أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 86

جلسة 6 من يناير سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ فتحى خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم، أمين عبد العليم، على شكيب وعمر بريك نواب رئيس المحكمة.

(4)
الطعن رقم 22878 لسنة 73 القضائية

(1) إثبات "قرائن" "معاينة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على الحكم تعويله فى قضائه بالإدانة على معاينة النيابة التصويرية لمكان الحادث. غير مقبول. مادام البين من مدوناته أن المحكمة استندت إليها كقرينة معززة للأدلة الأخرى التى اعتمدت عليها و لم تتخذ منها دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة. مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة فى جريمة قتل عمد.
(2) قتل عمد. قصد جنائى. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
قصد القتل. أمر خفى. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(3) إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى. تقدير توافرها. موضوعى. شرط ذلك؟ مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة" استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة لاعتراف المتهم وما قرره الشهود بالتحقيقات وأسفرت عنه التحريات من أن أشلاء الجثة التى تم فحصها بمعرفة الطبيب الشرعى للمجنى عليه. تشكيك الطاعن فى ذلك. غير مقبول. الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) مأمورو الضبط القضائى "سلطاتهم". استجواب. تحقيق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق مأمور الضبط القضائى سؤال المتهم عن التهمة دون استجوابه. المادة 29 إجراءات. الاستجواب المحظور على مأمور الضبط القضائى إجراؤه. ماهيته؟
(6) إثبات "بوجه عام" محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى.
دفاع الطاعن بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت. منازعة فى صورة الواقعة وجدل موضوعى فى سلطة المحكمة فى استخلاصها.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها.
(7) إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك. لها تقدير ما يدعيه من أن اعترافه انتزع منه بطريق الإكراه.
(8) دفوع "الدفع ببطلان القبض". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفع الطاعن ببطلان استمرار القبض عليه بعد أن أخلت النيابة سبيله. موضوعى. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائزة.
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر من جانبها حاجة لإجرائه. غير مقبول.
(9) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات. موضوعى. المحكمة غير ملزمة بندب كبير الأطباء الشرعيين. مادامت الواقعة قد وضحت إليها ولم تر حاجة إلى ذلك.
(10) إثبات "خبرة" "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملاءمة والتوفيق. مثال.
(11) مأمورو الضبط القضائى "سلطاتهم". استدلالات. إثبات "بوجه عام". قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
الاستدعاء الذى يقوم به مأمور الضبط القضائى إبان جمع الاستدلالات. ليس قبضًا. لمأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم تلقى التبليغات والشكاوى وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الواقعة.
حق مأمورى الضبط القضائى أثناء جمع الاستدلالات سماع أقوال من يكون لديهم معلومات عن الواقعة ومرتكبها.المادة 29 إجراءات.
(12) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يقدح فى سلامة الحكم استناده إلى أقوال شاهد بالتحقيق الذى أجرته المحكمة وقوله خطأ أنها صدرت عنه بتحقيقات النيابة. الخطأ فى مصدر الدليل. لا يضيع أثره.
(13) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إحالة الحكم فى بيان أقوال شهود الإثبات إلى أقوال أحدهم. لا يعيبه. مادامت تتفق فى جملتها مع أقوال الأخير.
(14) إعدام. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة فى قضايا الإعدام. غير لازم. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(15) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. شرط ذلك؟ مثال.
(16) نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق".
للنيابة العامة إجراء التحقيق فى غيبة المتهم. إذا رأت موجبًا لذلك.
(17) إثبات "بوجه عام" "شهود" "استعراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
القانون لم يرسم صورة خاصة للتعرف على المتهم. لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم. مادامت قد اطمأنت إليه.
(18) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
(19) إثبات "اعتراف". إجراءات "إجراءات التحقيق". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الالتزام بدعوة محامى المتهم لحضور الاستجواب. شرطه: بأن يكون قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذى رسمه القانون. المادة 124 إجراءات. استطالة زمن التحقيق. غير مؤثر على سلامة إرادة المتهم.
(20) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سببًا للطعن على الحكم. النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(21) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعى على الحكم بواقعة لم تكن معروضة عليه. غير مقبول.
(22) قتل عمد. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام. إخفاء جثة. جريمة إخفاء جثة قتيل. من ذيول فعل القتل وحلقة أخيرة من مشروعه الإجرامى. عدم سؤال فاعل القتل عنها. أساس ذلك؟ خطأ الحكم لإدانته الطاعن بجريمة إخفاء جثة المنصوص عليها فى المادة 239 عقوبات. لا ينال من سلامته. أساس ذلك؟ الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "... أنه إثر علاقة جنسية غير مشروعة نشأت بين المتهم...... وشهرته..... والمجنى عليها...... كان ثمرتها أن حملت منه سفاحا وإزاء إلحاحها عليه بالوفاء بوعده لها بالزواج منها إلا أنه نكل عن وعده لها بالزواج وخشية افتضاح أمره بين ذويه والكافة وسوس له شيطانه الرجيم التخلص من المجنى عليها فعقد العزم وبيت النية على قتلها وتدبر أمر ذلك فى هدوء وروية فرسم خطته الإجرامية بتدبير محكم منظم بكل الممكنات العقلية اللازمة لتنفيذ جريمته النكراء التى لا تقرها الأديان السماوية ولا القوانين الوضعية وما أن وجد ضالته الهزيلة الضعيفة البنية حتى استدرجها حيلة إلى وحدة سكنية تحت الإنشاء بالطابق الثالث العلوى من العقار الذى يقيم فيه والذى أيقن خلوه من ساكنيه وما إن ظفر بها حتى باغتها بضربة قاصمة على أم رأسها من الناحية اليسرى بأداة راضة ثقيلة "قطعة خشبية" قاتلة بطبيعتها فى الاعتداء بها فى مقتل على الأشخاص أسقطتها أرضا ثم قام بموالاة الاعتداء عليها ضربا وتركها تنزف الدماء قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وهى عبارة عن كسر كبير بالجمجمة مع وجود فقد كبير فى عظام الجدارية اليسرى والصدغية اليسرى مع وجود آثار لانسكابات دموية حول الكسر وداخل الجمجمة نتيجة الإصابة الرضية الشديدة بيسار الرأس والتى حدثت من جسم صلب راض ثقيل والجائز حدوثها من الضرب بقطعة خشبية وأن وجود الكسر الشديد والفقد العظمى وآثار النزيف داخل الجمجمة يشير إلى حدوث الوفاة نتيجة هذه الإصابة الشديدة الرضية وما نتج عنها من كسور شديدة بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ وإمعانًا فى إجرام المتهم توجه عقب الحادث إلى محل تجارته ثم إلى شقة شقيقه الذى تناول معه طعام العشاء ثم قضى ليلته وفى صباح اليوم التالى توجه إلى مكان الحادث ابتغاء إخفاء معالم جريمته حيث قام بوضع المجنى عليها التى باتت جثة هامدة لا حراك فيها والغارقة فى دمائها داخل برميل معدنى وسكب عليها مواد معجلة للاشتعال "كيروسين" وأشعل فيها النار فأمسكت بها والتهمتها ولم تترك منها إلا حطام جسدها وأشلائه والذى واراه بالرمال لطمس معالمها" وساق الحكم على ثبوت الوقائع لديه على هذه الصورة فى حق المتهم أدلة مستقاة من اعترافه وأقوال الشهود وما جاء بتقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق مع ما أورده عنها بواقعة الدعوى وبما يتفق والثابت بأوراقها على ما يبين من المفردات. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من معاينة النيابة التصويرية لمكان الحادث وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها عند إيراد الحكم لاعتراف المتهم فإنه لا يحاج على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزًا للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها فى قضائه مادام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسيا على ثبوت التهمة قبل الطاعن ويكون منعاه فى هذا الشأن غير سديد.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وإذ كان الحكم قد ساق على قيام هذه النية تدليلاً كافيا فى إثبات توافرها لدى الطاعن بقوله ".... وكان المتهم قد وسوس له شيطانه الرجيم قتل المجنى عليها بسبب عدم الوفاء بوعده لها بالزواج منها وخشية افتضاح أمره بين ذويه والكافة لحملها منه سفاحا فسأله أن يكلل جريمته بالنجاح فاستدرج المجنى عليها حيلة لوحدة سكنية تحت الإنشاء بالطابق الثالث العلوى من العقار الذى يقيم فيه بحجه عرضها على أحد أطباء النساء والتوليد للتخلص من حملها المسفوح وسترا لعرضها المفضوح وبعد أن أيقن خلوه من ساكنيه وما إن ظفر بها حتى باغتها بضربة قاصمة على أم رأسها من الناحية اليسرى بأداه راضة ثقيلة قطعة خشبية - قاتلة بطبيعتها فى الاعتداء بها الأشخاص أسقطتها أرضا ثم قام بموالاة الاعتداء عليها بالضرب على رأسها وجانبها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وتركها تنزف دماءها حتى صعدت روحها إلى بارئها فى السماء لا هى راضية ولا هى مرضية ثم توجه صوب محل تجارته ثم لمنزل شقيقه الشاهد الأول والذى تناول معه طعام العشاء ثم قضى ليلته ثم توجه صباح اليوم التالى إلى مكان الحادث لإخفاء جثة المجنى عليها حيث قام بحملها ووضعها داخل برميل معدنى وسكب عليها مواد معجلة للاشتعال فأمسكت بها النيران والتى لم تترك منها إلا أشلاء من جسدها وحطامه والذى واراه بالرمال لطمس معالم جريمته النكراء وتلك الأفعال لا تصدر إلا ممن ابتغى القتل مقصدا ومن ثم فإن نية القتل تضحى متوافرة فى حق المتهم ولا تعول المحكمة على قالة الدفاع بانتفاء نية القتل فى الأوراق لأنه كان وليد استفزاز من المجنى عليها للمتهم خاصة وأن هذه القالة لا يساندها واقع أو قانون مما يتعين رفضها. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى شأن التدليل على نية القتل يكون فى غير محله.
3 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى لا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضى استخلاصا، وكان البحث فى توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج. وكان لا يشترط فى الدليل فى المواد الجنائية أن يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على التشكيك فى أن أشلاء الجثة التى جرى تشريحها للمجنى عليها ورد عليه مفصحا عن اطمئنانه لما اعترف به المتهم ولما قرره شهود الإثبات بالتحقيقات وما أسفرت عنه التحريات التى اطمأنت المحكمة لجديتها من أن أشلاء الجثة التى تم فحصها بمعرفة الطبيب الشرعى هى للمجنى عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت واقعة القتل تدليلا كافيا، كما بين الظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعن، وهى أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق وكان ما قاله بشأن استدلاله على أن الجثة للمجنى عليها سائغا ومؤديا إلى ما انتهى إليه فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك وبشأن اطمئنانه إلى جدية التحريات التى أجراها ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائى عملا بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا وكان الاستجواب المحظور هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التى تساق عليه دليلا بدليل ليقول كلمته فيها تسليما بها أو دحضًا لها، هذا فضلا عن أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى قعود مأمورى الضبط القضائى عن القيام إلى جانبها فى الوقت ذاته بواجباتهم التى فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة أنفة الذكر وغاية ما فى الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصرا من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه لذلك يكون غير مقبول.
6 - من المقرر أن النعى بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة وجدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ومع هذا فقد عرضت المحكمة لهذا الدفاع واطرحته بأسباب سائغة ومن ثم فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليه.
8 - لما كان الثابت بجلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان استمرار القبض عليه بعد أن أخلت النيابة سبيله، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب إجراء تحقيق فى هذا الشأن وبصدد بطلان اعترافه لصدوره نتيجة إكراه، فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوما لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم فى هذا الخصوص قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعى فى هذا المنحى غير سديد.
9 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة ولا معقب عليها فيه.
10 - من المقرر أنه ليس بلازم تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان اعتراف المتهم كما أورده الحكم وله سنده من الأوراق لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية وما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة فإنه لا يكون هناك أى تناقض بين ما اعترف به المتهم وبين تقرير الصفة التشريحية ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم ينحسر عن الحكم ما يثيره بصدد ذلك. لما كان ذلك، وكان النعى على الحكم بتطرقه إلى أمور فنية على النحو الوارد بوجه نعيه مردودا بأن البين من الأوراق أن الحكم استقى ما خلص إليه من أن تعذر العثور على إصابة بخلفية رأس المجنى عليها يرجع إلى خلو جسم المجنى عليها من الأنسجة الرخوة التى قد يظهر منها آثار إصابات لا تحدث كسورا بالعظام، مما شهد به الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة ومن ثم ينتفى عن الحكم الخطأ فى هذا المنحى.
11 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على المتهم لعدم صدور إذن من النيابة ورفضه تأسيسا على أن استدعاء الضابط للطاعن لمواجهته بما أسفرت عنه تحرياته وإقراره له بارتكاب الواقعة لا يعد قبضا على المتهم بل هو تحفظ عليه لحين عرضه على النيابة العامة وكان ما خلص إليه الحكم صحيح فى القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانونا على مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التى ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التى يعلمونها بأى كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية إلى ثبوت أو نفى الوقائع المبلغ بها إليهم والتى يشهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأمورى الضبط القضائى أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائى الطاعن بسبب اتهامه فى جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذى حام حوله فى نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات والتحفظ عليه منعا من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة خلال الوقت المحدد. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن هذا حسبه ويضحى بريئًا فى هذا الشأن.
12 - لما كان البين من تحقيقات النيابة أن الطبيب الشرعى لم يتم سؤاله بالتحقيقات فى شأن التناقض بين الدليلين القولى والفنى، إلا أنه لما كان الطاعن لا يمارى فى أن ما أثبته الحكم من ذلك للطبيب المذكور بالتحقيق الذى أجرته المحكمة بجلسة........ له معينه فى ذلك التحقيق فإنه لا يقدح فى سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ فى قالة أنه شهد بذلك فى تحقيقات النيابة إذ أن الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الإسناد.
13 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال فى إيراد أقوال الشاهدة الثالثة إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول كما يبين من الاطلاع على الأوراق أن أقوال الشاهدين المذكورين متفقة فى جملتها ولم تختلف إلا فى مصدر علمهما بالواقعة. لما كان ذلك، وكانت إحالة الحكم فى أقوال الشاهدة الثالثة إلى أقوال الشاهد الأول رغم الخلاف فى تلك الجزئية غير مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها وكانت أقوال الشاهدين المار ذكرهما التى اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن شقيقهما الطاعن قتل المجنى عليها بضربها بقطعة خشبية على رأسها عدة ضربات فحدثت بها الإصابات التى أودت بحياتها فلا يعيب الحكم ما شابه من خطأ فى الإسناد فى هذه الجزئية لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
14 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضوريًا بالإعدام دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
15 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض اعتراف المتهم وأقوال الشهود وما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة، وكان الثابت من الأوراق أن تقرير الصفة التشريحية لا يحوى تناقضًا بينه وبين أقوال الطبيب الشرعى، كما أن ما أورده الحكم منهما يتفق مع الآخر فإن ما خلص إليه فى هذا الشأن يكون سديدًا.
16 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما أثاره دفاع المحكوم عليه من بطلان تحقيقات النيابة التى جرت فى غيبته وردت عليه استنادًا إلى أن القانون أعطى النيابة العامة حق إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا رأت لذلك موجبًا. لما كان ذلك، وكان من حق المتهم أن يحضر التحقيق الذى تجريه النيابة فى تهمة موجهة إليه إلا أن القانون قد أعطى النيابة استثناء من هذه القاعدة - حق إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا رأت لذلك موجبًا فإذا أجرت النيابة تحقيقًا ما فى غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه، وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون فى التحقيقات من نقص أو عيب حتى تقدرها وهى على بينة من أمرها، وكان المحكوم عليه لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه منع من الاطلاع على ما أثبته المحقق فى التحقيقات ولم يتمسك أمامها بوجود نقص أو عيب فيها فإن ما خلص إليه الحكم فى هذا الشأن يكون فى محله.
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان العرض القانونى للمتهم على الشاهد الرابع استناداَ إلى أن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة به يبطل إذا لم يتم عليها وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه فى جمع من أشباهه وأن المحكمة تطمئن إلى صحة العرض القانونى الذى أجرته النيابة، فإنه يكون بريئًا من أى شائبة فى هذا الخصوص مادام تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها وتكون المجادلة فى ذلك غير مقبولة.
18 - لما كانت المحكمة قد تصدت للرد على الدفعين بنفى التهمة والتشكيك فى أقوال الإثبات على سند من اطمئنانها إلى أقوال هؤلاء الشهود واعتراف المتهم بالتحقيقات بارتكابه الواقعة، وكان الدفعان المذكوران من أوجه الدفاع الموضوعية والجدل فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة الموضوع فإن ما ردت به المحكمة يسوغ به اطراحهما.
19 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المحكوم عليه ببطلان استجوابه بتحقيقات النيابة الذى تم فى غيبة محاميه وبدون مواجهته بالتهم المسندة إليه وللعجلة فى مباشرة التحقيق والانتقال للمعاينة مما أصابه بالإرهاق وأطرحه تأسيسًا على ما تبين لها من مطالعة الأوراق أن النيابة باشرت التحقيق مع المتهم فور إبلاغها بالواقعة ولم يحضر معه محام ولم يتمسك بحضوره عند استجوابه أو يعلن عن اسمه بالطريق الذى رسمته المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية وأن النيابة واجهت المتهم بالتهم المسندة إليه، فضلاً عن قيام المتهم بإجراء معاينة تصويرية لكيفية ارتكابه الواقعة بمحض إرادته وأن سير التحقيق تم بطريقة طبيعية لا تنم عن وقوع تعسف أو قوة من جانب سلطة التحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة باشرت التحقيق مع المتهم فور إخطارها بالواقعة، وأن المحقق أحاط المتهم علمًا بالتهم المنسوبة إليه وبعقوبتها وسأله عن وجود محام معه فأجاب سلبًا، وكان المتهم لم يعلن اسم محاميه سواء للمحقق فى محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير فى قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن وكان من المقرر أن استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجرائه لا يؤثر على سلامة إرادة المتهم، فإن استجوابه فى تحقيق النيابة يكون قد تم صحيحًا فى القانون وهو ما لم يغب أمره على الحكم المطعون فيه فى رده على الدفع المذكور فى السياق المتقدم بما يسوغ رفضه.
20 - من المقرر أن لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن دفاع المحكوم عليه بشأن قعود النيابة عن سؤال والدة المجنى عليها لأنه لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة لم يطلب من المحكمة تداركه على ما يبين من محاضر جلسات المحاكمة.
21 - لما كان المحكوم عليه قد دفع ببطلان تفتيش مسكنه، وكان الثابت من الأوراق أنها خلت من ثمة تفتيش لمنزل المتهم، فإن الدفع ينصب على واقعة لم تكن معروضة على المحكمة للفصل فيها.
22 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان المحكوم عليه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق، وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقًا للقانون وجاء الحكم متفقًا وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، وكان لا ينال من سلامة الحكم ما تردى فيه من خطأ حين دان المحكوم عليه بجريمة إخفاء جثة المجنى عليها دون إخبار جهات الاقتضاء المنصوص عليها فى المادة 239 من قانون العقوبات ذلك أنه إذا أتى الفاعل فعل الإخفاء أو الدفن فلا يسأل عن هذه الجريمة إذ تعد فى هذه الحالة من ذيول الفعل وحلقة أخيرة فى المشروع الإجرامى وتصرفا طبيعيًا من جانبه ولذلك كانت هذه الجريمة مفترضة أن مرتكبها شخص غير القاتل، وتبرير ذلك فى المنطق القانونى أساسه قاعدة أن عدم المشروعية الكامن فى القتل يستوعب عدم المشروعية الكامن فى الإخفاء، ولا يكون الحكم معيبًا إذ قضى بإعدام المحكوم عليه طالما أن هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى أثبتها الحكم فى حقه وهو ما يكفى لحمل قضائه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه: 1 - قتل المجنى عليها......... عمدا مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها واستدرجها حيلة لوحدة سكنية تحت التجهيز بالطابق الثالث العلوى للعقار محل إقامته بعد أن أيقن خلوه من الغير وما إن ظفر بها حتى باغتها من الخلف بالتعدى عليها ضربا بقطعة خشبية غليظة فأسقطها أرضا ثم والى التعدى عليها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أدت لوفاتها على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - أخفى جثة المجنى عليها سالفة البيان دون إخبار جهات الاقتضاء وذلك بأن وضعها بداخل برميل معدنى بذات مسرح الحادث وأضرم بها النار وواراها عقب ذلك بالرمال بغية إخفائها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات.. لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجنى عليها مدنيا قبله بطلب إلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بجلسة....... بإجماع الآراء إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية لإبداء الرأى الشرعى وحددت جلسة........ للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضوريا بإجماع الآراء وعملا بالمواد 13/ 1، 230، 231، 239 من قانون العقوبات بمعاقبة........ بالإعدام شنقا عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض............ إلخ.


المحكمة

أولاً: بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه:
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه - بمذكرتى أسباب طعنه - أنه إذ دانه بجريمتى القتل العمد مع سبق الإصرار وإخفاء جثة قتيلة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون وفى الإسناد، إذ لم يبين مضمون المعاينة التصويرية التى عول عليها فى قضائه، ولم تدلل المحكمة تدليلا كافيا على نية القتل وظرف سبق الإصرار ورد بما لا يصلح ردا على الدفوع المبداة من الطاعن بعدم إمكانية الجزم بأن أشلاء الجثة التى جرى تشريحها للمجنى عليها وبعدم جدية التحريات وببطلان استجوابه بمعرفة مأمور الضبط القضائى لاسيما بعد أن باشرت النيابة العامة التحقيق، وبأن الواقعة لا تعدو أن تكون ضربا أفضى إلى موت وببطلان اعترافه بالتحقيقات لأنه وليد إكراه مادى ومعنوى ولم تحقق هذا الدفع الأخير هذا إلى أن الحكم لم يعرض لدفاعه ببطلان استمرار القبض عليه بعد أن أخلت النيابة سبيله كما عول الحكم على التقرير الطبى الشرعى رغم تضاربه مع التقريرين الاستشاريين المقدمين من دفاع الطاعن وأطرح الاعتراضات التى أوردها التقريران اَنفا البيان بشأن مواصفات الجثة وإصاباتها وكيفية حدوث تلك الإصابات مما كان يوجب عرض الأمر على كبير الأطباء الشرعيين لإبداء الرأى فيها باعتبار أن المنازعة فى هذه الأمور تعد دفاعا جوهريا يجب تحقيقه وبرر تقصير الطبيب الشرعى فى أخذ العينات من جثة المجنى عليها بما لا يصلح وأورد صورا متعارضة للأفعال التى قارفها الطاعن مما ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن واقعة الدعوى، ودانه رغم التعارض بين الدليلين القولى والفنى فى شأن موضع إصابة المجنى عليها ووضعها حال الاعتداء عليها وتطرق الحكم فى رده على الدفع المثار فى هذا الخصوص إلى أمور فنية حين أرجع عدم وجود إصابات بخلفية رأس المجنى عليها إلى خلو الجثة من الأنسجة الرخوة التى قد تظهر منها آثار الإصابات، ورد الحكم على دفاع الطاعن ببطلان القبض عليه وما تلاه من إجراءات بغير إذن النيابة وفى غير حالات التلبس بما لا يتفق وصحيح القانون هذا فضلا عن أن الحكم عول فى الإدانة على ما شهد به الطبيب الشرعى بتحقيقات النيابة فى رده على قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى حال أنه لم يدل بشهادته أمامها، كما أنه أحال فى بيان شهادة الشاهدة الثالثة إلى ما شهد به الشاهد الأول رغم تباين أقوالهما فى مصدر علمهما بالواقعة ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "... أنه إثر علاقة جنسية غير مشروعة نشأت بين المتهم..... وشهرته..... والمجنى عليها...... كان ثمرتها أن حملت منه سفاحا وإزاء إلحاحها عليه بالوفاء بوعده لها بالزواج منها إلا أنه نكل عن وعده لها بالزواج وخشية افتضاح أمره بين ذويه والكافة وسوس له شيطانه الرجيم التخلص من المجنى عليها فعقد العزم وبيت النية على قتلها وتدبر أمر ذلك فى هدوء وروية فرسم خطته الإجرامية بتدبير محكم منظم بكل الممكنات العقلية اللازمة لتنفيذ جريمته النكراء التى لا تقرها الأديان السماوية ولا القوانين الوضعية وما أن وجد ضالته الهزيلة الضعيفة البنية حتى استدرجها حيلة إلى وحدة سكنية تحت الإنشاء بالطابق الثالث العلوى من العقار الذى يقيم فيه والذى أيقن خلوه من ساكنيه وما إن ظفر بها حتى باغتها بضربة قاصمة على أم رأسها من الناحية اليسرى بأداة راضة ثقيلة "قطعة خشبية" قاتلة بطبيعتها فى الاعتداء بها فى مقتل على الأشخاص أسقطتها أرضا ثم قام بموالاة الاعتداء عليها ضربا وتركها تنزف الدماء قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وهى عبارة عن كسر كبير بالجمجمة مع وجود فقد كبير فى عظام الجدارية اليسرى والصدغية اليسرى مع وجود آثار لانسكابات دموية حول الكسر وداخل الجمجمة نتيجة الإصابة الرضية الشديدة بيسار الرأس والتى حدثت من جسم صلب راض ثقيل والجائز حدوثها من الضرب بقطعة خشبية وأن وجود الكسر الشديد والفقد العظمى وآثار النزيف داخل الجمجمة يشير إلى حدوث الوفاة نتيجة هذه الإصابة الشديدة الرضية وما نتج عنها من كسور شديدة بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ وإمعانًا فى إجرام المتهم توجه عقب الحادث إلى محل تجارته ثم إلى شقة شقيقه الذى تناول معه طعام العشاء ثم قضى ليلته وفى صباح اليوم التالى توجه إلى مكان الحادث ابتغاء إخفاء معالم جريمته حيث قام بوضع المجنى عليها التى باتت جثة هامدة لا حراك فيها والغارقة فى دمائها داخل برميل معدنى وسكب عليها مواد معجلة للاشتعال "كيروسين" وأشعل فيها النار فأمسكت بها والتهمتها ولم تترك منها إلا حطام جسدها وأشلائه والذى واراه بالرمال لطمس معالمها" وساق الحكم على ثبوت الوقائع لديه على هذه الصورة فى حق المتهم أدلة مستقاة من اعترافه وأقوال الشهود وما جاء بتقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق مع ما أورده عنها بواقعة الدعوى وبما يتفق والثابت بأوراقها على ما يبين من المفردات. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من معاينة النيابة التصويرية لمكان الحادث وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها عند إيراد الحكم لاعتراف المتهم فإنه لا يحاج على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها فى قضائه مادام أنه لم يتخذ منها دليلا أساسيا على ثبوت التهمة قبل الطاعن ويكون منعاه فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وإذ كان الحكم قد ساق على قيام هذه النية تدليلاً كافيا فى إثبات توافرها لدى الطاعن بقوله ".... وكان المتهم قد وسوس له شيطانه الرجيم قتل المجنى عليها بسبب عدم الوفاء بوعده لها بالزواج منها وخشية افتضاح أمره بين ذويه والكافة لحملها منه سفاحا فسأله أن يكلل جريمته بالنجاح فاستدرج المجنى عليها حيلة لوحدة سكنية تحت الإنشاء بالطابق الثالث العلوى من العقار الذى يقيم فيه بحجة عرضها على أحد أطباء النساء والتوليد للتخلص من حملها المسفوح وسترا لعرضها المفضوح وبعد أن أيقن خلوه من ساكنيه وما إن ظفر بها حتى باغتها بضربة قاصمة على أم رأسها من الناحية اليسرى بأداة راضة ثقيلة قطعة خشبية - قاتلة بطبيعتها فى الاعتداء بها على الأشخاص أسقطتها أرضا ثم قام بموالاة الاعتداء عليها بالضرب على رأسها وجانبها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وتركها تنزف دماءها حتى صعدت روحها إلى بارئها فى السماء لا هى راضية ولا هى مرضية ثم توجه صوب محل تجارته ثم لمنزل شقيقه الشاهد الأول والذى تناول معه طعام العشاء ثم قضى ليلته ثم توجه صباح اليوم التالى إلى مكان الحادث لإخفاء جثة المجنى عليها حيث قام بحملها ووضعها داخل برميل معدنى وسكب عليها مواد معجلة للاشتعال فأمسكت بها النيران والتى لم تترك منها إلا أشلاء من جسدها وحطامه والذى واراه بالرمال لطمس معالم جريمته النكراء وتلك الأفعال لا تصدر إلا ممن ابتغى القتل مقصدا ومن ثم فان نية القتل تضحى متوافرة فى حق المتهم ولا تعول المحكمة على قالة الدفاع بانتفاء نية القتل فى الأوراق لأنه كان وليد استفزاز من المجنى عليها للمتهم خاصة وأن هذه القالة لا يساندها واقع أو قانون مما يتعين رفضها." ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى شأن التدليل على نية القتل يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى لا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضى استخلاصا، وكان البحث فى توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج. وكان لا يشترط فى الدليل فى المواد الجنائية أن يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان الحكم قد عرض لتوافر هذا الظرف فى قوله ".... وكان الثابت من استقراء وقائع الدعوى أن المتهم قد عقد العزم وبيت النية على قتل المجنى عليها والتخلص منها وتدبر أمر ذلك فى هدوء وروية فى تاريخ سابق على الحادث لعدم رغبته فى تنفيذ وعده لها بالزواج منها وخشية افتضاح أمره بين ذويه والكافة لحملها منه سفاحا وما أن ظفر بها حتى استدرجها حيلة بمكر وخديعة بزعم أنهما متوجهين إلى أحد أطباء النساء والتوليد ليفرغ حملها المسفوح سترا لهذا العرض المفضوح ولكن سرعان ما توجه بها صوب الطابق الثالث العلوى من العقار الذى يقيم فيه والذى هو تحت الإنشاء والذى أيقن خلوه من السكان وما إن ظفر بها حتى باغتها بضربة شديدة على أم رأسها من ناحية الجدارية اليسرى بعصا خشبية ثقيلة قاتلة بطبيعتها فى الاعتداء على الأشخاص أسقطتها أرضا ثم قام بموالاة الاعتداء عليها بضرباته المتعددة على مواضع قاتله من جسدها (رأسها وجانبها) وتركها تنزف دمائها حتى فارقت الحياة وانصرف من مكان الحادث بعد أن أحدث إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية... والتى كانت سببًا فى وفاة المجنى عليها ومن ثم يضحى ظرف سبق الإصرار بعنصريه النفسى والزمنى متوافرا فى حق المتهم ويضحى دفاعه بانتفاء هذا الظرف لا يسانده واقع أو قانون مما يتعين رفضه.." ولما كان ما قاله الحكم فى تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار فى حق الطاعن كافيا فى تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به فى القانون فإنه لا يقبل منعى الطاعن فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على التشكيك فى أن أشلاء الجثة التى جرى تشريحها للمجنى عليها ورد عليه مفصحا عن اطمئنانه لما اعترف به المتهم ولما قرره شهود الإثبات بالتحقيقات وما أسفرت عنه التحريات التى اطمأنت المحكمة لجديتها من أن أشلاء الجثة التى تم فحصها بمعرفة الطبيب الشرعى هى للمجنى عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت واقعة القتل تدليلا كافيا، كما بين الظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعن، وهى أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق وكان ما قاله بشأن استدلاله على أن الجثة للمجنى عليها - على السياق المتقدم - سائغا ومؤديا إلى ما انتهى إليه فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك وبشأن اطمئنانه إلى جدية التحريات التى أجراها ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر جمع الاستدلالات على سند من القول أن تحريات ضابط الواقعة وقد كشفت عن أن الطاعن هو مرتكب الحادث واجه الطاعن بها فأقر له بالتهمة وإذ ذاك فقد سجل ذلك فى محضر عرضه على النيابة وأن ما صدر عنه لا يتضمن استجوابا بالمعنى القانونى بل هو مجرد جمع بيانات ومعلومات عن الجريمة تدخل فى صميم عمل مأمور الضبط القضائى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائى عملا بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا وكان الاستجواب المحظور هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التى تساق عليه دليلا بدليل ليقول كلمته فيها تسليما بها أو دحضًا لها، هذا فضلا عن أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى قعود مأمورى الضبط القضائى عن القيام إلى جانبها فى الوقت ذاته بواجباتهم التى فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة آنفة الذكر وغاية ما فى الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصرا من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه لذلك يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان النعى بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة وجدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ما يفيد ضمنًا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ومع هذا فقد عرضت المحكمة لهذا الدفاع وأطرحته بأسباب سائغة ومن ثم فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن أمام النيابة لما رآه من مطابقته للحقيقة والواقع الذى استظهره من باقى عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عنه طواعية واختيارًا فإن النعى على اعتراف المتهم يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت بجلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان استمرار القبض عليه بعد أن أخلت النيابة سبيله، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب إجراء تحقيق فى هذا الشأن وبصدد بطلان اعترافه لصدوره نتيجة إكراه، فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوما لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم فى هذا الخصوص قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعى فى هذا المنحى غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه رد على الاعتراضات التى تضمنها التقريران الاستشاريان المقدمان من دفاع الطاعن وأفصح عن عدم اطمئنانه إلى ما انتهيا إليه من نتيجة كما رد على الدفع بقصور أعمال الطبيب الشرعى استنادا إلى ما خلص إليه تقرير الصفة التشريحية وما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة من أنه لم يتم العثور على عينات صالحة ومناسبة بأشلاء المجنى عليها لإجراء الفحص النووى عليها وأن ما تم العثور عليه كان فى حالة تعفن ولا جدوى من فحصه فضلا عما تتكبده هذه التحاليل من مبالغ طائلة مع قلة الإمكانات لدى مصلحة الطب الشرعى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة ولا معقب عليها فيه، وكان الثابت أن المحكمة أخذت بتقرير الصفة التشريحية وأطرحت التقريرين الاستشاريين - للأسانيد التى بنى عليها ولما تبينته بنفسها مع الرأى الذى انتهى إليه وبما لا يتعارض مع تصوير المتهم للواقعة من أنه اعتدى على المجنى عليها بضربها بقطعة خشبية على رأسها من الخلف أسقطتها أرضا ثم والى الاعتداء عليها بالضرب على رأسها وجانبها حتى لفظت أنفاسها وهو التصوير الوحيد للواقعة الذى اعتنقته المحكمة وكانت المحكمة غير ملزمة بندب كبير الأطباء الشرعيين لإبداء الرأى بشأن ما أورده الطاعن بوجه النعى مادام أن الواقعة قد وضحت إليها ولم تر هى من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء هذا فضلا عن أنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب من المحكمة ندب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته فى هذا الشأن، فليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ومن ثم فقد اندفع عن الحكم ما يثيره فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعن من دفاع حول تضارب الدليلين القولى والفنى بشأن ما سطر فى أوجه النعى فى قولها "وحيث إنه عن قالة الدفاع بتناقض التقرير الطبى الشرعى وما ورد على لسان المتهم بشأن محل إصابة المجنى عليها فهذا مردود بأنه وإن كان التقرير الطبى الشرعى أكد أن الإصابة الرضية الشديدة بيسار الرأس وما أحدثته من انسكابات دموية ونزيف بالمخ أدى إلى وفاة المجنى عليها وأن المتهم اعترف باعتدائه بالضرب بقطعة خشبية غليظة على رأس المجنى عليها من الخلف إلا انه ذكر بأقواله أنه قام بموالاة الاعتداء على رأسها بالضرب الأمر الذى يؤكد ما قرر به الطبيب الشرعى وما أثبته بتقريره الفنى من أن الإصابة الرضية الشديدة بيسار الرأس هى سبب الوفاة وأن هذه الإصابة حدثت بالمجنى عليها وهى مستلقاة أرضا على جانبها الأيمن هذا فضلا عن أن الرأس بطبيعتها جزء متحرك من جسد الإنسان لا يتخذ وضعًا ثابتا وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث الإصابة بالجدارية اليسرى وما نجم عنها من انسكابات دموية ونزيف فى المخ كان سببًا فى وفاة المجنى عليها ومن ثم تضحى قالة الدفاع بتناقض التقرير الطبى الشرعى وما قرر به المتهم ذاته لا يسانده واقع أو قانون مما يتعين رفضها". ثم استطرد الحكم فى موضع آخر "....... أن المتهم اعتدى على المجنى عليها بالضرب على رأسها من الخلف ضربة واحدة أسقطتها أرضا وأنه عاجلها بضربة ثانية على رأسها ثم والى الاعتداء عليها بالضرب على رأسها وجانبها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة …. وأن ما قرر به الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة من أنه لم يستطع تحديد وجود إصابة بخلفية الرأس حال فحصه لأشلاء جثة المجنى عليها كان راجعا لعدم وجود أنسجة رخوة قد تظهر منها آثار إصابات رضيه لا تحدث كسورا بالعظام...." وهو قول من الحكم سديد يسوغ به إطراح دفاع الطاعن فى هذا الشأن لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان اعتراف المتهم كما أورده الحكم وله سنده من الأوراق لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية وما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما اعترف به المتهم وبين تقرير الصفة التشريحية ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم ينحسر عن الحكم ما يثيره بصدد ذلك. لما كان ذلك، وكان النعى على الحكم بتطرقه إلى أمور فنية على النحو الوارد بوجه نعيه مردودا بأن البين من الأوراق أن الحكم استقى ما خلص إليه من أن تعذر العثور على إصابة بخلفية رأس المجنى عليها يرجع إلى خلو جسم المجنى عليها من الأنسجة الرخوة التى قد يظهر منها آثار إصابات لا تحدث كسورا بالعظام، مما شهد به الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة ومن ثم ينتفى عن الحكم الخطأ فى هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على المتهم لعدم صدور إذن من النيابة ورفضه تأسيسا على أن استدعاء الضابط للطاعن لمواجهته بما أسفرت عنه تحرياته وإقراره له بارتكاب الواقعة لا يعد قبضا على المتهم بل هو تحفظ عليه لحين عرضه على النيابة العامة وكان ما خلص إليه الحكم صحيح فى القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانونا على مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التى ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التى يعلمونها بأى كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية إلى ثبوت أو نفى الوقائع المبلغ بها إليهم والتى يشهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأمورى الضبط القضائى أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائى الطاعن بسبب اتهامه فى جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذى حام حوله فى نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات والتحفظ عليه منعا من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة خلال الوقت المحدد. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن هذا حسبه ويضحى بريئًا فى هذا الشأن. لما كان ذلك، ولئن كان البين من تحقيقات النيابة أن الطبيب الشرعى لم يتم سؤاله بالتحقيقات فى شأن التناقض بين الدليلين القولى والفنى، إلا أنه لما كان الطاعن لا يمارى فى أن ما أثبته الحكم من ذلك للطبيب المذكور بالتحقيق الذى أجرته المحكمة بجلسة....... له معينه فى ذلك التحقيق فإنه لا يقدح فى سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ فى قالة أنه شهد بذلك فى تحقيقات النيابة إذ أن الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الإسناد. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال فى إيراد أقوال الشاهدة الثالثة إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول كما يبين من الاطلاع على الأوراق أن أقوال الشاهدين المذكورين متفقة فى جملتها ولم تختلف إلا فى مصدر علمهما بالواقعة. لما كان ذلك، وكانت إحالة الحكم فى أقوال الشاهدة الثالثة إلى أقوال الشاهد الأول رغم الخلاف فى تلك الجزئية غير مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها وكانت أقوال الشاهدين المار ذكرهما التى اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن شقيقهما الطاعن قتل المجنى عليها بضربها بقطعة خشبية على رأسها عدة ضربات فحدثت بها الإصابات التى أودت بحياتها فلا يعيب الحكم ما شابه من خطأ فى الإسناد فى هذه الجزئية لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيًا: عرض النيابة العامة للقضية: -
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضوريًا بالإعدام دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بالتعارض بين ما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة وما أورده بتقريره الفنى، كما تصدى للدفع بقصور أعمال الطبيب الشرعى ورفض الدفعين تأسيسًا على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة من أن إصابة المجنى عليها الرضية بيسار الجدارية هى التى أحدثت الوفاة وأن الصعق الكهربائى كان تاليًا لوفاة المجنى عليها وأن ظهور آثار الحمل يختلف من حالة لأخرى فضلاً عن عدم صلاحية الدماء التى عثر عليها بمكان الحادث للتحليل الفنى، كما أبدت المحكمة اطمئنانها إلى أن المجنى عليها كانت حاملاً لما قرره الطبيب الشرعى من العثور على بقايا جنين آدمى عمره الرحمى من خمسة إلى ستة أشهر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع اعتراف المتهم وأقوال الشهود وما قرره الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة، وكان الثابت من الأوراق أن تقرير الصفة التشريحية لا يحوى تناقضًا بينه وبين أقوال الطبيب الشرعى، كما أن ما أورده الحكم منهما يتفق مع الآخر فإن ما خلص إليه فى هذا الشأن يكون سديدًا. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره دفاع المحكوم عليه من بطلان تحقيقات النيابة التى جرت فى غيبته وردت عليه استنادًا إلى أن القانون أعطى النيابة العامة حق إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا رأت لذلك موجبًا. لما كان ذلك، وكان من حق المتهم أن يحضر التحقيق الذى تجريه النيابة فى تهمة موجهة إليه إلا أن القانون قد أعطى النيابة استثناء من هذه القاعدة - حق إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا رأت لذلك موجبًا فإذا أجرت النيابة تحقيقًا ما فى غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه، وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون فى التحقيقات من نقص أو عيب حتى تقدرها وهى على بينة من أمرها، وكان المحكوم عليه لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه منع من الاطلاع على ما أثبته المحقق فى التحقيقات ولم يتمسك أمامها بوجود نقص أو عيب فيها فإن ما خلص إليه الحكم فى هذا الشأن يكون فى محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان العرض القانونى للمتهم على الشاهد الرابع استناداَ إلى أن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة به يبطل إذا لم يتم عليها وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه فى جمع من أشباهه وأن المحكمة تطمئن إلى صحة العرض القانونى الذى أجرته النيابة، فإنه يكون بريئًا من أى شائبة فى هذا الخصوص مادام تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها وتكون المجادلة فى ذلك غير مقبولة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد تصدت للرد على الدفعين بنفى التهمة والتشكيك فى أقوال الإثبات على سند من اطمئنانها إلى أقوال هؤلاء الشهود واعتراف المتهم بالتحقيقات بارتكابه الواقعة، وكان الدفعان المذكوران من أوجه الدفاع الموضوعية والجدل فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة الموضوع فإن ما ردت به المحكمة يسوغ به اطراحهما. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المحكوم عليه ببطلان استجوابه بتحقيقات النيابة الذى تم فى غيبة محاميه وبدون مواجهته بالتهم المسندة إليه وللعجلة فى مباشرة التحقيق والانتقال للمعاينة مما أصابه بالإرهاق وأطرحه تأسيسًا على ما تبين لها من مطالعة الأوراق أن النيابة باشرت التحقيق مع المتهم فور إبلاغها بالواقعة ولم يحضر معه محام ولم يتمسك بحضوره عند استجوابه أو يعلن عن اسمه بالطريق الذى رسمته المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية وأن النيابة واجهت المتهم بالتهم المسندة إليه، فضلاً عن قيام المتهم بإجراء معاينة تصويرية لكيفية ارتكابه الواقعة بمحض إرادته وأن سير التحقيق تم بطريقة طبيعية لا تنم عن وقوع تعسف أو قوة من جانب سلطة التحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة باشرت التحقيق مع المتهم فور إخطارها بالواقعة، وأن المحقق أحاط المتهم علمًا بالتهم المنسوبة إليه وبعقوبتها وسأله عن وجود محام معه فأجاب سلبًا، وكان المتهم لم يعلن اسم محاميه سواء للمحقق فى محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير فى قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن وكان من المقرر أن استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجرائه لا يؤثر على سلامة إرادة المتهم، فإن استجوابه فى تحقيق النيابة يكون قد تم صحيحًا فى القانون وهو ما لم يغب أمره على الحكم المطعون فيه فى رده على الدفع المذكور فى السياق المتقدم بما يسوغ رفضه. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن دفاع المحكوم عليه بشأن قعود النيابة عن سؤال والدة المجنى عليها لأنه لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة لم يطلب من المحكمة تداركه على ما يبين من محاضر جلسات المحاكمة. لما كان ذلك، وكان المحكوم عليه قد دفع ببطلان تفتيش مسكنه، وكان الثابت من الأوراق أنها خلت من ثمة تفتيش لمنزل المتهم، فإن الدفع ينصب على واقعة لم تكن معروضة على المحكمة للفصل فيها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان المحكوم عليه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق، وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقًا للقانون وجاء الحكم متفقًا وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، وكان لا ينال من سلامة الحكم ما تردى فيه من خطأ حين دان المحكوم عليه بجريمة إخفاء جثة المجنى عليها دون إخبار جهات الاقتضاء المنصوص عليها فى المادة 239 من قانون العقوبات ذلك أنه إذا أتى الفاعل فعل الإخفاء أو الدفن فلا يسأل عن هذه الجريمة إذ تعد فى هذه الحالة من ذيول الفعل وحلقة أخيرة فى المشروع الإجرامى وتصرفا طبيعيًا من جانبه ولذلك كانت هذه الجريمة مفترضة أن مرتكبها شخص غير القاتل، وتبرير ذلك فى المنطق القانونى أساسه قاعدة أن عدم المشروعية الكامن فى القتل يستوعب عدم المشروعية الكامن فى الإخفاء، ولا يكون الحكم معيبًا إذ قضى بإعدام المحكوم عليه طالما أن هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى أثبتها الحكم فى حقه وهو ما يكفى لحمل قضائه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.