أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 38

جلسة 19 من مارس سنة 2012

برئاسة السيد القاضي/ محمد حسام الدين الغريانى رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة/ أحمد على عبد الرحمن، رضوان عبد العليم مرسى، حامد عبد الله محمد، إبراهيم على عبد المطلب، محمد حسام عبد الرحيم، أنور محمد جبرى، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، مصطفى على كامل، محمد حسين وأحمد عبد البارى سليمان نواب رئيس محكمة النقض.

(7)
هيئة عامة
الطلب رقم 1 لسنة 2011 القضائية

قانون "تطبيقه". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". نيابة عامة. محكمة الجنايات "اختصاصها".
مفاد نص المادة 36 مكررا بند 2 من القانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانونين 74، 153 سنة 2007؟
محكمة النقض. خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى. أحكامها باتة ولا سبيل إلى الطعن فيها. حد وعلة ذلك؟
استناد النائب العام فى طلب عرض الحكم المطروح على الهيئة العامة للمواد الجنائية إلى عدم تمحيص محكمة جنايات القاهرة المنعقدة فى غرفة مشورة أوراق الدعوى التمحيص الكافى. لما تضمنته مدوناته من أن الحكم الاستئنافى أيد الحكم الابتدائى لأسبابه رغم أن الأول قضى بالإدانة وقد ألغاه الثانى وقضى بالبراءة. لا يعد مخالفة للمبادئ المستقرة فى أحكام محكمة النقض. استناد طلب النائب العام لأسباب تتعلق بالحكم المطعون فيه بالنقض أمام محكمة الجنايات المنعقدة فى غرفة مشورة. لإعادة طرحه مرة أخرى أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
لما كانت المادة 36 مكررًا بند 2 من القانون 57 لسنة 1959 - فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - المعدلة بالقانونين 74، 153 سنة 2007 بعد أن عقدت لمحاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة نظر الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الجنح المستأنفة، وذلك أمام دائرة أو أكثر من محاكمها منعقدة فى غرفة مشورة، أوجبت عليها أن تفصل فى هذه الطعون بقرار مسبب فيما يفصح عن عدم قبوله شكلاً أو موضوعًا، وتحيل الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة، فإذا رأت قبول الطعن وتعلق سببه بالموضوع حددت جلسة أخرى لنظر الموضوع والحكم فيه، على أن تتقيد هذه المحاكم بالمبادئ القانونية المستقرة فى قضاء محكمة النقض، وإذا لم تلتزم بها كان للنائب العام خلال ستين يومًا من تاريخ صدور الحكم من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم - أن يطلب من رئيس محكمة النقض عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية، ثم استطرد النص سالف الذكر إلى القول "فإذا تبين للهيئة مخالفة الحكم المعروض لمبدأ قانونى من المبادئ المستقرة التى قررتها محكمة النقض ألغته، وحكمت مجددًا فى الطعن، فإذا رأت الهيئة إقرار الحكم قضت بعدم قبول الطلب". لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن محكمة النقض هى خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع اغتنى بالنص على منع الطعن على أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية، وغير العادية، لعدم تصور الطعن على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات فيما تضمنته من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا تعلق الأمر بعدم صلاحية أحد من القضاة الذين أصدروه، هذا إلى ما نصت عليه المادة 47 من القانون 57 لسنة 1959 المضافة بالقانون 74 لسنة 2007، إذا تعلق الأمر بتوفر حالة من حالات إعادة النظر. لما كان ذلك، وكان ما تساند إليه النائب العام فى طلب عرض الحكم المطروح على هذه الهيئة لأنه لم يمحص الأوراق بالقدر الكافى لتكوين عقيدة المحكمة لما تضمنته مدوناته من أن الحكم الاستئنافى - الذى استوفى بياناته - أيد الحكم الابتدائى لأسبابه رغم أن الأول قضى بالإدانة وقد ألغاه الثانى وقضى بالبراءة، وهو ما لا يعتبر مخالفة للمبادئ المستقرة المقررة فى أحكام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت باقى الأسباب التى استند إليها الطلب، تتعلق بالحكم المطعون فيه بالنقض أمام محكمة جنايات القاهرة، لمعاودة طرح الطعن عليه مرة أخرى أمام هذه الهيئة، وهو ما لا يجوز باعتباره طعنًا على الحكم المطروح، من ناحية، ولأنه لا يتعلق من ناحية أخرى بأسباب هذا الحكم الأخير، مما يتعين معه إقراره والقضاء بعدم قبول الطلب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم: المتهمون جميعًا 1 - أحدثوا عمدًا بالمجنى عليه....... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى المرفق والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يومًا وذلك باستعمال المتهم الثانى لأداة على النحو المبين بالأوراق. 2 - المتهم الأول: - تعدى بالسب على المجنى عليه علنًا بأن وجه إليه الألفاظ المبينة بالأوراق والتى تضمنت خدشًا للشرف والاعتبار على النحو المبين بالأوراق. 3 - المتهم الثانى: أتلف عمدا السيارة المملوكة للمجنى عليه سالف الذكر وقد ترتب على ذلك ضرر مالى أكثر من خمسين جنيهًا على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 171/ 1، 242/ 1، 3، 1، 306، 361/ 1، 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح....... قضت حضوريًا بتاريخ بالنسبة للمتهم الأول بحبسه سنتين مع الشغل عن الاتهام الأول مع تغريمه عشرة آلاف جنيه عن الاتهام الثانى وكفالة خمسة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ. وبالنسبة للمتهم الثانى بحبسه سنتين مع الشغل عن الاتهام الأول وشهر عن الاتهام الثانى وكفالة خمسة آلاف جنية لإيقاف التنفيذ. وبالنسبة للمتهم الثالث بحبسه سنتين مع الشغل عما هو منسوب إليه وكفالة خمسة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ وبالتضامن فيما بينهم بأداء مبلغ خمسة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت. استأنف المتهمون ومحكمة....... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا ببراءة المتهمين مما نسب إليهم من اتهام وبرفض الدعوى المدنية.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة فى - هيئة غرفة مشورة برقم..... لسنة.... القضائية - وبتاريخ 8 من فبراير سنة 2011 قضت بعدم قبول الطعن موضوعًا.
وبتاريخ 16 من مارس سنة 2011 قدم المدعى بالحقوق المدنية طلب إلى السيد المستشار النائب العام بغية عرض الأوراق على الهيئة العامة للمواد الجنائية للعدول عن الحكم الصادر من محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة المنعقدة فى هيئة غرفة مشورة لمخالفته للمبادئ المستقرة فى قضاء محكمة النقض.
وبتاريخ 6 من أبريل سنة 2011 قدم السيد المستشار النائب العام طلبًا مشفوعًا بمذكرة موقع عليها من محام عام لعرض الحكم المذكور على الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض قيد برقم 1 لسنة 2011 عرض الهيئة العامة.


الهيئة

حيث إنه يبين من الأوراق أن المتهمين استأنفوا الحكم الابتدائى الصادر بإدانتهم حضوريًا بجرائم الضرب البسيط والإتلاف العمدى والسب، وإذ قضت محكمة ثانى درجة - فى موضوع الاستئناف - بإلغاء الحكم المستأنف، وبراءة المتهمين مما نسب إليهم، ورفض الدعوى المدنية، قررت النيابة العامة بالطعن فيه بطريق النقض، وإذ قيد الطعن برقم...... لسنة...... القضائية، فقد نظرته إحدى دوائر محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة - منعقدة فى غرفة مشورة - والتى قضت بعدم قبول الطعن موضوعًا، فتقدم النائب العام - بناء على طلب المدعى بالحقوق المدنية - بالطلب الماثل لعرض الحكم، على هذه الهيئة إعمالاً لحكم المادة 36 مكررًا من القانون 57 لسنة 1959 - فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - بعد تعديله بالقانون رقم 153 لسنة 2007.
وحيث إن مبنى الطلب هو أن الحكم المعروض استند فى قضائه بعدم قبول الطعن موضوعًا، إلى أن الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم الاستئنافى المطعون فيه - استوفى البيانات التى نصت عليها المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من بيان كاف لواقعة الدعوى، وظروفها، حسبما استخلصته المحكمة، وبذا فقد أفصح عن وحدة الأسانيد التى ركن إليها كل من الحكمين الابتدائى والاستئنافى، رغم تباين منطوقهما بين قضاء أولهما بالإدانة، وما تناهى إليه الآخر بالبراءة مما ينبئ عن أن المحكمة خالفت المستقر عليه فى أحكام محكمة النقض لأنها لم تمحص الأوراق بالقدر الكافى لتكوين عقيدتها، هذا إلى أن الحكم الاستئنافى - المطعون فيه بالنقض - استند فى تبرئة المطعون ضدهم للشك فى صحة التهم لأن المجنى عليه لم يفصح - ابتداء - عن عبارات السب، دون أن يفطن إلى أنه عاد وقدم مذكرة ضمنها هذه العبارات تفصيلاً، وهى ذات العبارات التى تضمنتها مذكرة الشاهد الذى ترامت العبارات إلى مسامعه، هذا إلى أن الحكم لم يفطن إلى أن أقوال المتهم الأول واضحة الدلالة على صحة إسناد تهمتى الضرب والسب، أما وأنه تساند فى قضائه عن جريمة الإتلاف بما أورده من تبريرات - غير سائغة - لعدم توفر قصد "العمد"، فإن المحكمة لم تعمل واجبها فى رد التهمة إلى الوصف الذى تراه صحيحًا بإدانة المتهم عن جريمة الإتلاف غير العمدى، باعتبار أنه القدر المتيقن فى حق المتهم بالإتلاف.
وحيث إن المادة 36 مكررًا بند 2 من القانون 57 لسنة 1959 - فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - المعدلة بالقانونين 74، 153 سنة 2007 بعد أن عقدت لمحاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة نظر الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الجنح المستأنفة، وذلك أمام دائرة أو أكثر من محاكمها منعقدة فى غرفة مشورة، أوجبت عليها أن تفصل فى هذه الطعون بقرار مسبب فيما يفصح عن عدم قبوله شكلاً أو موضوعًا، وتحيل الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة، فإذا رأت قبول الطعن وتعلق سببه بالموضوع حددت جلسة أخرى لنظر الموضوع والحكم فيه، على أن تتقيد هذه المحاكم بالمبادئ القانونية المستقرة فى قضاء محكمة النقض، وإذا لم تلتزم بها كان للنائب العام خلال ستين يومًا من تاريخ صدور الحكم من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم - أن يطلب من رئيس محكمة النقض عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية، ثم استطرد النص سالف الذكر إلى القول "فإذا تبين للهيئة مخالفة الحكم المعروض لمبدأ قانونى من المبادئ المستقرة التى قررتها محكمة النقض ألغته، وحكمت مجددًا فى الطعن، فإذا رأت الهيئة إقرار الحكم قضت بعدم قبول الطلب". لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن محكمة النقض هى خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع اغتنى بالنص على منع الطعن على أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية، وغير العادية، لعدم تصور الطعن على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات فيما تضمنته من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا تعلق الأمر بعدم صلاحية أحد من القضاة الذين أصدروه، هذا إلى ما نصت عليه المادة 47 من القانون 57 لسنة 1959 المضافة بالقانون 74 لسنة 2007، إذا تعلق الأمر بتوفر حالة من حالات إعادة النظر. لما كان ذلك، وكان ما تساند إليه النائب العام فى طلب عرض الحكم المطروح على هذه الهيئة لأنه لم يمحص الأوراق بالقدر الكافى لتكوين عقيدة المحكمة لما تضمنته مدوناته من أن الحكم الاستئنافى - الذى استوفى بياناته - أيد الحكم الابتدائى لأسبابه رغم أن الأول قضى بالإدانة وقد ألغاه الثانى وقضى بالبراءة، وهو ما لا يعتبر مخالفة للمبادئ المستقرة المقررة فى أحكام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت باقى الأسباب التى استند إليها الطلب، تتعلق بالحكم المطعون فيه بالنقض أمام محكمة جنايات القاهرة، لمعاودة طرح الطعن عليه مرة أخرى أمام هذه الهيئة، وهو ما لا يجوز باعتباره طعنًا على الحكم المطروح، من ناحية، ولأنه لا يتعلق من ناحية أخرى بأسباب هذا الحكم الأخير، مما يتعين معه إقراره والقضاء بعدم قبول الطلب.