أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 307

جلسة 28 من يناير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، عبد المنعم محمود، عز العرب عبد الصبور نواب رئيس المحكمة ومحمود محيى الدين.

(54)
الطعن رقم 4789 لسنة 71 القضائية

(1 - 3) نزع الملكية للمنفعة العامة. استيلاء. ملكية. تعويض. مسئولية. غصب. ريع. قرار إدارى. هيئات. دعوى. استئناف. نقض "أثر نقض الحكم". قوة الأمر المقضى. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه: ما يعد كذلك" "حجية الحكم" "الطعن فى الحكم".
(1) التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض ملاك العقارات المستولى عليها - مصدره. القانون وليس العمل غير المشروع. يستوى فى ذلك اتخاذها الإجراءات القانونية أو التفاتها عنها. علة ذلك. اتفاق الغاية فى الحالتين. وصف الاستيلاء فى الحالة الثانية بالغصب فى بعض أحكام محكمة النقض. انصرافه إلى تحديد الوقت المقدر فيه قيمة العقار لبيان مقدار التعويض المستحق لمالكه أو إلى تبرير أحقيته فى ريعه من تاريخ الاستيلاء أو إلى صدوره بقرار إدارى من شخص لا سلطة له فى إصداره.
(2) خصومة الطعن على تقدير التعويض عن نزع الملكية. انعقادها بين الجهة طالبة النزع وذوى الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق. التزام هذه الجهة دون الهيئة المصرية العامة للمساحة بأداء التعويض إلى مستحقيه. وجوب توجيه المطالبة به إلى تلك الجهة بحسبانها المستفيدة. المادتان 9، 10 من القانون 10 لسنة 1990. مؤداه. القضاء بإلزام الهيئة بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع السنوى بعقار النزاع. مخالفة للقانون وخطأ فى تطبيقه.
(3) توجيه مستحقى التعويض طلبهم إلى كل من المحافظة باعتبارها الجهة طالبة نزع الملكية وإلى الهيئة المصرية العامة للمساحة. قضاء الحكم المطعون فيه صراحة بإلزام الهيئة وحدها بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع. مؤداه. قضاؤه ضمنًا بعدم قبول الدعوى قبل المحافظة لرفعها على غير ذى صفة. نقضه فيما قضى به صراحة. امتداد أثر إلى قضائه الضمنى ولو لم يطعن فيه لانتفاء المصلحة. علة ذلك. أثره. نقض الحكم كله وعودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدوره. مؤداه. أحقية المطعون ضدهم فى المنازعة فيما رفض أو قضى بعدم قبوله من طلباتهم دون محاجاتهم بصيرورة الحكم باتًا بعدم الطعن عليه. عودة سلطان محكمة الاستئناف على الحكم الابتدائى.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون وليس العمل غير المشروع هو مصدر التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض ملاك العقارات التى يتم الاستيلاء عليها، وذلك سواء التزمت تلك الجهة الإجراءات التى رسمها قانون نزع الملكية أو التفتت عنها ذلك أن نزع الملكية دون اتخاذ الإجراءات القانونية، يؤدى إلى الاستيلاء على الملك ونقل حيازته للدولة التى تخصصه للمنفعة العامة فيتفق فى غايته مع نزع الملكية باتخاذ الإجراءات القانونية، ومن ثم يستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق، ولا ينال من ذلك أن محكمة النقض وصفت هذا الاستيلاء فى بعض أحكامها بأنه يعتبر بمثابة غصب إذ أن ذلك كان بصدد تحديد الوقت الذى تقدر فيه قيمة العقار لبيان مقدار التعويض الذى يستحقه مالكه، أو فى مقام تبرير أحقيته فى المطالبة بريعه من تاريخ الاستيلاء أو فى مقام صدور قرار إدارى بالاستيلاء من شخص لا سلطة له فى إصداره.
2 - لما كان القانون رقم 10 لسنة 1990 - المعمول به اعتبارًا من 1/ 7/ 1990 - قد ألغى القانون رقم 577 لسنة 1954 ونص فى المادتين التاسعة والعاشرة منه على أن خصومة الطعن على تقدير التعويض عن نزع الملكية تنعقد بين الجهة طالبة نزع الملكية وذوى الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق، وعلى أن هذه الجهة هى التى تلتزم بأداء التعويض إلى مستحقيه، فإن المطالبة بذلك التعويض يتعين توجيهها إلى الجهة طالبة نزع الملكية بحسبانها الجهة المستفيدة، ومن ثم تلتزم بالتعويض دون الجهة التى تتولى اتخاذ إجراءات نزع الملكية - وهى الهيئة المصرية العامة للمساحة - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الهيئة الطاعنة (آنفة الذكر) بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع السنوى بالعقار موضوع النزاع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
3 - لما كان الثابت فى الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن مستحقى التعويض وجهوا طلبهم إلى كل من محافظة.... باعتبارها الجهة طالبة نزع الملكية وإلى الهيئة المصرية العامة للمساحة، فإن قضاء الحكم صراحة بإلزام هذه الهيئة الأخيرة وحدها بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع مؤداه أنه قضى ضمنًا بعدم قبول الدعوى قبل المحافظة لرفعها على غير ذى صفة لأن هذا القضاء الضمنى هو النتيجة الحتمية للمنطوق الصريح. وإذ كانت المسألة المقضى فيها واحدة فإن نقض الحكم فيما قضى به صراحة يمتد أثره إلى قضائه الضمنى لما بينهما من ارتباط وتبعية ولو لم يطعن فى القضاء الضمنى لانتفاء المصلحة، فإذا نقض نقض كله وعادت الخصومة والخصوم إلى سابق ما كانت وكانوا عليه قبل صدوره بحيث يكون للمطعون ضدهم المذكورين الحق فى المنازعة فيما رفض أو قضى بعدم قبوله من طلباتهم دون أن يحاجوا بصيرورته باتًا بعدم الطعن عليه، ويعود لمحكمة الاستئناف سلطانها المطلق على الحكم الابتدائى، ومن ثم فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة حتى لا يكون هناك إخلال بما للمطعون ضدهم المذكورين من حقوق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول.... ومورثته والمطعون ضدهما....،... و.... أقاما الدعوى...... لسنة 1997 مدنى الجيزة الابتدائية على الهيئة الطاعنة والمطعون ضدهم من الثانى حتى الأخير بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليها مبلغ مليون جنيه تعويضًا عن غصب قطعة الأرض الفضاء المبينة فى صحيفة دعواهما. ومحكمة أول درجة قضت بعدم قبول الدعوى. استأنف المطعون ضدهم أولاً الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة 117ق القاهرة، وبتاريخ 11/ 7/ 2001 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الهيئة الطاعنة بأن تدفع إليهم مبلغ 160910 جنيها تعويضًا عن نزع الملكية. ومبلغ 16091 جنيهًا مقابل عدم انتفاع سنوى عن المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلى على العقار حتى سداد التعويض. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وعُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك تقول إن الخصومة فى الدعوى... طبقًا لنص المادة 9 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة - يجب أن تنعقد بين المطعون ضدهم ملاك العقار موضوع النزاع وبين محافظة الجيزة باعتبارها الجهة طالبة نزع الملكية، ذلك أن دورها هى - الطاعنة.... يقتصر على القيام بتحديد وحصر أسماء الملاك وأصحاب الحقوق المتداخلة أملاكهم فى مشروعات نزع الملكية. وإذ خالف الحكم هذا النظر وألزمها بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع رغم اختصام الجهة طالبة نزع الملكية فإن ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون وليس العمل غير المشروع هو مصدر التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض ملاك العقارات التى يتم الاستيلاء عليها، وذلك سواء التزمت تلك الجهة الإجراءات التى رسمها قانون نزع الملكية أو التفتت عنها ذلك أن نزع الملكية دون اتخاذ الإجراءات القانونية، يؤدى إلى الاستيلاء على الملك ونقل حيازته للدولة التى تخصصه للمنفعة العامة فيتفق فى غايته مع نزع الملكية باتخاذ الإجراءات القانونية، ومن ثم يستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق، ولا ينال من ذلك أن محكمة النقض وصفت هذا الاستيلاء فى بعض أحكامها بأنه يعتبر بمثابة غصب إذ أن ذلك كان بصدد تحديد الوقت الذى تقدر فيه قيمة العقار لبيان مقدار التعويض الذى يستحقه مالكه، أو فى مقام تبرير أحقيته فى المطالبة بريعه من تاريخ الاستيلاء أو فى مقام صدور قرار إدارى بالاستيلاء من شخص لا سلطة له فى إصداره. لما كان ذلك وكان القانون رقم 10 لسنة 1990 - المعمول به اعتبارًا من 1/ 7/ 1990 - قد ألغى القانون رقم 577 لسنة 1954 ونص فى المادتين التاسعة والعاشرة منه على أن خصومة الطعن على تقدير التعويض عن نزع الملكية تنعقد بين الجهة طالبة نزع الملكية وذوى الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق، وعلى أن هذه الجهة هى التى تلتزم بأداء التعويض إلى مستحقيه، فإن المطالبة بذلك التعويض يتعين توجيهها إلى الجهة طالبة نزع الملكية بحسبانها الجهة المستفيدة، ومن ثم تلتزم بالتعويض دون الجهة التى تتولى اتخاذ إجراءات نزع الملكية - وهى الهيئة المصرية العامة للمساحة - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الهيئة الطاعنة بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع السنوى بالعقار موضوع النزاع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت فى الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن مستحقى التعويض وجهوا طلبهم إلى كل من محافظة الجيزة باعتبارها الجهة طالبة نزع الملكية وإلى الهيئة المصرية العامة للمساحة، فإن قضاء الحكم صراحة بإلزام هذه الهيئة الأخيرة وحدها بالتعويض وبمقابل عدم الانتفاع مؤداه أنه قضى ضمنًا بعدم قبول الدعوى قبل المحافظة لرفعها على غير ذى صفة لأن هذا القضاء الضمنى هو النتيجة الحتمية للمنطوق الصريح.
وإذ كانت المسألة المقضى فيها واحدة فإن نقض الحكم فيما قضى به صراحة يمتد أثره إلى قضائه الضمنى لما بينهما من ارتباط وتبعية ولو لم يطعن فى القضاء الضمنى لانتفاء المصلحة، فإذا نقض نقض كله وعادت الخصومة والخصوم إلى سابق ما كانت وكانوا عليه قبل صدوره بحيث يكون للمطعون ضدهم المذكورين الحق فى المنازعة فيما رفض أو قضى بعدم قبوله من طلباتهم دون أن يحاجوا بصيرورته باتًا بعدم الطعن عليه، ويعود لمحكمة الاستئناف سلطانها المطلق على الحكم الابتدائى، ومن ثم فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة حتى لا يكون هناك إخلال بما للمطعون ضدهم المذكورين من حقوق.