المكتب الفنى - أحكام النقض - مدنى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 195

جلسة 16 من يناير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ماجد قطب، سمير فايزى، أحمد سعيد نواب رئيس المحكمة وصلاح مجاهد.

(34)
الطعن رقم 586 لسنة 72 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن". بطلان "بطلان الحكم". حكم "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون، القصور فى التسبيب". دعوى "الدفاع فيها: الدفاع الجوهرى". عقد "العقود المتتالية". نظام عام.
(1) إغفال الحكم بحث دفاع جوهرى أبداه الخصم وكان مؤثرًا فى النتيجة التى انتهى إليها. أثره. بطلان الحكم وقصور فى أسبابه الواقعية.
(2) المفاضلة بين عقود الإيجار. مناطها. أن تكون كلها صحيحة ومنصبة على عين واحدة. الأفضلية بين المستأجرين المتزاحمين لمن كان عقد أسبق تاريخًا. أثر ذلك. بطلان العقود المتتالية. تعلق ذلك بالنظام العام. وجوب فصل المحكمة فى النزاع حول صحة عقد الإيجار الأسبق تاريخيًا باعتباره مسألة أولية لازمه للمفاضلة بين العقود.
(3) تمسك الطاعن بأن الشقة المؤجرة له فى العقار المملوك لمورث المطعون ضدهم من التالية للأخيرة بالعقد المؤرخ 31/ 2/ 1988 تغاير الشقة محل عقد إيجار المطعون ضدها الأولى المؤرخ 15/ 5/ 1983 والكائنة بذات العقار وتدليله على ذلك بما ورد ببيانات كل منهما عقدى الإيجار سالفى الذكر. دفاع جوهرى. إغفال الحكم المطعون فيه بحث هذا الدفاع والرد عليه وقضاؤه بصحة عقد إيجار المطعون ضدها الأولى على سند من أنه الأسبق تاريخًا وببطلان عقد إيجار الطاعن باعتباره العقد اللاحق. خطأ وقصور.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة - إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا فى أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه. ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأت أنه متسم بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصرًا قصورًا يبطله.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة وانصبت على عين واحدة وأن المشرع جعل الأفضلية بين المستأجرين المتزاحمين على العين لمن كان عقده أسبق تاريخًا ورتب البطلان جزاء للعقد أو العقود المتتالية المخالفة لهذا الحظر وهو بطلان يتعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها متى تحققت موجبات إعماله وينبنى على ذلك أنه إذا ما ثار نزاع حول صحة عقد الإيجار الأسبق تاريخًا أو وروده على ذات العين المؤجرة يعتد لاحق وجب على المحكمة الفصل فى هذا النزاع باعتباره مسألة أولية لازمة فى المفاضلة بين العقود فإذا ما ثبت عدم صحة هذا العقد أو تعلقه بعين أخرى امتنع عليها تفضيله وارتفع حكم الحظر على العقد اللاحق كما يضحى جزاء البطلان عنه منحسرًا.
3 - إذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الشقة المؤجرة له فى العقار المملوك لمورث المطعون ضدهم من الثانية للأخيرة بالعقد المؤرخ 12/ 2/ 1988 تغاير الشقة محل عقد إيجار المطعون ضدها الأولى المؤرخ 15/ 5/ 1982 والكائنة بذات العقار ودلل على ذلك بالبيانات الواردة عنهما بكل عقد وكان الثابت من البيان الوارد بعقد إيجار الطاعن أن العين المؤجرة له هى الشقة الكائنة بالدور الخامس فوق الأرضى بينما الثابت بعقد إيجار المطعون ضدها الأولى أن محله الشقة الكائنة بالدور الخامس فقط. وإذ كان من شأن هذا الخلاف فى بيان العين المؤجرة التشكيك فى حقيقة الواقع وما إذا كانت العين المؤجرة بالعقدين واحدة أو متعددة فإن هذا الدفاع يكون متسمًا بالجدية والجوهرية وصار لازمًا على محكمة الاستئناف أن تعرض له وتُقسطه حقه من البحث والتمحيص توصلاً إلى حقيقة الأمر وإنزال صحيح حكم القانون على ما ثبت لديها أنه الواقع وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع إيرادًا وردًا رغم أنه دفاع جوهرى من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى - وأقام قضاءه بصحة عقد إيجار المطعون ضدها الأولى على سند من أنه الأسبق فى التاريخ وبطلان عقد إيجار الطاعن باعتباره العقد اللاحق ودون أن يتحقق من أن العقدين وردا فى واقع الأمر على محل واحد. فإنه يكون معيبًا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الأولى ومورث المطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة الدعوى رقم.... لسنة 1997 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً بعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم.... لسنة 1985 مستعجل القاهرة فى مواجهته ثانيًا بعدم الاعتداد بعقد الإيجار المؤرخ 15/ 5/ 1982 الصادر من مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة إلى المطعون ضدها الأولى فى مواجهته ثالثًا بصحة ونفاذ عقد استئاجره لعين النزاع المبينة بالصحيفة والصادر له من المورث المذكور بتاريخ 12/ 2/ 1988 وقال فى بيان ذلك. أنه بموجب ذلك العقد والثابت التاريخ برقم..... بتاريخ 13/ 2/ 1988 توثيق مصر الجديدة استأجر من مورث المطعون ضدهم من الثانية وحتى الأخيرة الشقة رقم 26 بالدور الخامس فوق الأرضى واستصدرت المطعون ضدها الأولى حكمًا فى الدعوى سالفة الذكر بتمكينها من ذات الشقة وشرعت فى تنفيذه. وإذ لم يكن طرفًا فيه أقام الدعوى. طعن الطاعن بالتزوير على عقد الإيجار المؤرخ 15/ 5/ 1982كما وجهت المطعون ضدها الأولى دعوى فرعية بطلب تمكينها من عين النزاع. حكمت المحكمة أولاً برفض الطعن بالتزوير ثانيًا فى الدعوى الأصلية بعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم..... لسنة 1985 فى مواجهة الطاعن ورفضت الطلبين الثانى والثالث. ثالثًا فى الدعوى الفرعية بإخلاء عين النزاع وتمكين المطعون ضدها الأولى منها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم...... لسنة 24ق القاهرة وبتاريخ 9/ 1/ 2002 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتًا حتى يُفصل فى موضوع الطعن وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصلة أن هناك مغايرة بين الشقة المؤجرة له والشقة المؤجرة للمطعون ضدها الأولى إذ أن عقد إيجاره حُرر عن شقة بالدور الخامس فوق الأرضى - السادس - فى حين أن عقد إيجار المطعون ضدها الأولى حُرر عن شقة بالدور الخامس - الرابع علوى - بذات العقار المملوك لمورث باقى المطعون ضدهم حسبما يبين من بيانات العقدين والكشف الرسمى الصادر من الضرائب العقارية والشهادة الرسمية الصادرة من الشهر العقارى وصورة الحكم الصادر فى الدعوى رقم.... لسنة 1985 مستعجل القاهرة وصورة صحيفة الدعوى رقم..... لسنة 1985 المعلنة لسلف الطاعن على الشقة الكائنة بالدور الخامس فوق الأرضى بعد أن تعذر إعلانه على الشقة الكائنة بالدور الخامس الأمر الذى يدل على أن كلا العقدين حُرر عن شقة مغايرة للأخرى وهو دفاع جوهرى يتغير به إن صح وجه الرأى فى الدعوى. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وأقام قضاءه على أساس تفضيل عقد إيجار المطعون ضدها الأولى لأنه الأسبق فى التاريخ على عقد الطاعن وأن العقدين وردا على عين واحدة. فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة - إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا فى أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه. ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأت أنه متسم بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصرًا قصورًا يبطله، وكان مناط المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة وانصبت على عين واحدة وأن المشرع جعل الأفضلية بين المستأجرين المتزاحمين على العين لمن كان عقده أسبق تاريخًا ورتب البطلان جزاء للعقد أو العقود المتتالية المخالفة لهذا الحظر وهو بطلان يتعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها متى تحققت موجبات إعماله وينبنى على ذلك أنه إذا ما ثار نزاع حول صحة عقد الإيجار الأسبق تاريخًا أو وروده على ذات العين المؤجرة يعتد لاحق وجب على المحكمة الفصل فى هذا النزاع باعتباره مسألة أولية لازمة فى المفاضلة بين العقود فإذا ما ثبت عدم صحة هذا العقد أو تعلقه بعين أخرى امتنع عليها تفضيله وارتفع حكم الحظر على العقد اللاحق كما يضحى جزاء البطلان عنه منحسرًا. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الشقة المؤجرة له فى العقار المملوك لمورث المطعون ضدهم من الثانية للأخيرة بالعقد المؤرخ 12/ 2/ 1988 تغاير الشقة محل عقد إيجار المطعون ضدها الأولى المؤرخ 15/ 5/ 1982 والكائنة بذات العقار ودلل على ذلك بالبيانات الواردة عنهما بكل عقد وكان الثابت من البيان الوارد بعقد إيجار الطاعن أن العين المؤجرة له هى الشقة الكائنة بالدور الخامس فوق الأرضى بينما الثابت بعقد إيجار المطعون ضدها الأولى أن محله الشقة الكائنة بالدور الخامس فقط. وإذ كان من شأن هذا الخلاف فى بيان العين المؤجرة التشكيك فى حقيقة الواقع وما إذا كانت العين المؤجرة بالعقدين واحدة أو متعددة فإن هذا الدفاع يكون متسمًا بالجدية والجوهرية وصار لازمًا على محكمة الاستئناف أن تعرض له وتُقسطه حقه من البحث والتمحيص توصلاً إلى حقيقة الأمر وإنزال صحيح حكم القانون على ما ثبت لديها أنه الواقع وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع إيرادًا وردًا رغم أنه دفاع جوهرى من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى - وأقام قضاءه بصحة عقد إيجار المطعون ضدها الأولى على سند من أنه الأسبق فى التاريخ وبطلان عقد إيجار الطاعن باعتباره العقد اللاحق ودون أن يتحقق من أن العقدين وردا فى واقع الأمر على محل واحد. فإنه يكون معيبًا مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.