أحكام النقض - المكتب الفنى - مدني
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 954

جلسة 10 من يونيه سنة 2003

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على محمد على، عبد المنعم دسوقى، د. خالد عبد الحميد ومحمد العبادى نواب رئيس المحكمة.

(167)
الطعن رقما 7435 لسنة 63 القضائية، 9678 لسنة 65 القضائية

(1، 2) تحكيم "تشكيل هيئة التحكيم". حكم "حكم المحكمين".
(1) التحكيم طريق استثنائى لفض الخصومات. قوامه. الخروج على طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات. قصره على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم للفصل فيه بقرار ملزم.
(2) ما تصدره هيئة يقتصر دورها على مجرد إصدار توصيات للتوفيق بين طرفى الخصومة ولا تكون حائلاً من اللجوء إلى القضاء أو التحكيم. لا يعُد تحكيمًا.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها فى تفسير المحررات". عقد "تفسير العقد".
تفسير المحررات. عدم تقيد القاضى بما تفيده عبارة معينة بل بما تفيده عبارات المحرر بأكملها أو التقيد بعنوان المحرر منفصلاً عن باقى عبارته. تخلف ذلك. أثره. اعتباره مخالفة لقواعد التفسير.
(4) تحكيم. حكم "حكم المحكمين". محكمة الموضوع.
تشكيل لجنة لبحث الخلاف بين المصرف الطاعن والشركة المطعون ضدها ووصفها بأنها لجنة ودية ليس لها طابع إلزامى. مؤدها. أن قرارها لا يعد حكم تحكيم. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى بطلانه وكذا عقد اتفاق التسوية المحرر استنادًا له تطبيقًا للمادة 512 مرافعات. خطأ. علة ذلك.
(5) دفع غير المستحق.
رد ما دفع بغير حق. حالتاه. الوفاء بدين غير مستحق أصلاً أو بدين زال سببه.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التحكيم هو طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات فهو مقصور حتمًا على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم التى يتم تشكيلها باتفاقهما كأصل للفصل فيه بقرار ملزم تنحسم به الخصومة بينهما.
2 - لا يعد حكم تحكيم ما تصدره هيئة يقتصر دورها على مجرد إصدار توصيات للتوفيق بين وجهتى نظر طرفى الخلف دون أن تكون توصياتها ملزمة لهما أو تحول بينهما وبين الالتجاء إلى القضاء أو التحكيم بشأنها.
3 - القاضى يتعين عليه وهو يعالج تفسير المحررات أن لا يعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من العبارات بل يجب عليه أن يأخذ بما تفيده عبارات المحرر بأكملها وفى مجموعها أو أن يتقيد بعنوان المحرر منفصلاً عن باقى عباراته وإلا عد ذلك مسخًا لنصوص المحرر ومخالفة منه لقواعد التفسير.
4 - لما كان البين من عبارات صورة المحرر المعنون محضر الاجتماع الثانى للجنة الودية لبحث الخلاف حول عقود المرابحة بين المصرف الطاعن والشركة المطعون ضدها يوم الاثنين الموافق 22 من فبراير سنة 1988 ومن صورة ملخص جلسة هذه اللجنة بتاريخ 17 من فبراير سنة 1988 المقدمان من الطاعن ضمن حافظة مستنداته أمام محكمة أول درجة بجلسة 13/ 3/ 1991 أن هذه اللجنة شكلت فى اجتماعها الأول من رئيس هيئة الرقابة الشرعية بالمصرف وبحضور ممثل واحد عن المصرف وثلاثة أشخاص عن الشركة المطعون ضدها كما حضر الاجتماع من يدعى محمود عطا عرابى كشاهد أعقبه أن حضر بالجلسة الثانية اثنان عن هذه الشركة وورد به العبارة الآتية وذلك لمواصلة دراسة الأسس الشرعية والودية لتسوية الخلاف بين طرفى الطعن وانحصرت المناقشات التى أجراها أعضاء هذه اللجنة فى هاتين الجلستين فى بحث مدى التزام الشركة المطعون ضدها بسداد المديونية بالدولار بدلاً من الجنية المصرى بعد أن تقاعس المصرف عن إخطارها بذلك بعد عامين ونصف من سداد جزء منها بالعملة المصرية واقتراح طرفى النزاع بشأن تسوية هذا الأمر أبدى رئيس اللجنة الرأى الشرعى فى خصوصه بأن توزع الخسائر الناجمة عنه بينهما حسب مدى تقصير كل منهما وكان البين من قرارى هذه اللجنة الصادر أولهما فى 2 من مايو سنة 1988 والثانى فى 26 من يونيه سنة 1988 المرفق صورتهما بحافظة مستندات الشركة المطعون ضدها لخبير الدعوى أمام محكمة أول درجة أن أولهما تضمن أسس تسوية الخلاف فى النقاط الآتية: عدم جواز مطالبة الشركة المطعون ضدها بعوض تأخير لأنها ليست من العملاء المماطلين والتزامها بأصل الدين فقط بالعملة التى تم التعامل بها مع اعتبارها مديونية جديدة على أن يتم سدادها على أقساط ربع سنوية اعتبارًا من أول يوليه سنة 1988 بحيث لا تؤثر على سمعتها التجارية ثم عادت وأصدرت قرارها الثانى بعد أن اعترض المصرف على القرار الأول حسبما ورد فى مذكرته المؤرخة 19/ 6/ 1988 الموجهة إلى رئيس اللجنة خلصت فيه إلى اقتراح تسوية جديدة تسدد الشركة بموجبه المديونية على أقساط شهرية قيمة كل قسط 20000 جنيه يبدأ القسط الأول منها اعتبارًا من شهر ديسمبر 1988 مع دعوتهما إلى أن يتعاونا على بيع السيارات المملوكة للشركة والموجودة فى حوزة المصرف مع خصم قيمتها من المديونية وأوصت باستمرار التعاون بينهما لدعم معاملاتهما وفقًا للشريعة الإسلامية فإن هذا القرار الأخير أخذًا بما سبقه من اجتماعات للجنة التى أصدرته وتغايرت فيها أشخاص أعضائها وما دارت بينهم من مناقشات عدلت على أثرها عن قرار الذى أصدرته لقرار آخر قاطعة فى محاضر أعمالها بأنها لجنة ودية لبحث الخلاف بين طرفى الطعن نافية عن قرارها طابع الإلزام لا يعد حكم تحكيم صادر عن هيئة تحكيم بمـا لا يجوز طلب بطلانه استنادًا إلى المادة 512 مرافعات المنطبقة على الواقع فى الدعوى خلافًا لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه وكان عقد الاتفاق والتسوية الذى أبرمه الطرفان بتاريخ السادس من سبتمبر سنة 1988 الذى حسم الخصومة بينهما قد صدر صحيحًا خلت الأوراق من ادعاء بأنه صدر عن إرادة معيبة من طرفيه أقرت فيه المطعون ضدها بأن المديونية المستحقة عليها حتى تاريخ تحريره والناتجة عن عملياتها الاستثمارية مع المصرف هى مبلغ 1243719 جنيه والتزمت بسداده على أقساط شهرية قيمة كل قسط 20000 جنيه حررت بها شيكات يبدأ استحقاقها اعتبارًا من 30/ 12/ 1988 والتزمت فيه عند تخلفها عن سداد أى قسط فى موعده حلول كافة الأقساط والوفاء بالمديونية كاملة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان قرار تلك اللجنة وعقد الاتفاق والتسوية فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
5 - مؤدى نص المادتين 181، 182 مـن القانون المدنى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفى أن يسترد ما أوفاه أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلاً وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء والثانية أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدرًا لهذا الالتزام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق - جلسة 10 من يونيه سنة 2003 تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها فى الطعنين أقامت الدعوى رقم..... لسنة.... تجارى الجيزة الابتدائية على الطاعن فى الطعنين بطلب الحكم ببطلان قرار لجنة التحكيم المؤرخ 26 من يونيه سنة 1998 وكذا عقد الاتفاق والتسوية المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1988 بما تضمنه من التزامها بالوفاء بقيمة الشيكات الموضحة به، وقالت بيانًا لذلك إن لجنة التحكيم المشكلة للنظر فى الخلاف بينهما وبين المصرف الطاعن أصدرت قراراها آنف الذكر بإلزامها أن تسدد للمصرف المديونية محل الخلاف على أقساط شهرية قيمة كل قسط 20000 جنيه اعتبارًا من شهر ديسمبر 1988، ونفاذًا لهذا القرار تحرر عقد الاتفاق والتسوية سالف البيان وقع بموجبه الممثل القانونى لها عدد اثنين وستين شيكًا لصالح الطاعن كل شيك بمبلغ 20000 جنيه تستحق اعتبارًا من 28/ 12/ 1988، وإذ وقع قرار لجنة التحكيم باطلاً لصدوره من عدد من المحكمين لم يكن وترا بالمخالفة لحكم المادة 502/ 2 مرافعات، ولعدم اشتماله على صورة وثيقة التحكيم بالمخالفة لحكم المادة 507 مرافعات والتى لم يسبق تحريرها، وكان يترتب على هذا البطلان بطلان عقد الاتفاق والتسوية الذى تم نفاذًا له فقد أقامت دعواها. وجه المصرف الطاعن دعوى فرعية بطلب إلزام المطعون ضدها بأن تؤدى له مبلغ 1243719 جنيه قيمة الدين موضوع عقد الاتفاق والتسوية، وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1992 استجابت محكمة أول درجة إلى طلبات المطعون ضدها وقضت ببطلان قرار لجنة التحكيم وعقد الاتفاق والتسوية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة..... ق القاهرة وبتاريخ 21 من يوليه سنة 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وترتيبًا على هذا القضاء أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم...... لسنة..... تجارى الجيزة الابتدائية على المصروفات الطاعن بطلب الحكم بإلزامه برد مبلغ 60000 جنيه تسلمها دون وجه حق، وقالت بيانًا لذلك إنه يمثل قيمة ثلاثة شيكات قام بتحصيلها حررت بموجب قرار لجنة التحكيم وعقد الاتفاق والتسوية المقضى ببطلانها فى الدعوى أنفة البيان بما يضحى معه هذا المبلغ غير مستحق الأداء فأقامت دعواها. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 28 من يناير سنة 1995 بإلزام الطاعن بأن يرد للمطعون ضدها المبلغ المطالب برده، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم...... لسنة.... ق القاهرة وبتاريخ 29 من يونيه سنة 1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى الحكم الأول الصادر فى الاستئناف رقم.... لسنة.... ق القاهرة بطريق النقض بالطعن الذى قيد برقم 7435 لسنة 63ق، كما طعن فى الحكم الأخير بطريق النقض بالطعن الذى قيد برقم 9678 لسنة 65ق، وأودعت النيابة العامة مذكرة فى كل من الطعنين أبدت فيها الرأى برفضهما، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت المحكمة بضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 7435 لسنة 63ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، إذ أيد حكم محكمة أول درجة فيما انتهى إليه من بطلان قرار لجنة التحكيم المؤرخ 26 من يونيه سنة 1988 لصدوره من أربعة محكمين بالمخالفة لنص المادة 502/ 2 من قانون المرافعات التى توجب أن يكون عدد المحكمين إذا تعددوا وترا وبطلان عقد الاتفاق والتسوية المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1988 الذى بنى عليه، فى حين أن قرار التحكيم لم يصدر من هيئة تحكيم وفق المفهوم القانونى الصحيح وإنما من هيئة شرعية شكلها المصرف الطاعن بغرض بحث واقتراح التسويات الودية للخلافات التى قد تثور حول العمليات الاستثمارية بينه وبين عملائه، فلا يعد ما تصدره حكمًا لمحكمين وإنما توصيات غير ملزمة لطرفى الخلف يجوز لهما الأخذ بها أو إطراحها. هذا إلى أن بطلان قرار لجنة التحكيم وفق ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لا يستتبع بطلان عقد الاتفاق والتسوية الذى صدر مستقلاً عنه ووقعه طرفا الطعن بإرادتهما الصحيحة التى لم يشبها عيب من عيوب الرضا فيضحى ملزمًا لهما لا يجوز الفكاك منه بدعوى بطلانه. كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى أساسه سديد، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة أن التحكيم هو طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات فهو مقصور حتمًا على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم - التى يتم تشكيلها باتفاقهما كأصل - للفصل فيه بقرار ملزم تنحسم به الخصومة بينهما. فلا يعد تحكيمًا ما تصدره هيئة يقتصر دورها على مجرد إصدار توصيات للتوفيق بين وجهتى نظر طرفى الخلف دون أن تكون توصياتها ملزمة لهما أو تحول بينهما وبين الالتجاء إلى القضاء أو التحكيم بشأنها. وكان يتعين على القاضى وهو يعالج تفسير المحررات أن لا يعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من العبارات بل يجب عليه أن يأخذ بما تفيده عبارات المحرر بأكملها وفى مجموعها أو أن يتقيد بعنوان المحرر منفصلاً عن باقى عباراته وإلا عد ذلك مسخًا لنصوص المحرر ومخالفة منه لقواعد التفسير. لما كان ذلك، وكان البين من عبارات صورة المحرر المعنون محضر الاجتماع الثانى للجنة الودية لبحث الخلاف حول عقود المرابحة بين المصرف الطاعن والشركة المطعون ضدها يوم الاثنين الموافق 22 من فبراير سنة 1988 ومن صورة ملخص جلسة هذه اللجنة بتاريخ 17 من فبراير سنة 1988 المقدمان من الطاعن ضمن حافظة مستنداته أمام محكمة أول درجة بجلسة 13/ 3/ 1991 أن هذه اللجنة شكلت فى اجتماعها الأول من رئيس هيئة الرقابة الشرعية بالمصرف وبحضور ممثل واحد عن المصرف وثلاثة أشخاص عن الشركة المطعون ضدها كما حضر الاجتماع من يدعى.... كشاهد، أعقبه أن حضر بالجلسة الثانية اثنان عن هذه الشركة وورد به العبارة الآتية" وذلك لمواصلة دراسة الأسس الشرعية والودية لتسوية الخلاف بين طرفى الطعن" وانحصرت المناقشات التى أجراها أعضاء هذه اللجنة فى هاتين الجلستين فى بحث مدى التزام الشركة المطعون ضدها بسداد المديونية بالدولار بدلاً من الجنية المصرى بعد أن تقاعس المصرف عن إخطارها بذلك بعد عامين ونصف من سداد جزء منها بالعملة المصرية واقتراح طرفى النزاع بشأن تسوية هذا الأمر أبدى رئيس اللجنة الرأى الشرعى فى خصوصه بأن توزع الخسائر الناجمة عنه بينهما حسب مدى تقصير كل منهما وكان البين من قرارى هذه اللجنة الصادر أولهما فى 2 من مايو سنة 1988 والثانى فى 26 من يونيه سنة 1988 المرفق صورتهما بحافظة مستندات الشركة المطعون ضدها لخبير الدعوى أمام محكمة أول درجة أن أولهما تضمن أسس تسوية الخلاف فى النقاط الآتية: عدم جواز مطالبة الشركة المطعون ضدها بعوض تأخير لأنها ليست من العملاء المماطلين والتزامها بأصل الدين فقط بالعملة التى تم التعامل بها مع اعتبارها مديونية جديدة على أن يتم سدادها على أقساط ربع سنوية اعتبارًا من أول يوليه سنة 1988 بحيث لا تؤثر على سمعتها التجارية. ثم عادت وأصدرت قرارها الثانى - بعد أن اعترض المصرف على القرار الأول حسبما ورد فى مذكرته المؤرخة 19/ 6/ 1988 الموجهة إلى رئيس اللجنة - خلصت فيه إلى اقتراح تسوية جديدة تسدد الشركة بموجبه المديونية على أقساط شهرية قيمة كل قسط 20000 جنيه يبدأ القسط الأول منها اعتبارًا من شهر ديسمبر 1988 مع دعوتهما إلى أن يتعاونا على بيع السيارات المملوكة للشركة والموجودة فى حوزة المصرف مع خصم قيمتها من المديونية، وأوصت باستمرار التعاون بينهما لدعم معاملاتهما وفقًا للشريعة الإسلامية فإن هذا القرار الأخير - أخذًا بما سبقه من اجتماعات للجنة التى أصدرته وتغايرت فيها أشخاص أعضائها وما دارت بينهم من مناقشات عدلت على أثرها عن قرار أصدرته لقرار آخر قاطعة فى محاضر أعمالها بأنها لجنة ودية لبحث الخلاف بين طرفى الطعن نافية عن قرارها طابع الإلزام - لا يعد حكم تحكيم صادر عن هيئة تحكيم بمـا لا يجوز طلب بطلانه استنادًا إلى المادة 512 مرافعات - المنطبقة على الواقع فى الدعوى - خلافًا لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، وكان عقد الاتفاق والتسوية الذى أبرمه الطرفان بتاريخ السادس من سبتمبر سنة 1988 الذى حسم الخصومة بينهما قد ر صدر صحيحًا خلت الأوراق من ادعاء بأنه صدر عن إرادة معيبة من طرفيه أقرت فيه المطعون ضدها بأن المديونية المستحقة عليها حتى تاريخ تحريره والناتجة عن عملياتها الاستثمارية مع المصرف هى مبلغ 1243719 جنيه والتزمت بسداده على أقساط شهرية قيمة كل قسط 20000 جنيه حررت بها شيكات يبدأ استحقاقها اعتبارًا من 30/ 12/ 1988، والتزمت فيه عند تخلفها عن سداد أى قسط فى موعده حلول كافة الأقساط والوفاء بالمديونية كاملة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان قرار تلك اللجنة وعقد الاتفاق والتسوية سالفى الذكر، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإن طلب المستأنف عليها بطلان قرار لجنة التحكيم الودية وعقد الاتفاق والتسوية سالفى البيان يكون على غير أساس، ويكون الحكم المستأنف إذ أجابها إلى طلبها متعين الإلغاء، أما عن طلب المستأنف بصحيفة استئنافه إجابة طلبه العارض بإلزام المستأنف عليها بأن تدفع له مبلغ 1243719 جنيه فهو فى غير محله، ذلك أن محكمة أول درجة قد أغفلت الفصل فى هذا الطلب فيتعين العودة إلى ذات المحكمة للفصل فيما أغفلته وفقًا لحكم المادة 193 من قانون المرافعات.
ثانيًا: الطعن رقم 9678 لسنة 65ق
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، إذ أيد حكم محكمة أول درجة فيما انتهى إليه من إلزامه برد مبلغ 60000 جنيه للمطعون ضدها على سند من أن الوفاء بهذا المبلغ أصبح غير مستحق بعد أن قضى ببطلان قرار لجنة التحكيم وعقد الاتفاق والتسوية - فى الاستئناف رقم..... لسنة...... ق القاهرة - والتى حررت الشيكات بهذا المبلغ تنفيذًا لهما فى حين أن وفاء المطعون ضدها بالمبلغ كان بسبب مديونيتها للمصرف الطاعن والناتجة عن عقود المراجعة التى أبرمت بينهما، فهو وفاء صحيح لمديونية مستحقة، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى أساسه سديد، ذلك أن مؤدى نص المادتين 181، 182 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفى أن يسترد ما أوفاه، أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلاً وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء والثانية أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدرًا لهذا الالتزام. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد أوفت للطاعن بمبلغ 60000 جنيه من جملة المديونية المستحقة عليها والتى أقرت بها فى عقد الاتفاق والتسوية المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1988 والتزمت بسدادها على أقساط شهرية تبدأ اعتبارًا من 30 من ديسمبر سنة 1988 تنفيذًا لقرار لجنة التحكيم الودية المؤرخ 26 من يونيه سنة 1988. وكان الحكم الذى قضى ببطلان قرار التحكيم وعقد الاتفاق سالفى البيان - فى الدعوى رقم..... لسنة..... تجارى الجيزة الابتدائية واستئنافها رقم..... لسنة..... ق القاهرة - قد ألغته هذه المحكمة فى الطعن رقم 7435 لسنة 63ق وقضت برفض دعوى المطعون ضدها بشأنه. فإن وفاء المطعون ضدها بالمبلغ المطالب برده يكون وفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء فلا يلزم الطاعن برده. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن برد هذا المبلغ فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد أجاب المستأنف عليها إلى طلبها استرداد المبلغ الذى أوفته للمستأنف فإنه يتعين إلغاؤه.