مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 349

(48)
جلسة 23 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن على غربي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوار غالب سيفين عبده, وإبراهيم على إبراهيم عبد الله، ومحمد الأدهم محمد حبيب, وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغني جودة
أمين السر

الطعن رقم 6979 لسنة 48 قضائية. عليا:

تقادم - تقادم الماهيات وما في حكمها التي تكون مستحقة قبل الحكومة - موانع سريانه.
الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة تصبح حقًًا مكتسبًا لها إذا لم تتم المطالبة بها إداريًا أو قضائيًا خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها - إعمال هذا الحكم لا يتأتي إلا حيث يكون الحق قد نشأ متكاملاً في ذمة الدولة وكانت المطالبة به أمرًا ميسورًا من جهة القانون - لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيًا - تقدير قيام المانع الموقف لسريان التقادم موكول أمره إلى محكمة الموضوع ويرجع فيه إلى ظروف كل دعوى على حدة دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 4/ 2002 أودع الأستاذ/ محمد صالح مكاوي المحامي المقيد أمام محكمة النقض والإدارية العليا وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة السابعة - تسويات في الدعوى المقامة من الطاعن برقم 2035 لسنة 54 ق. والذي قضى بجلسة 28/ 1/ 2002 بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف الحوافز المقررة بجهة عمله اعتبارًا من ثبوت عجزه كاملاً حتى تاريخ إحالته للمعاش مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي وخصم ما سبق صرفه له منها عن تلك المدة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إعمال أحكام التقادم الخمسي.
وقد أعلن تقرير الطعن للجهة الإدارية المطعون ضدها. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليصبح بأحقية الطاعن في صرف الحوافز المقررة بجهة عمله اعتبارًا من 28/ 9/ 1993 على النحو الوارد بالأسباب مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية عليا الطعن على الوجه المبين بالأسباب إلى أن قررت بجلسة 28/ 1/ 2002 إحالة الطعن إلى الدائرة الثامنة عليا فحص للاختصاص وحددت لنظره جلسة 14/ 3/ 2004 وبعد تداول الطعن أمامها قررت بجلسة 23/ 5/ 2004 إحالة الطعن إلى الدائرة الثامنة موضوع وحددت لنظره جلسة 3/ 7/ 2004 وبعد تداول الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 23/ 12/ 2004، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر بالمادة (44) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2035 لسنة 54 ق. بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري الدائرة السابعة "تسويات" بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة المذكورة بتاريخ 27/ 11/ 1999 طلب في ختامها الحكم بتعديل القرار رقم 736 لسنة 1982 لعدم تضمنه صرف الحوافز المقررة له أسوة بزميله المهندس/......
وأوضح شرحًا لدعواه أنه كان يشغل وظيفة مهندس بإدارة الطرق بحي وسط القاهرة بالدرجة الثانية وأرشد أثناء عمله عن بعض الاختلاسات وثبت صحة بلاغه كما أصابه إجهاد في العمل وأصدرت اللجنة الطبية قرارًا باعتباره مريضًا بمرض مزمن بنسبة عجز 100% اعتبارًا من 7/ 2/ 1981 فأصدرت الجهة قرارها رقم 1456 لسنة 1991 في 25/ 8/ 1981 بإنهاء خدمته ثم أصدرت قرارها رقم 736 لسنة 1982 بتاريخ 25/ 4/ 1982 بسحب قرارها المشار إليه وإعادته إلى الخدمة إلا أنه فوجئ عند استلامه العمل بحرمانه من حقوقه الوظيفية أسوة بزملائه رغم سفره للعلاج بإنجلترا فتظلم من هذا الإجراء وطلب مساواته بزميله المهندس/ ..... وقامت الجهة بصرف الحوافز لمدة شهرين رغم أحقيته في صرف كافة الحوافز اعتبارًا من تاريخ تعيينه في 24/ 5/ 1960 حتى إحالته للمعاش بناءً على طلبه بتاريخ 1/ 10/ 1996.
وبجلسة 28/ 1/ 2002 أصدرت المحكمة المذكورة الحكم المطعون فيه.
واستندت في أسبابه إلى ما توجبه المادة (66) مكررًا من قانون العاملين المدنيين بالدولة المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 من منح المريض بمرض مزمن إجازة استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارًا يمكنه من العودة إلى العمل أو يتبين عجزه عجزًا كاملاً، وفي هذه الحالة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة للمعاش. وأن المقصود بالأجر الكامل هو الأجر وتوابعه مما كان يتقاضاه العامل قبل مرضه بما فيه عناصر الأجر المتغير ومقابل العمل الإضافي.
وأضافت أن المدعي أصيب بحالة مرضية نتج عنها اضطراب عقلي مزمن مع وساوس قهرية، وإذ قررت اللجنة الطبية اعتبار مرضه من الأمراض المزمنة واعتباره في إجازة استثنائية بمرتب كامل اعتبارًا من 7/ 2/ 1981 فلا يجوز لجهة عمله إسقاط أي حق من حقوقه الوظيفية وتشمل الأجر وتوابعه مما كان يتقاضاه قبل ثبوت عجزه عجزًا كليًا بمراعاة أحكام التقادم الخمسي وخصم ما سبق أن صرف له من تلك الحوافز.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما تضمنه من إعمال التقادم الخمسي باعتبار أن الطاعن كان دائم المطالبة بهذه الحقوق ومساواته بزميله المهندس/ ........ وذلك على النحو الوارد بالمستندات التي قدمها لمحكمة القضاء الإداري ومن بينها الطلب المؤشر عليه من المهندس/ ..... في عام 1988 والطلب المقدم لسكرتير عام حي وسط القاهرة برقم 1446 بتاريخ 6/ 8/ 1989 وطلب آخر بتاريخ 29/ 1/ 1990 وتظلمات أخرى لرئيس حي وسط القاهرة برقم 6594 بتاريخ 27/ 8/ 1998 ثم أقام دعواه بتاريخ 27/ 11/ 1999 وبذلك يكون قد تمسك بحقه في صرف الحوافز واتخذ الإجراءات القاطعة للتقادم.
ومن حيث إن الأصل طبقًا لما تقضي به المادة (50) من القسم الثاني للائحة المالية للميزانية والحسابات ومن بعدها المادة (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 في شأن المحاسبة الحكومية أن الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة تصبح حقًا مكتسبًا لها إذا لم تتم المطالبة بها إداريًا أو قضائيًا خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها. على أن إعمال هذا الحكم لا يتأتي إلا حيث يكون الحق قد نشأ متكاملاً في ذمة الدولة وكانت المطالبة به أمرًا ميسورًا من جهة القانون وهو ما أكد عليه نص المادة (382) من القانون المدني بنصها على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيًا ......".
وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن تقدير قيام المانع الموقف لسريان التقادم موكول أمره إلى محكمة الموضوع ويرجع فيه إلى ظروف كل دعوى على حدة فللمحكمة أن تستخلص بما لها من سلطة تقديرية قيام المانع أو انتفاءه دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بصرف حقوق الطاعن المطالب بها من الأجر وتوابعه منذ صدر قرار اللجنة الطبية باعتباره مريضًا بمرض مزمن اعتبارًا من 7/ 2/ 1981
وبمراعاة التقادم الخمسي رغم أن المرض الذي أصاب الطاعن هو "اضطراب عقلي مزمن مع وساوس نتيجة لانسداد بشريان المخ الأمامي".
وكان قد ثبت من الأوراق التي قدمها أمام محكمة القضاء الإداري أنه بعد صدور هذا القرار قد طالب الجهة بصرف الحوافز أسوة بزميله/..... بالطلب المقدم لسكرتير عام حي وسط القاهرة برقم 1446 بتاريخ 6/ 8/ 1989 بعد عودته من رحلة العلاج على نفقة الدولة بانجلترا في عام 1985 وبالطلب المقدم لذات الجهة برقم 70 بتاريخ 29/ 1/ 1990 ثم بتاريخ 27/ 8/ 1998 حتى أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 27/ 11/ 1999.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يتطرق في أسبابه لبحث مدى أثر هذه الطلبات المقدمة للجهة الإدارية في قطع التقادم، ومدى تأثير حالة المدعي المرضية في وقف سريان التقادم أو انتفائه باعتبار أن المرض العقلي بنسبة 100% حسبما ورد في قرار اللجنة الطبية ينال لا محالة من الإرادة والإدراك. فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب متعينًا تعديله فيما قضى به من إعمال التقادم الخمسي وبأحقية المدعي في صرف حقوقه المالية من الأجر وتوابعه كاملة عن المدة من تاريخ صدور قرار اللجنة الطبية بتاريخ 7/ 2/ 1981 وحتى إحالته للمعاش بناءً على طلبه بتاريخ 1/ 10/ 1996 دون إعمال التقادم الخمسي في حق المدعي مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبعدم سريان التقادم الخمسي في حق المدعي وعلى النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.