أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 513

جلسة 19 من مارس سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ يحيي إبراهيم عارف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود كامل، درويش مصطفي أغا وعلى محمد إسماعيل نواب رئيس المحكمة ويحيي عبد اللطيف مومية.

(89)
الطعن رقم 4068 لسنة 66 القضائية

(1 - 8) إيجار "إيجار الأماكن: الامتداد القانونى لعقد الإيجار: الإقامة التى يترتب عليها امتداد عقد الإيجار" "أسباب الإخلاء: القواعد المستحدثة فى ظل الحكم بعدم دستورية الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن فى البلد الواحد". دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية". قانون "القانون الواجب التطبيق: سريان القانون من حيث الزمان". محكمة الموضوع "سلطتها فى فهم الواقع وتقدير الأدلة ومسائل الإثبات". نظام عام. نقض.
(1) أحكام القوانين. عدم سريانها إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ما لم ينص فيها على رجعية أثرها بنص خاص. العلاقات القانونية وآثارها. خضوعها لأحكام القانون التي وقعت في ظله ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام. مؤداه. سريانها بأثر فورى على ما يترتب في ظله من تلك الآثار.
(2) المراكز القانونية التي نشأت واكتملت في ظل القانون القديم. خضوعها له من حيث آثارها وانقضاؤها. أحكام القانون الجديد. وجوب إعمالها بأثر فورى على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز. العبرة بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليس بوقت المطالبة به.
(3) المستفيدون من مزية الامتداد القانوني لعقد الإيجار. حلولهم محل المستأجر الأصلى فيه إثر وفاته أو تركه المسكن. م 21/1 ق 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 29/1ق 49 لسنة 1977. الحكم بعدم دستورية نص المادة الأخيرة فيما تضمن من استمرار عقد الإيجار لأقارب المستأجر نسبًا. لا أثر له . علة ذلك.
(4) انتهاء الحكم إلي نتيجة سليمة. اشتمال أسبابه على أخطاء قانونية. لا بطلان. لمحكمة النقض تصحيحها دون نقضه.
(5) ترك المستأجر العين المؤجر لأقاربه حتى الدرجة الثالثة عدا زوجه أو أولاده أو والديه البقاء بها. شرطه. إقامتهم معه مدة سنة سابقة على الترك أو مدة شغله العين أيهما أقل م 21/1 ق 52 لسنة 1969.
(6) لمحكمة الموضوع استخلاص توافر الإقامة وفهم الواقع في الدعوى وبحث أدلتها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه من أقوال الشهود ما دامت لم تخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها. حسبها بيان الحقيقة التي اقتنعت بها متى كان استخلاصها سائغًا وله أصل ثابت في الأوراق.
(7) الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها. على ذلك.
(8) الحكم بعدم دستورية نص المادة 8/1 ق 49 لسنة 1977 فيما تضمنه من حظر احتجاز المستأجر أكثر من مسكن في البلد الواحد. مؤداه. وجوب الرجوع للأصل العام بانفراد المستأجر وحده بتقدير المقتضى الذي يبرر تعدد مساكنه. قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن بفسخ عقد الإيجار لاحتجاز المستأجر أكثر من مسكن استنادًا للنص المذكور. صحيح, علة ذلك.
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل أنه لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضى لتطبق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت في الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضى عند بحثه في هذه العلاقات القانونية وما ترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون السارى عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار وذلك كله ما لم يتقرر الأثر الرجعى للقانون بنص خاص وما لم يتعلق حكم القانون الجديد بالنظام العام فيسرى بأثر فورى على ما يترتب في ظله من تلك الآثار.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المراكز القانونية التى نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل من حيث آثارها وانقضاؤها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما يطبق بأثر فورى مباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز وأن العبرة في هذا الصدد هى بوقت حصول الواقعة المنشئة، أو التى اكتمل بها المركز القانونى وليست بوقت المطالبة به. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص سائغاً - على النحو الوارد في الرد على السببين الأول والثانى من أسباب الطعن - أن واقعة ترك المطعون ضده الثالث العين المؤجرة له بموجب العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 لشقيقته المطعون ضدها الثانية وابنتها المطعون ضدها الأولى وتحقق المركز القانونى لكل منهما كمستفيدتين من الامتداد القانونى لعقد الإيجار كانت في غضون عام 1973، أى في ظل سريان أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 21/ 1 من القانون 52 لسنة 1969 أن القانون قد أحل المستفيدين من مزية الامتداد القانونى واستمرار العقد بالنسبة لهم والمشار إليهم في النص محل المستأجر الأصلى في عقد الإيجار أثر وفاته أو تركه المسكن، أى أنهم قد أضحوا دونه طرفاً في العقد منذ انقضى بالنسبة له. وكان حكم هذا النص الواجب التطبيق على واقعة النزاع يطابق حكم المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بغض النظر عن حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 116 سنة 18 ق المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (33) بتاريخ 14/ 8/ 1997 والاستدراك المنشور بذات الجريدة بالعدد رقم (38) بتاريخ 18/ 9/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً..... حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل".
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه ولئن أخطأ بتطبيقه المادة 29/1 من القانون 49 لسنة 1977 على واقعة النزاع في حين أنها تخضع للمادة 21/ 1 من القانون 52 لسنة 1969 يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا كان الحكم سليماً في نتيجته التى انتهى إليها، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تنقضه ومن ثم يكون النعى - أياً كان وجه الرأى فيه - غير منتج وبالتالى غير مقبول.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادة 21/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - عدم انتهاء عقد الإيجار عند وفاة المستأجر أو تركه للمسكن إذا بقى فيه من كانوا يقيمون معه من أقاربه حتى الدرجة الثالثة - من غير زوجه أو أولاده أو والديه - بشرط أن تكون الإقامة مستقرة في السنة السابقة على الوفاة أو الترك.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص توافر هذه الإقامة متروك لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث أدلتها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه من أقوال الشهود ما دام أنها لم تخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن وبإلزامه بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدهما الأوليين بذات شروط العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 على ما استخلصه سائغاً من أقوال شاهدى المطعون ضدهما الأولى والثالث التى اطمأن إليها وبما لا يخرج عن مدلولها من أن المطعون ضدها الأولى أقامت مع شقيقها المطعون ضده الثالث هى وابنتها المطعون ضدها الثانية بصفة دائمة ومستقرة في الشقة محل النزاع منذ استأجرها بموجب العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 وحتى تركها لهما في غضون عام 1973 وهو دليل كافٍ لحمل قضائه، فإن النعى لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعى على غير أساس.
7 - المقرر - في قضاء الهيئة العامة لمحكمة النقض - أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون - غير ضريبي - أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالى لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالى لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله المحكمة من تلقاء نفسها.
8 - إذ كان حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 18 ق والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 48 بتاريخ 27/ 11/ 1997 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبسقوط نص المادة 76 من هذا القانون في مجال تطبيقها بالنسبة لاحتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد لازمه وجوب العودة إلى الأصل العام في حرية التعاقد وحق المستأجر في أن ينفرد وحده بتقدير المقتضى الذى يبرر احتجازه ما يشاء من مساكن في البلد الواحد، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض دعوى الطاعن بطلب فسخ عقد الإيجار لاحتجاز المستأجر أكثر من مسكن بالمخالفة للمادة 8/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضى بعدم دستوريتها يكون قد انتهى إلى نتيجة تتفق وإعمال القانون على وجهه الصحيح، ومن ثم فإن النعى - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الأولى والثالث الدعوى رقم.... لسنة 1984 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1970 وتسليم الشقة المبينة بالصحيفة. وقال بيانًا لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 15/ 5/ 1965 استأجر منه...... زوج المطعون ضدها الأولى تلك الشقة وبعد وفاته أخطرته بفسخ العقد وإخلاء الشقة في آخر ديسمبر عام 1969 واستأجرها شقيقها المطعون ضدها الثالث بموجب العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 وإذ احتجز معها مسكنًا آخر بذات المدينة دون مقتض ثم استغلت المطعون ضدها الأولى فرصة سفره للعمل في السعودية وأقامت بالشقة محل النزاع رغم احتجازها مسكنًا آخر بالمخالفة للمادة ٨ ‏/ ١ ‏من القانون رقم ٤٩ ‏لسنة ١٩٧٧ ‏فقد أقام الدعوى. تدخلت المطعون ضدها الثانية فى الدعوى منضمة لوالدتها المطعون ضدها الأولى ووجهتا دعوى فرعية إلى الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لهما بذات شروط العقد المؤرخ 15/ 5/ 1965 ‏الصادر لمورثهما ، كما ادعت المطعون ضدها الأولى تزوير الإخطار بفسخ ذلك العقد، ندبت المحكمة خبيرًا ‏لإجراء المضاهاة، وبعد أن أودع تقريره قضت بصحة الإخطار، ثم قضت فى الدعوى الأصلية للطاعن بفسخ العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 وبرفض ما عدا ذلك من ‏طلبات وفى الدعوى الفرعية للمطعون ضدهما بطلباتهما. استأنف الطاعن هذا ‏الحكم بالاستئناف رقم..... سنة 108 ‏ق لدى محكمة استئناف القاهرة كما استأنفه ‏المطعون ضدهم بالاستئنافات الفرعية أرقام......و...... و...... سنة ١١١ ‏ق ‏لدى ذات المحكمة ضمت المحكمة الاستئنافات الأربعة وأحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود قضت بتأييد الحكم المستأنف فى قضائه برفض الطعن بالتزوير ثم قضت بتاريخ 14/ 2/ 1996 ‏فى استئناف الطاعن بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى الأصلية بفسخ العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 ‏وتعديله فى الدعوى ‏الفرعية إلى إلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدهما الأولى والثانية بذات شروط العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970‏وفى استئنافات المطعون ضدهم الفرعية برفضها. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم لسبب منها. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة ‏حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
‏وحيث إن مبنى النعى بالسبب المبدى من النيابة العامة على الحكم المطعون ‏فيه الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه قضى بامتداد عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1970 ‏من المطعون ضده الثالث إلى شقيقته المطعون ضدها الأولى وابنتها المطعون ضدها الثانية إعمالاً للمادة 29/1‏ من القانون رقم ٤٩ ‏لسنة 1977 فى حين أنه قُضى بعدم دستوريتها في خصوص امتداد العقد لمن عدا الزوجة وأقارب الدرجة الأولى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أنه لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيمـا وقع قبلها فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضى لتطبق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت في الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضى عند بحثه في هذه العلاقات القانونية وما ترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون السارى عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار وذلك كله ما لم يتقرر الأثر الرجعى للقانون بنص خاص وما لم يتعلق حكم القانون الجديد بالنظام العام فيسرى بأثر فورى على ما يترتب في ظله من تلك الآثار. وأن المراكز القانونية التى نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل من حيث آثارها وانقضاؤها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما يطبق بأثر فورى مباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز وأن العبرة في هذا الصدد هى بوقت حصول الواقعة المنشئة، أو التى اكتمل بها المركز القانونى وليست بوقت المطالبة به. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص سائغاً - على النحو الوارد في الرد على السببين الأول والثانى من أسباب الطعن - أن واقعة ترك المطعون ضده الثالث العين المؤجرة له بموجب العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 لشقيقته المطعون ضدها الثانية وابنتها المطعون ضدها الأولى وتحقق المركز القانونى لكل منهما كمستفيدتين من الامتداد القانونى لعقد الإيجار كانت في غضون عام 1973، أى في ظل سريان أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969، وكان النص المادة 21/1 منه على أن "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل ويلزم المؤجر بتحرير عقد لهم" يدل – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قانون قد أحل المستفيدين من مزية الامتداد القانونى واستمرار العقد بالنسبة لهم والمشار إليهم في النص محل المستأجر الأصلى في عقد الإيجار أثر وفاته أو تركه المسكن، أى أنهم قد أضحوا دونه طرفاً في العقد منذ انقضى بالنسبة له. وكان حكم هذا النص الواجب التطبيق على واقعة النزاع يطابق حكم المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بغض النظر عـن حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 116 سنة 18 ق المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (33) بتاريخ 14/ 8/ 1997 والاستدراك المنشور بذات الجريدة بالعدد رقم (38) بتاريخ 18/ 9/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً..... حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل"، فإن الحكم المطعون فيه ولئن أخطأ بتطبيقه المادة 29/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 على واقعة النزاع في حين أنها تخضع للمادة 21/ 1 من القانون 52 لسنة 1969 يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا كان الحكم سليماً في نتيجته التى انتهى إليها ، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تنقضه ومن ثم يكون النعى - أياً كان وجه الرأى فيه - غير منتج وبالتالى غير مقبول.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف ألزمته بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدهما الأولى والثانية امتدادًا للعقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 الصادر للمطعون ضده الثالث في حين اعتدت في حكمها بصحة إقرار المطعون ضدها الأولي بتركهما العين محل النزاع اعتبارًا من 31/ 12/ 1969، كما لم تشر في الحكم إلي أقامتهما استمرت سنة سابقة على ترك المطعون ضده الثالث العين لهما.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى نص المادة 21/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - عدم انتهاء عقد الإيجار عند وفاة المستأجر أو تركه للمسكن إذا بقى فيه من كانوا يقيمون معه من أقاربه حتى الدرجة الثالثة - من غير زوجه أو أولاده أو والديه - بشرط أن تكون الإقامة مستقرة في السنة السابقة على الوفاة أو الترك. وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توافر هذه الإقامة متروك لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث أدلتها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه من أقوال الشهود ما دام أنها لم تخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن وبإلزامه بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدهما الأوليين بذات شروط العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 على ما استخلصه سائغاً من أقوال شاهدى المطعون ضدهما الأولى والثالث التى اطمأن إليها وبما لا يخرج عن مدلولها من أن المطعون ضدها الأولى أقامت مع شقيقها المطعون ضده الثالث هى وابنتها المطعون ضدها الثانية بصفة دائمة ومستقرة في الشقة محل النزاع منذ استأجرها بموجب العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 وحتى تركها لهما في غضون عام 1973 وهو دليل كافٍ لحمل قضائه ، فإن النعى لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق لرفضه الدعوى بطلب فسخ العقد المؤرخ 1/ 1/ 1970 المؤسس على احتجاز المطعون ضده الثالث العين محل النزاع مع مسكن آخر في ذات المدينة دون مقتض على سند من أنه لم يكن له السيطرة على ترك العين في حين أن أوراق الدعوى وأقوال الشهود خلت مما يفيد ذلك، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون - غير ضريبى - أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالى لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالى لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله المحكمة من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 18 ق والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 48 بتاريخ 27/ 11/ 1997 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبسقوط نص المادة 76 من هذا القانون في مجال تطبيقها بالنسبة لاحتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد لازمه وجوب العودة إلى الأصل العام في حرية التعاقد وحق المستأجر في أن ينفرد وحده بتقدير المقتضى الذى يبرر احتجازه ما يشاء من مساكن في البلد الواحد، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض دعوى الطاعن بطلب فسخ عقد الإيجار لاحتجاز المستأجر أكثر من مسكن بالمخالفة للمادة 8/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضى بعدم دستوريتها يكون قد انتهى إلى نتيجة تتفق وإعمال القانون على وجهه الصحيح، ومن ثم فإن النعى - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون غير منتج، وبالتالي غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.