أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 554

جلسة 25 من مارس سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم محمود، عز العرب عبد الصبور نائبى رئيس المحكمة، محمود محيى الدين وعبد البارى عبد الحفيظ.

(95)
الطعن رقم 477 لسنة 64 القضائية

(1 - 7) محكمة الموضوع. مسئولية "المسئولية التقصيرية". تعويض. نقض. مرور. حكم "عيوب التدليل: الفساد فى الاستدلال: ما يعد كذلك".
(1) استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع التقديرية. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً مستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.
(2) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه. خضوع قضاء الموضوع فيه لرقابة محكمة النقض. امتداد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ منها والظروف المؤثرة فى تقديره واستخلاصه.
(3) اعتبار أسباب الحكم مشوبة بالفساد فى الاستدلال. مناطه. انطواؤها على عيب يمس سلامة الاستنباط. تحققه باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى ثتبت لديها أو وقوع تناقض بينها. من حالاته - عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر.
(4) مساءلة المتبوع عن أعمال تابعة. كفاية ثبوت أن الحادث نتج عن خطأ أحد تابعيه. خطأ المضرور فى تعيينه أو تعذر تعيينه من بين هؤلاء التابعين. لا أثر له.
(5) حظر وجود ركاب على أى جزء خارجى من المركبة. عم التفرقة بين أنواع المركبات فى هذا الشأن. المادة 74/ 4 من القانون 66 لسنة 1973 بشأن المرور.
(6) الأماكن المخصصة للحمولة بمركبات النقل. حظر وجود ركاب أو أشخاص بها إلا بتراخيص من قسم المرور. المادة 94 من قرار وزير الداخلية 291 لسنة 1974 باللائحة التنفيذية لقانون المرور قبل إلغاءها بالقرار 5330 لسنة 1994. مؤداه. مركبة النقل المجهزة بصهريج لنقل المياه. تزويدها بسواتر معدنية على جانبى الصهريج المحمول عليها. لا يؤدى بذاته إلى صلاحيتها كمركبة لنقل الأشخاص. أثره. التصريح بالركوب على أى جزء خارجى منها أو بالمكان المخصص للحمولة. خطأ يستوجب المسئولية. شرطه. توافر باقى أركانها.
(7) عدم سقوط زميل المتوفى من على الجسم الخارجى للمركبة لا يدل بطريق اللزوم العقلى على أن سقوط المتوفى كان بسبب عدم تشبثه جيداً بالساتر المعدنى الواقع على جانب المركبة. علة ذلك. انعدام التلازم بين الأمرين.
(8) نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى الدعوى بطلب الإلزام بالتضامن فى تعويض. أثره. إلغاء الحكم اللاحق له والمترتب عليه فى دعوى الضمان الفرعية بقوة القانون. المادة 271 مرافعات.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.
2 - تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التى يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التى تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التى كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.
3 - أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط - ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها.
4 - يكفى لمساءلة المتبوع عن أعمال تابعه أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ أحـد تابعيه ولو أخطأ المضرور في تعيينه أو تعذر تعيينه من بين هؤلاء التابعين.
5 - المشرع حظر في الفقرة الرابعة من المادة 74 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بشأن المرور وجود ركاب على أى جزء خارجى من المركبة، ولم يفرق المشرع بين أنواع المركبات في هذا الشأن.
6 - حظر المشرع في المادة 94 من قرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون المرور - قبل إلغائها بالقرار 5330 لسنة 1994 - وجود ركاب أو أشخاص بالأماكن المخصصة للحمولة بمركبات النقل إلا بترخيص من قسم المرور.
مما مؤداه أن تزويد مركبة النقل المجهزة بصهريج لنقل المياه بسواتر معدنية على جانبى الصهريج المحمول عليها لا يؤدى بذاته إلى صلاحيتها كمركبة لنقل الأشخاص ويكون مجرد التصريح بالركوب على أى جزء خارجى منها أو بالمكان المخصص للحمولة خطأ يستوجب المسئولية متى توافرت باقى أركانها.
7 - عدم سقوط زميل المتوفى من على الجسم الخارجى للمركبة لا يدل بطريق اللزوم العقلى على أن سقوط المتوفى كان بسبب عدم تشبثه جيداً بالساتر المعدنى الواقع على جانب المركبة لعدم التلازم بين الأمرين.
8 - نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الأصلية - بطلب الإلزام بالتضامن في الدعوى - يترتب عليه إلغاء الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية بقوة القانون باعتباره لاحقاً له ومترتباً عليه وذلك عملاً بالمادة 271 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة الرابعة عن نفسها و....... مورث باقى الطاعنين أقاما الدعوى ..... لسنة 1989 مدنى طنطا الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إليهما مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عما أصابهما من أضرار من جراء وفاة ابنهما........ فى حادث سيارة مملوكة للمطعون ضده الأول بصفته. أقام الأخير دعوى فرعية على المطعون ضده الثانى طالباً الحكم بإلزامه بما عسى أن يحكم به عليه. ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بالتعويض الذى قدرته، وفى الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الثانى بأن يدفع إلى المطعون ضده الأول بصفته ما قضى به عليه فى الدعوى الأصلية. استأنف المطعون ضدهما الحكم بالاستئنافين رقمى..... لسنة 42ق،...... لسنة 42 ق طنطا، واستأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم...... لسنة 42ق طنطا. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة - قضت بتاريخ 14/ 11/ 1993 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى الأصلية والفرعية. طعن الطاعنون فى هذا الحكم ‏بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال. إذ أقام قضاءه على أن خطأ المتوفى هو الذى أدى إلى وقوع الحادث فى حين أن تابعى المطعون ضده الأول ومنهم المطعون ضده الثانى هم المسئولون عن ذلك الخطأ المتمثل فى موافقتهم على ركوب المتوفى لمركبة مجهزة بصهريج لنقل المياه وغير معدة لنقل الأشخاص ولا تتوافر فيها شروط الأمن اللازمة لذلك، فضلاً عن قيادة المطعون ضده الثانى لها بطريقة خاطئة أدت لوقوع الحادث. وهو الأمر الثابت بالمحضر رقم 881 لسنة 1988 إدارى مطوبس وشهادة شاهديهم أمام محكمة أول درجة، الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى، وأن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التى يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التى تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التى كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه. وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط - ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى التعويض على سند من أن مجرد السماح للمتوفى بالركوب على الجسم الخارجى للسيارة غير المعدة لركوب الأشخاص والتى كان يقودها المطعون ضده الثانى لا يعد خطأ من الأخير. لأن ذلك كان بتصريح من أحد تابعى المطعون ضده الأول هو المساعد "السيد عوض محمد" وأنه لم يكن بمكنة قائدها الاعتراض على هذا الأمر، وكان هذا الذى استند إليه الحكم غير مستمد من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى، ذلك أنه فضلاً عن أن الحكم لم يبين وجه ما استدل به على أن المطعون ضده الثانى لم يكن بمكنته الاعتراض على ركوب المتوفى على الجسم الخارجى للسيارة. ومدى التزامه بقبول هذا الأمر، فإن نفى خطأ المطعون ضده الثانى للأسباب سالفة الذكر لا يمنع المحكمة من بحث خطأ غيره من تابعى المطعون ضده الأول متى أشارت الأوراق لقيامه ذلك أنه يكفى لمساءلة المتبوع عن أعمال تابعه أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ أحد تابعيه ولو أخطأ المضرور في تعيينه أو تعذر تعيينه من بين هؤلاء التابعين، كما إن إسناد الحكم المطعون فيه الخطأ إلى المتوفى على أساس أن السيارة محل الحادث مزودة بساترين معدنيين على جانبى خزان المياه المحمول عليها بما يسمح بركوب ستة أفراد على السيارة، وأن المتوفى لم يتخذ الحيطة اللازمة للإمساك جيداً بالساتر المذكور مستدلا على صحة هذا النظر بأن زميلاً للمتوفى لم يسقط من السيارة رغم ركوبه على الجزء الخارجى لها - مردود فى شقه الأول بأن المشرع حظر في الفقرة الرابعة من المادة 74 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بشأن المرور وجود ركاب على أى جزء خارجى من المركبة، ولم يفرق المشرع بين أنواع المركبات في هذا الشأن، كما حظر في المادة 94 من قرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون المرور - قبل إلغائها بالقرار 5330 لسنة 1994 - وجود ركاب أو أشخاص بالأماكن المخصصة للحمولة بمركبات النقل إلا بترخيص من قسم المرور. مما مؤداه أن تزويد مركبة النقل المجهزة بصهريج لنقل المياه بسواتر معدنية على جانبى الصهريج المحمول عليها لا يؤدى بذاته إلى صلاحيتها كمركبة لنقل الأشخاص ويكون مجرد التصريح بالركوب على أى جزء خارجى منها أو بالمكان المخصص للحمولة خطأ يستوجب المسئولية متى توافرت باقى أركانها. هذا بالإضافة إلى أن عدم سقوط زميل المتوفى من على الجسم الخارجى للمركبة لا يدل بطريق اللزوم العقلى على أن سقوط المتوفى كان بسبب عدم تشبثه جيداً بالساتر المعدنى الواقع على جانب المركبة لعدم التلازم بين الأمرين، ومن ثم فإن الحكم يكون - بما أقام عليه قضاءه - مشوباً بالقصور والفساد فى الاستدلال مما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقى أوجه النعى.
وحيث إن نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الأصلية - يترتب عليه إلغاء الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية بقوة القانون باعتباره لاحقاً له ومترتباً عليه وذلك عملاً بالمادة 271 من قانون المرافعات.