أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 278

جلسة 25 من مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فريد عوض، بدر الدين البدوى، على فرجانى نواب رئيس المحكمة وصبرى شمس الدين.

(40)
الطعن رقم 6944 لسنة 66 القضائية

(1) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبراء. شرط ذلك؟
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "العمل الطبي". مسئولية جنائية. قتل خطأ. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إباحة عمل الطبيب شرطها: مطابقة ما يجريه للأصول العلمية المقررة والداخلة فى تخصصه. التفريط فى اتباع هذه الأصول أو مخالفتها يوفر المسئولية الجنائية.
(3) قتل خطأ. مسئولية جنائية. خطأ.
الخطأ المباشر وغير المباشر. سواء. فى المسئولية عن القتل الخطأ.
النعى بعدم علم الطاعن بحساسية المجنى عليها لعقار الإنترفال. غير مقبول. مادام أنه غير متخصص بأعمال التخدير التى مارسها.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود والتقارير الفنية وطرح ما يخالفها. شرط ذلك؟
(5) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات والمفاضلة بينها. المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. غير جائزة.
(6) تقرير التلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل فى الإجراءات الصحة. الادعاء بغير ذلك لا يكون إلا بالطعن بالتزوير. فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحتها. أساس ذلك؟ النعى على التقرير بالقصور. غير جائز لأول مرة أمام محكمة النقض.
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. أن يورد الأدلة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها. الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وسلطة المحكمة فى وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقريرى الخبراء المقدمين إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بهما فلا تجوز مجادلتها فى ذلك.
2 - من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول العلمية المقررة وداخلة فى تخصصه فإذا فرط فى اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه فى أداء عمله - وكان ما أثبته الحكم من عناصر الخطأ التى وقعت من الطاعن تكفى لحمل مسئوليته جنائيًا ومدنيًا.
3 - من المقرر أن الخطأ المباشر وغير المباشر سواء فى ترتيب مسئولية مرتكبة عن القتل الخطأ، وكان الحكم قد دلل على أن وفاة المجنى عليها كانت نتيجة خطأ الطاعن وذلك بما نقله عن تقريرى مفتش الصحة والطب الشرعى - على السياق المتقدم، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الاستشارى وأن الوفاة حدثت نتيجة لحساسيتها لعقار الإنترفال وهو ما لا يمكن للطبيب التكهن به - فذلك يكون لا محل له طالما ثبت أن الطاعن غير متخصص بأعمال التخدير التى مارسها وهو غير متمرس بها.
4 - لما كان النعى بالتفات الحكم عن سرد محتويات الحوافظ المقدمة منه تدليلاً على انتفاء الخطأ وانفصام عرى رابطة السببية وأن الوفاة مردها حساسيتها لبعض أنواع العقاقير - مردودًا بما هو مقرر من حق محكمة الموضوع فى أن تستخلص من أقوال الشهود والتقارير الفنية وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان ما نعاه الطاعن من تناقض التقريرين اللذين عولت عليهما المحكمة فى إدانته وعدم أخذها بالتقرير الاستشارى المقدم منه والتفاتها عن أوجه اعتراضاته - مردودًا بأن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة فى الدعوى والفصل فيما يوجه إلى هذه التقارير من اعتراضات والمفاضلة بينها والأخذ بما ترتاح إليه واطراح ما عداه لتعلق هذا الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل بما لا يجوز معه مجادلتها فيه أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الثابت من الاطلاع على ديباجة الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلى بمعرفة رئيس المحكمة، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء فى محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير، وكان فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحة، فإن ما يثيره الطاعن من أن تقرير التلخيص لم يودع ملف الدعوى بما يبطل الحكم لابتنائه على مخالفة حكم المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون له محل. فضلاً عن أنه لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه تقرير التلخيص من بيان فلا يجوز له من بعد النعى على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغفل الإشارة إلى واقعة تهمة، أن يوضحها فى دفاعه، ومن ثم فلا وجه لما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد.
7 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، فإن كل ما يثيره الطاعن فى باقى أوجه الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: تسبب خطأ فى موت......... وكان ذلك ناشئًا عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للاحتياط وحسن التقدير وعدم مراعاته للأصول الفنية الواجبة الاتباع وإخلاله إخلالاً جسيما بما تفرضه عليه أصول مهنته لمباشرة حالة ليست فى تخصصه ولم يستدع طبيب تخدير الأمر الذى نتج عنه وفاة المجنى عليها نتيجة حساسيتها لعقار التخدير. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1، 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح......... قضت حضوريًا عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة وكفالة مائة جنيه. استأنف ومحكمة... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسمائة جنيه.
فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض............. إلخ.


المحكمة

لما كانت الوقائع تتحصل حسبما استبان لمحكمة الموضوع من أقوال مفتش الصحة وما جاء بتقريره ومن تقرير الطبيب الشرعى أن المجنى عليها توجهت للطبيب الطاعن لمعالجتها من مرض ألم بها إلا أنه قام بتخديرها - وهو غير متخصص فى هذا الخصوص - مما أدى إلى حدوث مضاعفات لها ترتب عليه هبوط حاد بالدورة الدموية كان من نتيجته وفاتها - واستعرضت المحكمة ما جاء بأقوال مفتش الصحة من أنه بالكشف الظاهرى وجد نزيفًا من الأنف والفم وأثر التخدير وأن الطبيب لم يتبع الإجراءات واجبة الاتباع فى هذا الخصوص بدلالة ما إن قام بإعطائها حقنة التخدير حتى وافتها المنية، كما ساقت ما جاء بالتقرير الطبى الشرعى من أن الطاعن أخطأ خطأ مهنيًا جسيمًا لمباشرته حالة التخدير وهى ليست داخلة فى تخصصه وأن حالة المجنى عليها لم تكن من الحالات الطارئة التى تستوجب التخدير الذى قد يترتب عليه مضاعفات قلت أم كبرت لا يمكن إلا للمتخصص فى هذا المجال التنبؤ بها ولم يكن من المستصوب حقنها بالمخدر لتلافى حدوث هذه المضاعفات السيئة - وبعد أن ساق الحكم ما تقدم استدل على خطأ المتهم من واقع ما جاء بالتقريرين المار ذكرهما وما أسفرت عنه مناقشة مفتش الصحة بعدم اتخاذه إجراءات التحوط والحذر وسلوكه إجراء غير متخصص فيه بما يعتبر خطأ مهنيًا جسيمًا أدى لوفاة المجنى عليها وقامت رابطة السببية بين خطئه والنتيجة المترتبة عليه. لما كان ما تقدم، وكان مؤدى ما انتهى إليه كل من تقرير مفتش الصحة وتقرير الطبيب الشرعى - أن الطاعن وهو غير أخصائى فى عملية التخدير قد قام بتخدير المجنى عليها دون مراعاة الأصول الفنية واجبة الاتباع ودون تحوط أو حذر مما أدى إلى حدوث مضاعفات ترتب عليها هبوط حاد بالدورة الدموية مما أدى لوفاتها ولم تكن حالتها تستدعى هذا الإجراء الذى اتخذه الطاعن ولم تكن الوفاة نتيجة لحالة مرضية سابقة على عملية التخدير وأن ما حدث كان نتيجة لتدخل الطبيب فى غير تخصصه بما يعتبر خطأ مهنيًا جسيما. وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقريرى الخبراء المقدمين إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بهما فلا تجوز مجادلتها فى ذلك - وكانت عناصر الخطأ التى أخذ بها الحكم واطمأن إليها فضلاً عن تقرير الطبيب الشرعى هى عناصر واضحة. ولما كان من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول العلمية المقررة وداخلة فى تخصصه فإذا فرط فى اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه فى أداء عمله - وكان ما أثبته الحكم من عناصر الخطأ التى وقعت من الطاعن تكفى لحمل مسئوليته جنائيًا ومدنيًا، فإن ما ينعاه الطاعن من تناقض التقريرين ومن انتفاء خطئه وما ساقه من فروض أدت لوفاة المجنى عليها وقصور الحكم فى بيان واقعة الدعوى وظروفها وأركان الجريمة وأدلتها وعدم استظهاره ركن الخطأ ورابطة السببية يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ المباشر وغير المباشر سواء فى ترتيب مسئولية مرتكبه عن القتل الخطأ، وكان الحكم قد دلل على أن وفاة المجنى عليها كانت نتيجة خطأ الطاعن وذلك بما نقله عن تقريرى مفتش الصحة والطب الشرعى - على السياق المتقدم، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الاستشارى وأن الوفاة حدثت نتيجة لحساسيتها لعقار الإنترفال وهو ما لا يمكن للطبيب التكهن به - فذلك يكون لا محل له طالما ثبت أن الطاعن غير متخصص بأعمال التخدير التى مارسها وهو غير متمرس بها.
لما كان ذلك، وكان النعى بالتفات الحكم عن سرد محتويات الحوافظ المقدمة منه تدليلاً على انتفاء الخطأ وانفصام عرى رابطة السببية وأن الوفاة مردها حساسيتها لبعض أنواع العقاقير مردودًا بما هو مقرر من حق محكمة الموضوع فى أن تستخلص من أقوال الشهود والتقارير الفنية وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما نعاه الطاعن من تناقض التقريرين اللذين عولت عليهما المحكمة فى إدانته وعدم أخذها بالتقرير الاستشارى المقدم منه والتفاتها عن أوجه اعتراضاته - مردودًا بأن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة فى الدعوى والفصل فيما يوجه إلى هذه التقارير من اعتراضات والمفاضلة بينها والأخذ بما ترتاح إليه واطراح ما عداه لتعلق هذا الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل بما لا يجوز معه مجادلتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على ديباجة الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلى بمعرفة رئيس المحكمة، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء فى محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير، وكان فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحة، فإن ما يثيره الطاعن من أن تقرير التلخيص لم يودع ملف الدعوى بما يبطل الحكم لابتنائه على مخالفة حكم المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون له محل. فضلاً عن أنه لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه تقرير التلخيص من بيان فلا يجوز له من بعد النعى على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغفل الإشارة إلى واقعة تهمة، أن يوضحها فى دفاعه، ومن ثم فلا وجه لما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، فإن كل ما يثيره الطاعن فى باقى أوجه الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحًا عن عدم قبوله موضوعًا مع مصادرة الكفالة.