أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 204

جلسة 20 من يناير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، حسن أبو المعالى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

(15)
الطعن رقم 23578 لسنة 69 القضائية

(1) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان.
لا تعارض بين رسم القانون طريقًا لإعلان الشهود الذين يرى المتهم سماعهم والتحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة.
مثال.
(2) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب إجابة الدفاع إلى طلب سماع الشهود ولو لم يرد ذكرهم فى قائمة أدلة الثبوت أو يقم بإعلانهم. علة ذلك؟
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
تعلق حق الدفاع فى سماع الشاهد بما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارًا للحقيقة. علة ذلك؟
رفض المحكمة سماع شاهد بدعوى عدم مشاهدته الواقعة. إخلال بحق الدفاع.
1 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالبًا أصليًا القضاء ببراءة الطاعن واحتياطيًا سماع شهادة......، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وردت عليه فى حكمها بقولها: "فعن طلب سماع شهادة...... تأسيسًا على أنه قد شاهد الواقعة فإن الثابت من أقوال...... وهو الشخص الذى طلب الدفاع مناقشته لورود اسمه الأول فى الأوراق واستجابت المحكمة لطلب الدفاع أن المدعو...... كان بجواره وقت وقوع الحادث مما ينفى مشاهدة...... للواقعة لأن...... قرر أنه توقف معه لدى منع الأهالى لهما من التوجه لمكان الواقعة ومن ثم فإن طلب الدفاع مناقشته لا يجد له سندًا فى الأوراق إذ لا تعلق لهذا الشخص بواقعة الدعوى مما تنتهى المحكمة لرفض الطلب". لما كان ذلك، وكان القانون حين رسم الطريق الذى يتبعه المتهم فى إعلان الشهود الذين يرى مصلحته فى سماعهم أمام محكمة الجنايات لم يقصد البتة بذلك إلى الإخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية والتى تقوم على التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة فى مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو لنفيها ما دام سماعهم ممكنًا ثم تجمع بين ما تستخلصه من شهادتهم وبين عناصر الاستدلال الأخرى فى الدعوى المطروحة على بساط البحث لتكون من هذا المجموع عقيدتها فى الدعوى.
2 - من المقرر أنه يتعين على المحكمة إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة ولو لم يرد لهم ذكر فى قائمة شهود الإثبات أو يقم المتهم بإعلانهم لأنهم لا يعتبرون شهود نفى بمعنى الكلمة حتى يقوم بإعلانهم ولأن المحكمة هى الملاذ الأخير الذى يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح غير مقيدة فى ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تثبته فى قائمة شهود الإثبات أو تسقط من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها، وإلا انتفت الجدية فى المحاكمة وانغلق باب الدفاع فى وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء.
3 - لما كان حق الدفاع فى سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه فى التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود، بل بما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارًا لوجه الحقيقة، فإنه على المحكمة أن تسمع الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق لها أن تبدى ما تراه فى شهادته وذلك لاحتمال أن تجيء الشهادة التى تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى، ولا تصح مصادرة الدفاع فى حق سماع شاهد الواقعة بدعوى أنه كان برفقته شاهد آخر لم يتمكن من التوجه لمكان الواقعة لمنع الأهالى له مما ينفى مشاهدته للواقعة، ولا يقبل منها ما ساقته من تبرير رفضها ذلك الطلب لما ينطوى عليه من معنى القضاء المسبق على دليل لم يطرح وهو ما لا يصح فى أصول الاستدلال ولأن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفًا بما قد يدور فى وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمدًا بأداة صلبة راضة "عصا غليظة" على رأسهبمبلغ.به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى أشقاء المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ.... جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ...... جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنه اختتم مرافعته طالبًا أصليًا القضاء ببراءته واحتياطيًا سماع أقوال الشاهد...... الذى كان متواجدًا بمكان الحادث إلا إن المحكمة رفضت هذا الطلب وردت عليه بما لا يصلح ردًا. مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالبًا أصليًا القضاء ببراءة الطاعن واحتياطيًا سماع شهادة......، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وردت عليه فى حكمها بقولها:" فعن طلب سماع شهادة...... تأسيسًا على أنه قد شاهد الواقعة فإن الثابت من أقوال...... وهو الشخص الذى طلب الدفاع مناقشته لورود اسمه الأول فى الأوراق واستجابت المحكمة لطلب الدفاع أن المدعو...... كان بجواره وقت وقوع الحادث مما ينفى مشاهدة...... للواقعة لأن...... قرر أنه توقف معه لدى منع الأهالى لهما من التوجه لمكان الواقعة ومن ثم فإن طلب الدفاع مناقشته لا يجد له سندًا فى الأوراق إذ لا تعلق لهذا الشخص بواقعة الدعوى مما تنتهى المحكمة لرفض الطلب". لما كان ذلك، وكان القانون حين رسم الطريق الذى يتبعه المتهم فى إعلان الشهود الذين يرى مصلحته فى سماعهم أمام محكمة الجنايات لم يقصد البتة بذلك إلى الإخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية والتى تقوم على التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة فى مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو لنفيها ما دام سماعهم ممكنًا، ثم تجمع بين ما تستخلصه من شهادتهم وبين عناصر الاستدلال الأخرى فى الدعوى المطروحة على بساط البحث لتكون من هذا المجموع عقيدتها فى الدعوى، وكان من المقرر أنه يتعين على المحكمة إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة ولو لم يرد لهم ذكر فى قائمة شهود الإثبات أو يقم المتهم بإعلانهم لأنهم لا يعتبرون شهود نفى بمعنى الكلمة حتى يقوم بإعلانهم ولأن المحكمة هى الملاذ الأخير الذى يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح غير مقيدة فى ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تثبته فى قائمة شهود الإثبات أو تسقط من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها، وإلا انتفت الجدية فى المحاكمة وانغلق باب الدفاع فى وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء. لما كان ذلك، وكان حق الدفاع فى سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه فى التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود، بل بما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارًا لوجه الحقيقة، فإنه على المحكمة أن تسمع الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق لها أن تبدى ما تراه فى شهادته وذلك لاحتمال أن تجيء الشهادة التى تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى، ولا تصح مصادرة الدفاع فى حق سماع شاهد الواقعة بدعوى أنه كان برفقته شاهد آخر لم يتمكن من التوجه لمكان الواقعة لمنع الأهالى له مما ينفى مشاهدته للواقعة، ولا يقبل منها ما ساقته من تبرير رفضها ذلك الطلب لما ينطوى عليه من معنى القضاء المسبق على دليل لم يطرح وهو ما لا يصح فى أصول الاستدلال ولأن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفًا بما قد يدور فى وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه - فوق إخلاله بحق الدفاع - يكون معيبًا بالفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.