أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 1323

جلسة 9 من ديسمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على محمد على، محمد درويش، عبد المنعم دسوقى ود. خالد عبد الحميد نواب رئيس المحكمة.

(234)
الطعن رقم 354 لسنة 72 القضائية

(1) إفلاس. محكمة الموضوع "سلطتها التقديرية".
الدين الذى يشهر الإفلاس عند التوقف عن دفعه. شرطه. أن يكون دينًا تجاريًا حال الأداء معلوم المقدار وخاليًا من النزاع. على محكمة الموضوع أن تستظهر جميع المنازعات التى يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير جديتها.
(2) إفلاس "التوقف عن الدفع".
التوقف عن الدفع. هو الذى ينبئ عن مركز مالى مضطرب وضائقة مستحكمة بتزعزع معها ائتمان التاجر مما يعرض حقوق الدائنين للخطر. مجرد امتناع التاجر عن دفع ديونه لا يعد توقفًا بالمعنى المذكور. علة ذلك.
(3) إفلاس. نقض "سلطة محكمة النقض". حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع.
الحكم الصادر بالإفلاس. وجوب أن تفصل المحكمة فى الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها فى تكييفها القانونى لهذه الوقائع. علة ذلك.
(4) إفلاس. حكم "تسبيب الحكم" عيوب التدليل: القصور"
اتخاذ الحكم من مجرد امتناع الطاعنة عن سداد الدين وعدم حضورها دليلاً على توقفها عن الدفع. عدم بيانه الأسباب الدالة على اعتبار التوقف كاشفًا عن اضطراب مركزها المالى وتزعزع ائتمانها. قصور.
1 - يشترط فى الدين الذى يشهر الإفلاس عند التوقف عن دفعه أن يكون دينًا تجاريًا حال الأداء ومعلوم المقدار وخاليًا من النزاع الجدى وأنه يجب على محكمة الموضوع عند الفصل فى طلب شهر الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التى يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير مدى جدية تلك المنازعات.
2 - التوقف عن الدفع هو الذى ينبئ عن مركز مالى مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة فى غير مصلحته إلا أنه قد لا يعتبر توقفًا بالمعنى السالف بيانه إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذرًا طرأ عليه مع اقتداره على الدفع وقد يكون لمنازعته فى الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء.
3 - يتعين على محكمة الموضوع أن تفصل فى حكمها - الصادر بإشهار الإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها فى تكييفها القانونى لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التى يتطلبها القانون لإشهار الإفلاس.
4 - اكتفاء - الحكم المطعون فيه - فى تبرير قضائه بإشهار إفلاس الطاعنة بقالة "أن المدين المستأنف بصفته تاجرًا والدين المطالب به قد توافر فيه شروط الدين الذى يشهر الإفلاس من أجله كما ثبت توقف المدين عن سداد هذا الدين فضلاً عن عدم حضوره لدفع الدعوى بثمة دفع أو دفاع ومن ثم تكون معه شروط الإفلاس متوافرة وتنتهى المحكمة إلى القضاء بإشهار إفلاسه"، فإنه يكون بذلك قد اتخذ من مجرد امتناع الطاعنة عن سداد الدين موضوع الدعوى وعدم حضورها دليلاً على توقفها عن الدفع دون أن يبين ما إذا كان هذا التوقف كاشفًا عن اضطراب فى مركز الطاعنة المالى يتزعزع معه ائتمانها على نحو تتعرض به حقوق دائنيها للخطر وأسباب ذلك، وهو ما يعجز محكمة النقض عن مراقبة التكييف القانونى للوقائع المؤدية له وإنزال حكم القانون عليها فى هذا الخصوص مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه لهذا السبب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة التى يمثلها المطعون ضده الأول أقامت الدعوى رقم.... لسنة.... إفلاس شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإشهار إفلاس الشركة التى يمثلها الطاعن. وقالت بيانًا لها إن الأخيرة مدينة لها بمبلغ 122586 جنيهًا بموجب ثمانى كمبيالات مستحقة الأداء وأنه بالنظر إلى كونها تاجر توقف عن سداد ديونه التجارية لاضطراب أحواله المالية فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 2001 حكمت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم..... لسنة..... ق، وبتاريخ 27 من مارس سنة 2002 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الشركة الطاعنة وتحديد يوم 27 من مايو سنة 2001 تاريخًا مؤقتًا للتوقف عن الدفع. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة أول درجة بوجود نزاع جدى حول استحقاق المطعون ضدها الأولى لقيمة الكمبيالات المتعلقة بعقد الاتفاق المبرم بينهما بعد أن أخلت بتنفيذ الالتزامات الناشئة عنه الذى حررت الطاعنة بشأنه المحضر رقم... لسنة.... إدارى شرم الشيخ وأقامت الدعوى رقم... لسنة.... جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير لتصفية الحساب بينهما بعد معاينة محطتى تحلية المياة ومعالجة الصرف الصحى - المسند لها أعمال المقاولة بها - لبيان مدى مطابقتها للمواصفات القياسية وشروط الاتفاق سالف البيان مما حداها إلى حبس مستحقات الأخيرة للوفاء بالتزاماتها وإصلاح كافة عيوب المحطتين هذا إلى أنها تمسكت أيضًا بيسارها وأن توقفها عن السداد لا ينبئ عن مركز مالى مضطرب وضائقة مستحكمة بل مرجعه إلى النزاع الجدى سالف الذكر وقدمت المستندات الدالة على ذلك وإذ كان هذا الدفاع وأدلته معروضين على محكمة الإستئناف بحكم الأثر الناقل للاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ويقسطه حقه من البحث والتمحيص ولم يناقش المستندات رغم مالها من دلالة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله؛ ذلك بأن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط فى الدين الذى يشهر الإفلاس عند التوقف عن دفعه أن يكون دينًا تجاريًا حال الأداء ومعلوم المقدار وخاليًا من النزاع الجدى وأنه يجب على محكمة الموضوع عند الفصل فى طلب شهر الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التى يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير مدى جدية تلك المنازعات، وأن التوقف عن الدفع هو الذى ينبئ عن مركز مالى مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقـق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة فى غير مصلحته إلا أنه قد لا يعتبر توقفًا بالمعنى السالف بيانه إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذرًا طرأ عليه مع اقتداره على الدفع وقد يكون لمنازعته فى الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء ويتعين على محكمة الموضوع أن تفصل فى حكمها - الصادر بإشهار الإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها فى تكييفها القانونى لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التى يتطلبها القانون لإشهار الإفلاس. لما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق أن الطاعنة تمسكت فى دفاعها أمام محكمة أول درجة - المعروض على محكمة الاستئناف نفاذًا للأثر الناقل للاستئناف - بوجود نزاع جدى حول استحقاق الدين محل طلب إشهار الإفلاس لإخلال المطعون ضدها الأولى بتنفيذ التزاماتها الناشئة عن الاتفاق المبرم بينهما بشأن تركيب وتوريد وصيانة محطتى تحلية المياه ومعالجة الصرف الصحى لعدم مطابقتها للمواصفات القياسية وبنود ذلك الاتفاق الأمر الذى تحرر عنه المحضر رقم.... لسنة... إدارى شرم الشيخ رفع بشأنه الدعوى رقم.... لسنة.... جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير لتصفية الحساب بينهما ومعاينة المحطتين لبيان مدى مطابقتهما للمواصفات وبنود الاتفاق، هذا إلى أن حبس مستحقات الأخيرة كان بغرض إجبارها على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية وإصلاح عيوب المحطتين وتمسكت أيضًا بيسارها تأكيدًا منها وأن توقفها عن السداد لا ينبئ عن مركز مالى مضطرب وضائقة مستحكمة بل يرجع إلى النزاع الجدى على الدين وذلك كله وفقًا للمستندات الدالة عليه، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويقسطه حقه فى البحث والتمحيص ويستظهر دلالة المستندات المقدمة فى صحة منازعتها فى الدين واكتفى فى تبرير قضائه بإشهار إفلاس الطاعنة بقالة "أن المدين المستأنف بصفته تاجرًا والدين المطالب به قد توافر فيه شروط الدين الذى يشهر الإفلاس من أجله كما ثبت توقف المدين عن سداد هذا الدين فضلاً عن عدم حضوره لدفع الدعوى بثمة دفع أو دفاع ومن ثم تكون معه شروط الإفلاس متوافرة وتنتهى المحكمة إلى القضاء بإشهار إفلاسه"، فإنه يكون بذلك قد اتخذ من مجرد امتناع الطاعنة عن سداد الدين موضوع الدعوى وعدم حضورها دليلاً على توقفها عن الدفع دون أن يبين ما إذا كان هذا التوقف كاشفًا عن اضطراب فى مركز الطاعنة المالى يتزعزع معه ائتمانها على نحو تتعرض به حقوق دائنيها للخطر وأسباب ذلك، وهو ما يعجز محكمة النقض عن مراقبة التكييف القانونى للوقائع المؤدية له وإنزال حكم القانون عليها فى هذا الخصوص مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.