الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 781

(112)
جلسة 19 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 11308 لسنة 47 قضائية عليا:

( أ ) دعوى - انعقاد الخصومة - الإعلان - إعلان الهيئات والمؤسسات العامة.
أوجب المشرع إعلان صحف الدعاوى والمنازعات والأحكام بالنسبة إلى الهيئات والمؤسسات العامة والهيئات الاقتصادية التابعة لها إلى رئيس مجلس الإدارة في مركز الجهة, وذلك استثناء من قانون المرافعات - أثر ذلك: توجيه الإعلان في هذه الحالة إلى إدارة قضايا الدولة يعد مخالفًا للقانون, ومؤديًا إلى بطلان الإعلان, ومن ثم عدم انعقاد الخصومة بين طرفيها - تطبيق.
(ب) براءات اختراع - الرسم - عدم أدائه أثر ذلك.
"المشرع - بعد أن بيَّن الحقوق التي تخولها براءة الاختراع لمالكها طول مدة الاختراع والتي حددها بخمسة عشر عامًا والتي أجاز مدها لخمسة أعوام أخرى بناء على طلب صاحب البراءة - حدد الرسوم التي تدفع عند تقديم طلب البراءة وعند تجديدها, كما حدد الرسم السنوي الواجب أداؤه اعتبارًا من السنة الثانية وحتى انتهاء مدة البراءة, وبين المشرع الحالات التي تنتفي - عند توافر إحداها - الحقوق المترتبة على براءة الاختراع, ومن بينها عدم دفع الرسوم المستحقة في مدة ستة أشهر من تاريخ استحقاقها, بما مؤداه أن انقضاء هذه الحقوق إنما يتم بقوة القانون بفوات مدة الشهور الستة سالفة الذكر, محسوبة من تاريخ استحقاق الرسوم دون دفعها أخذًا بعين الاعتبار أن هذا الرسم إنما يؤدى مقابل حماية البراءة طوال السنة التالية لاستحقاق الرسم, وهو ما لا يتأتي إلا بأداء الرسم عنها مسبقًا – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 2/ 9/ 2001 أودعت الأستاذة/ نادية محمود سيد آدم المحامية بالنقض بصفتها وكيلة عن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا, قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن, قيد بجدولها بالرقم عاليه, في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 5813 لسنة 52 ق بجلسة 8/ 7/ 2001, والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً, وبإلغاء القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الجهة الطاعنة - وللأسباب المبينة في تقرير الطعن - وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بصفة أصلية ببطلان الحكم الصادر في الدعوى رقم 5813 لسنة 52 ق وبإلغاء هذا الحكم فيما تضمنه من إلغاء القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن, ارتأت في ختامه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت جلسة 16/ 6/ 2003 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون, وبجلسة 15/ 3/ 2004 إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 15/ 5/ 2004, حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها, إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم, مع التصريح بمذكرات في شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم, وأودعت مسودته, المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 5813 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 10/ 5/ 1998 بطلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من انقضاء الحقوق المترتبة على براءة الاختراع الخاصة بالطلب رقم 290 لسنة 90 وإلزام المدعى عليها المصروفات، وذكر شرحًا لدعواه - أنه بتاريخ 19/ 5/ 1990 تقدم إلى أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، للحصول على براءة اختراع، وحصل عليها في يوليو سنة 1996 وقام بأداء الرسوم المستحقة عنها لمدة سبع سنوات، وبتاريخ 9/ 12/ 1997 تقدم لأداء الرسوم عن السنة الثامنة، فأبلغ بأنه تأخر عن السداد، ولا يحق له دفعها، فتظلم من ذلك بتاريخ 10/ 12/ 1997 بيد أنه نمى إلى علمه صدور القرار المطعون فيه مما حدا به إلى إقامة دعواه.
وبجلسة 8/ 7/ 2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن المشرع في قانون براءات الاختراع ولائحته التنفيذية رتب على عدم دفع الرسوم المستحقة عن براءة الاختراع في خلال مدة ستة أشهر من تاريخ استحقاقها انقضاء الحقوق المترتبة على البراءة، وذلك بشرط قيام إدارة براءات الاختراع بإخطار صاحب البراءة بتاريخ استحقاق الرسوم قبل بداية السنة المستحقة عنها الرسم بشهر، ومن ثم فإن عدم اتباع هذا الإجراء الجوهري يترتب عليه عدم انقضاء الحقوق المترتبة على براءة الاختراع، وحيث لم يثبت من أوراق الدعوى ما يفيد قيام الجهة الإدارية بإخطار المدعي بأداء الرسوم المستحقة قبل تاريخ الاستحقاق بشهر، ولم تجحد الجهة الإدارية ذلك، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه يخالف القانون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وذلك لعدم إعلان الأكاديمية ومكتب البراءات بالدعوى مكتفيًا بإعلانهما بهيئة قضايا الدولة في حين أن الأكاديمية هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تتبع وزير الدولة لشئون البحث العلمي بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 377 لسنة 1998 بإعادة تنظيم أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وإذ لم يتم إعلان رئيس الأكاديمية باعتباره الرئيس الأعلى للأكاديمية، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن الإدارة كانت قد أخطرت المطعون ضده صاحب البراءة بسداد الرسوم بتاريخ 17/ 6/ 1997 أي خلال سريان الطلب في المهلة القانونية، إلا أنه لم يفعل، وذلك حيث إن الطلب الأول قدم في 19/ 5/ 1990، واستحق سداد السنة الثامنة في 18/ 5/ 1997 ويضاف إلى هذه الفترة ستة شهور يكون الطلب ساريًا حتى سداد الرسوم أي حتى 17/ 11/ 1997 إلا أن المذكور لم يسدد وتقاعس عن السداد في خلال هذه المدة.
ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان الحكم المطعون عليه لعدم إعلان الأكاديمية الطاعنة بالدعوى أصلاً حال كونها هيئة عامة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 377 لسنة 1998 وكان يتعين إعلان رئيسها باعتباره الرئيس الأعلى للأكاديمية دون الاكتفاء بإعلانها أمام هيئة قضايا الدولة، فإن هذا الدفع في محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المشرع في قانون الإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة والمؤسسات الاقتصادية التابعة لها رقم 47 لسنة 1973 قد عدل في إعلان صحف الدعاوى والمنازعات والأحكام بالنسبة إلى هذه الجهات، حيث أوجب أن يكون إعلانها بالصحف والأحكام إلى رئيس مجلس الإدارة في مركز الجهة، وذلك استثناء من قانون المرافعات، ومن ثم فإن توجيه الإعلان في هذه الحالات إلى إدارة قضايا الدولة - شأن الحال في الدعوى المطعون على حكمها - يعد مخالفًا للقانون، ومؤديًا إلى بطلان الإعلان، ومن ثم عدم انعقاد الخصومة بين طرفيها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذه الوجهة من النظر فإنه يكون مخالفًا للقانون، متعين الإلغاء.
ولما كانت الدعوى المطعون على حكمها مهيأة للفصل فيها، فإن المحكمة تتصدى للفصل في موضوعها بعد أن مثلت الأكاديمية الطاعنة في الطعن تمثيلاً صحيحًا وأبدت دفوعها ودفاعها وذلك كله عملاً بما قضت به الدائرة المنصوص عليها في المادة (54) مكررًا من قانون مجلس الدولة في الطعن رقم 1352 لسنة 33 ق. عليا بجلسة 14/ 5/ 1988 من أنه على المحكمة الإدارية العليا إذا ما تبينت بطلان الحكم المطعون فيه لغير قواعد الاختصاص وانتهت إلى إلغائه أن تفصل في موضوع الدعوى متى كان صالحًا للفصل فيه.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن مفاد المواد (10 و12 و13 و34) من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم الصناعية الذي يحكم الحالة موضوع التداعي، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إن المشرع بعد أن بين الحقوق التي تخولها براءة الاختراع لمالكها طول مدة الاختراع والتي حددها بخمسة عشر عامًا والتي أجاز مدها لخمسة أعوام أخرى بناء على طلب صاحب البراءة حدد الرسوم التي تدفع عند تقديم طلب البراءة، وعند تجديدها، كما حدد الرسم السنوي الواجب أداؤه اعتبارًا من السنة الثانية وحتى انتهاء مدة البراءة وبين المشرع الحالات التي تنتفي - عند توافر إحداها - الحقوق المترتبة على براءة الاختراع، ومن بينها عدم دفع الرسوم المستحقة في مدة ستة أشهر من تاريخ استحقاقها، بما مؤداه أن انقضاء هذه الحقوق إنما يتم بقوة القانون بفوات مدة الشهور الستة سالفة الذكر، محسوبة من تاريخ استحقاق الرسوم دون دفعها، آخذًا بعين الاعتبار أن هذا الرسم إنما يؤدى مقابل حماية البراءة طوال السنة التالية لاستحقاق الرسم، وهو ما لا يتأتي إلا بأداء الرسم عنها مسبقًا، غير أن المشرع سمح لأصحاب الشأن بمهلة لأداء هذا الرسم مدتها ستة أشهر من تاريخ استحقاق الرسم، بحيث تنتفي الحقوق المترتبة على براءة الاختراع إذا لم يؤد الرسم عنها، وأنه لا وجه لما قد يثار بأن يلزم لترتيب الأثر المتقدم ضرورة قيام إدارة براءات الاختراع بإخطار صاحب البراءة بتاريخ استحقاق الرسوم قبل بداية السنة المستحق عنها الرسم بشهر على ما ورد بالمادة (34) من القرار الوزاري رقم 230 لسنة 1951 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 132 لسنة 1949، المشار إليه، ذلك أن حكم هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس فيه - ولا يجوز أن يضمن - تعطيل لنصوص القانون التي تعلو اللائحة في مدارج النصوص التشريعية، ويكون ما تضمنته اللائحة التنفيذية إن هو إلا مجرد حث الإدارة على تنبيه أصحاب الشأن لأداء حقوق الخزانة العامة في مواعيدها، وهو ما يتعين أن يبادر به أصحاب الشأن من تلقاء أنفسهم دون انتظار إخطار حتى يستظلوا بالحماية القانونية وينعموا بحقوقهم في البراءة حفاظًا لها من أن تنقضي طبقًا للمادة (34) من القانون المشار إليه.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بتاريخ 19/ 5/ 1990 إلى الهيئة الطاعنة للحصول على براءة اختراع، وحصل عليها في يوليو سنة 1996 وقام بأداء الرسوم عنها لمدة 7 سنوات.
ومن حيث إنه ولئن كانت الأكاديمية الطاعنة لم تخطره بأداء الرسوم المستحقة عليه عن السنة الثامنة إلا بتاريخ 17/ 6/ 1997 بعد انقضاء مدة الشهر المنصوص عليها في القانون، ولا غبار عليها في ذلك حسبما تقدم، إلا أن المطعون ضده وقد قام بأداء هذه الرسوم بتاريخ 9/ 12/ 1997 أي بعد انقضاء مدة ستة أشهر من تاريخ استحقاق الرسم في 18/ 6/ 1997 ومن ثم يكون القرار الصادر من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم قبول هذا الرسم لانقضاء الحقوق المترتبة على براءة الاختراع الخاصة به قد قام على سند يبرره قانونًا، ولا وجه للمطالبة بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذه الوجهة من النظر، ومن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ويغدو متعينًا القضاء بإلغائه، ورفض الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.


فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.