مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 801

(115)
جلسة 26 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 2561 لسنة 44 قضائية. عليا:

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - ما لا يبطل الحكم - إعادة الدعوى للمرافعة لتغير تشكيل هيئة المحكمة ثم حجزها للحكم في ذات الجلسة التي كانت محددة للنطق بالحكم طالما لم يترتب على هذا الإجراء الإخلال بحق الدفاع.
الدعاوى التي انعقدت فيها الخصومة على وجه صحيح تنتهي الخصومة فيها في التاريخ المحدد للنطق بالحكم فيها دون حاجة كأصل عام إلى إعلان - أثر ذلك: سريان ميعاد الطعن من تاريخ صدور الحكم بافتراض علم الخصوم بما قد تقرره المحكمة في جلسة النطق بالحكم من مد أجل النطق به أو من إعادة الدعوى للمرافعة دون حاجة إلى إعلان - مؤدى ذلك: أن قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة بسبب تغير تشكيل الهيئة ثم حجزها للحكم في ذات الجلسة التي كانت محددة للنطق بالحكم لا غبار عليه طالما لم يثبت أن هذا الإجراء ترتب عليه الإخلال بحق الخصوم في الدفاع - تطبيق.
(ب) علامات تجارية - أسس ومعايير تسجيل العلامة التجارية - العلامات التجارية المشهورة عالميًا لها حق الحماية في مصر ولو لم تسجل في جمهورية مصر العربية.
المشرع في القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية قبل إلغائه بالقانون رقم 82 لسنة 2002 لم يحصر الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامات التجارية، وإنما جعل الأصل أن لكل صاحب شأن أن يشكل علامته التجارية كما يشاء ولا قيد على حريته في هذا الخصوص وتلزم حماية علامته طالما أنها لا تضلل الجمهور أو تحدث لبسًا لديه، ومرد ذلك في النهاية إلى الجهة الفنية المختصة بالجهة الإدارية وأن تقوم به وفقًا لأسس ومعايير عامة وثابتة، وعلى صاحب الشأن التعقيب على ذلك بما يناقضه أو يقيم الدليل على عكسه، إلا أنه في هذا الشأن يجب مراعاة أن العلامات التجارية المشهورة عالميًا لها حق الحماية في مصر ولو لم تسجل في جمهورية مصر العربية.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 11/ 12/ 1998 أودع محامي الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2561 لسنة 44 ق. في الحكم المشار إليه والقاضي "بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعًا وإلزام الشركة المصروفات".
وطلبت الشركة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بقبول تسجيل العلامتين الدوليتين رقمي 502292 و502294 وإعادة الأوراق لإدارة العلامات التجارية لإجراء اللازم قانونًا، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا مع إلزام الشركة الطاعنة مصروفاته.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/ 1/ 2003، وبجلسة 26/ 9/ 2004 قررت إحالته إلى هذه الدائرة والتي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعويين المشار إليهما بإيداع صحيفتهما أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 3/ 3/ 1993، وطلبت فيها الحكم بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين الصادرين من لجنة التظلمات بإدارة العلامات التجارية فيما تضمناه من رفض تسجيل كل من العلامتين رقمي 502292 و502294 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وشرحًا للدعوى ذكرت الشركة أنها تقدمت بطلبين لتسجيل العلامتين التجاريتين المشار إليهما تسجيلاً دوليًا، وهما عبارة عن تصميم مبتكر لشكل الشبكة الأمامية للسيارة المرسيدس ورفضت إدارة العلامات التجارية المصرية تسجيلهما لتعارضهما مع العلامة الدولية رقم 461544 ولكونهما غير مميزتين فسجلت الشركة الاعتراضين رقمي 16359 و16464 على القرارين المذكورين أمام لجنة التظلمات المختصة، والتي أصدرت قراريها برفض التظلمين وتأييد قراري رفض تسجيل العلامتين سالفتي الذكر.
ونعت الشركة على القرارين المطعون فيهما مخالفتهما لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 تأسيسًا على انعدام التعارض بين العلامتين والعلامة الدولية المشار إليها للاختلاف وعدم التشابه، ولتميز العلامتين، وبجلسة 16/ 12/ 1997 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن العلامتين المراد تسجيلهما عبارة عن شكل الشبكة الأمامية للسيارة وتأخذ شكل مستطيل يتضمن خطوطاً طولية وأخرى عرضية وهو شكل يتفق مع العلامة التجارية رقم 461544 التي سجلت من قبل بتاريخ 19/ 6/ 1981 والتي تندرج ضمن الفئة (12) وهي تتكون كذلك من شكل مستطيل يتضمن خطوطًا طولية وأخرى عرضية، وإذ كان الشكل الإجمالي للعلامتين يتعارض مع الشكل الإجمالي للعلامة المشار إليها ولا تتميزان عنها، فإن القرار الصادر برفض تسجيلهما يكون قد صدر مطابقًا لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مع الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب على النحو التالي، فالهيئة التي أصدرت الحكم بأكملها لم تسمع المرافعة ولم يتمكن الخصوم من المرافعة أمامها؛ حيث كانت الدعوى محجوزة للنطق بالحكم لجلسة 16/ 12/ 1997 وبها قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة مع حجزها للحكم لنهاية الجلسة ثم أصدرت حكمها الطعين بالمخالفة لحكم المادة (167) من قانون المرافعات، كما أن الحكم المطعون فيه صدر متضمنًا اسم الشركة المدعية (......) بالرغم من تصحيح هذا الاسم إلى شركة (....) بجلسة التحضير 27/ 10/ 1993، وبجلسة المرافعة المنعقدة في 11/ 11/ 1997 في مواجهة الجهة الإدارية المدعى عليها، وذلك بالمخالفة لنص المادة (178) من قانون المرافعات، كذلك فلا يتصور أبداً وقوع الجمهور في خلط ولبس بين منتجات الشركة الطاعنة الأولى في عالم السيارات وبين منتجات مثيلاتها من الشركات، كما أن مصر ملتزمة تنفيذًا لاتفاقية مدريد بتسجيل أية علامة سجلت في موطنها الأصلي وفقًا للأوضاع القانونية اعتبارًا من تاريخ الإيداع بالمكتب الدولي، وقد استندت المحكمة في تكوين عقيدتها إلى رأي مدير الفحص الفني بإدارة العلامات التجارية وهي الجهة المطعون ضدها، فضلاً عن أن فقدان العلامة لذاتيتها الخاصة هو أمر لا يمكن تصوره مع شركة (.......) أكبر الشركات المنتجة للسيارات في العالم، كما خلت الدعوى من مستنداتها اللازمة للفصل فيها، حيث لم تودع الجهة الإدارية المطعون ضدها في الدعويين سوى ملف وحيد خاص بالدعوى رقم 3797 لسنة 47 ق.
ومن حيث إنه عما دفعت به الشركة الطاعنة من أن الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بعد أن كانت الدعوى محجوزة للحكم أعادتها للمرافعة لذات الجلسة وأصدرت الحكم في نهاية الجلسة وهو ما يعد خطأ في تطبيق القانون، كما شابه الخطأ في تطبيق القانون، كذلك حين لم يذكر الاسم الصحيح للشركة الطاعنة، ولما كان لهذه المحكمة قضاء سابق أن (الدعاوى التي انعقدت فيها الخصومة على وجه صحيح تنتهي الخصومة فيها في التاريخ المحدد للنطق بالحكم فيها دون حاجة - كأصل عام - إلى إعلان، ويرتب المشرع على ذلك سريان ميعاد الطعن من تاريخ صدور الحكم ولما كان مقتضى ذلك أن المشرع يفترض في الخصوم العلم بما قد تقرره المحكمة في جلسة النطق بالحكم من أجل النطق به، أو من إعادة الدعوى للمرافعة دون حاجة إلى إعلان، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي قررت إعادة الدعوى للمرافعة بسبب تغير تشكيل الهيئة ثم حجزها للحكم في ذات الجلسة التي كانت محددة للنطق بالحكم وذلك ما لم يثبت أن هذا الإجراء قد ترتب عليه الإخلال بحق الخصوم في الدفاع وذلك تطبيقًا للأصل العام في المرافعات المدنية والتجارية من أن البطلان لا يتقرر إلا بنص أو في حالة الإخلال بحق الدفاع أو بإجراء جوهري يعد من النظام العام القضائي) كذلك فإن لهذه المحكمة قضاء سابقًا في أن مفاد المادة (178) من قانون المرافعات أنها لم تقرر بطلان الحكم لمجرد النقص أو الخطأ في بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم، وإنما تطلبت لإنزال هذا الجزاء أن يكون النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم يشكك في حقيقتهم واتصالهم بالمنازعة، ولما كانت هيئة المحكمة المطعون على حكمها وبجلسة 11/ 11/ 1997 صحح الحاضر عن الشركة المدعية اسم الشركة على النحو الوارد بالمحضر، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعويين بجلسة 16/ 12/ 1997 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أسبوعين. وبالجلسة المحددة للنطق بالحكم أعادت الدعوى للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة ثم حجزتها للحكم آخر الجلسة، ومن ثم فقد حضر ممثل الشركة المدعية وصحح الاسم ومنح الأجل للاطلاع وتقديم مذكرات وتحدد ميعاد النطق بالحكم في حضوره ومن ثم فإن الخطأ في ذكر اسم الشركة لم يغير من حقيقة اتصالها بالمنازعة، كما مكنت الشركة من إبداء دفاعها، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة فيما اتخذته من إجراء، ويتعين رفض دفوع الشركة في هذا الشأن خاصة وأن الشركة لم توجه أي مطاعن إلى الهيئة التي أصدرت الحكم من حيث الإجراءات الأصولية لإصدار الأحكام.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية المطبق على الواقعة وقبل إلغائه بالقانون رقم 82 لسنة 2002 لم تخص عدد الأشكال التي تتخذها العلامات التجارية على سبيل الحصر وإنما سردت بعض أمثلة لهذه الأشكال، ذلك أنها بعد أن نصت على "الأسماء المتخذة شكلاً مميزًا والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام والرسوم والرموز وعنوانات المحال والدمغات والأختام والتصاوير والنقوش البارزة وأضافت وأية علامات أخرى أو أي مجموع منها" وأكد المشرع هذا المعنى في المذكرة التفسيرية للقانون فبين أن هذا السرد ليس حصرًا بل تمثيلاً لأشكال العلامات، لأن الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامة لا عدد لها. ونصت المادة الخامسة من القانون المذكور على أنه لا يسجل كعلامة تجارية أو كعنصر فيها ما يأتي أ - ..... ب - ..... ج- ...... د-...... العلامات التي من شأنها أن تضلل الجمهور، (فالمشرع في هذا القانون لم يحصر الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامات التجارية لأنه يكون قد جعل الأصل أن لكل صاحب شأن أن يشكل علامته التجارية كما شاء ولا قيد على حريته في هذا الخصوص، وتلزم حماية علامته بالتطبيق لأحكام القانون المشار إليه إلا أن تكون العلامة مجردة من عناصر الجدة أو الذاتية الخاصة أو الصفة المميزة أو أن تكون مما لا يجيزه المشرع مما نص عليه على سبيل الحصر في المادة الخامسة منه ومنها ألا يكون من شأن العلامة التجارية أن تضلل الجمهور أو تحدث لبسًا لديه، وتضليل الجمهور أو إحداث اللبس من عدمه مردهما إلى الجهة الفنية المختصة بالجهة الإدارية وأن تقوم به وفقًا لأسس ومعايير عامة وثابتة، وعلى صاحب الشأن التعقيب على ذلك بما ينقضه أو يقيم الدليل على عكسه) ولما كان الثابت من الأوراق أن العلامتين المطلوب تسجيلهما كعلامتين عبارة عن شكل الشبكة الأمامية للسيارة التي تنتجها الشركة الطاعنة وتتخذان شكل مستطيل به خطوط طولية وأخرى عرضية وأن الجهة الفنية المختصة رفضت تسجيلهما تأسيسًا على تشابه شكلهما الإجمالي مع الشكل الإجمالي للعلامة التجارية رقم 461544 السابق تسجيلها في 19/ 6/ 1981 ولا تتميزان على العلامة المشار إليها فتظلم من ذلك إلى لجنة التظلمات المختصة طبقًا للمادة العاشرة من القانون المشار إليه ورفض تظلمه، وإذ لم تقدم الشركة الطاعنة ما ينقض ذلك سوى بمحاجة أن العلامتين لشركة عالمية معروفة عالميًا وطبقًا للقانون فإن العلامات التجارية المشهورة عالميًا، لها حق الحماية في مصر ولو لم تسجل في جمهورية مصر العربية، ومن ثم فإن القرار الصادر من الجهة الإدارية برفض تسجيل العلامتين يكون متفقًا وصحيح القانون وهو ما أخذ به الحكم المطعون فيه فيكون متفقًا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.