مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 305

(43)
جلسة 21 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود علي عطا الله, ويحيى خضري نوبي محمد, وعبد المجيد أحمد حسن المقنن, وعمر ضاحي عمر ضاحي.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 1652 لسنة 44 قضائية. عليا:

عقد إداري - مصاريف إدارية.
طبقًا لأحكام قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية, لا يجوز للجهة الإدارية المطالبة بالمصاريف الإدارية إلا إذا ثبت أنها تحملت خسائر أو لحقتها أضرار نتيجة التنفيذ على الحساب - تطبيق ذلك - في حالة إعادة المناقصة من جديد وما يقتضيه ذلك من تشكيل لجان جديدة لفض المظاريف وأخرى للبت


الإجراءات

في يوم الثلاثاء 6/ 1/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4352 لسنة 43 ق بجلسة 9/ 11/ 1997 والذي قضى بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي بصفته مبلغاً يعادل قيمة 288.73 دولار أمريكي بالجنيه المصري وعلى أساس سعر صرف الدولار وقت التعاقد، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وإن الطاعن يقصر طعنه فيما قضى به الحكم من رفض الحكم بفرق سعر عدد 12 جهازًا البالغ مقداره 8162 جنيهًا، ورفض الحكم بمبلغ 986.55 جنيه مصاريف إدارية بنسبة 10% من إجمالي العقد، ورفض الحكم بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ.
وطلب الطاعن بصفته - في ختام تقرير طعنه للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 9536.250 جنيه مصري والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10/ 4/ 1989 وحتى تمام السداد مع إلزامها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاًَ وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي لجهة الإدارة الطاعنة التعويض الذي تراه المحكمة مناسبًا والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ من تاريخ صدور الحكم في الطعن الماثل بواقع 5% سنويًا وحتى تمام السداد، فضلاً عن مبلغ 392.700 جنيه غرامة التأخير المقضي بها وفوائدها القانونية من تاريخ المطالبة القضائية في 10/ 4/ 1989 وحتى تمام السداد، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.
ونُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قررت بجلسة 6/ 3/ 2002 إحالة الطعن للدائرة الثالثة عليا - موضوع - لنظره بجلسة 2/ 7/ 2002، وتدوول أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 19/ 10/ 2004 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 4325 لسنة 43 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت بتاريخ 10/ 4/ 1989 طلب في ختامها الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع له مبلغًا مقداره 9536.250 جنيه والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة الرسمية وحتى تمام السداد والمصروفات.
وقال المدعي بصفته - شرحًا لدعواه - إنه تم التعاقد بين الإدارة العامة لاتصالات الشرطة والشركة المدعى عليها على توريد عدد 25 جهاز قياس معملي للاسلكي الشرطة، وذلك في حدود مبلغ إجمالي قدره 7218.25 دولار أمريكي؛ وذلك بموجب الموافقة الاستيرادية رقم 100 بتاريخ 15/ 5/ 1984، على أن يتم التوريد في موعد غايته 15/ 7/ 1984، ولوجود خلاف حول أحد شروط العقد "الشرط الخاص بالتدريب الداخلي" رفضت الشركة المدعى عليها تنفيذ العقد، فقامت جهة الإدارة بمصادرة قيمة الضمان الابتدائي وقدره 150 دولارًا أمريكيًا يعادل مبلغ 124.572 جنيه مصري، وتحويل الاعتماد المستندي المفتوح لصالح الشركة المدعى عليها إلى الشركة التي تليها في الممارسة التي أجريت لشراء الأجهزة المذكورة وهي شركة "ميتركس" الفرنسية، إلا أن المبلغ المعتمد للتعاقد وهو 7218.25 دولار أمريكي لم يكفِ إلا لشراء عدد 13 جهاز قياس بنفس المواصفات من شركة "ميتركس"، لذلك أقام المدعي بصفته دعواه الماثلة طالبًا إلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي له الآتي:
مليم جـ
- 8162 سعر عدد 12 جهاز فات على الجهة الإدارية شراؤها في حدود المبلغ المعتمد.
0981.550 10% مصاريف إدارية من إجمالي العقد.
0392.700 4% غرامة تأخير.
9536.250 وهو إجمالي المبلغ المطالب به بالإضافة إلى الفوائد القانونية.
وبجلسة 9/ 11/ 1997 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها برفض إلزام الشركة المطعون ضدها بثمن 12 جهازًا على سند من أن الجهة الإدارية وهي بصدد تنفيذ العقد المبرم مع الشركة المطعون ضدها بتوريد 25 جهازًا كان يمكنها شراء كامل هذه الأجهزة من الشركة الفرنسية - التالية للشركة المطعون ضدها - بالثمن الذي تحدد في هذا الشأن، وبالتالي كان يحق لها مطالبة الشركة المطعون ضدها بأداء الفرق بالزيادة في الثمن، إلا أنها لم تقم سوى بشراء 13 جهازًا فقط من الشركة الفرنسية (لأنها محكومة بالمبلغ المعتمد وهو 7218.25 دولار أمريكي وهو لا يكفي سوى لشراء 13 جهازًا فقط)، ومن ثم لا يحق لها مطالبة الشركة المطعون ضدها بقيمة 12 جهازًا التي لم تقم بشرائها، وإنما يحق لها فقط اقتضاء غرامة التأخير وهو المبلغ المقضي به.
كما لا يحق للجهة الإدارية مطالبة الشركة المطعون ضدها بالمصروفات الإدارية، لأن الثابت من الأوراق أنها لم تقم بإجراء ممارسة جديدة للمعدات المطلوبة، وإنما لجأت إلى الشراء من المورد التالي مباشرة للشركة المطعون ضدها، ومن ثم فإنه لا مجال للمطالبة بالمصروفات الإدارية.
وعن طلب الفوائد القانونية فإن شروط استحقاقها أن يكون المبلغ معين المقدار وفقًا للمادة (226) من القانون المدني وهو غير متوافر في المنازعة الماثلة مما يتعين رفض هذا الطلب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك فيما تضمنه من رفض القضاء بفروق أسعار 12 جهازًا، وكذلك المصاريف الإدارية والفوائد القانونية، لأنه بالنسبة لفروق أسعار 12 جهازًا فإنه ليس هناك ما يمنع جهة الإدارة من أن تشتري على حساب المتعاقد المقصر أصنافًا تختلف في جودتها عن تلك التي تعاقدت عليها مع المورد الأصلي، ويحق لها أن تحاسبه عن فروق الأسعار الناتجة عن ذلك، وأنه وفقًا لما تقدم وكانت الجهة الطاعنة قد عجزت عن شراء كامل عدد الأجهزة المتفق عليها بفعل الشركة المطعون ضدها، حيث اكتفت بشراء 13 جهازًا فقط، لأن الاعتماد المالي المحدد لم يسمح بشراء كامل الكمية مع الشركة الفرنسية التي حلت محل الشركة المطعون ضدها؛ لذا فإن الجهة الإدارية لها الحق في اقتضاء فروق الأسعار وهي عبارة عن قيمة 12 جهازًا التي لم تستطع شراءها - وهو مبلغ 8162 جنيهًا.
كما أن للجهة الإدارية الحق في اقتضاء المصاريف الإدارية وقدرها 981.25 جنيه بواقع 10% من إجمالي العقد؛ لأنها تعتبر من الجزاءات التي تملك الجهة الإدارية توقيعها على المتعاقد المقصر، ولا يشترط في استحقاقها أن يعاد طرح العملية من جديد؛ لأن المادة رقم (93) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 أعطت للجهة الإدارية هذا الحق، ولم تربط بين استحقاق تلك المصاريف وبين تحمل نفقات التكاليف وإنما يتقرر استحقاقها بمجرد الشراء على حساب المتعاقد المقصر.
كما أن للجهة الإدارية الحق في اقتضاء 5% فوائد قانونية عن فرق الثمن، والمصاريف الإدارية، وغرامة التأخير لتوافر شروط أحكام المادة (226) من القانون المدني.
ومن حيث إن المحكمة تؤيد الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من عدم أحقية الجهة الإدارية في المطالبة بثمن الأجهزة التي لم تقم بشرائها، وعدم أحقيتها في المطالبة بالمصاريف الإدارية للأسباب التي قام عليها، وتضيف أنه وإن كان المشرع أجاز للجهة الإدارية وفقًا للمادة (28) من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 83 - الواجب التطبيق في المنازعة الماثلة، والمادة (92) من لائحته التنفيذية شراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه سواء بالممارسة أو بمناقصة محلية أو عامة أو محدودة بالشروط والمواصفات نفسها المعلن عنها وقت التعاقد وإلزامه بفروق السعر عن هذا التنفيذ، إلا أنه إذا لم يقم بشراء تلك الأصناف أو بعضها فلا وجه لإلزام المتعاقد معه بفروق الأسعار، وهو الأمر الحاصل في المنازعة الماثلة، كما أنه جرى قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز للجهة الإدارية المطالبة بالمصاريف الإدارية إلا إذا أثبتت أنها تحملت خسائر أو لحقتها أضرار نتيجة التنفيذ على الحساب، كما لو قامت بإعادة المناقصة من جديد، وما يقتضيه ذلك من تشكيل لجان جديدة لفض المظاريف، وأخرى للبت وما يستتبع ذلك من جهد ونفقات ما كانت تتحملها لو أن المتعاقد معها قام بتنفيذ التزامه على النحو المتفق عليه، وإذ كان الثابت في المنازعة الماثلة أن الجهة الإدارية لم تتحمل أي نفقات أو تكاليف نتيجة شراء 12 جهازًا من الشركة الفرنسية التالية للشركة المطعون ضدها فإنه لا وجه لمطالبة تلك الشركة بمصاريف إدارية نتيجة التنفيذ على حسابها.
ومن حيث إنه عن المطالبة بالفوائد القانونية عن المبلغ المقضي به والمتمثل في قيمة غرامة التأخير ومقداره ما يعادل 288.73 دولارًا أمريكيًا بالجنيه المصري على أساس سعر الصرف وقت التعاقد فإنه يستفاد من نص المادة (226) من القانون المدني أنه في تحديد استحقاق الفوائد القانونية فإن الالتزام بدفع مبلغ من النقود يجب أن يكون معلوم المقدار وقت الطلب، وأن المقصود بكون الالتزام معلوم المقدار وقت الطلب أن يكون تحديد مقداره قائمًا على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة مطلقة في التقدير، فإذا كان تحديد مقدار الالتزام وقت الطلب قائمًا على أسس ثابتة يمتنع معها أن يكون للقاضي سلطة رحبة في التقدير فإن الالتزام يعتبر معلوم المقدار عند الطلب حتى لو نازع الخصم الآخر فيه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكانت المبالغ المستحقة للجهة الإدارية كغرامة تأخير محددة المقدار سلفًا وفقًا للأسس المنصوص عليها في قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية، ومن ثم تكون هذه المبالغ معلومة المقدار وقت الطلب، وبالتالي تستحق الجهة الإدارية عن هذه المبالغ فوائد قانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية باعتبارها من المسائل التجارية وحتى تاريخ السداد.
وإذ ذهب الحكم المطعون في هذا الخصوص غير هذا المذهب فإنه يتعين تعديله على النحو المشار إليه، مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي بصفته مبلغًا يعادل 288.73 دولار أمريكي (مائتان وثمانية وثمانون دولارًا أمريكيًا، وثلاثة وسبعون سنتًا) بالجنيه المصري على أساس سعر صرف الدولار وقت التعاقد، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10/ 4/ 1989 وحتى تاريخ السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات.