أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 313

جلسة 28 من يناير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، عبد المنعم محمود، د, مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة ومحمود محيى الدين.

(55)
الطعن رقم 1339 لسنة 72 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص المحلى". عقد "تفسيره". نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج". حكم" عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
تضمن عقد البيع موضوع النزاع اتفاق طرفيه على اختصاص محاكم القاهرة بجزئياتها بنظر ما قد ينشأ عنه من منازعات. مؤداه. شموله محكمتى شمال وجنوب القاهرة الابتدائيين وجزئياتهما من غير حصر لمحكمة منهما. تخصص أيهما. تأويل غير مقبول. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الأخيرة بنظر الدعوى. النعى عليه بالخطأ لاعتباره الدعوى شخصية عقارية أو لمخالفته المادة 2 من القرار بقانون 50 لسنة 1971 بتقسيم محكمة القاهرة الابتدائية إلى هاتين المحكمتين. غير منتج.
(2 - 4) ملكية" حق استغلال المناجم والمحاجر". حق. نظام عام. التزام. بيع. عقد. بطلان "بطلان التصرفات". حكم "مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه: ما يعد كذلك".
(2) تشغيل واستغلال المناجم والمحاجر وملحقاتها على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه. وجوب أن يكون استغلال المحجر بتراخيص وعقود يصدر بها قرار من الوزير المختص أو من ينيبه عنه. حظر التنازل عن هذه التراخيص إلى الغير إلا بموافقة الوزير المختص. مخالفة ذلك. أثر. جزاء جنائى يوقع على المتنازل والمتنازل إليه. اعتبار هذه القواعد آمرة متعلقة بالنظام العام. مؤداه. امتناع مناهضتها على الأفراد. المواد 25، 26، 40، 43، 44 من القانون 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر و 85 من قرار وزير الصناعة 69 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية و 93 من اللائحة.
(3) محل الالتزام. وجوب أن يكون مشروعًا لا يتعارض مع نص ناه. علة. مخالفة هذا التعارض للنظام العام. م 135 مدنى.
(4) حصول الطاعن على ترخيص من المحافظة باستغلال المحجر موضوع النزاع وحوض التشوين الخاص به. بيعه للمطعون ضده كافة المقومات المادية والمعنوية والقانونية للمحجر بعقد تنازل له بمقتضاه عن العقود المبرمة بينه والمحافظة وعن مستندات الملكية والاستغلال الصادرة من الجهات الرسمية والحكومية. أثره. بطلان التصرف بطلانًا مطلقًا وعدم إنتاجه أثرًا بين الطرفين أو بالنسبة للغير. علة ذلك. تعارض محل الالتزام فيه مع نصوص قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام. القضاء بتسليم المحجر للمطعون ضده تأسيسًا على أنه من الالتزامات الأصلية على البائع. مخالفة للقانون وخطأ فى تطبيقه.
1 - النص فى البند العاشر من عقد البيع موضوع النزاع على أن الطرفين اتفقا على "اختصاص محاكم القاهرة بجزئياتها "بنظر ما قد ينشأ عنه من منازعات ورد عامًا يدل على شموله واستغراقه لجميع أفراده، ومن ثم فإنه يشمل محكمتى شمال وجنوب القاهرة الابتدائيتين وجزئياتهما من غير حصر لمحكمة منهما، وتخصيصه بغير دليل تأويل غير مقبول. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بنظر الدعوى بناء على تفسيره الصحيح لعبارة " محاكم القاهرة بجزئياتها " - وهو ما يكفى لحمل هذا القضاء - ، فإن النعى عليه بأنه أخطأ إذ اعتبر الدعوى من الدعاوى الشخصية العقارية أو أنه خالف نص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1971 سالف الذكر (قرار رئيس الجمهورية بالقانون 50 لسنة 1971 بتقسيم محكمة القاهرة الابتدائية إلى محكمتين ابتدائيتين) - يكون غير منتج أيًا ما كان وجه الرأى فيه.
2 - النص فى المادة 25 من القانون رقم 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر على أن "تكون الأولوية للمصرى على الأجنبى فى الحصول على تراخيص استغلال المحاجر" وفى المادة 26 منه على أن "يصدر عقد الاستغلال للمدة التى يحددها الطالب بقرار من وزير التجارة والصناعة أومن ينيبه عنه "وفى المادة 40 على أن "لا يجوز النزول عن التراخيص والعقود التى تصدر بالتطبيق لأحكام هذا القانون إلى الغير إلا بموافقة وزير التجارة والصناعة..... وفى حالة المخالفة يجوز للوزير أن يقرر إلغاء الترخيص أو العقد"، وفى المادة 43 على أن "يعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها كل من استخرج أو شرع فى استخراج مواد معدنية من المناجم أو أى مادة من مواد المحاجر بدون ترخيص"، وفى المادة 44 على أن "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها قانونًا يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مائتى جنيه وتحدد مصلحة المناجم والمحاجر مهلة لإزالة المخالفة" والنص فى المادة 85 من قرار وزير الصناعة رقم 69 لسنة 1959 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر على أن "لا يجوز التنازل عن عقد الاستغلال أو إشراك الغير فيه إلا بعد موافقة الوزير أو من ينيبه - على ذلك كتابة مقدمًا " وفى المادة 63 من اللائحة ذاتها على أن "إذا ارتكب المستغل مخالفة لأى حكم من أحكام هذه اللائحة........ يكون للوزير أو من ينيبه حق إلغاء عقده دون حاجة إلى إجراءات قضائية أو غيرها" - يدل على أن المشرع قصد تشغيل واستغلال المناجم والمحاجر وملحقاتها كأحواض التشوين على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزامًا بمقتضيات الصالح العام وتحقيقًا للغاية التى هدف إليها وهى - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه "تشجيع وتنظيم استغلال الثروة المعدنية، والكشف عنها" - مما يعود بأكبر النفع على النهضة الصناعية، ويساهم بنصيب أوفر فى زيادة الدخل القومى للبلاد "فأوجب أن يكون استغلال المحجر بتراخيص وعقود يصدر بها قرار من الوزير المختص أو من ينيبه عنه، وحظر التنازل عن هذه التراخيص إلى الغير إلا بموافقة الوزير المختص، ورتب على مخالفة ذلك جزاء جنائيًا يوقع على المتنازل إعمالاً لحكم المادة 44 من القانون 86 لسنة 1956، وعلى المتنازل إليه إعمالاً لحكم المادة 43 منه، ومن ثم فإن القواعد التى نظم بها المشرع هذه المسألة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصالح الأفراد مما يوجب عليهم جميعًا مراعاتها وعدم مناهضتها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة.
3 - إذ كانت المادة 135 من القانون المدنى تنص على أن "إذا كان محل الالتزام مخالفًا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً" فإن محل الالتزام يجب أن يكون مشروعًا لا يتعارض مع نص ناه لأن مثل هذا التعارض يندرج تحت مخالفة النظام العام.
4 - لما كان الثابت فى الأوراق وحصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن حصل على الترخيص رقم...... من محافظة القاهرة باستغلال المحجر موضوع النزاع وحوض التشوين الخاص به، وأنه باع المطعون ضده كافة المقومات المادية والمعنوية والقانونية لذلك المحجر بعقد مؤرخ 27/ 9/ 1992 تنازل له بمقتضاه عن كافة العقود المبرمة بينه ومحافظ القاهرة وعن كافة المستندات التى تفيد الملكية والاستغلال الصادرة من الجهات الرسمية والحكومية، فإن العقد يكون قد تناول التصرف فى حق استغلال المحجر وملحقاته لأن هذا الحق داخل فى مقومات المحجر ويشكل أهم عناصر المبيع، ومن ثم فإنه يكون باطلاً بطلانًا مطلقًا لتعارض محل الالتزام فيه مع نصوص قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، وبالتالى فإنه لا ينتج أثرًا لا فيما بين طرفيه ولا بالنسبة للغير. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأيد الحكم الابتدائى فيما قضى به من تسليم المحجر إلى المطعون ضده بالحالة التى كان عليها وقت البيع على سند مما أورده فى أسبابه من أن "تسليم المبيع من الالتزامات الأصلية التى تقع على عاتق البائع "فإنه يكون قد خالف القانون واخطأ فى تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى..... لسنة 2000 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتسليمه المحجر وحوض التشوين المبينين فى صحيفة دعواه. وقال شارحًا لذلك إن الطاعن باعه كافة المقومات المادية والمعنوية والقانونية للمحجر رقم 10729 وحوش التخزين الخاص به بعقد مؤرخ 27/ 9/ 1992. وإذ تقاعس عن تسليمها له، فقد أقام الدعوى. ومحكمة أول درجة حكمت بتسليم المحجر المبيع للمطعون ضده بالحالة التى كان عليها وقت البيع. 31/ 12/ 2001 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، والفساد فى الاستدلال. وفى بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة محليًا بنظر الدعوى لأنه يقيم دائرة محكمة شمال القاهرة الابتدائية، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع على سند من أن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للمحكمة التى يقع بدائرتها العقار أو موطن المدعى عليه، وإلى أن العقد محل النزاع تضمن فى بنده العاشر الاتفاق على اختصاص محاكم القاهرة بجزئياتها بنظر ما قد ينشأ عنه من منازعات. وهو ما يعنى أن الحكم اعتبر أن الدعوى شخصية عقارية حالة كونها شخصية منقولة لأن المبيع ليس عقارًا وإنما هو حق استغلال محجر مملوك للدولة. كما أن محكمة شمال القاهرة الابتدائية هى المختصة بنظر الدعوى طبقًا للمادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 1971 بتقسيم محكمة القاهرة الابتدائية إلى محكمتين ابتدائيتين. الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن النص فى البند العاشر من عقد البيع موضوع النزاع على أن الطرفين اتفقا على "اختصاص محاكم القاهرة بجزئياتها" بنظر ما قد ينشأ عنه من منازعات ورد عامًا يدل على شموله واستغراقه لجميع أفراده، ومن ثم فإنه يشمل محكمتى شمال وجنوب القاهرة الابتدائيتين وجزئياتهما من غير حصر لمحكمة منهما، وتخصيصه بغير دليل تأويل غير مقبول. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بنظر الدعوى بناء على تفسيره الصحيح لعبارة " محاكم القاهرة بجزئياتها" - وهو ما يكفى لحمل هذا القضاء - ، فإن النعى عليه بأنه أخطأ إذ أعتبر الدعوى من الدعاوى الشخصية العقارية أو أنه خالف نص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1971 سالف الذكر - يكون غير منتج أيًا ما كان وجه الرأى فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه. وفى بيان ذك يقو إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن محافظة القاهرة رخصت له باستغلال المحجر وملحقاته، وبأن القانون رقم 86 لسنة 1956 فى شأن المناجم والمحاجر لا يجيز التنازل عن ذلك الترخيص إلا بعد موافقة الوزير المختص (المحافظ حاليًا طبقًا للقانون 38 لسنة 1962 بشأن إحلال المحافظات محل وزارة الصناعية فى الإشراف على المحاجر واستغلالها) ورتب على مخالفة ذلك جزاءً جنائيًا مما لازمه أن يكون العقد المبرم بينه وبين خصمه باطلاً بطلانًا مطلقًا متعلقًا بالنظام العام - إلا أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت فى الأوراق وقضى برفض دفاعه على سند من أنه والمطعون ضده كانا شريكين فى المحجر، وأن البيع والتنازل وردا على المقومات الأساسية له وليس على المحجر ذاته. وإذ خلت الأوراق من دليل على تلك الشراكة لأنه لا تلازم بين المشاركة فى استغلال المحجر والمشاركة فى العقد المبرم مع جهة الإدارة، ولأنه لو صح القول بأنهما كان شريكين لاقتصر التنازل على نصف مقومات المحجر وليس عليها كلها. كما أنه لا محل للتفرقة بين المقومات الأساسية للمحجر والمحجر ذاته لانصراف التعبيرين إلى مدلول واحد هو حق استغلال المحجر، ومن ثم فإن الحكم يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة 25 من القانون رقم 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر على أن "تكون الأولوية للمصرى على الأجنبى فى الحصول على تراخيص استغلال المحاجر "وفى المادة 26 منه على أن "يصدر عقد الاستغلال للمدة التى يحددها الطالب بقرار من وزير التجارة والصناعة أومن ينيبه عنه" وفى المادة 40 على أن "لا يجوز النزول عن التراخيص والعقود التى تصدر بالتطبيق لأحكام هذا القانون إلى الغير إلا بموافقة وزير التجارة والصناعة..... وفى حالة المخالفة يجوز للوزير أن يقرر إلغاء الترخيص أو العقد"، وفى المادة 43 على أن " يعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها كل من استخرج أو شرع فى استخراج مواد معدنية من المناجم أو أى مادة من مواد المحاجر بدون ترخيص"، وفى المادة 44 على أن "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها قانونًا يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مائتى جنيه وتحدد مصلحة المناجم والمحاجر مهلة لإزالة المخالفة" والنص فى المادة 85 من قرار وزير الصناعة رقم 69 لسنة 1959 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر على أن "لا يجوز التنازل عن عقد الاستغلال أو إشراك الغير فيه إلا بعد موافقة الوزير أو من ينيبه على ذلك كتابة مقدمًا" وفى المادة 93 من اللائحة ذاتها على أن "إذا أرتكب المستغل مخالفة لأى حكم من أحكام هذه اللائحة........ يكون للوزير أو من ينيبه حق إلغاء عقده دون حاجة إلى إجراءات قضائية أو غيرها" - يدل على أن المشرع قصد تشغيل واستغلال المناجم والمحاجر وملحقاتها كأحواض التشوين على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزامًا بمقتضيات الصالح العام وتحقيقًا للغاية التى هدف إليها وهى - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليـه - "تشجيع وتنظيم استغلال الثروة المعدنية، والكشف عنها، مما يعود بأكبر النفع على النهضة الصناعية، ويساهم بنصيب أوفر فى زيادة الدخل القومى للبلاد "فأوجب أن يكون استغلال المحجر بتراخيص وعقود يصدر بها قرار من الوزير المختص أو من ينيبه عنه، وحظر التنازل عن هذه التراخيص إلى الغير إلا بموافقة الوزير المختص، ورتب على مخالفة ذلك جزاء جنائيًا يوقع على المتنازل إعمالاً لحكم المادة 44 من القانون 86 لسنة 1956، وعلى المتنازل إليه إعمالاً لحكم المادة 43 منه، ومن ثم فإن القواعد التى نظم بها المشرع هذه المسألة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصالح الأفراد مما يوجب عليهم جميعًا مراعاتها وعدم مناهضتها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة. وإذ كانت المادة 135 من القانون المدنى تنص على أن "إذا كان محل الالتزام مخالفًا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً" فإن محل الالتزام يجب أن يكون مشروعًا لا يتعارض مع نص ناه لأن مثل هذا التعارض يندرج تحت مخالفة النظام العام. لما كان ذلك وكان الثابت فى الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن حصل على الترخيص رقم 10729 لسنة 1988 من محافظة القاهرة باستغلال المحجر موضوع النزاع وحوض التشوين الخاص به، وأنه باع المطعون ضده كافة المقومات المادية والمعنوية والقانونية لذلك المحجر بعقد مؤرخ 27/ 9/ 1992 تنازل له بمقتضاه عن كافة العقود المبرمة بينه ومحافظ القاهرة وعن كافة المستندات التى تفيد الملكية والاستغلال الصادرة من الجهات الرسمية والحكومية، فإن العقد يكون قد تناول التصرف فى حق استغلال المحجر وملحقاته لأن هذا الحق داخل فى مقومات المحجر ويشكل أهم عناصر المبيع، ومن ثم فإنه يكون باطلاً بطلانًا مطلقًا لتعارض محل الالتزام فيه مع نصوص قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، وبالتالى فإنه لا ينتج أثرًا لا فيما بين طرفيه ولا بالنسبة للغير. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأيد الحكم الابتدائى فيما قضى به من تسليم المحجر إلى المطعون ضده بالحالة التى كان عليها وقت البيع على سند مما أورده فى أسبابه من أن "تسليم المبيع من الالتزامات الأصلية التى تقع على عاتق البائع" فإنه يكون قد خالف القانون واخطأ فى تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة السبب الثالث من أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.