مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 233

(35)
جلسة 14 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود عطا الله, ويحيى خضري نوبي محمد, وعبد المجيد أحمد حسن المقنن, وعمر ضاحي عمر ضاحي.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 8495 لسنة 44 قضائية. عليا:

تحكيم في المواد المدنية والتجارية - المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم تحكيم.
المشرع في القانون رقم 27 لسنة 94 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية أجاز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقًا للأحكام المبينة بالمادتين (53)، (54) من ذات القانون وجعل الفصل فيها - في غير التحكيم التجاري الدولي - من اختصاص محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق العشرين من سبتمبر سنة 1998 أودع الأستاذ عبد السميع محمد فرج - المحامي - بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في الحكم الصادر من هيئة التحكيم بوزارة العدل في طلب التحكيم رقم 2 لسنة 97 بجلسة 16/ 6/ 1998 القاضي برفض طلب التحكيم وإلزام الشركة المحتكمة - الطاعنة - المصروفات وعشرين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة - وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان حكم هيئة التحكيم المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول دعوى البطلان شكلاً ورفضها موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده مذكرة، وبجلسة 18/ 9/ 2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع لنظره بجلسة 29/ 4/ 2003؛ حيث أحيل إلى هذه المحكمة ونظرته بجلساتها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المحدد بالمادة (54) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الشركة الطاعنة تقدمت بتاريخ 9/ 1/ 1997 بطلب إلى مساعد وزير العدل لشئون مكتب التحكيم قيد برقم 2/ 97 ضد رئيس مجلس مدينة شبرا الخيمة بصفته - المطعون ضده - وطلبت في ختام طلبها أن تحكم هيئة التحكيم بما يلي: أولاً: إلزام الوحدة المحلية لمدينة شبرا الخيمة بأن تدفع لها مبلغ 1538166 جنيهًا عبارة عن مبالغ خُصمت من مستحقاتها دون حق وغرامة تأخير وقيمة أعمال قامت بأدائها وفروق أسعار مواد البناء 50% من التشوينات وقيمة العلاوة المقررة على قوائم الإسكان.
ثانيًا: أحقية الشركة في مبلغ 626339 جنيهًا مقابل ارتفاع الأسعار عن الأعمال التي تم تنفيذها خلال المدة التي قرر المكتب الاستشاري إضافتها إلى المدة المتعاقد عليها وهي 15 شهرًا.
ثالثًا: إلزام الوحدة المحلية المذكورة بأن تدفع للشركة مبلغ 213719 جنيهًا قيمة ضريبة مبيعات.
رابعًا: إلزام الوحدة المحلية المذكورة بتعويض قدره خمسة ملايين جنيه والمصروفات.
وذكرت الشركة المحتكمة في طلب التحكيم أنها تعاقدت بتاريخ 27/ 3/ 1990 مع الوحدة المحلية لمدينة شبرا الخيمة على أن تقوم بإنشاء مبنى خدمة وصيانة للمركبات والمعدات وجراج حي شرق شبرا الخيمة نظير مبلغ قدره مليونا جنيه, ونص العقد على أن هذه القيمة تقديرية والعبرة بما يتم تنفيذه على الطبيعة وأن مدة التنفيذ 18 شهرًا من تاريخ استلام الموقع خاليًا من الموانع. ونص البند التاسع من العقد على أن أي نزاع ينشأ من تنفيذ هذا العقد تختص بالفصل فيه هيئة التحكيم. وبتاريخ 31/ 3/ 1990 صدر للشركة أمر التنفيذ ولكن في حدود مبلغ 913393 جنيهًا أي بما يماثل 45% قيمة التعاقد وورد به أن مدة التنفيذ 22 يومًا و8 شهور, وأن المكتب الاستشاري هو المختص بالإشراف على التنفيذ وعلى الرغم من أن هذا الأمر مخالف للعقد ولما أسفرت عنه الممارسة فإنها تسلمت الموقع وبدأت في التنفيذ ولكنها فؤجئت بوجود بيارات تعترض القواعد الأساسية المحددة على اللوحات الإنشائية المسلمة إليها والخاصة بموقع مبنى الصيانة, فضلاً عن عوائق أخرى؛ حيث تمت مخاطبة المكتب الاستشاري بشأنها مما أدى إلى التأخر في التنفيذ لا دخل لها به, ثم أصدر إليها مجلس المدينة أمر تنفيذ آخر بتاريخ 19/ 12/ 1990 لأعمال قيمتها 1086607 جنيهات استنادًا لذات الممارسة على أن تكون مدة التنفيذ تسعة شهور وثمانية أيام, ورغم العوائق الكثيرة التي اعترضتها وتأخر الجهة الإدارية في صرف المستخلصات وزيادة الأعمال مما أدى إلى ارتفاع قيمة العملية إلى ثلاثة ملايين ومائتين وسبعة وثمانين ألفًا وسبعمائة وسبعة وتسعين جنيهًا, فقد قامت بتنفيذ التزاماتها ونهو الأعمال التي كُلّفت بها, ومع ذلك رفضت الجهة الإدارية صرف مستحقاتها ووقعت عليها غرامة تأخير دون حق, مع أن المكتب الاستشاري وافق على منحها مدة إضافية قدرها 15 شهرًا, كما قامت بالحجز على مستحقاتها لدى الغير وخلصت الشركة إلى طلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 16/ 6/ 1998 أصدرت هيئة التحكيم الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب حاصلها عدم أحقية الشركة في طلباتها الواردة بطلب التحكيم, فبالنسبة لما خصم من مستحقاتها فقد تم استنادًا إلى المادتين (79 مكررًا و 80) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات وجزء منه غرامة تأخير طبقًا للمادة (81) من ذات اللائحة, وإذ إن تسليم الأعمال تم بعد انتهاء المدة المحددة للتنفيذ بأكثر من خمسة عشر شهرًا, كما لا تستحق الشركة قيمة الزيادة في أسعار الأعمال عن المدة التي تأخرت فيها أما باقي طلباتها فلا أساس لها من العقد المبرم بينها وبين الجهة الإدارية, وإذ لا يوجد ثمة خطأ أو إخلال من الإدارة فلا سند لمطالبتها بالتعويض.
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان للأسباب الآتية:
أولاً: لا يوجد اتفاق تحكيم بين الطرفين؛ حيث كان يجب إعداد وثيقة مكتوبة للتحكيم ثم يتولى مكتب التحكيم بوزارة العدل تعيين المحكم المرجح.
ثانيًا: طبقًا للمادة (45) من القانون رقم 27/ 94 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية كان يجب على هيئة التحكيم أن تصدر حكمها في النزاع خلال اثني عشر شهرًا من تاريخ تقديم طلب التحكيم في 9/ 1/ 1997 وهو ما لم يحدث.
ثالثًا: استبعد حكم التحكيم القانون الذي اتفق الطرفان على تطبيقه على موضوع النزاع.
رابعًا: تم تشكيل هيئة التحكيم على وجه مخالف للقانون إذ كان عليها أن تختار الحكم المرجح من مستشاري مجلس الدولة باعتبار أن العقد محل النزاع عقد إداري.
خامسًا: شاب الحكم المطعون فيه الكثير من الإجراءات الباطلة التي أثرت فيه وبالتالي يكون باطلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن العقد محل النزاع الماثل قد أبرم بتاريخ 27/ 3/ 1990, حيث كانت الشركة الطاعنة إحدى شركات القطاع العام ومن المخاطبين بأحكام القانون رقم 97/ 83 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته, وتسري عليها أحكامه ومن بينها مواد الباب السابع منه الخاصة بالتحكيم وهي المواد من (56) حتى (69) والتي تنص على اختصاص هيئات التحكيم التي تشكل بقرار من وزير العدل - وحدها دون غيرها - بالفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين إحدى هذه الشركات وجهة حكومية, وبينت كيفية تشكيل هذه الهيئات والإجراءات التي تتبعها, ومن ثم كانت الشركة الطاعنة ملزمة باللجوء إلى هيئة التحكيم التي حددها هذا القانون للفصل فيما ينشأ من أنزعة بينها وبين الجهات المذكورة طالما ظلت على طبيعتها القانونية كإحدى شركات القطاع العام وطالما بقيت النصوص المشار إليها من القانون رقم 97/ 83 إلا أنه وكان الثابت أنه بتاريخ 19/ 6/ 1991 صدر قانون قطاع الأعمال بالقانون رقم 203/ 91 المعمول به اعتبارًا من 20/ 7/ 1991 ونص في المادة الأولى من مواد إصداره على أن المقصود بقطاع الأعمال العام الشركات القابضة والشركات التابعة لها الخاضعة لأحكام هذا القانون وتتخذ شكل شركات المساهمة ونصه على أن "...... ولا تسرى أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97/ 83 على الشركات المشار إليها ونصه في المادة الثانية من مواد الإصدار على حلول الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون رقم 97/ 83 والشركات التابعة محل الشركات التي كانت تشرف عليها تلك الهيئات اعتبارًا من تاريخ العمل به دون حاجة إلى أي إجراء آخر وإنما تنتقل إلى الشركات القابضة والشركات التابعة لها بحسب الأحوال كافة ما لهيئات القطاع العام وشركاته الملغاة من حقوق وأن تتحمل جميع التزاماتها وتسأل مسئولية كاملة عنها, ثم صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 217/ 93 المعمول به اعتبارًا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 27/ 2/ 1993 متضمنًا نقل الشركة الطاعنة كشركة تابعة إلى الشركة القابضة للإنشاءات وتوزيع القوى الكهربائية فإنها تكون إحدى شركات قطاع الأعمال العام - شركة تابعة - وتسرى عليها أحكام القانون رقم 203/ 91 سالف الذكر وتنحسر عنها أحكام القانون رقم 97/ 83 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته ومن بينها النصوص المشار إليها الخاصة بالتحكيم الإجباري؛ حيث لم يعد لهيئات ذلك التحكيم الإجباري ولاية في الفصل في المنازعات الخاصة بها؛ حيث صار اللجوء إلى التحكيم كطريق للفصل في المنازعات اختياريًا لشركات قطاع الأعمال العام ومن بينها الشركة الطاعنة نزولاً على حكم المادة (40) من القانون رقم 203/ 91 المشار إليه التي تنص على أنه يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة. وطبقًا لأحكام قانون التحكيم رقم 27/ 94 المعدل بالقانون رقم 9/ 97 الذي تسري أحكامه على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيًا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت أن العقد محل النزاع أبرم بتاريخ 27/ 3/ 1990 وقد ثار خلاف بين الطرفين حول مستحقات الشركة الطاعنة وما كلفت به من أعمال ومدى قيامها بتنفيذ التزاماتها المتعاقد عليها كان على أثره أن لجأت الشركة بتاريخ 9/ 1/ 1997 إلى وزارة العدل - مكتب شئون التحكيم - طالبة الفصل في هذا النزاع والحكم لها بطلباتها فصدر عن الوزارة المذكورة قرار بتشكيل هيئة تحكيم طبقًا لأحكام القانون رقم 97/ 83 سالف الذكر حسبما أشار القرار في ديباجته وقيد طلب الشركة بالتحكيم رقم 2/ 97 وبعد أن تداولته هيئة التحكيم بجلساتها أصدرت الحكم المطعون فيه بعد أن رفضت الدفع بعدم اختصاصها وفصلت في موضوع النزاع برفض طلب التحكيم.
وحيث إن المشرع في القانون رقم 27/ 94 المشار إليه أجاز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقًا للأحكام المبينة بالمادتين (53 و 54) من ذات القانون وجعل الفصل فيها - في غير التحكيم التجاري الدولي - من اختصاص محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع - وهي المحكمة الإدارية العليا في النزاع الماثل بحسبان أن عقد النزاع عقد إداري وتختص محكمة القضاء الإداري أصلاً بالفصل فيما يثور بشأنه من أنزعة.
كما حدد المشرع في الفقرة الأولى من المادة (53) من القانون سالف الذكر الحالات التي تقبل فيها دعوى بطلان حكم التحكيم ومن بينها إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو إذا كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال, كما أوجب المشرع في الفقرة الثانية من المادة ذاتها على المحكمة التي تنظر دعوى البطلان بأن تقضى ببطلان حكم التحكيم من تلقاء نفسها إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية, ولما كان من المسلم به أن القواعد القانونية التي تتعلق بالنظام القضائي في الدولة, وتقرر توزيع ولاية القضاء والفصل في الخصومات, وتبين جهاتها المختلفة تعد من النظام العام فلا يجوز الخروج عليها ولا يملك الخصوم الاتفاق أو التراضي على خلافها وكل قضاء في خصومة يصدر عن محكمة أو جهة معينة لا ولاية لها في إصداره لا يعتد به ولا يكون له أي أثر ولا يكتسب أية حجية لما لحقه من مخالفة جسيمة من شأنها أن تهوى به إلى درجة الانعدام ومن المقرر أن التحكيم جهة قضاء نظمها القانون وجعل لأحكامها الحجية المقررة للأحكام بصفة عامة وبالتالي يتعين أن يكون ما يصدر عن هيئاته من أحكام متفقًا والنظام القضائي الذي وسد إليها ذلك الاختصاص فإن خالف حكم التحكيم أحكام هذا النظام بأن فصل في نزاع بغير سند قانوني يخلع على الهيئة التي أصدرته ولاية إصداره كان حكمًا باطلاً عديم الأثر ولا يعتد به.
ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم يكون حكم التحكيم المطعون فيه قد انطوى على مخالفة للنظام العام وخروجًا على أحكامه إذ إنه صدر من جهة غير مختصة بنظره ولا ولاية لها في الفصل فيه فقد صدر استنادًا إلى أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97/ 83 الخاصة بالتحكيم الإجباري التي كانت تسري على شركات القطاع العام وهي أحكام - كما سلف - انحسرت عن الشركة الطاعنة ولم تعد مخاطبة بها أو ملتزمة بمؤداها بعد أن صارت شركة تابعة من شركات قطاع الأعمال العام طبقًا لأحكام القانون رقم 203/ 91, وصار التحكيم كطريق للفصل في المنازعات الخاصة بها طريقًا اختياريًا له ضوابط وشروط وطبيعة وإجراءات تختلف عن التحكيم الإجباري الذي كان ينص عليه القانون رقم 97/ 83.
ومن ناحية أخرى, فضلاً عما تقدم, فإن الأوراق خلت من وجود اتفاق بين الطرفين على اللجوء إلى التحكيم للفصل في المنازعات التي تنشأ عن العقد المشار إليه, الأمر الذي من شأنه بطلان حكم التحكيم المطعون فيه أيضًا دون أن ينال من ذلك ما تضمنه البند التاسع من ذلك العقد من أن أي نزاع ينشأ عنه تختص هيئات التحكيم بالفصل فيه ذلك أن هذا العقد كما تقدم أبرم بتاريخ 27/ 3/ 1990 أي في ظل سريان أحكام القانون رقم 97/ 83 والذي كانت الشركة طبقًا لأحكامه تخضع للتحكيم الإجباري دون حاجة إلى نص في العقد يقرر ذلك, وبالتالي كان نص البند التاسع من هذا العقد تزيدًا لم يضف جديدًا أو يقرر حكمًا في شأن التحكيم الاختياري الذي لم يكن مقررًا أصلاً لشركات القطاع العام وقت تحرير العقد محل التحكيم الماثل وبالتالي لا يمكن القول بوجود اتفاق على التحكيم استنادًا إلى هذا البند سيما وأن حكم التحكيم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 16/ 6/ 1998, أي في ظل العمل بأحكام القانون 9/ 97 الذي عدل من أحكام قانون التحكيم رقم 27/ 94 وأجاز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تتعلق بالعقد الإداري بشرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه وهو ما خلت الأوراق من حدوثه.
وحيث إنه لما تقدم يكون حكم التحكيم المطعون فيه مخالفًا للنظام العام, كما لا يوجد اتفاق على التحكيم بين الطرفين وتكون معه دعوى بطلانه مقبولة ويتعين لذلك الحكم ببطلانه.
وحيث إنه من يخسر الدعوى يلتزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع ببطلان حكم هيئة التحكيم المطعون فيه الصادر في طلب التحكيم رقم 2/ 97 بجلسة 19/ 6/ 1998, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت المطعون ضده المصروفات.