أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 293

جلسة 5 من فبراير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوى، عبد الرؤوف عبد الظاهر نائبى رئيس المحكمة، سمير سامى ومحمد جمال الشربينى.

(26)
الطعن رقم 39918 لسنة 72 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن فى الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". نقض "الطعن بالنقض. ميعاده".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(3) موانع العقاب "الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور". قصد جنائى. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد. سرقة. ارتباط.
الغيبوبة المانعة من المسئولية المنصوص عليها فى المادة 62 عقوبات. ماهيتها؟ تناول المادة المخدرة أو المسكرة عن علم واختيار. حكمه؟ تحدث الحكم عن احتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون بيانه مبلغ تأثيرها فى شعوره وإدراكه رغم اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص وإيقاع عقوبة القتل المرتبطة بجنحة السرقة وقضى بإعدامه. قصور.
(4) نيابة عامة. نقض "الطعن بالنقض. ميعاده". إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وجوب عرض الحكم الحضورى الصادر بالإعدام على محكمة النقض. وظيفة محكمة النقض فى شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟ لمحكمة النقض نقض الحكم للخطأ فى القانون والبطلان من تلقاء نفسها. عدم تقيدها بحدود أوجه الطعن أو رأى النيابة. أساس ذلك؟
(5) نقض "أثر الطعن".
اتصال وجه الطعن بغير المحكوم عليه بالإعدام. امتداد أثر الطعن إليه ولو كان طعنه غير مقبول شكلاً.
1 - من المقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - لما كانت النيابة العامة عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه........، وكان يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية - على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهرًا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجرى عليه، فى هذه الحالة، حكم المدرك التام الإدراك مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائى خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع فى ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب فى هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض فى تفسير المادة 62 من قانون العقوبات - التحقق من قيام القصد الجنائى الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقـة الواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما فى شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاطئ، وأوقع على الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.
4 - لما كانت المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر تنص على أن "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادرًا حضوريًا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم وذلك فى الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقـًا لما هو مقرر فى الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض فى شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة يقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وأن تقضى بنقض الحكم فى أية حالة من حالات الخطأ فى القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها، غير مقيدة فى ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأى الذى تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام.
5 - نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول المحكوم عليه بإعدامه والطاعن الثانى (الذى لم يقبل طعنه شكلاً) لاتصال العيب الذى شاب الحكم به، وذلك دون حاجة إلى البحث فيما يثيره الطاعن فى أوجه طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما/ المتهم الأول: أولاً: قتل.............. عمدًا بأن طعنها بسكين طعنتين قاصدًا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وكان القصد منها التأهب لفعل جنحة سرقة سيارتها وتسهيلها وارتكابها بالفعل والهرب للتخلص من العقوبة. ثانيًا: أحرز سلاحًا أبيض "سكين" دون أن يوجد لحملها أو إحرازها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. المتهم الثانى: اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن حثه على ارتكاب جريمة السرقة والاتفاق على تصريف متحصلاتها فوقعت الجريمة نتيجة لهذا الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت.... بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء رأيه بالنسبة للمتهم الأول وحددت جلسة..... للنطق بالحكم - وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 32، 40/ 1، 2، 41، 43، 234، من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول الأول رقم 1 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقا وبمعاقبة الثانى بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق.......... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه - ............ - وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا إنه لم يقدم أسبابًا لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه - .......... - استوفى الشكل المقرر فى القانون.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه - .............. وكان يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأنه تناول مادة مخدرة مما أفقده الشعور والإدراك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد فى مدوناته أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر من أنه كان مخدرا أو سكرانا وأطرحه استنادًا إلى أن القانون يجرى حكم المدرك على من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وهو عالم بحقيقة أمرها ويكون مسئولا عن الجرائم التى تقع تحت تأثيرها. لما كان ذلك وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية - على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهرًا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجرى عليه، فى هذه الحالة، حكم المدرك التام الإدراك مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائى خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع فى ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب فى هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض فى تفسير المادة 62 من قانون العقوبات - التحقق من قيام القصد الجنائى الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما فى شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاطئ، وأوقع على الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه. ولا يقدح فى ذلك أن يكون تقرير أسباب الطعن ومذكرة النيابة العامة لم يشر كلاهما إلى ما اعتور الحكم من بطلان. ذلك بأن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر تنص على أن "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادرًا حضوريًا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم وذلك فى الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقًا لما هو مقرر فى الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض فى شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة يقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وأن تقضى بنقض الحكم فى أية حالة من حالات الخطأ فى القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها، غير مقيدة فى ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأى الذى تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 من الفقرتين الثانية والثالثة والمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار بيانه. لما كان ذلك، وكان البطلان الذى انطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التى أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون ذاته قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول المحكوم عليه بإعدامه والطاعن الثانى - الذى لم يقبل طعنه شكلاً - لاتصال العيب الذى شاب الحكم به، وذلك دون حاجة إلى البحث فيما يثيره الطاعن فى أوجه طعنه.