مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 195

(29)
جلسة 4 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 5987 لسنة 47 ق. ع قضائية. عليا:

دستور - حقوق وحريات عامة - حرية التنقل - شرط الحصول على تصريح بالسفر للخارج لضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة.
طبقًا لقرار وزير الدفاع رقم 126 لسنة 1981 بشأن سفر أفراد القوات المسلحة الذين انتهت خدمتهم العسكرية لأي سبب خارج جمهورية مصر العربية, يسمح لجميع أفراد القوات المسلحة من ضباط وضباط صف وجنود وعاملين مدنيين بالسفر إلى خارج جمهورية مصر العربية لأي غرض من الأغراض عند انتهاء خدمتهم من القوات المسلحة لأي سبب من الأسباب, وذلك دون اشتراط الحصول على تصريح بالسفر من أية جهة بالقوات المسلحة واستثنى القرار من ذلك ضباط الاحتياط من الدفعات التي تحددها إدارة شئون ضباط القوات المسلحة وضباط الصف والجنود الذين انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة نقلاً على الاحتياط إذ أوجب القرار حصول هذه الفئات المستثناة على تصريح من الجهة المعنية بالقوات المسلحة - مفاد ذلك: أن فئات العسكريين الذين لا ينطبق عليهم الاستثناء المشار إليه يخضعون في سفرهم إلى خارج البلاد للأصل الوارد بالمادة (1) من القرار سالف الإشارة إليه دون اشتراط الحصول على تصريح به - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 25 من مارس سنة 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتقرير طعن - قيد برقم 5987 لسنة 47 قضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه "بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب". وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 3/ 2003 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 19/ 4/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع/ لنظره بجلسة 19/ 6/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/ 10/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/ 12/ 2004 وصرحت بتقديم مذكرات في شهر، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أي من الطرفين شيئًًا.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 1/ 2001 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 2125 لسنة 54 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مدير إدارة وثائق السفر والهجرة والجنسية بالإسكندرية السلبي بالامتناع عن إجراء التصحيح اللازم في بيان المعاملة العسكرية بوثيقة سفره وفقًا لشهادة تأدية الخدمة العسكرية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 25/ 1/ 2001 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها الطعين بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها على أن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعي (المطعون ضده) من مواليد 21/ 1/ 1957، وقد تم تسريحه من الخدمة العسكرية برفته منها طبقًا للمادة (123) من القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة، وحصل على شهادة بذلك، ومن ثم لا يجوز تقييد حريته في السفر خارج البلاد باشتراط حصوله على موافقة منطقة التجنيد أو إدارة السجلات العسكرية، إذ لا سند لذلك في التشريعات المنظمة للحق في السفر، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه مخالفًا - بحسب الظاهر - لصحيح حكم القانون، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على الاستمرار في تنفيذ هذا القرار من حرمان المدعي من حق مقرر له دون سند من القانون، وهو ما تقضي معه المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها التصريح للمدعي بالسفر باعتباره قد أعفى من الخدمة العسكرية بعد دخوله فيها.
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً لدى الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل، تنعى فيه على الحكم الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال, وذلك على سند من القول بأن المشرع استحدث بموجب المادة (123) من القانون رقم 123 لسنة 1981 الاستغناء عن خدمة العسكري لأسباب تتصل بدواعي المصلحة العامة وذلك بقرار مسبب من وزير الدفاع، وقد أصدر وزير الدفاع القرار رقم 126 لسنة 1981 بتنظيم سفر أفراد القوات المسلحة الذين انتهت خدمتهم العسكرية للخارج، ونص على أنه بالنسبة للأفراد الذين انتهت خدمتهم العسكرية لدواعي المصلحة العامة يلزم حصولهم على تصريح سفر من مناطق التجنيد التابعين لها أو إدارة السجلات العسكرية وتختم بخاتم "في سن التجنيد" وذلك لأن المصلحة العامة تحوي في طياتها الكثير من الأسباب التي تشكل خطورة على أمن وسلامة الوطن، كأن يكون العسكري على صلة بإحدى الجماعات التي تناهض الدولة أو تباشر نشاطًا سياسيًا محظورًا أو يخشى من وجوده بين أفراد القوات المسلحة تسرب معلومات عسكرية عن طريقه إلى جهات حريصة على زعزعة استقرار وأمن الوطن, ولهذا اشترط قرار وزير الدفاع المشار إليه الحصول على موافقة الجهة العسكرية بغرض تتبع خط سيره حفاظاً على أسرار القوات المسلحة وأمن وسلامة الوطن، وقد أغفل الحكم المطعون فيه هذه الحقائق والأسانيد القانونية ومن شأن الأخذ بهذا الحكم ترك الحبل على الغارب بالنسبة لهذه الفئة التي انتهت خدمتها من القوات المسلحة لدواعي المصلحة العامة للسفر إلى أي مكان بعيداً عن أعين المخابرات العامة والحربية، مما يضر بالمصلحة العليا للوطن.
ومن حيث إنه لما كانت الجهة الإدارية الطاعنة تؤسس طعنها على ما جاء بقرار وزير الدفاع رقم 126 لسنة 1981 بشأن سفر أفراد القوات المسلحة الذين انتهت خدمتهم العسكرية لأي سبب خارج جمهورية مصر العربية، وكان يبين من الاطلاع على هذا القرار أنه قد تضمن في المادة (1) منه السماح بسفر جميع أفراد القوات المسلحة من ضباط وضباط صف وجنود وعاملين مدنيين إلى خارج جمهورية مصر العربية لأي غرض من الأغراض عند انتهاء خدمتهم من القوات المسلحة لأي سبب من الأسباب، وذلك دون اشتراط الحصول على تصريح بالسفر من أية جهة بالقوات المسلحة، واستثنى القرار من ذلك في المادتين (2) و (3) منه ضباط الاحتياط من الدفعات التي تحددها إدارة شئون ضباط القوات المسلحة، وضباط الصف والجنود الذين انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة نقلا على الاحتياط، إذ أوجب القرار حصول هذه الفئات المستثناة على تصريح بالسفر من الجهة المعنية بالقوات المسلحة.
ومن حيث إن مفاد هذه الأحكام أن فئات العسكريين الذين لا ينطبق عليهم الاستثناء المشار إليه يخضعون في سفرهم إلى خارج البلاد للأصل الوارد بالمادة (1) من ذات القرار وهو حرية السفر دون اشتراط الحصول على تصريح به.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق وعلى الأخص شهادة تأدية الخدمة العسكرية المؤرخة في 16/ 2/ 1983، أن المطعون ضده قد تم تجنيده بالقوات المسلحة بدرجة جندي, وانتهت خدمته بها بسبب الرفت طبقًا لأحكام المادة (123) من القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة، الأمر الذي يعني أنه من غير الخاضعين للاستثناء المنصوص عليه في المادتين (2) و (3) من قرار وزير الدفاع رقم 126 لسنة 1981 سالف الذكر، ومن ثم لا يجوز تقييد حريته في السفر إلى الخارج باشتراط حصوله على موافقة منطقة التجنيد أو إدارة السجلات العسكرية.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون والحالة هذه قد جاء - بحسب الظاهر من الأوراق - مخالفًا لصحيح حكم القانون، مما يتحقق معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن ركن الاستعجال إذ أن استمرار تنفيذ هذا القرار ينطوي على تقييد لحرية أساسية كفلها الدستور وهي حرية السفر والتنقل بلا سند أو مبرر قانوني، الأمر الذي يستوجب القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد وافق صحيح حكم القانون ولا مطعن عليه، ومن ثم يضحى هذا الطعن على غير سند من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.