مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 296

(41)
جلسة 18 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, وحسن سلامة أحمد محمود, ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3267 لسنة 39 قضائية. عليا:

رسوم - رسم التحسين - الطبيعة القانونية للقرار الصادر من لجنة الطعون في مقابل التحسين - أثر ذلك:
لجنة الطعن المنصوص على تشكيلها بالمادة (8) من القانون رقم 222 لسنة 1955 بفرض مقابل تحسين وإن كانت برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها العقار محل مقابل التحسين, إلا أن باقي أعضاء اللجنة فهم إما ممثلو الجهات الإدارية أو أعضاء المجلس البلدي - أثر ذلك: تشكيل اللجنة يفتقد بعض القواعد الأصولية التي تهيمن على التشكيلات القضائية, إذ يغلب على تشكيلها الطابع الإداري, حيث لا تضم سوى عضو قضائي واحد من بين مجموع أعضائها, إضافة إلى أن تلك اللجنة مشكلة من ستة أعضاء مما يعني تغليب الجانب العددي الذي منه الرئيس في حالة تساوي عدد الأصوات, في حين أن الأصل أن تصدر الأحكام القضائية بأغلبية الآراء, الأمر الذي لا يتحقق إلا إذا كان عدد أعضاء التشكيل وترًا, كما أن الذي يُدعى لإبداء دفاعه أمام اللجنة هو الطاعن وحده صاحب العقار المحمل بمقابل التحسين وبذلك لا يتلاقى طرفا الخصومة أمام اللجنة المشار إليها, وتفتقد الخطوة الأولى من خطوات الخصومة القضائية - أثر ذلك: أن ما يصدر من لجنة الطعون في مقابل التحسين لا يعدو أن يكون قرارًا إداريًا صادرًا من لجنة أو هيئة إدارية لها اختصاص قضائي مما يقبل الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة – تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 19/ 6/ 1993 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 3267 لسنة 39 ق . ع - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وطلبت هيئة المفوضين - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وإعادة الدعوى إلى ذات المحكمة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى مرة أخرى إلى ذات المحكمة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 4/ 2003 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 5/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 26/ 6/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/ 10/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18/ 12/ 2004، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 4/ 6/ 1988 أقام المدعيان (المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس، ..... الدعوى رقم 4495 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري/ دائرة منازعات الأفراد (ب) بالقاهرة، بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة التحسين بفرض مقابل تحسين مقداره 52335.400 جنيه على الأطيان البالغة مساحتها 12 س 5 ط 6 ف بحوض ديوان أفندي والتي كانت مملوكة للبطريركية ونزعت ملكيتها، واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 29/ 4/ 1993 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى، وشيدت قضاءها على أساس أن ما تصدره اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل تحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة، لا يندرج في عداد القرارات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون عليها.
إلا أن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى هيئة مفوضي الدولة فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون ولما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) من القانون رقم 222 لسنة 1955 هي لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي وتخضع قراراتها لاختصاص محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لجنة الطعن المنصوص على تشكيلها بالمادة (8) من القانون 222 لسنة 1955 بفرض مقابل تحسين وإن كانت برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها العقار محل مقابل التحسين إلا أن باقي أعضاء اللجنة فهم إما من ممثلي الجهات الإدارية أو أعضاء المجلس البلدي، وهو ما يفقد تشكيل اللجنة بعض القواعد الأصولية التي تهيمن على التشكيلات القضائية، إذ يغلب على تشكيلها الطابع الإداري، حيث لا تضم سوى عضو قضائي واحد من بين مجموع أعضائها، إضافة إلى أن تلك اللجنة مشكلة من ستة أعضاء مما يعني تغليب الجانب العددي الذي منه الرئيس في حالة تساوي عدد الأصوات، في حين أن الأصل أن تصدر الأحكام القضائية بأغلبية الآراء عملاً بحكم المادة (169) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الأمر الذي لا يتحقق إلا إذا كان عدد أعضاء التشكيل وتراً، كما أن الذي يدعى لإبداء دفاعه أمام اللجنة هو الطاعن وحده - وهو صاحب العقار المحمل بمقابل التحسين - وبذلك لا يتلاقى طرفا الخصومة أمام اللجنة المشار إليها وتفتقد الخطوة الأولى من خطوات الخصومة القضائية.
وبناءً عليه فإن ما يصدر من لجنة الطعون في مقابل التحسين لا يعدو في حقيقته أن يكون قرارًا إداريًا صادرًا من لجنة أو هيئة إدارية لها اختصاص قضائي، مما يقبل الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة طبقًا للبند (ثامنًا) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وهذا التكييف لطبيعة القرارات الإدارية الصادرة من هذه اللجنة لا يتصادم مع ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 12 لسنة (8) قضائية دستورية بجلسة 4 من يونيه لسنة 1988 - والذي احتج به الحكم الطعين - من اعتبار هذه اللجنة هيئة ذات اختصاص قضائي في مفهوم المادة 29/ أ من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 وصولاً من المحكمة إلى مباشرة اختصاصها في الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح فيما إذا تراءى للجنة المشار إليها في أثناء نظر نزاع مطروح أمامها عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، لأن وصول المحكمة الدستورية العليا لمباشرة ولايتها في بحث دستورية ما يحال إليها من اللجنة سالفة البيان، ولا يعني أن قراراتها الصادرة بالفصل في الطعون المتعلقة بفرض مقابل التحسين تعتبر أحكامًا قضائية مما تنحسر عنه بالتالي ولاية مجلس الدولة. (يراجع حكم هذه المحكمة الصادر من الدائرة المشكلة طبقًا لأحكام المادة (54) مكررًا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 في الطعن رقم 3675 لسنة 40 قضائية عليا، جلسة 5 من مارس سنة 1998).
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب؛ حيث قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى استنادًا إلى أن القرار المطعون فيه لا يدخل في عداد القرارات التي تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة، فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجددًا من دائرة أخرى، وذلك مع إبقاء الفصل في المصروفات لتلك المحكمة عملاً بمفهوم المخالفة لنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجددًا من دائرة أخرى، وأبقت الفصل في المصروفات لتلك المحكمة.