أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 998

جلسة 16 من يونيه سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ عبد الناصر السباعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حسن منصور، ناجى عبد اللطيف نائبى رئيس المحكمة، صالح محمد العيسوى، ومحمد عبد الراضى عياد.

(175)
الطعن رقم 626 لسنة 71 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. المسائل المتعلقة بالمسلمين. إثبات "البينة".
التعدد فى الشهادات. شرط صحتها. اتفاقها مع بعضها. اختلاف الشهادات. أثره. عدم كفايتها فيما يشترط فى التعدد (مثال فى تخلف نصاب الشهادة على الضرر الموجب للتطليق).
(2) أحوال شخصية. نقض "الحكم فى الطعن: سلطة محكمة النقض".
الطعن بالنقض للمرة الثانية دون أن تكون المسألة التى نقض الحكم من أجلها محل فصل فى الطعن السابق. أثره. إحالة الطعن عند نقض الحكم. صدور الحكم المطعون فيه بالتطليق. أثره. وجوب الحكم فى الموضوع. المادة 63 من القانون 1 لسنة 2000.
(3) أحوال شخصية. المسائل المتعلقة بالمسلمين. تطليق "التطليق لعدم الاتفاق".
التطليق لعدم الاتفاق. م 4 من المرسوم بق رقم 25 لسنة 1920. مناطه. انتفاء وجود مال ظاهر للزوج يمكن التنفيذ عليه بالنفقة وعدم إدعاء الزوج العسر أو اليسر وإصراره على عدم الإنفاق على زوجته. استظهار ذلك من مسائل الواقع.
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لصحة الشهادات فيما يشترط فيه التعدد أن تتفق مع بعضها لأنه باختلافها لا يوجد إلا شطر الشهادة وهو غير كافٍ فيما يشترط فيه العدد، وإذ كان نصاب الشهادة على الضرر الموجب للتطليق وفقًا للراجح فى مذهب أبى حنيفة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى القاضى بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه من أقوال شاهديها من أنه اعتدى عليها بالسب والقذف ووصفها له باللفظ الخارج بما يمس شرفها وكرامتها وهو الأمر الذى لا يتوافر معه نصاب الشهادة المطلوبة على المضارة التى شرع التفريق بين الزوجين بسببها وإذ عوَّل الحكم المطعون فيه على أقوال هذا الشاهد فقط فإنه يكون معيبًا بالخطأ فى تطبيق القانون.
2 - إذ كان الطعن بالنقض للمرة الثانية وكانت المسألة التى انتهت إليها هذه المحكمة إلى نقض الحكم من أجلها لم تكن محل فصل فى الطعن بالنقض السابق مما كان يتعين أن يكون مع النقض الإحالة إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه صادرًا بالتطليق فإنه يتعين الحكم فى موضوعه عملاً بنص المادة 63 من القانون رقم 1 لسنة 2000.
3 - النص فى المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته فإن كان له مال ظاهر نُفِّذ الحكم عليه بالنفقة من ماله فإن لم يكن له مال ظاهر ولم يقل أنه معسر أو موسر ولكن أصر على عدم الإنفاق طلَّق عليه القاضى فى الحال يدل - وعلى ما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة - على أن مناط التفريق لعدم الإنفاق وفق نص المادة المذكورة هو انتفاء وجود مال ظاهر للزوج يمكن التنفيذ عليه بالنفقة فإن كان له مال ظاهر فلا تطلق عليه زوجته إذ دفع الظلم عنها قد تعين سبيله فى التنفيذ على هذا المال فإذا لم يوجد هذا المال ولم يدع الزوج العسر أو اليسر وأصر على عدم الإنفاق على زوجته مما يعد ظلمًا لها تعين على القاضى دفعه عنها بتطليقها عليه فى الحال وكان وجود المال الظاهر من عدمه من مسائل الواقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن رقم.....، بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للغيبة، وقالت بيانًا لذلك أنها زوج للطاعن وقد اعتدى عليها بالضرب والسب وهجرها وامتنع عن الإنفاق عليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم أقامت الدعوى، وحال تداولها عدلت المطعون ضدها طلباتها إلى طلب التطليق للضرر، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شاهدى المطعون ضدها حكمت بتطليقها على الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم....... فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم.........، وبتاريخ......... نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف......... عجل الطاعن السير فى الاستئناف أمامها وبتاريخ...... قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتأييد الحكم الابتدائى بتطليق المطعون ضدها عليه استنادًا إلى ما شهد به شاهدها الثانى فقط ومن ثم يكون نصاب الشهادة غير مكتمل فضلاً عن سماعية هذه الشهادة وإذ عول الحكم عليها قضائه فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك بأنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لصحة الشهادات فيما يشترط فيه التعدد أن تتفق مع بعضها لأنه باختلافها لا يوجد إلا شطر الشهادة وهو غير كافٍ فيما يشترط فيه العدد، وإذ كان نصاب الشهادة على الضرر الموجب للتطليق وفقًا للراجح فى مذهب أبى حنيفة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى القاضى بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه من أقوال شاهديها من أنه اعتدى عليها بالسب والقذف ووصفها له باللفظ الخارج بما يمس شرفها وكرامتها وهو الأمر الذى لا يتوافر معه نصاب الشهادة المطلوبة على المضارة التى شرع التفريق بين الزوجين بسببها وإذ عوَّل الحكم المطعون فيه على أقوال هذا الشاهد فقط فإنه يكون معيبًا بالخطأ فى تطبيق القانون، بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الطعن بالنقض للمرة الثانية وكانت المسألة التى انتهت إليها هذه المحكمة إلى نقض الحكم من أجلها لم تكن محل فصل فى الطعن بالنقض السابق مما كان يتعين أن يكون مع النقض الإحالة، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه صادرًا بالتطليق فإنه يتعين الحكم فى موضوعه عملاً بنص المادة 63 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية.
وحيث إن النص فى المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته فإن كان له مال ظاهر نُفِّذ الحكم عليه بالنفقة من ماله فإن لم يكن له مال ظاهر ولم يقل أنه معسر أو موسر ولكن أصر على عدم الإنفاق طلَّق عليه القاضى فى الحال. يدل - وعلى ما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة - على أن مناط التفريق لعدم الإنفاق وفق نص المادة المذكورة هو انتفاء وجود مال ظاهر للزوج يمكن التنفيذ عليه بالنفقة فإن كان له مال ظاهر فلا تطلق عليه زوجته إذ دفع الظلم عنها قد تعين سبيله فى التنفيذ على هذا المال فإذا لم يوجد هذا المال ولم يدعِ الزوج العسر أو اليسر وأصر على عدم الإنفاق على زوجته مما يعد ظلمًا لها تعين على القاضى دفعه عنها بتطليقها عليه فى الحال، وكان وجود المال الظاهر من عدمه من مسائل الواقع. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد استندت فى طلب التطليق إلى امتناع الطاعن عن الإنفاق عليها وكان الثابت من أقوال شاهديها أمام محكمة أول درجة والتى تطمئن إليها هذه المحكمة أن الطاعن امتنع عن الإنفاق عليها وتأيد ذلك بما قدمته المطعون ضدها تدليلاً على ذلك الحكم الصادر فى الدعوى رقم........ واستئنافه رقم........ بنفقتها عليه والحكم فى الدعوى رقم........ بحبسه لامتناعه عن تنفيذ حكم النفقة طواعية ولم يقدم الطاعن الدليل على وجود مال ظاهر له يمكن التنفيذ عليه بالنفقة مما يعد منه إصرارًا على عدم الإنفاق على المطعون ضدها ويمثل ظلمًا وضررًا لها يتعين دفعه عنها بتطليقها عليه طلقة بائنة ومن ثم تقضى المحكمة فى موضوع الاستئناف رقم........ بتأييد الحكم المستأنف للأسباب السالف الإشارة إليها.