أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 1388

جلسة 23 من ديسمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على محمد على، محمد درويش، ود. خالد عبد الحميد و محمد العبادى نواب رئيس المحكمة.

(248)
الطعن رقم 783 لسنة 71 القضائية

(1) حكم "حجية الأحكام: شرط الحجية". قوة الأمر المقضى "شروطها".
حجية الحكم فى دعوى لاحقه. شرطه. اتحاد الدعويين موضوعًا وسببًا وخصومًا.
(2) دعوى "سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته. عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية للخصوم.
(3) إثبات "الإقرار". محكمة الموضوع" سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات".
وصف الإقرار بأنه قضائى أم غير قضائى. العبرة فيه بوصف محكمة الموضوع دون وصف الخصوم. الاستخلاص السائغ لدلالته والظروف الملابسة له استقلالها به. عدم خضوعه لرقابة محكمة النقض.
1 - المقرر وفقًا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية أنه لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضى بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع فى كل من الدعويين واتحد السبب المباشر الذى تولدت عنه كل منهما فضلاً عن وحدة الخصوم فإذا ما تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضى.
2 - السبب فى معنى المادة 101 من قانون الإثبات هو الواقعة التى استمد منها المدعى الحق فى الطلب والذى لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى يستند إليها الخصوم، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى - التى صدر فيها الحكم السابق - أقامها من يدعى..... باعتباره مقاولاً من الباطن ضد كل من الشركة الطاعنة - كرب عمل - والمطعون ضده الأول - المقاول الأصلى - بطلب إلزام الأولى بأن تؤدى له مبلغ 12159 جنيهًا خصمًا من المستحق للأخير لديها عن عملية إنشاء العمارتين.....،..... بمدينة العبور وفقًا لما تقضى به المادة 662/ 1 من القانون المدنى وسببها هو عقد المقاولة من الباطن المحرر بينه وبين المطعون ضده الأول والمؤرخ 28 من مارس سنة 1990 بينما الدعوى - التى صدر فيها الحكم التالى - أقامتها الشركة الطاعنة على المطعون ضده الأول بطلب إلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 149205.580 جنيهًا قيمة ما استحق لها طرفه نفاذًا لعقد المقاولة الأصلى المحرر بينهما فى 14 من يونيه سنة 1990 وملحقه المؤرخ 24 من نوفمبر سنة 1990 عالجها المطعون ضده الأول بإقامة دعوى فرعية انتهى فيها وفق طلباته الختامية إلى إلزامها بأن تؤدى له باقى مستحقاته عن هذين العقدين ومقداره 342605.2 جنيهًا وبذلك فإن سبب هذه الدعوى يكون عقدى المقاولة الأصلى وملحقه وهو سبب يختلف عن الدعوى السابقة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحًا إلى عدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر فى الدعوى السابقة فإنه لا يكون قد خالف القانون.
3 - العبرة فى وصف الإقرار بأنه قضائى أم غير قضائى ليس بما يصفه الخصوم ولكن بما تنزله المحكمة من وصف حق له وأن الاستخلاص السائغ لدلالة الإقرار والظروف الملابسة له أمر تستقل به محكمة الموضوع بلا رقابة عليها فى هذا الخصوص من محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده الأول الدعوى رقم........ لسنة........ تجارى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم - حسبما انتهت إليه طلباتها المعدلة - بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى لها مبلغ 5415.13 جنيهًا.
وقالت بيانًا لذلك أنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ فى 14 من يونيه سنة 1990 وملحقه المؤرخ فى 24 من نوفمبر سنة 1990 تعاقدت مع المطعون ضده الأول على أن يقوم بتنفيذ أعمال بناء العمارتين رقمى........،........ ضمن مشروع إنشاء 3200 وحدة سكنية بمدينة العبور المسندة إليها من قبل هيئة تعاونيات البناء وذلك بإجمالى مبلغ 260734.050 جنيهًا قابلة للزيادة أو النقصان بنسبة 25% وقد قام المطعون ضده الأول بتنفيذ بعض الأعمال المتفق عليها إلا أنه توقف عن استكمال باقى الأعمال مما استوجب تنفيذها بالخصم على حسابه لديها مع تحميله قيمة فروق الأسعار وغرامة التأخير والتعويض المناسب، ومن ثم فقد أقامت الدعوى. ادعى المطعون ضده الأول فرعيًا ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم - وحسبما انتهت إليه طلباته الختامية - بإلزامها بأن تؤدى له مبلغ 342605.2 جنيهًا قيمة الأعمال التى قام بتنفيذها لحسابها وأدخل المطعون ضده الثانى بصفته خصمًا فى الدعوى ليقدم ما تحت يده من مستندات. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 27 من يناير سنة 2001 برفض الدعوى الأصلية وفى الدعوى الفرعية بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ 74209.22 جنيهًا. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم.... لسنة....ق كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم... لسنة....... ق أمام ذات المحكمة وبعد ضم الاستئنافين لبعضهما، قضت بتاريخ 31 من يوليو سنة 2001 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم ‏بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه. وإذ عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ذلك بأنه قضى برفض الدفع المبدى منها بعدم جواز نظر الدعوى الفرعية لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم.... لسنة.... ق القاهرة الذى أقامته استئنافًا عن الحكم الصادر ضدها فى الدعوى رقم.... لسنة.... مدنى جنوب القاهرة الابتدائية - التى أقامها عليها وعلى المطعون ضده الأول - دائن الأخير (المقاول من الباطن) بطلب إلزامها - باعتبارها رب العمل - بأن تؤدى له مبلغ 16127 جنيهًا قيمة الأعمال التى قام بتنفيذها من عقد المقاولة المحرر بين طرفى الطعن والمؤرخ 14 من يونيه سنة 1990 وذلك خصمًا من مستحقات المطعون ضده الأول - باعتباره المقاول الأصلى لديها - والذى انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف ورفض تلك الدعوى تأسيسًا على عدم انشغال ذمة الطاعنة بثمة مبالغ للمطعون ضده الأول ناشئة عن تنفيذ الأعمال موضوع عقد المقاولة سالف الذكر، وإذ حاز هذا الحكم بقوة الأمر المقضى فإنه يمتنع معه على ذات الخصوم من العودة إلى مناقشة مسألة المديونية التى فصل فيها بأى دعوى تالية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن المقرر وفقًا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية أنه لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضى بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع فى كل من الدعويين واتحد السبب المباشر الذى تولدت عنه كل منهما فضلاً عن وحدة الخصوم فإذا ما تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضى. وكان السبب فى معنى تلك المادة هو الواقعة التى استمد منها المدعى الحق فى الطلب والذى لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى يستند إليها الخصوم، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى (التى صدر فيها الحكم السابق) أقامها من يدعى..... باعتباره مقاولاً من الباطن ضد كل من الشركة الطاعنة - كرب عمل - والمطعون ضده الأول - (المقاول الأصلى) بطلب إلزام الأولى بأن تؤدى له مبلغ 12159 جنيهًا خصمًا من المستحق للأخير لديها عن عملية إنشاء العمارتين.....،..... بمدينة العبور وفقًا لما تقضى به المادة 662/ 1 من القانون المدنى وسببها هو عقد المقاولة من الباطن المحرر بينه وبين المطعون ضده الأول والمؤرخ 28 من مارس سنة 1990 بينما الدعوى - التى صدر فيها الحكم التالى - أقامتها الشركة الطاعنة على المطعون ضده الأول بطلب إلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 149205.580 جنيهًا قيمة ما استحق لها طرفه نفاذًا لعقد المقاولة الأصلى المحرر بينهما فى 14 من يونيه سنة 1990 وملحقه المؤرخ 24 من نوفمبر سنة 1990 عالجها المطعون ضده الأول بإقامة دعوى فرعية انتهى فيها وفق طلباته الختامية إلى إلزامها بأن تؤدى له باقى مستحقاته عن هذين العقدين ومقداره 342605.2 جنيهًا، وبذلك فإن سبب هذه الدعوى يكون عقدى المقاولة الأصلى وملحقه وهو سبب يختلف عن الدعوى السابقة. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحًا إلى عدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر فى الدعوى السابقة فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا يعيبه من بعد قصوره فى أسبابه القانونية إذ أنه لمحكمة النقض أن تنشأ من هذه الأسباب ما يقوم قضاءه دون أن تنقضه.
وحيث إن حاصل السببين الثانى والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وشأنه القصور فى التسبيب ذلك أنه اعتبر خطأ إقرار المطعون ضده الأول عن المستخلص 24 جارى بتاريخ 30 من إبريل سنة 1995 وما ورد بمذكرة دفاعه أمام محكمة أول درجة بجلسة الثانى من ديسمبر سنة 1997 أقرارًا غير قضائى وأخضعه لتقديره واعتد أخذًا بما انتهى إليه تقرير خبير الدعوى بالأعمال المنفذة حتى 27 من ديسمبر سنة 1998 وأضاف قيمتها للمطعون ضده الأول فى حين أنه توقف عن العمل اعتبارًا من 30 من مارس سنة 1995 هذا إلى أنه اتخذ من المستخلص الصادرة من هيئة المجتمعات العمرانية - مدينة العبور - أساسًا لاحتساب مستحقات الأخير دون النظر إلى ما جاء بعقد المقاولة الأصلى وملحقه بشأنها كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى برمته مردود ذلك بأن العبرة فى وصف الإقرار بأنه قضائى أم غير قضائى ليس بما يصفه الخصوم ولكن بما تنزله المحكمة من وصف حق له وأن الاستخلاص السائغ لدلالة الإقرار والظروف الملابسة له أمر تستقل به محكمة الموضوع بلا رقابة عليها فى هذا الخصوص من محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد وصف ما صدر من المطعون ضده الأول من إقرار - بحق - أنه إقرار غير قضائى يتعلق بكمية الأعمال التى قام بتنفيذها وليس باستلامه مستحقاته المالية اعتدادًا منه بما ورد بالتقريرين الأخيرين لخبراء الدعوى والثابت بهما وجود أخطاء حسابية عديدة فى المركز المالى للمطعون ضده الأول المقدم من الطاعنة على نحو يتناقض مع ما جاء بالمستخلصات مع خصمها مبالغ من مستحقاته دون سند يؤيده وعدم توقيع الأخير على المستخلصين رقمى 23، 24 ورتب على ذلك سائغًا عدم اعتداده بذلك الإقرار وكان الحكم المطعون فيه وقد أحال فى قضائه إلى الأسباب التى أوردها هذين التقريرين واتخذها سندًا له فيما انتهيا إليه من عدم أحقية المطعون ضده الأول فى المطالبة بقيمة الأعمال المستجدة من 30 من إبريل سنة 1995 وإلى أن استناده إلى المستخلص المقدم من هيئة المجتمعات العمرانية - مدينة العبور - فى احتسابه مستحقات الأخير مرجعه تلك الأخطاء الحسابية المقدمة من الطاعنة والتى تتناقض مع المستخلصات - على نحو ما سلف بيانه - فإن النعى بهذين السببين لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة فى الدعوى تنحسر عنها رقابة محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.