مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ 841

(121)
جلسة 26 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

الطعن رقم 2269 لسنة 47 قضائية عليا:

شهر عقاري - أسبقية تسجيل الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التأشير بها - أثر ذلك. القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري.
المشرع نص في المادة (9) من القانون المشار إليه على إخضاع الحقوق العينية العقارية الأصلية سواء في مجال إنشائها أو نقلها أو تغييرها أو زوالها لنظام التسجيل، وكذلك الأحكام النهائية التي أثبتتها فإذا لم تسجل فإن إنشاءها أو انتقالها أو تغييرها أو زوالها لا يتم سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى غيرهم وإنما تنحصر آثارها في مجرد التزامات شخصية ترتبها فيما بين ذوي الشأن فيها، وقد أفرد القانون المذكور لدعوى صحة التعاقد - وكلما كان محلها أحد الحقوق العينية الأصلية - أحكامًا اختصها بها، وذلك بأن جعل تسجيل صحيفتها لازمًا، فإذا ما تقرر حق المدعي بحكم وأشر به عليها - طبقًا للقانون - صار هذا الحق حجة على كل من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد – تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 23/ 11/ 2000 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 2003 لسنة 50 ق، وبجلسة 26/ 9/ 2000 والقاضي في منطوقه بقبول الدعويين الأصلية والفرعية شكلاً ورفضها موضوعًا وألزمت كلاً من المدعيين مصروفاته عن دعواه.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم لهم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بشطب ومحو المسجل رقم 1357 لسنة 88 توثيق شمال القاهرة في 12/ 4/ 1988، الصادر لصالح المطعون ضده الأول.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) بجلسة 26/ 9/ 2001، وتدوول نظره وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 26/ 9/ 2004، قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) وحددت لنظره جلسة 13/ 11/ 2004، وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم في الطعن الماثل وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة أحاط بها الحكم المطعون فيه وذلك على النحو الذي تحيل إليه هذه المحكمة منعًا من التكرار وهي تخلص بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على الأسباب في أن المطعون ضده الأول (دسوقي عبد الفتاح صبري) أقام بتاريخ 29/ 4/ 1995 دعواه ابتداء أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بصحيفة قيدت برقم 5148/ 95م. ك شمال القاهرة طالبًا في ختامها الحكم بشطب ومحو المسجل برقم 4845 لسنة 1980 توثيق شمال القاهرة الصادر لصالح المدعى عليهما (صالح عبده صالح، وعزيزة مصطفى أمين) شطبًا كليًا ونهائيًا واعتباره كأن لم يكن مع التنبيه على المدعى عليه الثالث بصفته (وزير العدل) بالتأشير بشطب ومحو ذلك المسجل مع إلزام المدعى عليهما الأول والثانية المصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه اشترى وآخر قطعة أرض مقامًا عليها منزل ناحية جزيرة بدران بروض الفرج من السيد/محمد رشاد محرم أمين، ونظرًا لتقاعس الطرف البائع عن تقديم مستندات الملكية فقد أقاما الدعوى رقم 1675/ 1977م. ك شمال القاهرة بطلب صحة ونفاذ ذلك العقد عقب حصولهما على أسبقية تسجيل ذلك العقار برقم 8480 بتاريخ 5/ 10/ 1978، وقد أحيلت تلك الدعوى لمحكمة جنوب القاهرة وقضى فيها بصحة ونفاذ عقد البيع وفي مواجهة المدعى عليهما الأول والثانية في الدعوى الماثلة حيث كانا قد تدخلا في دعوى الصحة والنفاذ بالمسجل رقم 1357/ 88 توثيق شمال القاهرة، وأضاف المدعي أن المدعى عليهما الأول والثانية استصدرا حكمًا بنفاذ عقد بيع منسوب صدوره لذات البائع وقاما بتسجيله وشهره بموجب المشهر المسجل رقم 4845/ 80 توثيق شمال القاهرة الأمر الذي دعاه لإقامة دعواه الماثلة للحكم له بشطب ومحو هذا المسجل على سند من أن الأحكام التي حصل عليها تأيدت بالحكم الصادر في النقض رقم 650/55 ق.
وتدوول نظر الدعوى المشار إليها أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية حيث أودع المدعى عليهما المشار إليهما صحيفة معلنة تضمنت طلبًا عارضًا للحكم لهما بشطب ومحو المسجل رقم 1357/ 88 توثيق شمال القاهرة في 12/ 4/ 1988 والصادر لصالح دسوقي عبد الفتاح صبري (وآخر) شطبًا نهائيًا واعتباره كأن لم يكن، وذكرًا شرحًا لدعواهما أنهما اشتريا ذات العقار موضوع النزاع من البائع محمد رشاد أمين محرم بموجب عقد مؤرخ في 11/ 9/ 1977، إلا أن المدعى عليه في الدعوى الفرعية (دسوقي عبد الفتاح صبري) كان مع آخر قد اشتريا ذات العقار واستصدرا حكمًا بصحة ونفاذ عقد البيع وقاما بتسجيله بالمشهر رقم 1357/ 88 بالرغم من أن شريكه كان قد توفى في 13/ 9/ 1985 مما يخالف أحكام المواد 4/ 3 - 151 و231/ 3 من تعليمات الشهر العقاري، هذا في حين أن المدعيين في الدعوى الفرعية أقاما دعوى صحة ونفاذ عقد البيع المحرر لهما وصدر لهما حكم بصحة ونفاذ عقد البيع في الاستئناف رقم 3435/ 96 وتم تسجيل ذلك الحكم بموجب المشهر رقم 4845/ 80 في 12/ 11/ 1980 الأمر الذي أدى بهما إلى إقامة دعواهما الفرعية بطلب الحكم لهما بما سلف بيانه.
وبجلسة 26/ 10/ 1995 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعويين الأصلية والفرعية، وإحالتهما إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حيث قيدتا في جدولها برقم 2003/ 50 ق، حيث جرى نظرهما على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 26/ 9/ 2000 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه بقبول الدعويين الأصلية والفرعية شكلاً ورفضهما موضوعًا، وأقامت حكمها على أن أيًا من المدعيين في الدعوى الأصلية أو الدعوى الفرعية لم يتحصل على أحكام قضائية نهائية بشطب ومحو التسجيل الذي يطلب كل منهما شطبه، ومن البديهي أن قاضي الملكية هو القاضي المختص بذلك بحسبان أن الأمر يتعلق بثبوت ملكية أحد المتنازعين في مواجهة خصمه ويكون القضاء المدني هو صاحب الاختصاص متى رفع إليه الطلب بذلك، وإذ امتنعت الجهة الإدارية عن إجراء شطب أي من المسجلين موضوع الدعويين على سند من عدم صدور أحكام قضائية نهائية بذلك فإن امتناعها يكون قائمًا على سند صحيح وبناء على ما تقدم أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه سالف البيان.
ومن حيث إن ورثة صالح عبده صالح (المدعي في الدعوى الفرعية) لم يرتضوا الحكم المطعون فيه فأقاموا طعنهم الماثل على سند من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب - حاصلها - أنه ولئن كان المشهر رقم 1357/ 88 سند المدعي في الدعوى الأصلية (دسوقي عبد الفتاح صبري) قد تم شهره في 11/ 4/ 1988، وكانت له الأسبقية في رفع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الصادر له، إلا أنه شاب هذا التسجيل البطلان لمخالفته حكم المادتين 4/ 3 و151 من تعليمات الشهر العقاري، حيث تم التوقيع على التسجيل من المدعي في الدعوى الأصلية فقط دون ورثة شريكه عبد الفتاح صبري... وخلص الطاعنون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد بينت في حكمها الصادر بجلسة 6/ 12/ 1997 في القضية رقم 59 لسنة 17 ق. دستورية أن مفاد نصوص المواد (9، 15، 16، 17) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن المشرع نص في المادة (9) على إخضاع الحقوق العينية العقارية الأصلية سواء في مجال إنشائها أو نقلها أو تغييرها أو زوالها لنظام التسجيل، وكذلك الأحكام النهائية التي أثبتتها، فإذا لم تسجل، فإن إنشاءها أو انتقالها أو تغييرها أو زوالها لا يتم، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى غيرهم، وإنما تنحصر آثارها في مجرد التزامات شخصية ترتبها فيما بين ذوي الشأن فيها، وأضافت المحكمة أن القانون أفرد لدعوى صحة التعاقد - وكلما كان محلها أحد الحقوق العينية الأصلية أحكامًا اختصها بها، وذلك بأن جعل تسجيل صحيفتها لازمًا، فإذا ما تقرر حق المدعي بحكم وأشر به عليها طبقًا للقانون، صار هذا الحق حجة على كل من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد (المادتان 15، 16 من ذلك القانون)، واستطردت المحكمة موضحة أن انتقال الملكية إلى الأسبق إلى تسجيل الحقوق التي يطلبها أو التأشير بها، لا يعدو أن يكون ترتيبًا فيما بين المتزاحمين عليها لتقرير أولاهم وأحقهم في مجال طلبها واقتضائها، ولا مخالفة في ذلك للحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية المنصوص عليها في المادتين (32، 34) منه، لأن المشرع ما قرر نظم الشهر المطعون فيها إلا ضمانًا للائتمان في مجال التعامل في العقار في شأن حقوق عينية نافذة بطبيعتها في حق الكافة، وكان لازمًا بالتالي أن ييسر المشرع على من يتعاملون فيها العلم بوجودها من خلال شهر الأعمال القانونية التي تعتبر مصدرًا لها وإثباتًا لحقائقها وبياناتها الجوهرية، فلا يكون أمرها خافيًا.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فإنه لما كان الثابت من مطالعة الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 650/ 55 ق، بجلسة 17/ 1/ 1991 في المنازعة المثارة بشأن الأرض موضوع التداعي أن محكمة النقض قضت بسلامة الحكم المستأنف وقيامه على سند صحيح من القانون فيما قضى به من أنه لما كان المطعون ضده (دسوقي عبد الفتاح صبري) (ووالده/ عبد الفتاح إبراهيم صبري) قد سجلا صحيفة دعواهما بصحة ونفاذ عقد البيع في 5/ 10/ 1978 قبل أن يسجل مورث الطاعنين "صالح عبده صالح" والطاعنة الأولى (عزيزة مصطفى أمين) الحكم الصادر لهما بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لهما من ذات البائع، فإن مؤدى ذلك أن المطعون ضده (ووالده) لا يحاجان بهذا التسجيل الأخير، ولا تنتقل به الملكية إلى مورث الطاعنين والطاعنة الأولى بالنسبة لهما، وأن هذا التسجيل لا يحول دون أن يحكم للمطعون ضده (ووالده) بصحة ونفاذ عقدهما العرفي، وأن التأشير بذلك الحكم وفق القانون يجعله حجة على مورث الطاعنين والطاعنة الأولى، وبالبناء على ما تقدم فإنه لما كانت محكمة النقض قد قضت بحكم بات بسلامة الحكم الصادر للمطعون ضده (ووالده) بصحة ونفاذ عقد بيع الأرض والعقار محل التداعي، وبصحة التأشير بهذا الحكم وأعملت الأثر القانوني لذلك في مواجهة مورث الطاعنين والطاعنة الأولى، فمن ثم فإن طلبهم موضوع الطعن الماثل بشطب ومحو المسجل رقم 1357/ 88 توثيق شمال القاهرة الصادر لصالح المطعون ضده (ووالده) يكون غير قائم على سند صحيح من القانون ويضحى متعين الرفض، ولا ينال مما تقدم القول ببطلان المشهر المسجل رقم 1357/ 88 نظرًا لوفاة والد المطعون ضده في 13/ 9/ 1985 لمخالفة ذلك لتعليمات الشهر العقاري التي أشار إليها الطاعنون، في تقرير الطعن، فذلك مردود بأن حجية الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 650/ 55 ق. سالف الإشارة إليه تدحض ذلك الدفع، ومن ناحية أخرى فإن قانون تنظيم الشهر العقاري اشترط أن يقدم طلب الشهر ممن يكون المحرر صدر لصالحه فيما يتعلق بصحف الدعاوى والأحكام، وهو ما ينطبق على المطعون ضده الأول باعتباره صاحب صفة ومصلحة في طلب الشهر دون الحاجة إلى موافقة والده المشتري معه لذات أرض وعقار التداعي أو ورثته من بعده، ولأن ملكية العين المبيعة انتقلت بحكم القانون إلى المذكورين اعتبارًا من تاريخ شهر صحيفة دعوى الصحة والنفاذ المقامة منهما في 5/ 10/ 1978.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب الطاعنين لأسباب أخرى خلاف الأسباب التي أوردها الحكم الماثل في حيثياته، فمن ثم فإن هذه المحكمة تحل أسبابها محل أسباب الحكم الطعين.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.