أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 75

جلسة 5 من يناير سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير مصطفى، عبد المنعم منصور، إيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة وأحمد سليمان.

(1)
الطعن رقم 21985 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
حق محكمة الموضوع فى القضاء بالبراءة للشك فى صحة إسناد التهمة للمتهم أو لعدم كفاية الأدلة. شرط ذلك؟
استناد الحكم المطعون فيه لتبرير قضائه بالبراءة إلى الحرص المعهود عند من يقوم بالاتجار فى المواد الخدرة لاستبعاد قيام المطعون ضدهما بتسليم المخدر لمشترِ فى الطريق العام. قصور.
(2) استدلالات. مأمورو الضبط القضائى "سلطاتهم". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
سكوت الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له. لا ينال من سلامة شهادته وكفايتها كدليل فى الدعوى. مادام لم يطلب منه الإفصاح عنهم.
ظهور شخصية المرشد السرى للمطعون ضدهما لا يمنع ضابط الواقعة من إخفاء اسمه.
اطراح الحكم شهادة الضابط لعدم ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له والمرشد السرى واستنادًا إلى الحرص المفترض فيمن يتجر فى المخدر. يعيبه.
1 - من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة للشك فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية الأدلة - ولها فى سبيل ذلك أن تزن شهادة شاهد الإثبات وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه، إلا أن ذلك كله مشروط بأن تكون الأسباب - التى أفصحت المحكمة عنها ولم تعول من أجلها على تلك الشهادة - من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق، وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من الحرص المعهود عند من يقومون بالاتجار فى المواد المخدرة لا ينتج عنه استبعاد قيام المطعون ضدهما بتسليم لفافة المخدرات لمشتر فى الطريق العام، ولو كان هذا المشترى لم يدفع ثمنها بعد.
2 - من المقرر أن سكوت الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له لا ينال من سلامة شهادته وكفايتها كدليل طالما أن الحكم لم يثبت أنه طلب منه الإفصاح عن أسماء أفراد تلك القوة فأبى، ولا حجة فى استناد الحكم إلى أن الضابط لم يذكر اسم المرشد السرى وفى قوله إن هذا الأخير صار معلومًا بمشاركته فى عقد الصفقة، ذلك بأن ظهور شخصية المرشد السرى للمطعون ضدهما لا يلزم عنه بالضرورة إظهار شخصيته للغير ولا يمنع الضابط - الذى اختار هذا المرشد لمعاونته - من الحرص على إخفاء اسمه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما أحرزا بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا "حشيش" فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالتهما إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابيًا للأول وحضوريًا للثانى ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه الفساد فى الاستدلال ذلك بأنه أقام قضاءه على أنه من غير المستساغ أن المطعون ضدهما لم يتخذا الحيطة والحذر المعروفة عن طبيعة من يمارس هذا العمل وأن يسلما المخدر لضابط الواقعة بمجرد إظهار المبلغ النقدى وهو ما لا يؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، كما انفرد الضابط بالشهادة وحجب القوة المرافقة له والمرشد السرى عن الإدلاء بشهادتهم رغم أن المحكمة لم تطلب منه ذكر أسمائهم ورفض، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "تخلص فى أنه بتاريخ..... وأثناء تواجد النقيب.... بمكتبه بقسم مكافحة المخدرات اتصل أحد مرشديه السريين وأخبره بتواجد المتهمين يبيعان المواد المخدرة على سائقى الميكروباصات بميدان... بأول شارع.... وعليه اتفق معه على مقابلته بميدان...... فى تمام الساعة التاسعة والنصف مساء، وقام بمصاحبة قوة من الشرطة السريين ووصل للمكان المتفق عليه مع المرشد وتقابل معه واصطحب المرشد السرى إلى حيث يقف المتهمان وقام المرشد بالتحدث معهما وأفهم أحدهما أنه من السائقين وطلب منه نصف أوقية فقرر أن ثمنها مائة وسبعون جنيهًا فأظهر الضابط المبلغ فقدما له لفافة سلوفانية بداخلها قطعة من الحشيش المخدر فقام بضبط المتهمين فتبين أن الأول يدعى..... والثانى..... وبتفتيش الأول عثر معه على لفافة صغيرة بجيب بنطاله الأيمن بداخلها مادة الحشيش، وبتفتيش المتهم الثانى عثر بجيب بنطاله الأيمن على كيس من النايلون بداخله ثلاث لفافات سلوفانية صفراء اللون تحوى كل منها على مادة الحشيش." ثم أقام الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضدها على نظر حاصله أنه ليس من المستساغ أن يقوم المطعون ضدهما - والمفترض أنهما حريصان فى تجارتهما - بتسليم المخدر لمشتر لم يدفع الثمن، وأن الضابط لم يذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له والمرشد السرى الذى صار معلومًا بمشاركته فى عقد تلك الصفقة وحجبهم عن الشهادة. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة للشك فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية الأدلة - ولها فى سبيل ذلك أن تزن شهادة شاهد الإثبات وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه، إلا أن ذلك كله مشروط بأن تكون الأسباب - التى أفصحت المحكمة عنها ولم تعول من أجلها على تلك الشهادة - من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق، وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من الحرص المعهود عند من يقومون بالاتجار فى المواد المخدرة لا ينتج عنه استبعاد قيام المطعون ضدهما بتسليم لفافة المخدرات لمشتر فى الطريق العام، ولو كان هذا المشترى لم يدفع ثمنها بعد، وكان سكوت الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له لا ينال من سلامة شهادته وكفايتها كدليل طالما أن الحكم لم يثبت أنه طلب منه الإفصاح عن أسماء أفراد تلك القوة فأبى، ولا حجة فى استناد الحكم إلى أن الضابط لم يذكر اسم المرشد السرى وفى قوله إن هذا الأخير صار معلومًا بمشاركته فى عقد الصفقة، ذلك بأن ظهور شخصية المرشد السرى للمطعون ضدهما لا يلزم عنه بالضرورة إظهار شخصيته للغير ولا يمنع الضابط - الذى اختار هذا المرشد لمعاونته - من الحرص على إخفاء اسمه، ومن ثم فإن كافة الأسباب التى ساقها الحكم المطعون فيه تبريرًا لاطراحه شهادة الضابط ليس من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون مشوبًا بالفساد فى الاستدلال مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة.