أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 261

جلسة 26 من يناير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على حسين جمجوم، محمد زكى خميس نائبى رئيس المحكمة، حامد عبد الوهاب علام وأحمد فتحى المزين.

(46)
الطعن رقم 209 لسنة 72 القضائية

(1 - 5) إثبات "طرق الإثبات". إيجار "إيجار الأماكن: إثبات عقد الإيجار" "أسباب الإخلاء: الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء: حظر إبرام أكثر من عقد إيجار للمبنى أو وحدة منه". حكم "عيوب التدليل: القصور فى التسبيب". دعوى "الدفاع فيها: الدفاع الجوهرى". نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام".
(1) الطلب أو وجه الدفاع الجازم الذى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. التزام محكمة الموضوع بالإجابة عليه فى أسباب حكمها أيًا كانت الطريقة التى أبدى بها سواء شفاهة وأثبت بمحضر الجلسة أم حوته مذكرة أم تضمنه وجه حافظة مستندات أو أى ورقة من أوراق الدعوى. إغفال ذلك. قصور.
(2) تقديم مستندات فى الدعوى مع التمسك بدلالتها. التفات الحكم عن التحدث عنها واطراحها دون أن يبين ما يبرر هذا الاطراح. قصور.
(3) إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد. جوازه للمستأجر بكافة طرق الإثبات. شرطه. عدم وجود عقد مكتوب أو انطواء هذا العقد على شروط مخالفة النظام العام وأن يتمسك المستأجر بذلك صراحة. م 24 ق 49 لسنة 1977.
(4) إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو وحدة منه. أثره. وجوب الاعتداد بالعقد الأسبق فى ثبوت تاريخه باعتباره قرينة على أسبقيته. جواز إثبات عكس هذه القرينة بكافة طرق الإثبات.
(5) تمسك الطاعن بقيام علاقة إيجارية جديدة بينه وبين المالك السابق للعين موضوع النزاع سابقة على تحرير عقد إيجار وبطلان هذا العقد الأخير. وتسلمه للمحل بعد إعادة بنائه وممارسة نشاطه فيه وتدليله على ذلك بالمستندات وطلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق. دفاع جوهرى. إغفال الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وما استدل به عليه وقضاؤه بالإخلاء استنادًا إلى انفساخ عقد إيجار الطاعن لهلاك العين المؤجرة. قصور.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير الرأى فى الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وأيًا ما كانت الطريقة التى أبدى بها هذا الدفاع من الخصوم أصحاب الشأن فى تقديمه بالشكل الذى يريدونه سواء أبدى شفاهة وثبت بمحضر الجلسة أم حوته مذكرة أم تضمنه وجه حافظة مستندات أو أى ورقة من أوراق الدعوى، ما بقى قائمًا وتحت بصر محكمة الموضوع والخصوم فيعتبر مطروحًا ويتعين عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصرًا.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها. فالتفت الحكم عنها أو اطرح دلالتها المؤثرة فى حقوق الخصوم دون أن يبين بمدوناته ما يبرر هذا الإطراح فإنه يكون قاصرًا.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن النص فى المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع قد فرض على المؤجر التزامًا بتحرير عقد إيجار يثبت فيه بيانات معينة حماية للمستأجر، وأنه نظرًا للأهمية البالغة التى علقها المشرع على فرض هذا التزام فقد أباح للمستأجر عند المخالفة إثبات العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات عندما لا يكون هناك عقد مكتوب أو أن تنطوى شروط التعاقد المكتوب على تحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام بشرط أن يتمسك المستأجر بذلك بطلب صريح جازم.
4 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن نص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 حظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفى حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول مما مفاده أن المشرع فى حالة تزاحم المستأجرين اعتد بالعقد الأول وهو العقد الأسبق فى ثبوت التاريخ باعتباره قرينة على أسبقية عقد الإيجار ولكنه قرينة قابلة لإثبات عكسها وعلى مدعى عكس هذه القرينة إثبات ادعائه بكافة طرق الإثبات وبالتالى صحة عقده وبطلان العقود اللاحقة.
5 - تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بقيام علاقة إيجارية جديدة فيما بينه وبين المالك السابق عن المحل موضوع النزاع وهذه العلاقة سابقة على عقد الإيجار المؤرخ 27/ 5/ 1999 والثابت التاريخ فى 22/ 9/ 1999 الصادر للمطعون ضده الأول مما يترتب عليه بطلان العقد اللاحق واستدل على ذلك بالإقرار الصادر عن هذا المالك على عقد الإيجار المؤرخ 9/ 2/ 1992 بتسليمه محلاً بعد إعادة بناء العقار بذات شروط هذا العقد وأورد هذا الدفاع بوجه حافظة مستنداته المقدمة لتلك المحكمة بجلسة 2/ 7/ 2001 كما تمسك بتسلمه هذا المحل بعد إعادة البناء ومارس نشاطه فيه بدلالة الشهادة الصادرة من مصلحة الضرائب والتى تفيد إعادة نشاطه فى 10/ 8/ 1999 والشهادة الصادرة من شركة الكهرباء بأنه تم تركيب عداد جديد باسمه بتاريخ 14/ 8/ 1999 وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه العلاقة الجديدة السابقة على العقد اللاحق. وكان هذا الدفاع جوهريًا من شأنه - فيما لو ثبت - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة لأسبابه والذى أقام قضاءه بالإخلاء تأسيسًا على انفساخ عقد الطاعن لهلاك العين المؤجرة دون أن يعرض لدفاعه الذى أبداه أمام محكمة الاستئناف ويعنى بتمحيصه وأغفل الدلالة المستمدة من المستندات المقدمة منه والتى ركن إليها فى إثبات العلاقة الإيجارية الجديدة ولم يجبه إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه العلاقة فإنه يكون معيبًا بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث الدعوى رقم...... لسنة 2000 مساكن الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة والتسليم على سند من أنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ 27/ 5/ 1999 استأجر هذا المحل من المالك السابق واستلمه بعد الانتهاء من بنائه وقد أخطره المطعون ضدهما الثانية والثالث بحوالة الحق باعتبارهما مالكى العقار الجدد إلا أنه فوجئ باغتصاب الطاعن لهذا المحل فأقام الدعوى. وجه المطعون ضدهما الثانية والثالث دعوى فرعية ضد الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد إيجار المحل موضوع النزاع والتسليم استنادًا إلى انفساخ عقد بهلاك العين المؤجرة بموجب قرار الهدم رقم...... لسنة 1997 غرب الإسكندرية وقد أعاد المالك السابق بناءها واستأجرها منه المطعون ضده الأول بالعقد سالف الإشارة. كما وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 27/ 5/ 1999 استنادًا إلى أنه مستأجر لهذا المحل - من المالك السابق - بموجب العقد المؤرخ 31/ 3/ 1993 والثابت التاريخ برقم....... لسنة 1995 بما يبطل العقد اللاحق لعقده. حكمت المحكمة فى الدعوى الأصلية بطرد الطاعن من محل النزاع وتسليمه للمطعون ضده الأول وفى الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضدهما الثانية والثالث بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1993 وفى الدعوى الفرعية المقامة من الطاعن برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم..... لسنة 57ق وبتاريخ 25/ 11/ 2001 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بقيام علاقة إيجارية جديدة فيما بينه وبين المالك السابق إذ أقر له بعقد الإيجار المؤرخ 9/ 2/ 1992 عن ذات العين والصادر له من سلفه - والدته - بتسليمه محل بذات شروط هذا العقد بعد الانتهاء من هدم العقار وإعادة بنائه وقد وضع يده على العين بعد البناء ومارس نشاطه فيها وأخطر مصلحة الضرائب وأدخل إليها التيار الكهربائى واستخرج رخصة بهذا النشاط وقدم المستندات الدالة على ذلك وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه العلاقة الإيجارية بما يترتب عليه بطلان عقد الإيجار المؤرخ 27/ 5/ 1999 والصادر للمطعون ضده الأول من المالك السابق واللاحق لعقده المؤرخ 1/ 3/ 1993 الثابت التاريخ فى 1995 وإذ أغفل الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا الدفاع والتفت عن المستندات المؤيدة له ولم يجبه إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه لما كان المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير الرأى فى الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وأيًا ما كانت الطريقة التى أبدى بها هذا الدفاع من الخصوم أصحاب الشأن فى تقديمه بالشكل الذى يريدونه سواء أبدى شفاهة وثبت بمحضر الجلسة أم حوته مذكرة أم تضمنه وجه حافظة مستندات أو أى ورقة من أوراق الدعوى، ما بقى قائمًا وتحت بصر محكمة الموضوع والخصوم فيعتبر مطروحًا ويتعين عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصرًا. وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها. فالتفت الحكم عنها أو اطرح دلالتها المؤثرة فى حقوق الخصوم دون أن يبين بمدوناته ما يبرر هذا الإطراح فإنه يكون قاصرًا، كما أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن النص فى المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 على أنه اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة ويجب إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقار الكائن بدائرتها العين المؤجرة...... ويجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفى حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول" يدل على أن المشرع قد فرض على المؤجر التزامًا بتحرير عقد إيجار يثبت فيه بيانات معينة حماية للمستأجر، وأنه نظرًا للأهمية البالغة التى علقها المشرع على فرض هذا التزام فقد أباح للمستأجر عند المخالفة إثبات العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات عندما لا يكون هناك عقد مكتوب أو أن تنطوى شروط التعاقد المكتوب على تحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام بشرط أن يتمسك المستأجر بذلك بطلب صريح جازم كما حظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفى حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول مما مفاده أن المشرع فى حالة تزاحم المستأجرين اعتد بالعقد الأول وهو العقد الأسبق فى ثبوت التاريخ باعتباره قرينة على أسبقية عقد الإيجار ولكنه قرينة قابلة لإثبات عكسها وعلى مدعى عكس هذه القرينة إثبات ادعائه بكافة طرق الإثبات وبالتالى صحة عقده وبطلان العقود اللاحقة. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بقيام علاقة إيجارية جديدة فيما بينه وبين المالك السابق عن المحل موضوع النزاع وهذه العلاقة سابقة على عقد الإيجار المؤرخ 27/ 5/ 1999 والثابت التاريخ فى 22/ 9/ 1999 الصادر للمطعون ضده الأول مما يترتب عليه بطلان العقد اللاحق واستدل على ذلك بالإقرار الصادر عن هذا المالك على عقد الإيجار المؤرخ 9/ 2/ 1992 بتسليمه محلاً بعد إعادة بناء العقار بذات شروط هذا العقد وأورد هذا الدفاع بوجه حافظة مستنداته المقدمة لتلك المحكمة بجلسة 2/ 7/ 2001 كما تمسك بتسلمه هذا المحل بعد إعادة البناء ومارس نشاطه فيه بدلالة الشهادة الصادرة من مصلحة الضرائب والتى تفيد إعادة نشاطه فى 10/ 8/ 1999 والشهادة الصادرة من شركة الكهرباء بأنه تم تركيب عداد جديد باسمه بتاريخ 14/ 8/ 1999 وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه العلاقة الجديدة السابقة على العقد اللاحق. وكان هذا الدفاع جوهريًا من شأنه - فيما لو ثبت - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة لأسبابه والذى أقام قضاءه بالإخلاء تأسيسًا على انفساخ عقد الطاعن لهلاك العين المؤجرة دون أن يعرض لدفاعه الذى أبداه أمام محكمة الاستئناف ويعنى بتمحيصه وأغفل الدلالة المستمدة من المستندات المقدمة منه والتى ركن إليها فى إثبات العلاقة الإيجارية الجديدة ولم يجبه إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه العلاقة فإنه يكون معيبًا بالقصور مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.