مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 – صـ 368

(51)
جلسة 25 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك, ومحمد ماجد محمود, وأحمد محمد حامد, وسراج الدين عبد الحافظ حمزة
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عبد المجيد إسماعيل
مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد سيف محمد
أمين السر

الطعن رقم 8237 لسنة 47 قضائية. عليا:

أ- دعوى الإلغاء - ميعادها - بدء حساب الميعاد في حالات التظلم الوجوبي.
في الحالات التي يستوجب القانون تقديم التظلم قبل رفع دعوى الإلغاء يجب على رافع الدعوى الانتظار لحين البت في التظلم في المواعيد المقررة ومقدارها ستون يومًا ثم يرفع دعواه بعد ذلك في ميعاد الستين يومًا التالية.
ب - دعوى الإلغاء - أثر التظلم الثاني في حساب المواعيد.
العبرة في حساب المواعيد هي بأول تظلم - مؤدى ذلك:- لا عبرة بما يعقب التظلم من تظلمات لاحقة.
ج - دعوى الإلغاء - التظلم – شكله.
لا يشترط في التظلم أن يكون في صيغة خاصة، فقد يكون في صيغة التماس أو طلب - يكفي في التظلم أن يشير المتظلم فيه إلى القرار بإشارة تنبئ عن علمه بصدوره ومضمونه – تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 27/ 5/ 2001 أودع الأستاذ/ مصطفى إسماعيل عبد الرؤوف (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم المشار إليه بعاليه والذي قضى بعدم قبول الطعن شكلاً، لرفعه بعد الميعاد. وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بقبول الطعن رقم 1300 لسنة 28 ق. شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصله من وظيفة عمدة قرية الكفر الشرقي مركز الحامول - محافظة كفر الشيخ، وما يترتب على ذلك من آثار.
وأودع الطاعن مع تقرير الطعن حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة على غلافها.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.
ونظر الطعن أمام الدائرة السابعة "فحص" بالمحكمة بجلسة 1/ 1/ 2003 وفيها قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة فحص للاختصاص.
وقد نظر الطعن أمام الدائرة الخامسة "فحص" بجلسة 7/ 7/ 2003 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 10/ 11/ 2003 قررت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع "الخامسة" بالمحكمة وحددت لنظره جلسة 27/ 12/ 2003 وفيها نظر وبالجلسات التالية لها، حيث أودع الحاضر عن المطعون ضدهما بجلسة 27/ 3/ 2004 حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة على غلافها، كما أودع الطاعن بجلسة 3/ 7/ 2004 حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة على غلافها منها مذكرة بدفاعه طلب فيها النظر في أمر فصله، وبجلسة 20/ 11/ 2004 قررت هذه المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 25/ 12/ 2004 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه في جلسة إصداره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه - في أنه قد صدر قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن كفر الشيخ في القضية التأديبية رقم 4 بتاريخ 14/ 2/ 2002 بفصل الطاعن من عمدية الكفر الشرقي مركز الحامول لمخالفته التعليمات وواجبات الوظيفة ومقتضياتها، وذلك لعدم تعاونه مع أجهزة الشرطة وإثارة الأهالي وتزعمه لهم في الاعتراض على تنفيذ قرار الحاكم العسكري، واعتمدت الوزارة قرار فصل الطاعن بتاريخ 4/ 3/ 2000 وأعلن به بتاريخ 22/ 3/ 2000 بموجب المحضر المحرر بمعرفة مأمور مركز الحامول بالتاريخ المشار إليه؛ حيث أقر بعلمه بالقرار.
وبتاريخ 25/ 7/ 2000 أودع الطعن رقم 1300 لسنة 28 ق. قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا طعنًا على قرار فصله من عمدية الكفر الشرقي مركز الحامول طالبًا قبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار فصله من وظيفة عمدة القرية المذكورة، وذكر بصحيفة الطعن أنه بتاريخ 22/ 3/ 2000 تم إعلانه شفويًا بالقرار ووقَّع بالعلم، وبتاريخ 23/ 3/ 2000 تقدم بتظلم لمكتب وزير الداخلية، وبتاريخ 28/ 3/ 2000 تقدم بالتظلم رقم 472 للسيد مساعد الوزير للشئون الإدارية ولم يفصل فيهما، كما نعى على القرار المطعون فيه بمخالفته للحقيقة والواقع وجاء مجحفًا بحقوقه، وبجلسة 31/ 3/ 2001 قضت المحكمة التأديبية بطنطا بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، حيث اعتبر أن الشكوى المقدمة منه إلى وزير الداخلية بمثابة تظلم، إذ إن اعتراضه المقدم لوزير الداخلية لا يعدو أن يكون شكوى وليست تظلمًا بالمعنى القانوني الصحيح، حيث نصحه السيد اللواء مساعد وزير الداخلية للشئون القانونية بأن يتقدم للسيد اللواء مساعد الوزير للشئون الإدارية بالتظلم المعد على النموذج الخاص به لأن المسئول عن موضوع قرار الفصل هو مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية وعليه قدم تظلمه إلى هذا الأخير في 28/ 3/ 2000، كما أنه كان مريضًا في الفترة من 10/ 7/ 2000، حتى 25/ 7/ 2000 وكان داخل مستشفى مصطفى العشري للحميات في تلك الفترة بالتذكرة رقم 312، ولم يصدر التوكيل لموكله إلا في يوم خروجه من المستشفى في 25/ 7/ 2000، ويعد ذلك من القوة القاهرة التي توقف الميعاد.
وأضاف الطاعن بأن قبول الطعن شكلاً يفتح الباب لبحث موضوع الطعن على قرار فصله الذي صدر مشوبًا بمخالفة الواقع والقانون وبالغلو والتعسف في استعمال السلطة، وخلص الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن على الحكم المطعون فيه، فإن المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يومًا من تاريخ تقديمه، وإذ صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببًا، ويعتبر مضي ستين يومًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه".
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه في الحالات التي يستوجب القانون تقديم التظلم قبل رفع دعوى الإلغاء بالتطبيق لنص المادة (24) من قانون مجلس الدولة يتعين على رافع الدعوى أن ينتظر المواعيد المقررة للبت في التظلم وهي ستون يومًا، فلا يرفع دعواه قبل مضيها، وأن يرفعها بعد ذلك في ميعاد الستين يومًا التالية لانقضاء الستين يومًا المذكورة التي يعتبر انقضاؤها دون إجابة السلطات المختصة بمثابة قرار حكمي بالرفض يجرى سريان الميعاد منه، فإذا كانت السلطات قد أجابت قبل ذلك بقرار صريح بالرفض وجب حساب الميعاد من تاريخ إعلان هذا القرار لأن من هذا الإعلان يجرى سريان الميعاد قانونًا، فيجب بحكم اللزوم القرار الحكمي اللاحق بالرفض وما كان يترتب عليه من سريان الميعاد، أما إذا كان القرار الحكمي بالرفض قد تحقق بعد فوات الستين يومًا المحددة لفحص التظلم، فإن ميعاد رفع الدعوى بالإلغاء يجرى من هذا التاريخ حتى ولو أعلن المتظلم بعد ذلك بقرار صريح بالرفض، ما دام ميعاد رفع الدعوى قد سبق جريانه بأمر تحقق من قبل بهذا القرار الحكمي بالرفض، هذا وإذا كرر المتظلم تظلمه فالعبرة في حساب المواعيد على مقتضى ما تقدم هي بأول تظلم يقدم في ميعاده دون اعتداد بما يعقبه من تظلمات مكررة لاحقة.
(في هذا المعنى حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 1699 لسنة 2 ق. عليا جلسة 14/ 12/ 1957).
كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يشترط في التظلم الذي يكشف عن علم مقدمه بالقرار أن يكون في صيغة خاصة، فقد يكون في صيغة التماس أو طلب، ولا يشترط أن يتضمن رقم القرار محل التظلم وتاريخه وأوجه العيب في القرار، أو أن يكون النعي على القرار بوجه من الأوجه التي حددها قانون مجلس الدولة للطعن بالإلغاء، وإنما يكفي أن يقدم الطلب بعد صدور القرار المتظلم منه ويشير فيه المتظلم إلى القرار إشارة توضحه وتنبئ عن علمه بصدوره وبمضمونه.
(في هذا المعنى حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 4286 لسنة 35 ق. ع جلسة 26/ 12/ 1992).
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد ذكر بصحيفة الطعن التأديبي - المطعون على الحكم الصادر فيه بالطعن الماثل - بأنه أعلن بالقرار المطعون فيه ووقع بالعلم في 22/ 3/ 2000 وتظلم منه بتاريخ 23/ 3/ 2000 لمكتب وزير الداخلية ثم تقدم بتاريخ 28/ 3/ 2000 بالتظلم رقم 472 لمساعد الوزير للشئون الإدارية، ولما كان وزير الداخلية هو السلطة المختصة باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ واعتمد القرار الصادر بفصل الطاعن الصادر من لجنة العمد والمشايخ في القضية التأديبية المقيدة ضد الطاعن، ومن ثم فإن التظلم المقدم بتاريخ 23/ 3/ 2000 يكون قد قدم إلى السلطة مصدرة القرار وهو التظلم الذي يعتد به في حساب ميعاد رفع الدعوى دون اعتداد بميعاد ما قدم من تظلمات أخرى في قطع ميعاد رفع الدعوى، ومن ثم كان يتعين عليه إقامة الطعن على قرار فصله من العمدية خلال الستين يومًا التالية لانقضاء الستين يومًا المقررة للبت في التظلم، وإذ أقام الطعن رقم 1300 لسنة 28 ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 25/ 7/ 2000، فإنه يكون قد أقامه بعد مضي مائة وأربع وعشرين يومًا من تاريخ إعلانه بقرار فصله، وغني عن البيان أن ما زعمه الطاعن من إخباره بأن تلك الشكوى ليست التظلم المطلوب فإن هذا القول لا سند له في الواقع أو القانون ولا يعول عليه، كما أنه لا عبرة بما آثاره الطاعن عن مرضه طوال الفترة من 10/ 7/ 2000 حتى 25/ 7/ 2000 إذ إن المرض الذي لا يفقد الإرادة لا يعتد به في مواعيد وإجراءات التقاضي، وكان الأحرى بالطاعن أن يقيم طعنه بعد مضي الستين يومًا التالية لتقديمه تظلمه ولا ينتظر إلى حتى انتهاء ميعاد الطعن، وإذ أقام الطاعن الطعن على القرار الصادر بفصله تأديبيًا بعد الميعاد المقرر قانونًا على النحو المتقدم.
فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً، وإذ نهج الحكم المطعون فيه هذا النهج، فإنه يكون قد صدر متفقًا وأحكام القانون، الأمر الذي تقضي معه هذه المحكمة برفض الطعن عليه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا.