أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 252

جلسة 17 من مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، على سليمان نواب رئيس المحكمة وربيع شحاتة.

(34)
الطعن رقم 4066 لسنة 66 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "وصف الحكم". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها" "نظرها الدعوى والحكم فيها".
حضور الخصم أمام المحكمة أو غيابه. أمر واقع. اعتبار الحكم حضوريا أو غيابيا فرع من هذا الأصل. تمام المرافعة. العبرة فيه بواقع الحال. شرط ذلك؟
حضور الطاعن بالجلسة التى نظرت فيها الدعوى واستيفائه دفاعه وصدور الحكم بجلسة أمرت بها المحكمة. مؤداه: الحكم حضوريًا بالنسبة له. ولو تخلف عن الجلسة التى أجلت إليها الدعوى فى مواجهته. أثر ذلك؟
(2) قتل عمد. شروع. قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تميز القتل والشروع فيه بنية خاصة. هى إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم له وإيراد ما يدل على توافره. الحديث عن الأفعال المادية غير كاف. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
مثال لتسبيب معيب فى استظهار نية القتل فى جريمة قتل عمد.
(3) إثبات "شهود". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". وجوب إيراد الأدلة التى استندت إليها المحكمة فى حكمها وبيان مؤداها بيانًا كافيًا. مجرد الإشارة إليها. غير كاف.
استناد المحكمة إلى شهادة شاهدة الإثبات فى جريمة قتل عمد. دون العناية بسرد مضمون تلك الشهادة. قصور. علة وأثر ذلك؟
1 - حيث إن المحكمة تشير بداءة أن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر وبجلسة...... نظرت محكمة الموضوع الدعوى فى حضوره واستمعت لدفاعه وبعد أن استوفى دفاعه طلب البراءة ثم أمرت المحكمة بأن الحكم لجلسة...... ونبهت على الطاعن والحاضر عن المدعى بالحق المدنى، وفى هذه الجلسة الأخيرة أصدرت حكمها المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون حضوريًا بالنسبة للطاعن، ذلك أن من البداهة ذاتها أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع وغيابه كذلك، واعتبار الحكم حضوريًا أو غيابيًا فرع من هذا الأصل ويعتبر الحكم من محكمة الجنايات فى جناية حضوريًا بالنسبة إلى الخصم الذى يمثل فى جلسة المحاكمة وتسمع البينة فى حضرته ويتم دفاعه أو يسعه أن يتمه، كما أن العبرة فى تمام المرافعة هى بواقع حالها وما انتهت إليه أعلن هذا الواقع فى صورة قرار أو لم يعلن مادامت المحكمة لم تحتفظ له فى إبداء دفاع جديد ولم تأمر بإعادة الدعوى على المرافعة لسماعه وإذ كان الواقع فى الدعوى الراهنة قد سمعت بيناتها بحضور الطاعن واستوفى الدفاع عنه مرافعته فإن الإجراء بالنسبة إليه يكون حضوريًا ولا يزال هذا الوصف إن تخلف الطاعن فى الجلسة التالية التى أجلت إليها الدعوى فى مواجهته لتحكم فيها ومن ثم فإن الطعن يكون جائزًا.
2 - من المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانونًا بنية خاصة، هى انتواء القتل وإزهاق الروح، وهذه تختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة فى هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التى ثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب فى التدليل على توافر نية القتل إلى القول "حيث إن المحكمة وقد اطمأن وجدانها ووقر فى يقينها أن المتهم قتل المجنى عليه عمدًا فإنها تطمئن إلى توافر نية القتل والتى وإن كانت أمرًا خفيًا يضمره الجانى فى نفسه إلا أن الظروف والملابسات تكشف عنها وتستشف من ثنايا الواقعة وإحداثها وتستظهرها المحكمة فى هذه الدعوى من طبيعة الإصابات التى أحدثها المتهم بالمجنى عليه والتى أوردها الطبيب الشرعى فى أقواله أمام المحكمة والتى لا يمكن أن تحدث من اصطدام المجنى عليه بالجرار الزراعى قيادة المتهم حسبما أورد الأخير بأقواله بتحقيقات النيابة العامة فضلاً عن عدم التصور العقلى لقول المتهم من قيادته الجرار الزراعى فى تلك الساعة المتأخرة من الليل وهو يجهل قيادته ولا يملك مثله وذلك للبحث من قبل لشراء مبيدات حشرية ما هو إلا محاولة منه فى التخلص من ركن العمد فى تلك الجريمة والجنوح بها إلى جريمة القتل الخطأ" وكان هذا الذى أورده الحكم لا يفيد فى مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى اقترفها الطاعن والتى لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائى الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يعيبه.
3 - لما كان ما أورده الحكم من أقوال شاهدة الإثبات الأولى زوجة المجنى عليه والتى تساند إليها فى إدانة الطاعن قوله فى شهادتها "شهدت....... زوجة المجنى عليه أن الأخير سبق له أن اشتكى من المتهم لمضايقته إياه فى المرور بأرضه وذلك فى تاريخ سابق للواقعة" وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى حكمها بيانًا كافيًا فلا تكفى الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقى الأدلة، وإذ كان ذلك فإن مجرد استناد محكمة الموضوع فى حكمها على النحو السالف بيانه إلى شهادة زوجة المجنى عليه......... كشاهدة إثبات فى قتل عمد وإدانة الطاعن دون العناية بسرد مضمون هذه الشهادة وذكر مؤداها والأسانيد التى أقيم عليها، لا يكفى لتحقيق الغاية التى تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون كما صار إثباتها فى الحكم الأمر الذى يصم الحكم بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل المجنى عليه..... عمدًا بأن انهال عليه ضربًا بآلة راضة (بنز جرار زراعي) قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات......... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت زوجة المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات أولاً: فى الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. ثانيًا: فى الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعية بالحق المدنى مبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/........ المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكمة تشير بداءة أن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر وبجلسة..... نظرت محكمة الموضوع الدعوى فى حضوره واستمعت لدفاعه وبعد أن استوفى دفاعه طلب البراءة ثم أمرت المحكمة بأن الحكم لجلسة....... ونبهت على الطاعن والحاضر عن المدعى بالحق المدنى، وفى هذه الجلسة الأخيرة أصدرت حكمها المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون حضوريًا بالنسبة للطاعن، ذلك أن من البداهة ذاتها أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع وغيابه كذلك، واعتبار الحكم حضوريًا أو غيابيًا فرع من هذا الأصل ويعتبر الحكم من محكمة الجنايات فى جناية حضوريًا بالنسبة إلى الخصم الذى يمثل فى جلسة المحاكمة وتسمع البينة فى حضرته ويتم دفاعه أو يسعه أن يتمه، كما أن العبرة فى تمام المرافعة هى بواقع حالها وما انتهت إليه أعلن هذا الواقع فى صورة قرار أو لم يعلن مادامت المحكمة لم تحتفظ له فى إبداء دفاع جديد ولم تأمر بإعادة الدعوى على المرافعة لسماعه وإذ كان الواقع فى الدعوى الراهنة قد سمعت بيناتها بحضور الطاعن واستوفى الدفاع عنه مرافعته فإن الإجراء بالنسبة إليه يكون حضوريًا ولا يزال هذا الوصف أن تخلف الطاعن فى الجلسة التالية التى أجلت إليها الدعوى فى مواجهته لتحكم فيها ومن ثم فإن الطعن يكون جائزًا.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغًا على توافر نية القتل وعول فى ذلك على أن الإصابات التى لحقت بالمجنى عليه عمدية دون بيان ما إذا كان إحداث تلك الإصابات كان بقصد القتل وإزهاق روح المجنى عليه من عدمه، كما عول فى قضائه بإدانة الطاعن على أقوال الشاهدة..... زوجة المجنى عليه بما لا يصلح الاستدلال بها ولا يؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت الواقعة فى حق الطاعن بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانونًا بنية خاصة، هى انتواء القتل وإزهاق الروح، وهذه تختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة فى هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التى ثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب فى التدليل على توافر نية القتل إلى القول "حيث عن المحكمة وقد اطمأن وجدانها ووقر فى يقينها أن المتهم قتل المجنى عليه عمدًا فإنها تطمئن إلى توافر نية القتل والتى وإن كانت أمر خفى يضمره الجانى فى نفسه إلا أن الظروف والملابسات تكشف عنها وتستشف من ثنايا الواقعة وأحداثها وتستظهرها المحكمة فى هذه الدعوى من طبيعة الإصابات التى أحدثها المتهم بالمجنى عليه والتى أوردها الطبيب الشرعى فى أقواله أمام المحكمة والتى لا يمكن أن تحدث من اصطدام المجنى عليه بالجرار الزراعى قيادة المتهم حسبما أورد الأخير بأقواله بتحقيقات النيابة العامة فضلاً عن عدم التصور العقلى لقول المتهم من قيادته الجرار الزراعى فى تلك الساعة المتأخرة من الليل وهو يجهل قيادته ولا يملك مثله وذلك للبحث من قبل لشراء مبيدات حشرية ما هو إلا محاولة منه فى التخلص من ركن العمد فى تلك الجريمة والجنوح بها إلى جريمة القتل الخطأ" وكان هذا الذى أورده الحكم لا يفيد فى مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى اقترفها الطاعن والتى لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائى الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يعيبه، فضلاً عن ذلك أن ما أورده الحكم من أقوال شاهدة الإثبات الأولى زوجة المجنى عليه والتى تساند إليها فى إدانة الطاعن قوله فى شهادتها "شهدت..... زوجة المجنى عليه أن الأخير سبق لها أن اشتكى من المتهم لمضايقته إياه فى المرور بأرضه وذلك فى تاريخ سابق للواقعة" وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى حكمها بيانًا كافيًا فلا تكفى الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقى الأدلة، وإذ كان ذلك فإن مجرد استناد محكمة الموضوع فى حكمها على النحو السالف بيانه إلى شهادة زوجة المجنى عليه....... كشاهدة إثبات فى قتل عمد وإدانة الطاعن دون العناية بسرد مضمون هذه الشهادة وذكر مؤداها والأسانيد التى أقيم عليها، لا يكفى لتحقيق الغاية التى تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون كما صار إثباتها فى الحكم الأمر الذى يصم الحكم بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث الأوجه الأخرى.