مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 615

(89)
جلسة 19 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4823 لسنة 47 قضائية. عليا:

فوائد قانونية - لا مجال لتطبيقها في إطار علاقة الحكومة بموظفيها.
إن المادة (226) من القانون المدني - التي تقضي بإلزام المدين بدفع فوائد قانونية بواقع 4% على المبالغ التي يتأخر في الوفاء بها للدائن إذا كان المبلغ محل الالتزام معلوم المقدار وقت الطلب - قد وضعت لتحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية، وأنه ليس ثمة ما يمنع من تطبيقها في نطاق الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات إلا أنه لا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها - أساس ذلك: أن هذه العلاقة قانونية نظامية تحكمها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزمًا بتطبيق النصوص المدنية على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة تلك الروابط، وليس مما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد عن مبالغ صرفت له بداءة على أنها مرتب مستحق له قانونًا ثم تبين عدم أحقيته فيها فالتزم بردها وتأخر في هذا الرد وذلك أخذًا في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري بالمقابلة لذلك من عدم التزام الحكومة بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التي يحكم بها قضائيًا بالتطبيق لأحكام القوانين واللوائح متى تأخرت الجهة الإدارية في صرفها لمن يستحق من العاملين - تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 17 من فبراير سنة 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن - قيد برقم 4823 لسنة 47 قضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة برد المبالغ التي سبق تحصيلها من المدعي طبقًا لأحكام القانون رقم 229 لسنة 1989 المشار إليه عن الفترة من عام 1991 حتى عام 1994 مضافًا إليها فوائد تأخيرية بواقع 4% اعتبارًا من 27/ 9/ 1994 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى الأصلية بشأن هذا الطلب وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 4/ 2003 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 7/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 16/ 10/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة ثم بجلسة 4/ 12/ 2004 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 19/ 2/ 2005 وصرحت بتقديم مذكرات في شهر، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أي من الطرفين شيئًا.
وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 27/ 9/ 1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4790 لسنة 22 ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا، طالبًا الحكم بإلزام الجهة الإدارية برد مبلغ 892.70 جنيهًا مصريًا إليه وفوائده القانونية بنسبة 4% من تاريخ رفع الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بعريضة الدعوى.
وبجلسة 14/ 6/ 1997 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمدينة طنطا للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات، فوردت الدعوى إلى تلك المحكمة وقيدت بجدولها العام برقم 5737 لسنة 4 ق، ثم أُحيلت إلى دائرة القضاء الإداري بالمنوفية للاختصاص المحلي، وقيدت بجدولها العام برقم 3592 لسنة 1 ق.
وبجلسة 19/ 12/ 2000 أصدرت هذه الأخيرة حكمها المطعون فيه بإلزام الجهة الإدارية برد المبلغ المطالب به وفوائده القانونية بواقع 4% اعتبارًا من تاريخ رفع الدعوى في 27/ 9/ 1994، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة المدعى عليها قامت بتحصيل مبالغ مالية من المدعي كضريبة على مرتبات العاملين بالخارج تنفيذًا لأحكام القانون رقم 229 لسنة 1989 ولائحته التنفيذية بلغ مقدارها 892.70 جنيهًا مصريًا عن الفترة من عام 1991 حتى عام 1994، ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعوى رقم 43 لسنة 13 قضائية بجلسة 23/ 12/ 1993 بعدم دستورية هذا القانون، وهو ما ينسحب على جميع الوقائع والعلاقات السابقة على الحكم بعدم الدستورية باعتباره حكمًا كاشفًا، ومن ثم فإن تحصيل المبالغ المشار إليها كضريبة على مرتب المدعي باعتباره من العاملين المصريين بالخارج يضحى على غير سند مما يتعين معه القضاء بإلزام جهة الإدارة برد هذه المبالغ إلى المدعي وكذلك الفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ رفع الدعوى طبقًا لأحكام المادة (226) من القانون المدني، باعتبار أن هذه الأحكام من الأصول العامة في الالتزامات وتسري على الروابط الإدارية أيًا كان مصدرها.
إلا أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل تنعي فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن جهة الإدارة لا شأن لها بما يشوب القانون من عيب عدم الدستورية، لأن اختصاصها مقيد بتنفيذ القانون، وإذا ما قضى بعدم دستورية نص فإنها تمتنع عن تطبيقه فور نشر الحكم القاضي بعدم دستوريته، وبالتالي لا يجوز إلزامها بدفع فوائد قانونية لمجرد التأخير في رد المبالغ المحصلة، وحسب العامل استرداد ما دفعه كضريبة طبقًا للقانون رقم 229 لسنة 1989 المقضي بعدم دستوريته، حيث إن هذه الفوائد تدفع كتعويض من المدين إلى الدائن وخير تعويض هو استرداد العامل للمبالغ المحصلة منه ولا يستحق أكثر من ذلك، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه لا وجه لتطبيق المادة (226) من القانون المدني على روابط القانون العام ومنها علاقة الموظف بجهة عمله.
ومن حيث إن البين من أسباب الطعن ودفاع الجهة الإدارية الطاعنة، أن النعي على الحكم الطعين، ينصب على ما قضى به من استحقاق المطعون ضده للفوائد القانونية عن المبلغ محل الدعوى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المادة (226) من القانون المدني - التي تقضي بإلزام المدين بدفع فوائد قانونية بواقع 4% على المبالغ التي يتأخر في الوفاء بها للدائن إذا كان المبلغ محل الالتزام معلوم المقدار وقت الطلب - قد وضعت لتحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية، وأنه ليس ثمة ما يمنع من تطبيقها في نطاق الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات إلا أنه لا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها إذ إنها علاقة قانونية نظامية تحكمها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزمًا بتطبيق النصوص المدنية على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة تلك الروابط وليس ما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد عن مبالغ صرفت له بداءة على أنها مرتب مستحق له قانونًا ثم تبين عدم أحقيته فيها فالتزم بردها وتأخر في هذا الرد وذلك أخذاً في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري بالمقابلة لذلك من عدم التزام الحكومة بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التي يحكم بها قضائيًا بالتطبيق لأحكام القوانين واللوائح متى تأخرت الجهة الإدارية في صرفها لمن يستحقها من العاملين.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ذلك، فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من فوائد قانونية للمطعون ضده عن المبالغ التي قام بسدادها كضريبة على مرتبات العاملين بالخارج استناداً إلى أحكام المادة (226) من القانون المدني، يكون والحالة هذه قد جاء مخالفًا لصحيح حكم القانون، وهو ما تقضي معه المحكمة بتعديل الحكم وذلك بحذف عبارة "مضافًا إليها فوائد تأخيرية بواقع 4% (أربعة في المائة) اعتبارًا من 27/ 9/ 1994" من منطوقه وما يتصل بها من أسباب.
ولا يغير من ذلك أن يكون أصل المبالغ المقضي بها للمطعون ضده، دفعت كضريبة على مرتبه عن العمل بالخارج وليس بالداخل، إذ إنها في الحالتين تدور في تلك العلاقة التنظيمية التي تربطه بجهة الإدارة، ولولا هذه العلاقة ما حصلت منه تلك الضريبة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام جهة الإدارة برد المبالغ التي سبق تحصيلها من المدعي طبقًا لأحكام القانون رقم 229 لسنة 1989 المشار إليه عن الفترة من عام 1991 حتى عام 1994 وألزمت المطعون ضده المصروفات.