مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 201

(30)
جلسة 4 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 10626 و10774 لسنة 47 قضائية. عليا:

الجهاز المركزي للمحاسبات - خضوع صندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس والشركات الخاصة التي يستثمر فيها الصندوق أمواله لرقابة الجهاز.
القانون رقم 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1998.
الجهاز المركزي للمحاسبات كهيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية قد عهد إليه المشرع بصفة أساسية تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها في القانون رقم 144 لسنة 1988 وتعديلاته, وقد عدد نص المادة الثالثة فيه الجهات الخاضعة لهذه الرقابة, واتبع في هذا التعداد سبلاً شتى بقصد إخضاع الأشخاص العامة والخاصة الواردة بالنص للرقابة التي يجريها الجهاز, وقصد بصفة أساسية إلى تحقيق الحماية للأموال العامة سواء أكانت هذه الأموال في صورتها الأصلية أم اتخذت شكل مساهمات مباشرة أو غير مباشرة من أشخاص أخرى عامة أو خاصة أو كانت في صورة إعانات أو دعم لأية جهة وأيًا ما كانت شخصية هذه الجهة - مقتضى ذلك: خضوع صندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات, وذلك بغض النظر عن طبيعته وكنه أمواله, حيث إن هذا الصندوق - حسب لائحة نظامه الأساسي - يتلقى الإعانات والدعم من هيئة قناة السويس, وأيضًا عائد استثمار أموال أو أصول هيئة قناة السويس التي تعهد بها إلى الصندوق لاستثمارها - وعليه - فهو يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات بعد أن اختلطت أموال الدولة أيًا كانت نسبتها بأمواله, ولا تؤتي هذه الرقابة ثمرتها ولا تحقق فاعليتها إلا إذا امتدت إلى الشركات الخاصة التي يستثمر فيها الصندوق أمواله – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 14/ 8/ 2001 أودع الدكتور محمد مرغني خيري - المحامي - بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 10626 لسنة 47 ق في الحكم المشار إليه والقاضي بقبول الدعويين شكلاً وبرفضهما موضوعًا وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 18/ 8/ 2001 أودع الدكتور يحيى الجمل - المحامي - بصفته وكيلاً عن ذات الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 10774 لسنة 47 ق، في ذات الحكم السابق.
وقد طلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقريري طعنه - قبول الطعنين شكلاً والحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى المبتدأة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين، وقد تم إعلان تقريري الطعنين على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعًا وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن رقم 10626 لسنة 47 ق أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/ 9/ 2002 وبجلسة 3/ 11/ 2003 ضمت إليه الطعن رقم 10774 لسنة 47 ق وبجلسة 3/ 5/ 2004 قررت إحالتها إلى هذه المحكمة التي نظرتها بجلساتها على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1258 لسنة 50 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 8/ 11/ 1995، وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 2279 لسنة 1995 بإخضاع الشركة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، كما أقامت الشركة الدعوى رقم 1830 لسنة 51 ق بإيداع صحيفتها ابتداء قلم كتاب محكمة مدينة نصر برقم 485 لسنة 1995 بطلب الحكم بصفة مستعجلة وفي مادة تنفيذ وقف تنفيذ القرار المشار إليه. ونعت الشركة المدعية في الدعويين على هذا القرار مخالفته للقانون؛ لأن الشركة تعد من أشخاص القانون الخاص والأصل حريتها في التصرف في أموالها ولا رقابة عليها إلا من جانب المساهمين أعضاء الجمعية العمومية، كما أن قانون الجهاز قد حدد الجهات التي تخضع لرقابته على سبيل الحصر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الثابت بالأوراق أن هيئة قناة السويس وهي هيئة عامة وأموالها مملوكة للدولة، تقوم بدعم صندوق التأمين الخاص للعاملين بالهيئة وتسهم في إثراء موارده، وأن هذا الصندوق يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، وهذا الصندوق يسهم في الشركة المدعية بما يعادل 45% من مجموع رأسمالها، ومن هنا تكون هناك مساهمة من جانب المال العام ولئن كان بطريق غير مباشر، الأمر الذي يتحقق معه مناط إخضاع الشركة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد جاء قائمًا على سببه ومطابقًا لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعنين هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن القرار المطعون فيه صدر غير مشروع ومشوبًا بعيب التجاوز في استعمال السلطة؛ إذ فرض رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات على شركة خاصة مكونة طبقًا للقانون المنظم لشركات المساهمة ولا يسهم فيها أي شخص معنوي عام على النحو المنصوص عليه في المادة (3) من قانون الجهاز، بالإضافة إلى أن هيئة قناة السويس لا تملك أموال الصندوق، وأن هذه الأموال قد فقدت عموميتها بمجرد إنفاقها من قبل الشخص العام وخروجها من ذمته ودخولها في ذمة شخص من أشخاص القانون الخاص. كما أن الحكم المطعون فيه قد خلط بين شخصية هيئة قناة السويس وشخصية صندوق التأمين الخاص بالعاملين بالهيئة المذكورة، في حين أن لكل منهما شخصية اعتبارية مستقلة، ويبدو غريبًا القول بخضوع شركة قناة السويس للتأمين لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، بينما لا يخضع له صندوق التأمين للعاملين بهيئة قناة السويس المساهم في هذه الشركة، ورقابة الجهاز المركزي أمر استثنائي وارد على خلاف الأصل لا يكفي لتقريره عدم وجود المانع وإنما يحتاج إلى نص يجيزه، وأن الطبيعة القانونية لصندوق العاملين الخاص بهيئة قناة السويس طبقاً للقانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة يعد من الأشخاص الخاصة طبقًا لكافة المعايير المطبقة في القانون الإداري للتمييز بين الأشخاص العامة والخاصة، ولا يغير من ذلك المساهمات أو الموارد المالية الواردة للصندوق من هيئة قناة السويس أو من غيرها.
ومن حيث إن القانون رقم 144 لسنة 1988 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1998 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات ينص في مادته الأولى على أن "الجهاز المركزي للمحاسبات هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تتبع رئيس الجمهورية، وتهدف أساسًا إلى تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها في هذا القانون ...." وتنص المادة الثانية على أن: "يمارس الجهاز أنواع الرقابة الآتية:
1 - الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني. 2 ..... 3...... " وتنص المادة الثالثة على أن: "يباشر الجهاز اختصاصاته بالنسبة للجهات الآتية:
1 - الوحدات التي يتألف منها الجهاز الإداري للدولة ووحدات الحكم المحلي.
2 - الهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته والمنشآت والجمعيات التعاونية التابعة لأي منها في الأنشطة المختلفة بكافة مستوياتها طبقًا للقوانين الخاصة بكل منها.
3 - الشركات التي لا تعتبر من شركات القطاع العام والتي يسهم فيها شخص عام أو شركة من شركات القطاع العام أو بنك من بنوك القطاع العام بما لا يقل عن 25% من رأسمالها.
4 - النقابات والاتحادات المهنية والعمالية.
5 - الأحزاب السياسية والمؤسسات الصحفية القومية والصحف الحزبية.
6 - الجهات التي تنص قوانينها على خضوعها لرقابة الجهاز.
7 - أي جهة أخرى تقوم الدولة بإعانتها أو ضمان حد أدنى للربح لها أو ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال المملوكة للدولة.
وتنص المادة الثامنة من لائحة النظام الأساسي لصندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس على أن تتكون أموال الصندوق من الموارد التالية:
1 - الأموال المخصصة لصندوق معاشات موظفي وعمال هيئة قناة السويس في تاريخ تسجيل هذا الصندوق.
2 - المبالغ التي تلتزم بها هيئة قناة السويس سنوياً وفقًا للمادة (89) من القانون رقم 63 لسنة 1964 والمادة (162) من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 والقوانين المعدلة لهما.
3 - أقساط إعانات الوفاة التي تتحملها هيئة قناة السويس سنوياً.
4 - الاشتراكات التي تتحملها هيئة قناة السويس لمشروع المكافآت الخاصة عند التقاعد.
5 - مقابل الخدمات التي يقوم بها الصندوق في العمليات التي يعهد إليه القيام بها.
6 - الإعانات والدعم الذي تقدمه هيئة قناة السويس للصندوق.
7 - الإعانات والتبرعات الأخرى التي يقرر مجلس إدارة الصندوق قبولها سواء من الأعضاء أو من الغير.
8 - أي موارد أخرى ريع هيئة قناة السويس تخصيصها للصندوق.
9 - ريع استثمار أموال الصندوق.
10 - عائد استثمار أموال أو أصول هيئة قناة السويس التي تعهد بها إلى الصندوق لاستثمارها.
ومن حيث إن مفاد النصوص السابقة أن الجهاز المركزي للمحاسبات كهيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية قد عهد إليه المشرع بصفة أساسية تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها في القانون رقم 144 لسنة 1988 وتعديلاته المشار إليها. وقد عدد نص المادة الثالثة فيه الجهات الخاضعة لهذه الرقابة واتبع في هذا التعداد سبلاً شتى بقصد إخضاع الأشخاص العامة والخاصة الواردة بالنص للرقابة التي يجريها الجهاز، وقصد بصفة أساسية إلى تحقيق الحماية للأموال العامة سواء أكانت هذه الأموال في صورتها الأصلية أم اتخذت شكل مساهمات مباشرة أو غير مباشرة في أشخاص أخرى عامة أو خاصة، أو كانت في صورة إعانات أو دعم لأي جهة وأيًا ما كانت شخصية هذه الجهة، وآية ذلك أن شركات القطاع العام وهي من أشخاص القانون الخاص إذا أسهمت أو استثمرت جزءًا من أموالها لا يقل عن 25% في إحدى الشركات الخاصة يخضع هذه الشركات الخاصة لرقابة الجهاز حماية لهذا الجزء من المال العام، كذلك فإن أية جهة أخرى تقوم الدولة (بالمفهوم الواسع للدولة) بإعانتها تخضع هذه الجهة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وعليه فإذا قامت الدولة من طريق أحد أجهزتها أو الهيئات التابعة لها بإعانة أية جهة أخرى بأموال من أموال الدولة تخضع هذه الجهة لرقابة الجهاز والقول بغير ذلك يتيح سبيلاً لإخراج المال العام من هذه الرقابة، وذلك بقيام إحدى الهيئات التابعة للدولة باستثمار الأموال العامة، أو جزء منها في إحدى الشركات الخاصة أو القيام بدعم أو إعانة هذه الشركة الخاصة بالأموال العامة، وبهذه الصورة لا تخضع الأموال العامة للرقابة التي يجريها الجهاز المركزي للمحاسبات للمحافظة على هذه الأموال.
ومن حيث إن صندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس حسب لائحة نظامه الأساسي يتلقى الإعانات والدعم الذي تقدمه له هيئة قناة السويس وكذلك أي "موارد أخرى ترى الهيئة المذكورة تخصيصها للصندوق، وأيضاً عائد استثمار أموال أو أصول هيئة قناة السويس التي تعهد بها إلى الصندوق لاستثمارها. ولما كان هذا الصندوق بعد تسجيله تطبيقًا لأحكام قانون صناديق التأمين الخاصة الصادر بالقانون رقم 54 لسنة 1975 وبغض النظر عن طبيعته وكنه أمواله يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات بعد أن اختلطت أموال الدولة أيًا كانت نسبتها بأمواله، ولا تؤتي هذه الرقابة ثمرتها ولا تحقق فاعليتها إلا إذا امتدت إلى الشركات الخاصة التي يستثمر فيها الصندوق أمواله ولا تتأبى نصوص قانون الجهاز المركزي للمحاسبات المشار إليه على إخضاعها لمثل هذه الرقابة، بل تحض عليها إذا كانت الأموال المستثمرة أسهمت فيها الدولة مباشرة أو بطريق غير مباشر كما في الحالة المعروضة.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يغدو متفقًا وصحيح أحكام القانون، ويغدو الطعنان عليه غير قائمين على أساس، جديرين بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.