مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 561

(80)
جلسة 12 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3497 لسنة 46 قضائية. عليا:

إدارة محلية - سلطة المحافظة في الإشراف على الجمعيات التعاونية لنقل الركاب.
طبقاً لأحكام القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن التعاون الإنتاجي والنظام الداخلي للجمعية الذي أحال إليه القانون المذكور فإن الجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب تمارس نشاطها بالقيام بجميع أعمال نقل الركاب بسيارات الأجرة واختيار مواقف السيارات بالاشتراك مع الجهة الإدارية وإنشاء مكاتب بها ومراقبة عمليات النقل للتأكد من الالتزام بتعريفة الأجور المحددة, وعليه فإن نشاط هذه الجمعية لا يكتمل ولا يتم إلا بقيامها بإدارة مواقف سيارات الأجرة التي تحدد مواقعها الجهة الإدارية بالاتفاق مع الجمعية, والقول بغير ذلك من شأنه حظر هذا النشاط على تلك الجمعية على نحو مخالف لأحكام قانون التعاون الإنتاجي الذي يستهدف دعم تلك الجمعيات ليتسنى لها القيام بنشاطها في خدمة المواطنين بأسعار تعاونية – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 27/ 2/ 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبًا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، في حكم محكمة القضاء الإداري بأسيوط - الدائرة الثانية - الصادر بجلسة 29/ 12/ 1999 في الدعوى رقم 660 لسنة 10 ق، والذي قضى "بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1 ح لسنة 1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار".
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي، وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى - فحص طعون جلسة 21/ 1/ 2002، وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 7/ 6/ 2004 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 26/ 9/ 2004، وفيها تم التأجيل لجلسة 27/ 11/ 2004؛ حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 1/ 1999 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 660 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1 ح الصادر بتاريخ 3/ 12/ 1998 وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليهم برد قيمة المبالغ التي تحصلوا عليها من فائض مشروع مواقف سيارات الأجرة بالمحافظة وضعف تلك المبالغ تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمدعي بصفته من جراء هذا القرار، وذلك على سند من أن القرار المطعون فيه قد تضمن توزيع نسب صافي إيرادات مواقف سيارات الأجرة بالمحافظات على النحو التالي: 70% لصندوق الخدمات بالمحافظة، و15% لصندوق خدمات الوحدات المحلية المشتركة بالمشروع، و10% للجنة النقابية للعاملين بالنقل البري، و5% مكافأة لمجلس إدارة المشروع والعاملين به، ومقتضى هذا القرار أن الوحدات المحلية تقوم بإدارة مواقف سيارات الأجرة بالمحافظة، وتحصيل تلك النسب من مالكي سيارات الأجرة مستخدمي هذه المواقف، مما يعد مخالفًا لأحكام قانون التعاون الإنتاجي رقم 110 لسنة 1975 الذي ناط بالجمعية التعاونية الإنتاجية الأساسية القيام بجميع عمليات نقل الركاب بالسيارات الأجرة وإنشاء مكاتب بالمواقف لتلقي طلبات النقل ومراقبة عمليات النقل للتأكد من الالتزام بتعريفة الأجرة المقررة وخطوط السير وتحصيل الرسوم واختيار مواقف السيارات وتحديد خطوط السير، وهذه المهام لا يتسنى للجمعية مباشرتها إلا إذا كانت إدارة هذه المواقف مقررة لتلك الجمعية، فضلاً عن أن هذه المهام هي من صميم أعمال الإدارة بالنسبة لهذه المواقف، وقد انتهت اللجنة الأولى لإدارة فتوى رئاسة الجمهورية ملف رقم 210075/ 240 سجل رقم 596 لسنة 1983 إلى أحقية الجمعيات التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب بالسيارات الأجرة في إدارة مواقف سيارات الأعضاء وبالتالي عدم قانونية ما قامت به بعض المحافظات من إسناد إدارة تلك المواقف إلى لجان تابعة لها.
وبجلسة 29/ 12/ 1999 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1 ح لسنة 1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت قضاءها على أن القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - قد سلب اختصاصًا أصيلاً لجمعية نقل الركاب بالسيارات الأجرة بمحافظة سوهاج وهو اختصاص قائم لها بمقتضى أحكام قانون التعاون الإنتاجي ونظامها الداخلي ومن بين أنشطتها إدارة مواقف السيارات التي تخدم أعضاءها وليس للجهة الإدارية المختصة أو المحافظة ووحدات الحكم المحلي الحق في إدارة تلك المواقف بحسبان أن تلك المواقف ليست من عداد المرافق العامة.
ومن حيث إن مبنى طعن الجهة الإدارية أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها: أن المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 والمعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 تقضي بأن تتولى وحدات الإدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة المرافق العامة الواقعة في إدارتها, وتقضي المادة (18) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 باللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية بأن تباشر المحافظة في دائرة اختصاصها شئون النقل ومن بينها الإشراف على الجمعيات التعاونية للنقل وفقًا لنطاق عمل كل جمعية, وتعتبر المحافظة هي الجهة الإدارية المختصة بالنسبة لتلك الجمعيات, وإذ استند القرار المطعون فيه إلى هذه الأحكام، فإنه يكون قد صدر صحيحًا بما ينتفي معه ركن الجدية عن طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون التعاون الإنتاجي رقم 110 لسنة 1975 تنص على أن "تباشر الجمعية التعاونية الإنتاجية الأساسية نشاطها في فرع أو أكثر من فروع الصناعات الحرفية أو الخدمات الإنتاجية طبقًا لما هو محدد في نظامها الداخلي......". وتنص المادة (4) من النظام الداخلي للجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب بسيارات الأجرة بمحافظة سوهاج والمشهرة تحت رقم 216, على أن الغرض من هذه الجمعية خدمة الاقتصاد القومي في مجال النقل وتحسين حالة أعضائها اقتصاديًا واجتماعيًا وتحقيقًا لذلك تقوم الجمعية بالأعمال الآتية: (1) القيام بجميع عمليات نقل الركاب بالسيارات فيما عدا عمليات نقل الركاب بالسيارات (أتوبيس الأقاليم وذلك بداخل المحافظة المعنية إلى غيرها من الجهات وفقًا لخطوط السير التي تحددها الجمعية طبقًا للشروط التي يضعها الوزير المختص .... (5) اختيار مواقف السيارات بالاشتراك مع الجهات المختصة وإنشاء مكتب بها لتلقي طلبات نقل الركاب ولتنسيق عملياته بين الأعضاء... (8) مراقبة عمليات نقل الركاب بالسيارات التي يقوم بها الأعضاء للتأكد من التزامهم بتعريفه الأجور المحددة وخطوط السير المقررة وتحصيل الرسوم التي تفرض قانونًا.
ومفاد ما تقدم أن الجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب بسوهاج تمارس نشاطها وفقًا لأحكام قانون التعاون الإنتاجي والذي أحال في هذا الشأن إلى نظامها الداخلي, وإذ تضمنت المادة (4) من النظام الداخلي لهذه الجمعية قيامها بجميع عمليات نقل الركاب بسيارات الأجرة واختيار مواقف السيارات بالاشتراك مع الجهة الإدارية وإنشاء مكاتب بها ومراقبة عمليات النقل للتأكد من الالتزام بتعريفة الأجور المحددة, فإن نشاط هذه الجمعية لا يكتمل ولا يتم إلا بقيامها بإدارة مواقف سيارات الأجرة التي تحدد مواقعها الجهة الإدارية بالاتفاق مع الجمعية، والقول بغير ذلك من شأنه حظر هذا النشاط على تلك الجمعية على نحو مخالف لأحكام قانون التعاون الإنتاجي الذي يستهدف دعم تلك الجمعيات ليتسنى لها القيام بنشاطها في خدمة المواطنين بأسعار تعاونية.
ولا يغير مما تقدم ما تضمنته المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية ذلك أنه من جهة, فإن سلطة إشراف الجهة الإدارية على الجمعيات التعاونية الإنتاجية لا يخولها حق إلزام تلك الجمعيات بفرائض مالية وإنما يعطيها مكنة الإشراف الإداري للتحقق من التزام الجمعيات بأحكام القانون والنظم الأساسية لكل منها ولا يرقى ذلك إلى التدخل في نشاط الجمعية أو القيام بالإدارة الفعلية للنشاط المقرر للجمعية, ومن جهة أخرى, فإن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 220 لسنة 2000 بتعديل نص المادة (18) من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية بإضافة اختصاص إدارة مواقف السيارات إلى اختصاصات المحافظين, قد جاء لاحقًا في صدروه على القرار المطعون فيه والحكم المطعون فيه بما يستتبع عدم سريانه, فضلاً عنه كونه مخالفًا لحكم المادة الثانية من قانون نظم الإدارة المحلية التي قررت تولي وحدات الإدارة المحلية إدارة المرافق العامة, فالجمعيات التعاونية الإنتاجية ليست من المرافق العامة، بل هي جمعيات يكونها الأعضاء برأس مال خاص؛ مع مزاولة الإنتاج أو النشاط بأنفسهم وتحمل مخاطره، ومن ثم فهي تخرج من عداد المرافق العامة التي تتولى المحافظة إنشاءها وإدارتها.
وعلى ما تقدم يضحى القرار المطعون فيه مرجح الإلغاء، وقد توافر في طلب وقف التنفيذ ركن الاستعجال بما يتعين الحكم بوقف تنفيذه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون, ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم في القانون متعينًا الحكم برفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا, وألزمت الطاعنين المصروفات.