلسة 2/ 9/ 2000 قرر مجلس التأديب بمحكمة المنصورة الابتدائية وقف صرف نصف أجر الطاعن الموقوف صرفه، وقد مثل المذكور أمام المجلس بجلسته المنعقدة بتاريخ 31/ 10/ 2000، حيث نظر أمر وقفه عن العمل بهذه الجلسة والجلسات التالية لها، وبجلسة 26/ 11/ 2000 قرر المجلس مد إيقاف الطاعن ثلاثة أشهر لاحقة للمدة السابقة أو انتهاء الفصل في القضية المشار إليه - كذلك مد إيقافه عن العمل ثلاثة أشهر أخرى بالقرار الصادر بجلسة 18/ 2/ 2001، كما أصدر المجلس بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/ 6/ 2001 قراره الطعين بإعادة الطاعن إلى عمله مع توقيع الجزاء عليه بخصم أجر شهر من راتبه لما نسب إليه من مخالفة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن أوراق الطعن الماثل قد جاءت خلوًا من ثمة قرار بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لمحاكمته عما نسب إليه من وقائع، وإنما تصدى المجلس لنظر الدعوى التأديبية بمناسبة البت في أمر مد إيقافه عن العمل فأوقع عليه جزاء بخصم أجر شهر من راتبه مع إعادته إلى العمل دون أن يسبق ذلك قرار بإحالته إلى مجلس التأديب لمحاكمته عما قد يكون منسوبًا إليه، الأمر الذي لا تنعقد به الخصومة التأديبية ولا يكون مجلس التأديب قد اتصل بموضوع الدعوى التأديبية بقرار إحالة من السلطة المختصة لمحاكمته تأديبيًا عما نسب إليه ومن ثم يضحى قراره بمجازاة الطاعن قد وقع باطلاً بما يسوغ الطعن عليه في أي وقت دون التقييد بميعاد الطعن بالإلغاء، وذلك دون إخلال بحق جهة الإدارة في محاكمة الطاعن عما قد ينسب إليه من مخالفات وفق صحيح الإجراءات التي يتطلبها القانون.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، في الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب.