أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 1079

جلسة 24 من يونيه سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، عبد المنعم محمود، د. مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة وعبد البارى عبد الحفيظ.

(190)
الطعن رقم 1577 لسنة 72 القضائية

(1 - 4) محكمة الموضوع "سلطتها فى التعرف على قصد العاقدين". نقض "سلطة محكمة النقض فى التكييف". صلح. حكم. دعوى.
(1) محكمة الموضوع لها سلطة تكييف العقد والتعرف على ما عناه المتعاقدان. خضوعها فى هذا التكييف لرقابة محكمة النقض.
(2) اعتبار العقد صلحًا. مناطه. نزول كل من طرفيه عن بعض ما يدعيه قبل الآخر ولو لم يكن ما نزل عنه أحدهما متكافئًا مع ما نزل عنه خصمه.
(3) انحسام النزاع بالصلح. أثره. عدم جواز تجديده بين المتصالحين سواء بإقامة دعوى أو بالمضى فى دعوى مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحًا.
(4) المحتج عليه بالصلح. له الطعن عليه ودفع حجيته لعلة يبديها. وجوب فصل المحكمة فى المنازعة فى عقد الصلح باعتبارها فرعًا من المنازعة فى الحق المتصالح عليه.
1 - لمحكمة الموضوع سلطة تكييف العقد والتعرف على ما عناه المتعاقدان منه إلا أنها تخضع فى هذا التكييف لرقابة محكمة النقض.
2 - النص فى المادة 549 من القانون المدنى على أن: "الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائمًا أو يتوقيان به نزاعا محتملاً، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه" وفى المادة 553 منه على أن: "تنحسم بالصلح المنازعات التى تناولها، ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التى نزل عنها أى من المتعاقدين نزولاً نهائيًا" - مفاده أن العقد لا يكون صلحًا إلا إذا نزل كل من طرفيه عن بعض ما يدعيه قبل الآخر حتى ولو لم يكن ما نزل عنه أحدهما متكافئًا مع ما نزل عنه خصمه.
3 - إذا حسم النزاع بالصلح فلا يجوز لأى منهما أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى ولا بالمضى فى الدعوى التى كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحًا.
4 - يجوز لمن يحتج عليه بالصلح أن يطعن عليه ويدفع حجيته لعلة يبديها، ويجب على المحكمة، فى هذه الحالة أن تفصل فى المنازعة فى عقد الصلح باعتبارها فرعًا من المنازعة فى الحق المتصالح عليه وتقول كلمتها فى العقد أخذًا به أو اطراحًا له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى 1033 لسنة 1998 مدنى شمال القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليها مبلغ 496088.25 جنيهًا - باقى ثمن كمية من حديد التسليح قامت بتوريده لها - وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة وذلك بالإضافة إلى مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضًا عما أصابها من أضرار وأقامت الشركة الطاعنة الدعوى 15780 لسنة 1998 مدنى شمال القاهرة الابتدائية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليها مبلغ سبعمائة ألف جنيه تعويضًا عما أصابها من أضرار بسبب التأخير فى التوريد. وأثناء نظر الدعويين قدمت الطاعنة عقد صلح وتنازل أبرم بين الطرفين فى، 7/ 3/ 1993 - ومحكمة أول درجة حكمت فى الدعوى الأولى بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضدها مبلغ 369517.56 جنيهًا ومبلغ ثمانين ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية، وفى الدعوى الثانية برفضها. استأنفت الأخيرة الحكم بالاستئناف رقم 3184 لسنة 5 ق القاهرة. كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 3579 لسنة 5ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. وعُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب وحيد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، والقصور فى التسبيب. وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بإعمال أثر عقد الصلح والتنازل المبرم بينها والشركة المطعون ضدها الذى تنازلت بموجبه كل منهما عن دعواها المقامة قبل الأخرى وعن جميع الطلبات الواردة فى صحيفة كل من الدعويين - وطلبت الحكم بانتهائهما صلحًا واعتبار عقد الصلح فى قوة السند التنفيذى. ورغم أن هذا العقد استوفى كافة أركانه وشروط صحته وبالتالى لا يجوز نقضه أو العدول عنه إلا بموافقتهما إلا أن الحكم لم يعتبره صلحًا بقالة إنه وإن تضمن تتنازلاً من خصيمتها عن بعض مستحقاتها إلا أنه لم يتضمن تنازلاً من الطاعنة - - على وجه التقابل - عن شيء من ادعاءاتها فى حين أنها تنازلت بمقتضاه عن دعواها الرقيمة 15780 لسنة 1998 مدنى كلى شمال القاهرة التى طلبت فيها الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع إليها مبلغ سبعمائة ألف جنيه تعويضًا عن إخلالها بمواعيد التوريد، الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تكييف العقد والتعرف على ما عناه المتعاقدان منه إلا أنها تخضع فى هذا التكييف لرقابة محكمة النقض. وإذ كان النص فى المادة 549 من القانون المدنى على أن: "الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعًا قائمًا أو يتوقيان به نزاعًا محتملاً، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه" وفى المادة 553 منه على أن: "تنحسم بالصلح المنازعات التى تناولها، ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التى نزل عنها أى من المتعاقدين نزولاً نهائيًا" - مفاده أن العقد لا يكون صلحًا إلا إذا نزل كل من طرفيه عن بعض ما يدعيه قبل الآخر حتى ولو لم يكن ما نزل عنه أحدهما متكافئا مع ما نزل عنه خصمه. وأنه إذا حسم النزاع بالصلح فلا يجوز لأى منهما أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى ولا بالمضى فى الدعوى التى كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحا. ولكن يجوز لمن يحتج عليه بالصلح أن يطعن عليه ويدفع حجيته لعلة يبديها، ويجب على المحكمة، فى هذه الحالة أن تفصل فى المنازعة فى عقد الصلح باعتبارها فرعًا من المنازعة فى الحق المتصالح عليه وتقول كلمتها فى العقد أخذًا به أو اطراحًا له. لما كان ذلك وكان الثابت فى الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن الحاضر عن الطاعنة أمام محكمة أول درجة قدم عقد صلح وتنازل أبرم بينها والمطعون ضدها فى 7/ 3/ 1993 نص فيه على تنازل الأخيرة عن دعواها 1033 لسنة 1998 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب إلزام الطاعنة بأن تؤدى إليها مبلغ 124688.2 جنيهًا، وعلى تنازل الأولى عن دعواها الرقيمة 15780 لسنة 1998 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب إلزام خصيمتها بأن تدفع إليها مبلغ سبعمائة ألف جنيه وذلك مقابل مبلغ سبعمائة وخمسين ألف جنيه اتفق على أن يسدد للمطعون ضدها بسبعة شيكات تستحق الدفع فى المدة من 16/ 4/ 1999 حتى 16/ 10/ 1999 بحيث تصبح ذمة الطاعنة مبرأة من كافة الالتزامات موضوع الدعوى المقامة ضدها، ولا يجوز لأى من الطرفين اللجوء إلى القضاء بشأن المنازعات موضوع الدعويين سالفتى البيان، فإن العقد يعد صلحا طبقًا للمادة 549 من القانون المدنى وإذ نفى عنه الحكم المطعون فيه هذا الوصف على سند من أن المطعون ضدها" تنازلت فيه عن مبلغ 369.517.56 جنيهًا " فى حين أن الطاعنة لم يقع عليها أى التزام بموجب العقد مما لا يعد صلحًا "فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيق وإذ حجبه هذا الخطأ عن الفصل فى الدفع الذى أبدته المطعون ضدها بأنها وقعت العقد "مضطرة ومكرهة تحت تأثير الضغوط والمطالبات والتهديد بالحجز وإشهار الإفلاس" فإنه فضلاً عما تقدم يكون معيبًا بقصور يبطله ويوجب نقضه.