أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 1093

جلسة 26 من يونيه سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين حسنى دياب، محمد عبد المنعم عبد الغفار، نبيل أحمد صادق نواب رئيس المحكمة ومحمد أبو الليل.

(193)
الطعنان رقما 669، 670 لسنة 72 القضائية

(1) دستور "دستورية القوانين". قانون "سريان القانون". نظام عام.
الحكم بعدم دستورية نص قانونى غير ضريبى أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره. المادتان 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بقانون 168 لسنة 1998.
(2، 3) دستور "المحكمة الدستورية" أثر الحكم بعد الدستورية". أوراق مالية. تحكيم "التحكيم بشأن سوق رأس المال". استئناف. حكم "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون".
(2) قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 بشأن سوق رأس المال. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشره بالجريدة الرسمية.
(3) صدور الحكم بعدم الدستورية أثناء نظر محكمة الاستئناف الطعن على حكم هيئة التحكيم. أثره. وجوب الامتناع عن تطبيق نص المادة 52 من القانون 95 لسنة 1992 المقضى بعدم دستوريها. مؤداه. انعقاد الاختصاص بنظر النزاع للقاضى الطبيعى. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.
1 - النص فى المادتين 175، 178 من الدستور والنص فى المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية القانون رقم 168 لسنة 1998 يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى قانون غير ضريبى أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها، حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيب لحق النص منذ نشأته، بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذ النص.
2 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت فى الدعوى رقم 55 لسنة 23 ق دستورية بجلسة 13/ 1/ 2002 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 4 تابع بتاريخ 24/ 1/ 2002 بعدم دستورية نص المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 بشأن سوق رأس المال والتى كانت تنص على أن يتم الفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون فيما بين المتعاملين فى مجال الأوراق المالية عن طريق التحكيم دون غيره، ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذا النص من اليوم التالى لنشر الحكم بعدم دستوريته فى الجريدة الرسمية ويمتنع على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها تطبيقه.
3 - لما كان البين من الأوراق أن هذا الحكم قد صدر أثناء نظر محكمة الاستئناف الطعن على حكم هيئة التحكيم المشكلة طبقًا لنص المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 والذى فصل فى النزاع الذى ثار بين المطعون ضده بصفته والطاعن فكان يتعين على المحكمة أن تمتنع عن تطبيق هذا النص إعمالاً للحكم بعدم دستوريته، بما مؤداه أن الاختصاص بنظر النزاع ينعقد للقاضى الطبيعى - وهو جهة القضاء العادى - الذى كفل الدستور لكل مواطن حق الالتجاء إليها عملاً بنص المادة 68 منه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل حكم المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 سالفة البيان على النزاع على سند من أن حكم المحكمة الدستورية بعد صدور حكم هيئة التحكيم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده بصفته رئيس مجلس إدارة شركة النصر للسمسرة فى الأوراق المالية تقدم بطلب إلى مكتب تحكيم الهيئة العامة لسوق المال قيد برقم.... لسنة.... طالبًا الحكم بإلزام الطاعن أن يؤدى له بصفته مبلغ 69597.66 جنيه على سند من أنه مدين بهذا المبلغ نتيجة بيع وشراء أوراق مالية لصالحه بموجب عقد الاتفاق المحرر بينهما وبتاريخ 22/ 11/ 2001 حكمت هيئة التحكيم بإلزام الطاعن أن يؤدى للمطعون ضده بصفته المبلغ المطالب به وفوائده بواقع 5% من تاريخ الحكم وحتى سداد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة..... القاهرة، كما أقام الاستئناف رقم...... لسنة...... ق القاهرة بطلب بطلان الحكم الصادر من هيئة التحكيم وبتاريخ 5/ 6/ 2002 قضت المحكمة برفض الاستئنافين. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمى 669, 670 لسنة 72ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ نُظر الطعنان فى غرفة مشورة أمرت المحكمة بضم الطعن الثانى للأول وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن كلا من الطعنين أقيم على سببين حاصل السبب الأول من كل منهما أنه أثناء نظر النزاع أمام محكمة الاستئناف صدر حكم من المحكمة الدستورية فى الدعوى رقم 55 لسنة 23 قضائية بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة العاشرة والمادة 52 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 وبسقوط المواد من 53 حتى 62 من هذا القانون والمادتين 210 و 212 من اللائحة التنفيذية للقانون، ومن ثم فقد تمسك الطاعن أمام المحكمة ببطلان حكم التحكيم لعدم دستورية المواد التى تستمد
منها هيئة التحكيم الاختصاص بنظر النزاع ولعدم وجود اتفاق بين الطرفين على اللجوء إلى التحكيم، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بمقولة إن حكم التحكيم صدر قبل صدور حكم المحكمة الدستورية الذى لا يرتب أثرًا رجعيًا ومن ثم يكون هذا الحكم صحيحًا ورتب على ذلك رفض الاستئنافين وتأييد الحكم بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة 175 من الدستور على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا - دون غيرها - الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون" النص فى المادة 178 منه على أن "تنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى من آثار" والنص فى المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أن "أحكام المحكمة فى الدعوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الأحوال إلا أثر مباشر..... " يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى قانون غير ضريبى أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها، حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيب لحق النص منذ نشأته، بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذ النص. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت فى الدعوى رقم 55 لسنة 23 ق دستورية بجلسة 13/ 1/ 2002 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 4 تابع بتاريخ 24/ 1/ 2002 بعدم دستورية نص المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 بشأن سوق رأس المال والتى كانت تنص على أن يتم الفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون فيما بين المتعاملين فى مجال الأوراق المالية عن طريق التحكيم دون غيره، ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذا النص من اليوم التالى لنشر الحكم بعدم دستوريته فى الجريدة الرسمية ويمتنع على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها تطبيقه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن هذا الحكم قد صدر أثناء نظر محكمة الاستئناف الطعن على حكم هيئة التحكيم المشكلة طبقًا لنص المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 والذى فصل فى النزاع الذى ثار بين المطعون ضده بصفته والطاعن فكان يتعين على المحكمة أن تمتنع عن تطبيق هذا النص إعمالاً للحكم بعدم دستوريته، بما مؤداه أن الاختصاص بنظر النزاع ينعقد للقاضى الطبيعى - وهو جهة القضاء العادى - الذى كفل الدستور لكل مواطن حق الالتجاء إليها عملاً بنص المادة 68 منه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل حكم المادة 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 سالفة البيان على النزاع على سند من أن حكم المحكمة الدستورية صدر بعد صدور حكم هيئة التحكيم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثانى فى كل من الطعنين.
وحيث إن موضوع الطعنين صالح للفصل فيه - ولم تقدم - فإنه يتعين القضاء بإلغاء حكم هيئة التحكيم الصادر فى طلب التحكيم رقم 29 لسنة 2001 سوق المال والحكم بعدم قبول الطلب لرفعه بغير الطريق الذى رسمه القانون.