مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 540

(77)
جلسة 5 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 7104 لسنة 47 قضائية. عليا:

قرار إداري - ما لا يعد قرارًا إداريًا - القيد أو التسجيل لدى قسم التسجيل بمصلحة الأمن العام تحت مسمى مسجل شقي خطر أو إعداد ملف أو كارت خاص به لا يعد قرارًا إداريًا والمنازعة بشأنه لا تعد من المنازعات الإدارية.
تسجيل الشخص لدى قسم التسجيل الجنائي بمصلحة الأمن العام شقيًا خطرًا أو إعداد ملف أو كارت خاص به يحتوي على بعض الوقائع والملابسات الجنائية المتعلقة بسلوكه، هو مجرد بيان تحتفظ به وزارة الداخلية في بطاقة معلومات لا يتم تداولها، بل هو مجرد سرد تاريخي لمعلومات عن وقائع حدثت بالفعل مشفوعة بما انتهى إليه الأمر، ولا دخل للوزارة فيها بالرأي أو الإرادة؛ إذ تستهدف بها تنظيم أوراقها وترتيب عملها واستجماع شتات العناصر اللازم وجودها تحت يدها لتؤدي المهام الموكولة إليها على خير وجه، وحتى تكون مرجعًا للإدارة المختصة في كل ما يعن لها من أمور تتعلق بالأمن العام، وبهذه المثابة فإن هذا العمل لا تتوفر له مقومات وخصائص القرار الإداري الذي يصلح أن يكون محلاً لدعوى الإلغاء، وهو لا يعدو أن يكون مجرد عمل مادي بحت لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري الذي يؤثر في المركز القانوني لصاحب الشأن، كما أنه لا يرقى - أيضًا - إلى أن يكون منازعة إدارية؛ لأن المقصود بالمنازعة الإدارية هي تلك التي تنشأ نتيجة نشاط أعمال السلطة العامة بوصفها سلطة إدارية – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 26/ 4/ 2001 أودع الأستاذ/ علي محمد عبد المنعم (المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ مصطفى الهواري (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن - قيد برقم 7104 لسنة 47 القضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه "برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء الكارت المنسوب للطاعن بما يسمى سوابق واتهامات له (تخصص إجرامي/ نصب) والمقيد برقم 868/ 11 ب بمباحث قسم أول شرطة المحلة الكبرى، ومحو ما به من أرقام ومحاضر وقضايا وعدم الاعتداد به وما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطيًا بإعادة الدعوى المطعون على حكمها إلى محكمة القضاء الإداري بطنطا للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/5 / 2003، وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/ 4/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 29/ 5/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/ 11/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/ 2/ 2004، وصرحت بتقديم مذكرات في شهر، ومضي هذا الأجل دون أن يقدم أي من الطرفين شيئًا.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 31/ 1/ 1996 أقام الطاعن الدعوى رقم 1207 لسنة 3 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء الكارت المنسوب له والمسمى بسوابق واتهامات "تخصص إجرام/ نصب" والمقيد بمباحث قسم أول شرطة المحلة الكبرى برقم 868/ 11 ب ومحو ما به من أرقام ومحاضر وقضايا وعدم الاعتداد به، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 25/ 2/ 2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري بطنطا الحكم المطعون فيه برفض الدعوى، وشيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أنه قد تم قيد 14 قضية ضد المدعي بدائرة قسم أول شرطة المحلة الكبرى منذ سنة 1990 حتى 1992 تتعلق بتحرير شيكات بدون رصيد ونصب وضرب وتعد وإتلاف منقولات واستيلاء على مبلغ، وقضي ببراءته في بعض هذه القضايا وبإدانته في البعض الآخر، وبناءً على ذلك تم تحرير الكارت المذكور باسمه بقسم الشرطة دونت به هذه القضايا والحكم الصادر في كل قضية، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر بتحرير هذا الكارت قد بني على سبب يبرره ومتفق وصحيح القانون.
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً لدى المدعي فأقام طعنه الماثل ينعي فيه على الحكم إخلاله بحق الدفاع ومخالفته للقانون والدستور، وذلك على سند من القول بأن الحكم الطعين أغفل ما قدمه الطاعن من مستندات أثناء حجز الدعوى للحكم رغم أنها تغير وجه الرأي في الدعوى، كما أن الحكم استند إلى تحريات ومعلومات لا يساندها دليل قاطع ولا تكفي لقيد اسمه ضمن الخارجين على القانون، وخالف الحكم المبدأ الدستوري بأن الأصل في الإنسان البراءة، إلى جانب أن صحيفة الحالة الجنائية هي فقط التي تقيد بها الأحكام الصادرة بالإدانة شريطة أن تكون باتة ولا تقيد بها أحكام البراءة.
ومن حيث إنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن تنصب على قرار إداري بمعناه الاصطلاحي، وهو إفصاح جهة الإدارة المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك جائزاً وممكنًا قانونًا وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، وأنه تبعًا لذلك إذا أقيمت دعوى الإلغاء غير مشتملة على هذا القرار فقدت شرطًا أساسيًا من شروط قبولها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تسجيل الشخص لدى قسم التسجيل الجنائي بمصلحة الأمن العام شقيًا خطرًا أو إعداد ملف أو كارت خاص به يحتوي على بعض الوقائع والملابسات الجنائية المتعلقة بسلوكه، هو مجرد بيان تحتفظ به وزارة الداخلية في بطاقة معلومات لا يتم تداولها، بل هو مجرد سرد تاريخي لمعلومات عن وقائع حدثت بالفعل مشفوعة بما انتهى إليه الأمر، ولا دخل للوزارة فيها بالرأي أو الإرادة، إذ تستهدف بها تنظيم أوراقها وترتيب عملها واستجماع شتات العناصر اللازم وجودها تحت يدها لتؤدي المهام الموكولة إليها على خير وجه، وحتى تكون مرجعًا للإدارة المختصة في كل ما يَعِنُّ لها من أمور تتعلق بالأمن العام، وبهذه المثابة فإن هذا العمل لا تتوافر له مقومات وخصائص القرار الإداري الذي يصلح أن يكون محلاً لدعوى الإلغاء، وهو لا يعدو أن يكون مجرد عمل مادي بحت لا يرقى - أيضًا - إلى أن يكون منازعة إدارية؛ لأن المقصود بالمنازعة الإدارية هي تلك التي تنشأ نتيجة نشاط وإعمال السلطة العامة بوصفها سلطة إدارية، وهو ما لا يصدق على المنازعة الماثلة لكونها تنصب على أعمال مادية لا تحتوي على أية تصرفات تتخذ فيها الإدارة أسلوب السلطة العامة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإن الدعوى المطعون على حكمها تكون قد أقيمت خلوًا من القرار الإداري، مما يفقدها مناط قبولها، الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وألزمت الطاعن المصروفات.