أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 8

جلسة 19 من مارس سنة 2012

برئاسة السيد القاضي/ محمد حسام الدين الغريانى رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة/ أحمد على عبد الرحمن، رضوان عبد العليم مرسى، حامد عبد الله محمد، إبراهيم على عبد المطلب، محمد حسام عبد الرحيم، أنور محمد جبرى، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، مصطفى على كامل، محمد حسين وأحمد عبد البارى سليمان نواب رئيس المحكمة.

(2)
هيئة عامة
الطلب رقم 1 لسنة 2010 القضائية

(1) نيابة عامة "طلب العرض على الهيئة العامة. ميعاده". قانون "تطبيقه".
ميعاد تقديم النائب العام طلب إلى رئيس محكمة النقض لعرض الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة المنعقدة فى غرفة مشورة على الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض. ستون يومًا. امتداد الميعاد إلى اليوم التالى لنهايته إذا صادف يوم عطلة رسمية. أثره: قبول الطلب شكلاً. أساس ذلك؟ مفاد نص المادة 36 مكررًا بند 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانونين 74، 153 لسنة 2007؟
(2) إهانة موظف عام. وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها فى تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانونى السليم. اقتصار التعديل على استبعاد أقوال وأفعال الإهانة الموجهة لهيئة المحكمة بغرفة المداولة وقصرها فى الإدانة على ما تم منها بالجلسة العلنية. لا يقتضى تنبيه الدفاع ولا يشكل عدولاً عن المبادئ القانونية المستقرة فى قضاء محكمة النقض. علة ذلك؟ مثال.
(3) ارتباط. قانون "تفسيره". مسئولية جنائية. دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
الارتباط الذى تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقًا للمادة 32/ 2 عقوبات ينظر إليه عند الحكم فى الجريمة الكبرى بالعقوبة. دون البراءة. علة ذلك؟ لا محل لإعمال الارتباط عند القضاء بالبراءة فى إحدى التهم. ولو كانت جناية. التزام الحكم المعروض هذا النظر يتفق والمبادئ القانونية المستقرة فى قضاء محكمة النقض. أثره: وجوب إقرار الحكم المعروض والقضاء بعدم قبول الطلب. أساس ذلك؟
1 - لما كان الحكم المعروض صدر بتاريخ 4/ 2/ 2010 وتقدم النائب العام بطلبه إلى رئيس محكمة النقض لعرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض، بتاريخ 6/ 4/ 2010، فى ميعاد الستين يومًا المنصوص عليها فى المادة 36 مكررًا بند 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانونين 74، 153 لسنة 2007، وذلك بعد أن صادف اليوم الأخير لميعاد تقديم الطلب الماثل وهو 5/ 4/ 2010 عطلة رسمية، ومن ثم يمتد الميعاد لليوم التالى، ومرفقًا به مذكرة بأسباب الطلب موقع عليها من محام عام، ومن ثم يكون الطلب المعروض قد استوفى مقوماته الشكلية.
وحيث إن المادة 36 مكررًا آنفة الذكر قد جرى نصها على أن يكون الطعن فى أحكام محكمة الجنح المستأنفة أمام محكمة أو أكثر من محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة فى غرفة مشورة، لتفصل بقرار مسبب فيما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلاً أو موضوعًا، ولتقرير إحالة الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة أمامها وذلك على وجه السرعة، ولها فى هذه الحالة أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية إلى حين الفصل فى الطعن، وتسرى أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطعون التى تختص بنظرها هذه المحاكم، ومع ذلك فإذا رأت المحكمة قبول الطعن، وجب عليها إذا كان سبب الطعن يتعلق بالموضوع أن تحدد جلسة تالية لنظر الموضوع وتحكم فيه، وعلى تلك المحاكم الالتزام بالمبادئ القانونية المستقرة المقررة فى قضاء محكمة النقض، فإذا رأت العدول عن مبدأ قانونى مستقر قررته محكمة النقض، وجب عليها أن تحيل الدعوى مشفوعة بالأسباب التى ارتأت من أجلها ذلك العدول إلى رئيس محكمة النقض لإعمال ما تقضى به المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية، فإذا قضت تلك المحاكم فى الطعن دون الالتزام بأحكام الفقرة السابقة، فللنائب العام وحده سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوى الشأن أن يطلب من محكمة النقض عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية للنظر فى هذا الحكم، فإذا تبين للهيئة مخالفة الحكم المعروض لمبدأ قانونى من المبادئ المستقرة التى قررتها محكمة النقض ألغته وحكمت مجددًا فى الطعن، فإذا رأت الهيئة إقرار الحكم قضت بعدم قبول الطلب.......".
2 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المعروض أن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم....... وآخر بتهمتى إهانة موظف عام رئيس محكمة جنح..... والاشتراك وآخرين مجهولين فى احتجازه ووكيل النائب العام وسكرتير جلسة الجنح بدون أمر من المختصين وفى غير الأحوال المصرح بها على النحو المبين بالتحقيقات، وتضمنت التهمة الأولى ما بدر من المتهم المذكور من أقوال وأفعال بالجلسة العلنية وبغرفة المداولة، وقصرت المحكمة فى حكمها المعروض، الإدانة عن التهمة الأولى على ما نسب إلى المتهم من أقوال وأفعال بالجلسة العلنية دون تلك التى وقعت بغرفة المداولة، واقتصر التعديل على مجرد استبعاد ما تم فى غرفة المداولة من إهانة، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة. وإذ كانت الواقعة المبينة فى أمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة عن التهمة الأولى هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذى دان المتهم به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ما تم من أقوال وأفعال الإهانة بغرفة المداولة وقصر الإدانة على ما تم منها بالجلسة العلنية، ودون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذى انتهت إليه المحكمة حين قصرت الإدانة على ما تم بالجلسة العلنية، لا يجافى التطبيق السليم فى شيء ولا يعطى المتهم حقًا فى إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة فى مثل هذا الحال بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل فى وصف التهمة ما دام قد اقتصر على استبعاد أحد ظروف الواقعة التى رفعت بها الدعوى، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع، وهو ما يتفق وما استقرت عليه مبادئ محكمة النقض ولا يشكل عدولاً عنها على النحو الذى يثيره المتهم فى الدعوى الراهنة.
3 - من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن الارتباط الذى تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقًا للفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم فى الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانونى إلى الجريمة المقرر لها العقاب الأشد لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدى المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتًا ونفيًا. ومن ثم فإنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة فى إحدى التهم - ولو كانت جناية - كما هو الشأن فى خصوص الدعوى المطروحة - وإذ التزم الحكم المعروض بهذه الوجهة من النظر، فإنه يكون قد التزم بالمبادئ التى استقرت فى أحكام محكمة النقض فى هذا الصدد.
لما كان ما تقدم، فإنه يتعين إقرار الحكم المعروض والقضاء بعدم قبول الطلب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كُلاً من: 1 - ....... "مقدم الطلب" 2 - ...... فى قضية الجنحة رقم...... لسنة...... بأنهما فى يوم...... بدائرة قسم...... محافظة.......: 1 - أهانا بالإشارة والقول والتهديد موظفًا عموميًا هو السيد/ ..... "رئيس محكمة..." وذلك بسبب أنهما أثناء انعقاد الجلسة وجها له ألفاظًا وعبارات تضمنت إهانته. 2 - اشتركا وآخرين مجهولين فى احتجاز المجنى عليه سالف الذكر، والسيد/ ..... "وكيل النائب العام" و.... "سكرتير الجلسة" وكان ذلك بدون أمر من المختصين وفى غير الأحوال المصرح بها قانونًا على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهما بالمواد 40/ 1، 2 و41/ 1 و133 و280 من قانون العقوبات. وأقام المتهم الأول قبل المجنى عليهما دعوى مقابلة بطريق الادعاء المباشر طلب فى ختامها معاقبتهما عن جريمة البلاغ الكاذب بمقتضى المواد 122 و124/ 3 و133 و305 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت. ومحكمة جنح.... قضت حضوريًا بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 2006 عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة ثلاثة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبحبس كل منهما ثلاثة أشهر وكفالة ألف جنيه عن التهمة الثانية وبالنسبة للادعاء المقابل بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية.
استأنفا وقيد استئنافهما برقم..... ومحكمة..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بتاريخ 11 من مارس سنة 2008 أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً. ثانيًا: وفى الموضوع (1) بالنسبة للمتهم الأول ( أ ) بشأن التهمة الأولى: بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه لمدة ستة أشهر مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك. (ب) بشأن التهمة الثانية: بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم جواز نظر الدعوى قبله بشأنها لسابقة الفصل فيها فى الجناية رقم...... (2) بالنسبة للمتهم الثانى: بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم جواز نظر الدعوى قبله لسابقة الفصل فيها فى الجناية رقم..........
لسنة.كيل المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم..... لسنة..... القضائية طعون نقض الجنح. ومحكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة - منعقدة فى هيئة غرفة مشورة - قضت بتاريخ 4 من فبراير سنة 2010 بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا.
وبتاريخ 3 من أبريل سنة 2010 قدم الأستاذان/ ......،...... المحاميين طلبًا إلى النائب العام بغية عرض الأوراق على الهيئة العامة للمواد الجنائية للعدول عن الحكم الصادر من محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة المنعقدة فى هيئة غرفة مشورة لمخالفته للمبادئ المستقرة فى قضاء محكمة النقض.
وبتاريخ 6 من أبريل سنة 2010 قدم النائب العام طلبًا مشفوعًا بمذكرة موقع عليها من محام عام لعرض الحكم المذكور على الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض قيد برقم.لسنة.نة..... عرض الهيئة العامة.


الهيئة

من حيث إن الواقعة تخلص فى أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم..... وآخر فى قضية الجنحة رقم........ أنهما: 1 - أهانا بالإشارة والقول والتهديد موظفًا عموميًا هو السيد/ ....... "رئيس محكمة جنح....." وذلك بأن وجها له ألفاظًا وعبارات تضمنت إهانته. 2 - اشتركا هما وآخرون مجهولون فى احتجاز المجنى عليه سالف الذكر والسيد..... "وكيل النائب العام" و..... "سكرتير الجلسة" وكان ذلك بدون أمر من المختصين وفى غير الأحوال المصرح بها على النحو المبين بالتحقيقات، وقدمتهما لمحكمة جنح... الجزئية لمعاقبتهما طبقًا للمواد 40/ 1، 2، 41/ 1، 133، 280 من قانون العقوبات، والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة 27/ 12/ 2006 بحبس كل منهما سنة مع الشغل عن التهمة الأولى، وحبس كل منهما ثلاثة أشهر عن التهمة الثانية، وبالنسبة للادعاء المقابل بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. استأنف المحكوم عليهما وقيد استئنافهما برقم......، ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بتاريخ 11/ 3/ 2008 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع أ - بالنسبة للمتهم الأول: 1 - بشأن التهمة الأولى بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه لمدة ستة أشهر مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك. 2 - بشأن التهمة الثانية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم جواز نظر الدعوى قبله بشأنها لسابقة الفصل فيها فى الجناية رقم...... ب - بالنسبة للمتهم الثانى: بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم جواز نظر الدعوى قبله لسابقة الفصل فيها فى الجناية رقم........ لسنة.لمحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض، وقيد طعنه برقم.... لسنة.... ق استئناف القاهرة، ومحكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة "منعقدة فى هيئة غرفة مشورة" قضت بتاريخ 4/ 2/ 2010 بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا. استنادًا لأسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وأن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، وأن للمحكمة الاستنئافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها والإحالة إليها، وأن الثابت من الحكم تلاوة تقرير التلخيص. وبتاريخ 6/ 4/ 2010 تقدم النائب العام بطلب عرض الحكم المذكور على الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض مشفوعًا بمذكرة موقع عليها من محامٍ عام انتهى فيها إلى مخالفة الحكم للمبادئ المستقرة فى قضاء النقض هو أن القانون لا يخول للمحكمة عقاب المتهم على أساس واقعة شملتها التحقيقات لم تكن مرفوعة بها الدعوى عليه، دون لفت نظر الدفاع إلى ذلك وعدم تنبيهه إلى ما أجرته المحكمة من تغيير وصف التهمة التى أدانته بها وفقًا لأحكام المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، فضلاً عن عدم قضائها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها فى القضية رقم..... جنايات..... عن كافة الوقائع المعروضة عليها والمنسوبة للطاعن وعلى سند من أن صدور حكم عن أحد الأفعال المتتابعة أو المستمرة والتى ترتكب لغرض واحد بعدة أفعال تمنع إقامة الدعوى عن باقى الأفعال، والتمس النائب العام فى نهايتها عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية للنظر فى هذا الحكم لمخالفته للمبادئ المستقرة فى أحكام محكمة النقض.
وحيث إن الحكم المعروض صدر بتاريخ 4/ 2/ 2010، وتقدم النائب العام بطلبه إلى رئيس محكمة النقض لعرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض، بتاريخ 6/ 4/ 2010، فى ميعاد الستين يومًا المنصوص عليها فى المادة 36 مكررًا بند 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانونين 74، 153 لسنة 2007، وذلك بعد أن صادف اليوم الأخير لميعاد تقديم الطلب الماثل وهو 5/ 4/ 2010 عطلة رسمية، ومن ثم يمتد الميعاد لليوم التالى، ومرفقًا به مذكرة بأسباب الطلب موقع عليها من محام عام، ومن ثم يكون الطلب المعروض قد استوفى مقوماته الشكلية.
وحيث إن المادة 36 مكررًا آنفة الذكر قد جرى نصها على أن "يكون الطعن فى أحكام محكمة الجنح المستأنفة أمام محكمة أو أكثر من محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة فى غرفة مشورة، لتفصل بقرار مسبب فيما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلاً أو موضوعًا، ولتقرير إحالة الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة أمامها وذلك على وجه السرعة، ولها فى هذه الحالة أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية إلى حين الفصل فى الطعن، وتسرى أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطعون التى تختص بنظرها هذه المحاكم، ومع ذلك فإذا رأت المحكمة قبول الطعن، وجب عليها إذا كان سبب الطعن يتعلق بالموضوع أن تحدد جلسة تالية لنظر الموضوع وتحكم فيه، وعلى تلك المحاكم الالتزام بالمبادئ القانونية المستقرة المقررة فى قضاء محكمة النقض، فإذا رأت العدول عن مبدأ قانونى مستقر قررته محكمة النقض، وجب عليها أن تحيل الدعوى مشفوعة بالأسباب التى ارتأت من أجلها ذلك العدول إلى رئيس محكمة النقض لإعمال ما تقضى به المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية، فإذا قضت تلك المحاكم فى الطعن دون الالتزام بأحكام الفقرة السابقة، فللنائب العام وحده سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوى الشأن أن يطلب من محكمة النقض عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية للنظر فى هذا الحكم، فإذا تبين للهيئة مخالفة الحكم المعروض لمبدأ قانونى من المبادئ المستقرة التى قررتها محكمة النقض ألغته وحكمت مجددًا فى الطعن، فإذا رأت الهيئة إقرار الحكم قضت بعدم قبول الطلب.....".
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المعروض أن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم...... وآخر بتهمتى إهانة موظف عام "رئيس محكمة جنح...." والاشتراك وآخرين مجهولين فى احتجازه ووكيل النائب العام وسكرتير جلسة الجنح بدون أمر من المختصين وفى غير الأحوال المصرح بها على النحو المبين بالتحقيقات، وتضمنت التهمة الأولى ما بدر من المتهم المذكور من أقوال وأفعال بالجلسة العلنية وبغرفة المداولة، وقصرت المحكمة فى حكمها المعروض، الإدانة عن التهمة الأولى على ما نسب إلى المتهم من أقوال وأفعال بالجلسة العلنية دون تلك التى وقعت بغرفة المداولة، واقتصر التعديل على مجرد استبعاد ما تم فى غرفة المداولة من إهانة، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة فى أمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة - عن التهمة الأولى - هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذى دان المتهم به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ما تم من أقوال وأفعال الإهانة بغرفة المداولة وقصر الإدانة على ما تم منها بالجلسة العلنية، ودون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذى انتهت إليه المحكمة حين قصرت الإدانة على ما تم بالجلسة العلنية، لا يجافى التطبيق السليم فى شيء ولا يعطى المتهم حقًا فى إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة فى مثل هذا الحال بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل فى وصف التهمة ما دام قد اقتصر على استبعاد أحد ظروف الواقعة التى رفعت بها الدعوى، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع، وهو ما يتفق وما استقرت عليه مبادئ محكمة النقض ولا يشكل عدولاً عنها على النحو الذى يثيره المتهم فى الدعوى الراهنة. لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن الارتباط الذى تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقًا للفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم فى الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانونى إلى الجريمة المقرر لها العقاب الأشد لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدى المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتًا ونفيًا. ومن ثم فإنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة فى إحدى التهم - ولو كانت جناية - كما هو الشأن فى خصوص الدعوى المطروحة، وإذ التزم الحكم المعروض بهذه الوجهة من النظر، فإنه يكون قد التزم بالمبادئ التى استقرت فى أحكام محكمة النقض فى هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين إقرار الحكم المعروض والقضاء بعدم قبول الطلب.