مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 771

(110)
جلسة 15 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على، ومنير صدقي يوسف خليل، وعبد المجيد أحمد حسن، وعمر ضاحي عمر ضاحي.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد
مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله
أمين سر المحكمة

الطعن رقم 2167 لسنة 48 قضائية. عليا:

عقد إداري - صور من العقود الإدارية - عقد مقاولة - زيادة الأسعار - مدى استحقاق المقاول فروق الأسعار للسلع المسعرة جبريًا.
مناط استحقاق المقاول لأية زيادة تطرأ على أسعار مواد البناء التي لم يكن قد تم شراؤها وفقًا للتعاقد قبل الزيادة أن تكون هذه المواد مسعرة جبريًا وطرأت عليها زيادة في السعر بقرارات صادرة من قبل الدولة - الزيادة التي طرأت على سعر الأسمنت في المنازعة الماثلة تمت بمقتضى قرارات صادرة من شركات قطاع الأعمال القابضة وهذه القرارات لا تعد من قبيل القرارات السيادية أو الجبرية أو الرسمية لأنه لا يتوافر لها عناصر التسعير الجبري - أثر ذلك - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الحادي والثلاثين من ديسمبر سنة 2001 أودع الأستاذ/أحمد فؤاد خلف المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 6068 لسنة 51 ق. بجلسة 18/ 11/ 2001 الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن مبلغًا مقداره 5895 جنيهًا قيمة فرق سعر الأسمنت وما تم خصمه بحجة عدم تقديم إقرار إشراف المهندس النقابي مع إلزامها المصروفات.
وأعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 21/ 5/ 2003 إحالة الطعن للدائرة الثالثة عليا موضوع لنظره بجلسة 25/ 11/ 2003 وتدوول أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 9/ 11/ 2004 حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 18/ 1/ 2005 ثم قررت تأجيل الحكم لجلسة اليوم، حيث تم النطق بالحكم علنًا وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن (المدعي) أقام دعواه ابتداء أمام محكمة الفيوم الابتدائية بعريضة أودعت بتاريخ 14/ 7/ 1996 طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا له مبلغًا مقداره 4525 جنيهًا قيمة فرق سعر الأسمنت, ومبلغًا مقداره 1370 جنيهًا قيمة ما تم خصمه منه لعدم تقديم إقرار إشراف المهندس النقابي مع إلزامهما المصروفات.
وقال الطاعن شرحًا لدعواه إنه بتاريخ 15/ 9/ 1994 تعاقد مع مديرية أوقاف الفيوم لصيانة وترميم المباني والإنشاءات والأعمال الصغيرة في السنة المالية 94/95 وقد نص العقد على أن يتم محاسبة الطرف الثاني (المدعي) على أي زيادة أو خفض تطرأ على الأسعار الخاصة بمواد البناء المسعرة من قبل الدولة وهي الحديد والأسمنت والتي لم يكن قد تم شراؤها وفقًا للتعاقد قبل زيادة الأسعار, وقد تم الاتفاق على ذلك أيضًا في محضر البت, ورغم ذلك لم يقم المدعى عليه الثاني بصرف فرق سعر الأسمنت حسب الزيادة التي طرأت أثناء تنفيذ العملية وقيمته 4525 جنيهًا, فضلاً عن قيام الجهة الإدارية بخصم عشرة جنيهات يوميًا منه عن بعض العمليات بمقولة عدم تقديمه إقرار إشراف المهندس النقابي بملف العملية من بدايتها إلى نهايتها على الرغم من أنه قد تم التوقيع على الدفعات والختاميات من قبل الإدارة الهندسية بالمديرية والتي تؤكد وجود المهندس النقابي بالعمل فبلغ مجموع الخصم لهذا السبب 1370 جنيهًا وطلب الطاعن من الجهة الإدارية برد إجمالي المبلغ المخصوم وقدره 5895 جنيهًا إلا أنها لم تستجب له مما دفعه لإقامة دعواه.
وبجلسة 29/ 1/ 1997 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري؛ حيث تدوولت أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 18/ 11/ 2001 أصدرت الحكم المطعون فيه برفض الدعوى.
وشيدت قضاءها على أنه لما كان الثابت أن العقد المبرم بين المدعي والجهة الإدارية قد تضمن المحاسبة على زيادة أسعار مواد البناء المسعرة من قبل الدولة ومنها أسعار الأسمنت, إلا إنه لما كان الثابت أن زيادة الأسعار في المنازعة الماثلة لم تتم بقرارات سيادية صادرة من وزير الصناعة (وهو الوزير المخول بمقتضي القانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري بتحديد السعر الجبري) وإنما طرأت بمقتضى قرارات صدرت من شركات قطاع الأعمال ومن ثم يكون طلب المدعي صرف فروق أسعار الأسمنت غير قائم على أساس سليم خليقًا بالرفض.
أما عن طلب المدعي صرف مبلغ 1370 جنيهًا لعدم تقديمه إقرار إشراف المهندس النقابي فإن الثابت أن المدعي لم يقدم الدليل على تقديم إقرار المهندس المشرف على تنفيذ العملية فضلاً عن الأوراق والمستندات قد كشفت عن أن المدعي قدم في بعض العمليات إقرار مهندس تخصص ميكانيكا ومن ثم فإنه لا يعتبر أنه قدم في جميع الأحوال إقرار المهندس المختص المشرف على تنفيذ الأعمال على نحو ما نصت عليه المادة (12) من القانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والتي تقضي بإلزام طالب البناء بأن يعهد إلى مهندس نقابي معماري أو مدني بالإشراف على تنفيذ الأعمال المرخص بها إن زادت قيمتها على خمسة آلاف جنيه, وبناء على ما تقدم يضحى طلب المدعي في هذا الخصوص غير قائم على سند من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها.
أولاً: الفساد في الاستدلال لأن الحكم الطعين استند إلى دليل فاسد ألا وهو أن الطاعن كان يجب عليه أن يقدم ما يفيد زيادة أسعار الأسمنت والحديد من وزير الصناعة وليس وزير قطاع الأعمال, في حين أن الطاعن قد سلك الطريق القانوني لاستخراج ما يفيد زيادة الأسعار من قبل وزارة الصناعة ولكن وزارة الصناعة ذكرت له بموجب خطاب رسمي أن هذه الشركات أصبحت تابعة لوزارة قطاع الأعمال, وبالتالي يكون الطاعن قدم ما يفيد زيادة الأسعار من قبل الجهات المسئولة عن ذلك هي وزير قطاع الأعمال, كما قدم ما يفيد هذه الزيادة.
ثانياً: القصور في التسبيب لأن الطاعن استند في دعواه في المطالبة بفروق الأسعار إلى عقد المقاولة المؤرخ 15/ 9/ 1994 المبرم بينه وبين الجهة الإدارية إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الشق في حيثيات حكمها.
ثالثًا: كما ذهب الحكم الطعين في حيثيات إلى أن المدعي لم يقدم ما يدل على تقديمه إقرار المهندس المشرف على تنفيذ العملية وهو قول غير صحيح لأن المدعي قدم حافظة مستنداته صورة ضوئية من إقرار المهندس المشرف على العملية وهي المهندسة حميدة عبد الونيس ويتضمن هذا الإقرار بأنه ما زال مقيدًا بنقابة المهن الهندسية وأنه انتخب لمباشرة العمل بموجب عقد العملية المذكور, كما قدم صوره ضوئية لكشوف العملية موقعًا عليها منه من الخلف باسم حميدة عبد الونيس يونس.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في مدى أحقية الطاعن في تقاضي فروق أسعار الأسمنت التي طرأت بعد إبرام العقد, ولم يكن قد تم شراؤها وفقًا للتعاقد قبل الزيادة, ومدى أحقية الجهة الإدارية في خصم غرامة على المقاول نظير عدم استخدامه مهندسًا نقابيًا للإشراف في بعض بنود العقد.
ومن حيث إنه عن مدى أحقية الطاعن في صرف فروق أسعار الأسمنت فإن البند السابع من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين بتاريخ 15/ 9/ 1994 ينص على أن "تتم محاسبة الطرف الثاني على أية زيادة أو خفض تطرأ على أسعار مواد البناء المسعرة من قبل الدولة وهي الحديد والأسمنت التي لم يكن قد تم شراؤها وفقًا للتعاقد قبل الزيادة ومن حيث إنه يستفاد من صريح هذا النص أن استحقاق المقاول لأية زيادة تطرأ على أسعار مواد البناء المشار إليها التي لم يكن قد تم شراؤها وفقًا للتعاقد قبل الزيادة, مناطه أن تكون مواد البناء المشار إليها مسعرة جبريًا وطرأت عليها زيادة في السعر بقرارات صادرة من قبل الدولة, وإذ كان الثابت من الأوراق أن الزيادة التي طرأت على سعر الأسمنت في المنازعة الماثلة تمت بمقتضى قرارات صادرة من شركات قطاع الأعمال القابضة, وهذه القرارات لا تعد من قبل القرارات السيادية أو الجبرية أو الرسمية لأنه لا يتوافر لها عناصر التسعير الجبري سواء من حيث السلطة المختصة بإصدارها, أو سند الإصدار وأسبابه وغاياته خاصة عنصر الإلزام فيها, ولا تعدو هذه القرارات أن يكون تحديدًا لسعر البيع تجريه الجهة البائعة في إطار معطيات السوق وآلياته, وبالتالي لا تندرج في عداد ما يعرف بالقرارات السيادية أو الجبرية أو الرسمية التي تسوغ للمقاول وفقًا لنص العقد استئداء فروق الأسعار الناجمة عن تطبيقها ويكون طلب الطاعن في هذا الشأن مخالفًا للقانون خليقًا بالرفض, وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد وافق صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه عن مدى أحقية الجهة الإدارية في خصم غرامة على المقاول نظير عدم استخدامه مهندسًا نقابيًا للإشراف على بعض البنود (عملية مسجد الشيخ أحمد العلمي, وكلية الشبان المسلمين بواقع 1370 جنيهًا فإن الثابت من الاطلاع على الأوراق قيام مدير الإدارة الهندسية بالتأشير على مستندات صرف مستحقات الطاعن بتواجد المهندس النقابي مما ينفي زعم الجهة الإدارية بعدم استخدام الطاعن مهندسًا نقابيًا للإشراف على هذه العمليات, ويؤكد ذلك خلو الأوراق من قيام الجهة الإدارية بتوجيه خطابًا مسجلاً للطاعن بهذا المعنى, وبالتالي يكون خصم المبلغ المشار إليه من مستحقات الطاعن لا يستند إلى أساس سليم من القانون بما يتعين القضاء بإلزامها بأن تؤديه إليه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب بما تقضي معه المحكمة بتعديله مع إلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة بينهما طبقًا للمادة (186) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون إلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للطاعن مبلغًا مقداره 1370 جنيهًا (ألف وثلاثمائة وسبعون جنيهًا) ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.