مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 551

(79)
جلسة 12 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 4551 و 4724 لسنة 42 قضائية. عليا:

( أ ) اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة - ما تتخذه الرقابة الإدارية من إجراءات المراقبة والتحريات عن أمور تستوجب التحقيق.
المادة (61) من قانون تنظيم الرقابة الإدارية رقم 54 لسنة 1964 المعدل بالقانونين رقمي 110 لسنة 1982 و112 لسنة 1983.
أوامر وإجراءات مأموري الضبطية القضائية التي تصدر عنهم في نطاق الاختصاص القضائي الذي خولهم القانون إياه وأضفى عليهم فيه تلك الولاية القضائية هي وحدها التي تعتبر أوامر وقرارات قضائية وهي بهذه المثابة تخرج عن رقابة القضاء الإداري. أما الأوامر والقرارات التي تصدر عنهم خارج نطاق ذلك الاختصاص القضائي المخول لهم في القانون, فإنها لا تعد أوامر أو قرارات قضائية. وإنما تُعتبر من قبيل القرارات الإدارية وتخضع لرقابة القضاء الإداري إذا توافرت لها شرائط القرارات الإدارية النهائية - ما تتخذه الرقابة الإدارية من إجراءات المراقبة والتحريات عن أمور تستوجب التحقيق إنما يجرى التظلم منها وفقًا للإجراءات التي رسمها كل من قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات, وتخرج باعتبارها عملاً قضائيًا من الاختصاص الولائي لمجلس الدولة - سواء إلغاءً أو تعويضًا - تطبيق.
(ب) دعوى - الدفوع في الدعوى - حدوده - محو العبارات الجارحة من أوراق الدعوى.
حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول طبقًا للدستور, وهذا الحق الذي يستعمله الخصوم أمام القضاء مشروط بألا يكون استعماله إلا في حدوده دون تجاوز, وطبقًا للمادتين (4), (5) من القانون المدني فإن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر ويكون استعمال الحق غير مشروع إذا لم يُقصد به سوى الإضرار بالغير, أو إذا كانت المصالح التي يُرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها, أو إذا كانت المصالح التي يُرمي إلى تحقيقها غير مشروعة. وطبقاً لقانون المرافعات في المادتين (102), (105) فإنه يجب الاستماع إلى أقوال الخصوم حال المرافعة ولا تجوز مقاطعتها إلا إذا خرجوا عن موضوع الدعوى أو مقتضيات الدفاع وللمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات – تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 8/ 6/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4551 لسنة 42 ق. ع في الحكم المشار إليه، والقاضي أولاً/ بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب العارض وإلزام المدعي مصروفاته، ثانيًا/ بعدم قبول الدعويين رقمي 3065/ 4413 لسنة 47 ق بالنسبة إلى ما عدا المدعى عليه الأول بصفته لرفعها على غير ذي صفة، وبقبولها بالنسبة إلى المدعى عليه الأول بصفته شكلاً، وفي الموضوع بإلزامه بأن يؤدي للمدعي مبلغاً مقداره ألف جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بالمصاريف عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وفي يوم السبت الموافق 15/ 6/ 1996 أودع الأستاذ/ رجاء زبير(المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ سيد لطفي (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها رقم 4724 لسنة 42 ق. ع في الحكم السالف الإشارة إليه.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع أولاً: في الطلبات الأصلية بتعديل قيمة التعويض إلى القيمة المناسبة على النحو الموضح بصحيفة الطعن، ثانيًا: وفي الطلب العارض أصليًا: إلغاء حكم محكمة أول درجة بعدم الاختصاص وباعتبارها مختصة وإعادتها لها للفصل فيها مجددًا. احتياطيًا: تحديد المحكمة المختصة وإحالتها إليها، ومن باب الاحتياط الكلي: تفسير مصير المستندات المطالب بمصادرتها وإعدامها، مع إلزام الخصم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا في الطعنين رأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وبالنسبة للطعن الأول إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تعويض المطعون ضده مع إلزامه المصروفات، ورفض الطعن الثاني وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نُظر الطعنان أمام الدائرة الثانية فحص والدائرة الأولى فحص، وقررت الأخيرة ضم الطعنين بجلسة 15/ 12/ 2003، وبجلسة 21/ 6/ 2004 قررت إحالتهما إلى هذه المحكمة التي نظرتهما على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/ 11/ 2004 حضر الطاعن في الطعن رقم 4724 لسنة 42 ق. ع، وقرر أنه يتنازل عن اختصام السيد/ ......., بشخصه، مكتفيًا بصفته وفي ذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/.....، أقام الدعوى رقم 3065/ 47 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 1/ 2/ 1993، بطلب الحكم باعتبار ما ورد بمذكرة دفاع المدعى عليهما بجلسة 15/ 12/ 1988 أمام محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5050 لسنة 41 ق والتي أقامها طعنًا على قرار تخفيض تقرير كفايته السنوي عن عام 1986 أمرًا يجاوز مقتضيات الدفاع ويشكل إهانة لشرف المدعي وسمعته وإلزامهما متضامنين بالتعويض المناسب، وذلك بالنظر إلى أن المحكمة أخذت بما ورد بهذه المذكرة وقضت برفض الدعوى؛ حيث أقام عليه الطعن رقم 1535 لسنة 16 ق. ع وقضت المحكمة الإدارية العليا لصالحه في طلب الإلغاء، ورفضت طلب التعويض باعتبار أن الإلغاء هو بمثابة تعويض عن خطأ الإدارة. كما أقام الدعوى رقم 4413/ 47 ق باعتبار ما ورد بمذكرة دفاع الجهة الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا في الطعن المشار إليه بجلسة 17/ 3/ 1992 أمرًا يجاوز مقتضيات الدفاع ويشكل إهانة لشرفه وسمعته وإلزام المدعى عليهما بالتعويض المناسب، كما عدل طلباته باختصام آخرين بجلسة 27/ 1/ 1994 أمام القضاء الإداري بطلب بطلان المذكرة المؤرخة في 1/ 9/ 1987 ومصادرة التسجيلات والأشرطة وتمكينه من إعدامها بتكاليف على نفقة الخصم المدخل مع إلزامه بالتعويض الأدبي المناسب.
وبجلسة 21/ 4/ 1996 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها بعدم الاختصاص بالطلب العارض تأسيسًا على أن ما قام به الخصم المدخل (رئيس هيئة الرقابة الإدارية وقت إجراء التحريات عن المدعي) من إجراء تحريات وما استتبعه من تسجيلها على أشرطة هي من الأعمال المنوطة به باعتباره من رجال الضبط القضائي مما لا تختص به محكمة القضاء الإداري، ومن ثم فإن جهات الاختصاص بالنيابة العامة تكون هي المختصة بالنظر في أعمال مأموري الضبط القضائي ومن بينهم أعضاء الرقابة الإدارية، وأقام الحكم قضاءه بالنسبة للموضوع على أن ما ورد بمذكرتي دفاع الجهة الإدارية بأن من أسباب تخفيض كفاية المدعي كثرة الشكاوى ضده ومن أهمها شكوى السيدة/ .....، إلى هيئة الرقابة الإدارية بأن المدعي طلب منها رشوة حتى يضع تقرير خبرة لصالحها في إحدى الدعاوى المرفوعة منها برقم 3378 لسنة 1984 مدني كلي جنوب قليوب ضد وزارة الصحة، وأن ما ورد بمذكرتي الدفاع عن هذه الواقعة لا يستلزمه حق الدفاع ولا يقتضيه المقام، وأيًا ما كان الأمر بخصوص صحة ما نُسب للمدعي بهذه الواقعة باعتبارها تتعلق بسنة أخرى غير سنة التقرير، ومن ثم يقوم ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة، وهذا الخطأ أصابه بضرر لمساسه باعتباره وكرامته، خاصة أن ما نسب إليه لم يثبت، ومن ثم قضت المحكمة له بالتعويض المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4551 لسنة 42 ق. ع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن ما ورد بمذكرتي الدفاع المقدمتين من جهة الإدارة لم يكن سوى تقرير وسرد لما حوته المستندات من وقائع، كما أن من تقاليد المحكمة الإدارية العليا أنها لا تسمح في ساحتها أن يخرج أحد أطراف الدعوى عن موضوعها أو عن مقتضيات الدفاع شفاهة أو كتابة وإلا أمرت من تلقاء نفسها بمحو العبارات الخارجة من أية ورقة من أوراق الدعوى، وإذ أشير إلى الشكوى المشار إليها وهي لاحقة لسنة التقرير إلا أنها قدمت قبل أن يصير التقرير الخاص بالكفاية نهائيًا، كما أن الحكم الصادر برفض الدعوى لم يقم في أسبابه على ما ورد بالشكوى ولم يكن لها تأثير على الحكم، ومن ثم لا يقوم الخطأ في جانب جهة الإدارة ويكون قضاء المحكمة بالتعويض على غير أساس.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4724 لسنة 42 ق. ع فيما يتعلق بالتعويض فإن قيمته لا تتناسب البتة مع ما أصابه من أضرار وما تكبده في التقاضي من نفقات ومصروفات وأتعاب فعلية لمدة جاوزت السنوات الثلاث، وفيما يختص بالطلب العارض:- فلم يسبق الفصل فيه من القضاء المدني لاختلاف الخصوم والموضوع ولا يخرج عن اختصاص القضاء إلا أعمال السيادة، ومن ضمن طلبات التعويض أن الطاعن قدم حكمًا نهائيًا من محكمة جنح مستأنف مدينة نصر أمام القضاء الإداري وطالب بالتعويض الكلي ولم يعترض الخصوم فأصبح حقًا مشروعًا للطاعن، وإذ لم يرد من الخصوم دفع بعدم الاختصاص، فإنهم بذلك قد قبلوا ولاية هذه المحكمة ضمنًا، كما أخطأ الحكم حين قضى بعدم الاختصاص وعدم الإحالة وإلزام الطاعن بالمصروفات، وهو لم يخسر دعواه، واختتم الطاعن تقرير طعنه بأن ما ورد بالمذكرات المشار إليها كان له تأثير على دعاوى أخرى ومنها الطعن على قرار نقل الطاعن، وعليه يكون من حقه أن يطلب من المحكمة التصدي لطلبه العارض وإلا فلتفسر المحكمة مصير المستندات المطالب بإعدامها وما سيتم فيها نهائيًا، وحتى لا يضطر إلى إقامة دعوى تفسير مستقلة.
ومن حيث إنه عن الطلب العارض الذي طلبه الطاعن في الطعن رقم 4724 لسنة 42 ق. ع والخاص ببطلان ما ورد بالمذكرة في 1/ 9/ 1987 المرسلة من رئيس هيئة الرقابة الإدارية إلى وزير العدل وما يترتب على ذلك من آثار منها مصادرة التسجيلات والأشرطة وتمكينه من إعدامها بتكاليف على نفقة الخصم المدخل وإلزامه بالتعويض المناسب عن ذلك وقد ورد بالمذكرة المشار إليها ما يلي "إن الدعوى رقم 2328 لسنة 1984 مدني كلي قليوب أحيلت إلى الطاعن ...... باعتباره خبيرًا لإعداد تقرير فيها، وإنه اتضح من التحري عدم نزاهته واعتياده تقاضي رشاوى من أصحاب القضايا، فتم تحرير محضر بالإجراءات القانونية والحصول على إذن المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا بتسجيل الأحاديث التي تدور بين المبلغة والخبير حول الواقعة موضوع البلاغ المقدم من مقيمة الدعوى المشار إليها. وتم تسجيل عدد أربعة لقاءات بين المبلغة والخبير خلال شهري مايو ويونيو في حضور والدة المبلغة واتفقوا فيها على حصول الخبير على مبلغ 2000 جنيه تسلم إليه في اللقاء الأخير يوم 30/ 6/ 1987، وعليه تم الحصول على إذن نيابة أمن الدولة العليا بضبط الخبير حال تقاضيه مبالغ مالية على سبيل الرشوة..... إلى آخر ما ورد بالمذكرة من أنه ساعة تسلم المبلغ ساورت الخبير الشكوك فطلب تأجيل تسليم المبلغ وتعلل بعدم انتهائه من كتابة التقرير النهائي، كما طالب بتسليم المبلغ بمكتبه وحدد ميعادًا آخر في 11/ 7/ 1987، وقد تم تسجيل هذا اللقاء بالصوت والصورة، وبتاريخ 9/ 7/ 1987 حضرت المبلغة إلى هيئة الرقابة الإدارية، وأفادت بقيام الخبير بالاتصال التليفوني بها وأبلغها بأن القضية تمت إحالتها إلى خبير آخر وألغى الميعاد السابق تحديده يوم 11/ 7/ 1987".
وإذ تنص المادة (61) من قانون تنظيم الرقابة الإدارية رقم 54 لسنة 1964 المعدل بالقانونين رقمي 110 لسنة 1982 و112 لسنة 1983 على أن "يكون لرئيس الرقابة الإدارية ونائبه ولسائر أعضاء الرقابة الإدارية ولمن يندب للعمل عضوًا بالرقابة سلطة الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية..". وإذ تختص الرقابة الإدارية طبقًا للمادتين (2)، (8) من القانون المشار إليه بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من الموظفين في أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم والعمل على منع وقوعها وضبط ما يقع منها، وإذا أسفرت التحريات أو المراقبة عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة حسب الأحوال.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاءً سابقًا بأن أوامر وإجراءات مأموري الضبطية القضائية التي تصدر عنهم في نطاق الاختصاص القضائي الذي خولهم القانون إياه وأضفى عليهم فيه تلك الولاية القضائية هي وحدها التي تعتبر أوامر وقرارات قضائية، وهي بهذه المثابة تخرج عن رقابة القضاء الإداري، أما الأوامر والقرارات التي تصدر عنهم خارج نطاق ذلك الاختصاص القضائي المخول لهم في القانون فإنها لا تعد أوامر أو قرارات قضائية، وإنما تعتبر من قبيل القرارات الإدارية، وتخضع لرقابة القضاء الإداري إذا توافرت فيها شرائط القرارات الإدارية النهائية، ومن ثم فإن ما اتخذته الرقابة الإدارية من إجراءات وأعمال ضد الطاعن على النحو السالف بيانه إنما يجرى التظلم منها وفقًا للإجراءات التي رسمها كل من قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، وتخرج باعتبارها عملاً قضائيًا من الاختصاص الولائي لمجلس الدولة سواء إلغاءً أو تعويضًا، ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن متفقًا وأحكام القانون.
ومن حيث إنه فيما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام وزير العدل بصفته بأن يؤدي للمدعي..... مبلغًا مقداره ألف جنيه تعويضًا عما نُسب إليه في مذكرتي دفاع الإدارة ماسًا بكرامته واعتباره على النحو الوارد بالحكم، ولما كان من المقرر أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول طبقًا للدستور، وهذا الحق الذي يستعمله الخصوم أمام القضاء مشروط بألا يكون استعماله إلا في حدوده دون تجاوز وطبقًا للمادتين (4) و (5) من القانون المدني فإن من استعمل حقه استعمالاً مشروعًا لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر ويكون استعمال الحق غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، أو إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة، وطبقًا لقانون المرافعات المدنية والتجارية في المادتين (102) و(105) فإنه يجب الاستماع إلى أقوال الخصوم حال المرافعة ولا تجوز مقاطعتهم إلا إذا خرجوا عن موضوع الدعوى أو مقتضيات الدفاع، وللمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي...... أقام الدعوى رقم 5050 لسنة 41 ق طالبًا الحكم بإلغاء قرار تخفيض كفايته عن عام 1986 عن ممتاز وما يترتب على ذلك من آثار، وفي معرض دفاعها ضمَّنت جهة الإدارة مذكرتها المقدمة بجلسة 15/ 12/ 1988 أن من بين أسباب تخفيض كفاية المدعي كثرة الشكاوى المقدمة من الجمهور ومن أهمها الشكوى المقدمة من السيدة/....... إلى هيئة الرقابة الإدارية التي أخطرت الإدارة المركزية للتفتيش الفني لمصلحة الخبراء، وأن هذه السيدة أبلغت الرقابة الإدارية بأن المدعي يطلب منها خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة حتى يضع تقريرًا لصالحها في الدعوى المرفوعة منها سالفة الإشارة. وبجلسة 25/ 1/ 1990 قضت المحكمة المذكورة برفض الدعوى فأقام المدعي الطعن رقم 1535 لسنة 36 ق. ع طعنًا على الحكم السالف الذكر، وعند نظر الطعن بجلسة 17/ 10/ 1992 أودعت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها رددت فيها ما سبق أن أوردته بمذكرتها في الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن ما ورد في المذكرتين المشار إليهما من وقائع نسبتهما جهة الإدارة إلى الطاعن.......، وذلك في معرض دفاعها أمام محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا، واستندت فيها إلى ما ورد بمذكرة هيئة الرقابة الإدارية المؤرخة في 1/ 9/ 1987 والمرسلة إلى وزير العدل (سري جدًا)، وأنه ولئن كان حكم محكمة القضاء الإداري في معرض مراقبة قرار تقدير كفايته قد أخذ في اعتباره ما ورد بالشكوى المشار إليها رغم أنها وردت لاحقة للسنة التي وُضع عنها التقرير، وانتهى إلى رفض الدعوى إلا أن المحكمة الإدارية العليا حين نظرت طعنه انتهت إلى إلغاء التقرير لأسباب أخرى ولم تلتفت إلى ما ورد بمذكرتي دفاع الجهة الإدارية ولم تعول عليهما، بل إن المحكمة انتهت في حكمها في الطعن رقم 1535/ 36 ق. ع إلى أنه "لا وجه لمساءلة من يعدون التقرير عن تقديرهم بعناصر الكفاية ما دام لم يثبت قصد أحدهم الإساءة إلى المدعي". وانتهت المحكمة الإدارية إلى إلغاء قرار تقدير كفايته بمرتبة جيد وما يترتب على ذلك من آثار، ومن ثم فإن ما ورد بمذكرتي الدفاع إنما ورد أخذًا من الأوراق وخاصة أوراق هيئة الرقابة الإدارية للتدليل على مسلك معين للمدعي، وفي نطاق من السرية واتخذت بشأنه إجراءات عديدة على نحو ما سلف، كما أنه ورد في إطار حق الدفاع المكفول للجهة الإدارية أمام القضاء وإذا كان فيه خروج على هذا المقتضى أو أنه استعمال للحق غير مشروع؛ فقد كان يتعين على الطاعن المذكور أن يطلب من المحكمة أو أن تقوم المحكمة من تلقاء نفسها بمحو هذه العبارات واستبعادها من المذكرات، فضلاً عن أنه يستطيع مقاضاة المسئول عن صحة أو عدم صحة ما ورد بتقرير هيئة الرقابة الإدارية باتباع الطريق المقرر قانونًا، ومن ثم يكون ما ورد بمذكرتي الدفاع المشار إليهما لا يقيمان ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة، وبالتالي يتخلف ركن من أركان مسئولية الإدارة، الموجبة للتعويض مما يوجب إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى التعويض المقامة من الطاعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع:
أولاً: في الطعن رقم 4551 لسنة 42 ق. ع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
ثانيًا: في الطعن رقم 4724 لسنة 42 ق. ع برفض الطعن، وألزمت الطاعن المصروفات.