أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 351

جلسة 5 من إبريل سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ محمد شتا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن أبو المعالى، مصطفى صادق نائبى رئيس المحكمة، خالد مقلد وعبد الحميد دياب.

(45)
الطعن رقم 10803 لسنة 68 القضائية

(1) نصب. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل. حكم" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط قيام جريمة النصب؟
تقدير توافر أركان جريمة النصب. موضوعى. مادام سائغًا. قضاء الحكم المطعون فيه بالبراءة تأسيسًا على علم الطاعن بظروف البيع. أثره؟ مثال.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية تشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة. حد ذلك؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل. حكم" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع الإعراض عن طلب الطاعن سماع أقوال الشهود. شرط ذلك؟
(4) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً. لا عيب. أساس ذلك؟
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم خطأ أن الطاعن طلب حجز الدعوى للحكم فى حين أنه لم يطلب ذلك. لا ينال من سلامته. مادامت الدعوى قد نظرت على وجه صحيح فى القانون.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان. تزوير "الادعاء بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل فى الإجراءات الصحة. عدم جواز الادعاء بما يخالف ما أثبته الحكم فى ديباجته إلا بطريق الطعن بالتزوير.
(7) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره".
الأصل فى الأحكام أن تحرر كاملة بأسبابها قبل النطق بها. أساس ذلك وعلته؟
1 - من المقرر أن جريمة النصب لا تقوم إلا على الغش والاحتيال الموجه إلى المجنى عليه لخداعه وسلب ماله، فإذا لم يكن هناك احتيال وغش بل كان تسليم المال ممن سلمه عن بينة بحقيقة الأمر فلا جريمة، وكان تقدير توافر أركان هذه الجريمة من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بلا رقابة عليه من محكمة النقض ما دام تقديره سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق.
2 - من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة إذ إن مرجع ذلك إلى ما تطمئن إليه فى تقدير الدليل، مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكانت مدونات الحكم تكشف عن أن المحكمة قد ألمت بظروف الدعوى ومحصت أدلة الثبوت التى قام عليها على نحو ينبئ عن أنها فطنت إليها وقامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث، ثم أفصحت - من بعد - عن عدم اطمئنانها إليها، فإن هذا حسبها ليستقيم قضاؤها، وكان لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه مادام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله - كما هو الحال فى واقعة الدعوى الماثلة - وإذ كان ما أفصح عنه الحكم فى مدوناته من عدم الاطمئنان لأدلة الثبوت فى الدعوى يتضمن بطريق اللزوم العقلى والمنطقى اطراح ما قد تتصف به الأفعال المنسوبة إلى المطعون ضده من أوصاف أخرى فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فإن لها أن تعرض عنه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن سماع أقوال كل من........... و............ وإطراحه للأسباب السائغة التى أوردها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه، مردودا بأن من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملا إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته فى المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه فى الدفاع قبل قفل باب المرافقة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة فى طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته.
5 - من المقرر أنه لا يؤثر فى سلامة الحكم بافتراض صحة ما يدعيه الطاعن عن خطئه فيما أثبته من أن الطاعن طلب حجز الدعوى للحكم حال أنه لم يطلب ذلك ما دام أنه لا يمارى فى أن الدعوى نظرت على وجه صحيح فى القانون وفى أن الحكم صدر بعد أن استوفى كل خصم دفاعه وإقفال باب المرافعة فى الدعوى طبقا للمادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى ديباجته النطق به علنا، أى تلاوته، وهو ما عبر عنه المشرع فى المادة 174 من قانون المرافعات بقوله "ينطق القاضى بالحكم بتلاوة منطوقه، أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه ويكون النطق به علانية وإلا كان باطلاً، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء فى محضر الجلسة أو فى الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعن فإن ما يجادل فيه من عدم تلاوة الحكم يكون غير قويم ولا يعتد به.
7 - من المقرر أن الأصل فى الأحكام أن تحرر كاملة بأسبابها قبل النطق بها، كى لا تنطق المحكمة بالحكم إلا وهى مقتنعة تماما بما تريد تقريره، مقتنعة كذلك بما تستند إليه من أسباب، ولا ينفى ذلك ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 312 منه من جواز تحرير الحكم بأسبابه فى الثمانية أيام التالية لصدوره، فذلك من قبيل التيسير على القاضى وكاتب الجلسة فى تدوين الحكم والتوقيع عليه، فلا يقبل قول الطاعن إن المحكمة أعدت الحكم المطعون فيه مسبقا قبل إصداره، مادام أن ذلك قد تم بعد أن أصدرت المحكمة قرارها بإقفال باب المرافعة، وفى مرحلة كانت الدعوى فيها بين يدى المحكمة لبحثها والمداولة فيها.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح.... ضد المطعون ضده لأنه: - استولى بغير حق على أمواله بأن قام ببيع الأرض المبينة الحدود والمعالم بالمحضر والبالغ مساحتها مائة وثلاثة أفدنة له وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهامه بوجود واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة واستولى بذلك على أمواله على النحو المبين بالأوراق. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وكذا ادعى المطعون ضده مدنيًا قبل الطاعن...... على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملاً بمادتى الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ورفض الدعوى المدنية المقابلة المرفوعة من المتهم. استأنف ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية وإحالة الدعوى المدنية المقابلة إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن وكيل المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض.......... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى كما أوردها الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - فى صحيفة الادعاء المباشر، وأشار إلى المستندات والمذكرات المقدمة منه ومن المطعون ضده، واستعرض مراحل سير الدعوى، وساق بعض التقريرات القانونية والمبادئ القضائية والآراء الفقهية، برر قضاءه ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله فى قوله: وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان المدعى بالحقوق المدنية قد نسب للمتهم أنه ارتكب جريمة النصب المنصوص عليها فى المادة 336 من قانون العقوبات، وقد سايره فى ذلك حكم محكمة أول درجة رغم أنه بتطبيق ما تقدم من قواعد قانونية على الواقعة حسبما سردها المدعى بالحقوق المدنية بصحيفة الادعاء المباشر فإنه سرعان ما تنهار أركان هذه الجريمة، إذ خلت الأوراق من أية طرق احتيالية استعملها المتهم، وبالنسبة لتصرف المتهم ببيع قطعة الأرض موضوع عقد الاتفاق المؤرخ.... إلى المدعى بالحقوق المدنية دون أن يكون مالكا لها ولا له حق التصرف فيها، فقد جاء فى البند الأول من العقد أن الأرض ومساحتها 103 فدان كائنة بالطريق...... مشتراة من شركة.....، وفى البند الرابع منه تعهد الطرف الأول - المتهم فى الدعوى الماثلة - بالحصول على تنازل من المدعى العام الاشتراكى عن قطعة الأرض، وقد قدم المتهم أثناء تداول الدعوى أمام محكمة أول درجة صورة من عقد بيع ابتدائى مؤرخ...... محرر بين....... (بائع) و........ (مشتري) عن ذات قطعة الأرض موضوع الدعوى، وقد تعهد فيه البائع بتسليم المشترى نسخة من العقد معتمدة من المدعى العام الاشتراكى، ويتضح أن عقد البيع المؤرخ..... الذى استند إليه المتهم فى تصرفه فى الأرض موضوع الدعوى إلى المدعى بالحقوق المدنية بموجب عقد الاتفاق المؤرخ..... سابق عليه، وأنه وقت إبرام العقد الأخير كان المتهم بيده السند الذى اعتمد عليه فى التصرف بموجبه، وقد أثبت به أن المتهم قام بشراء الأرض من شركة.....، وأنه يتعهد بالحصول على تنازل من المدعى العام الاشتراكى عن قطعة الأرض، فكان المدعى بالحقوق المدنية وقت أن تعاقد مع المتهم واشترى الأرض على علم بحقيقة الأمر وببنود عقد الاتفاق ووافق على الشراء، كما أقر بالعقد بمعاينة الأرض المباعة المعاينة النافية للجهالة، ولا يقدح فيما سلف ما جاء بالصورة المقدمة من العقد المؤرخ..... والمحرر بين المدعى العام الاشتراكى والخاضع للحراسة.... وبين من يدعى......، إذ إن هذا العقد لاحق على عقد البيع المؤرخ.....، كما أنه لاحق أيضا على عقد الاتفاق المؤرخ.....، فضلا عن أنه محرر عن أرض مساحتها.... فدان فى حين أن العقدين سالفى الذكر عن قطعة أرض مساحتها.... فدان، هذا ولم يثبت بالأوراق أن المتهم هو الذى سعى إلى المدعى بالحقوق المدنية لإتمام وإبرام ذلك العقد، وما يؤكد انتفاء القصد الجنائى لدى المتهم أنه بتاريخ...... حرر اتفاقًا مع المدعى بالحقوق المدنية على فسخ عقد الاتفاق، وقد وقع المدعى بالحقوق المدنية على هذا الاتفاق وأقر فيه باستلام قيمة المبلغ المدفوع منه بموجب عقد الاتفاق موضوع الدعوى ومقداره ستة ملايين جنيه، وأن توقيعه على الاتفاق بفسخ العقد يعد مخالصة تامة ونهائية عن المبلغ الثابت به، وقد تم الفسخ قبل رفع الجنحة الماثلة التى أعلن بها المتهم بتاريخ....... أى بعد حوالى سنة من تاريخ الاتفاق على الفسخ والذى أقر فيه المدعى بالحقوق المدنية أنه لا يجوز له الرجوع على الطرف الأول - المتهم - بأى مستحقات حالية أو مستقبلة من أى نوع بخصوص العقد المفسوخ اتفاقا. أما بالنسبة لما يدعيه المدعى بالحقوق المدنية أنه لدى إبرام عقد الاتفاق المؤرخ...... قام بتحرير ثلاثة شيكات للمتهم، الأول برقم...... بمبلغ...... جنيه استحقاق......، والثانى برقم.... بمبلغ.... جنيه استحقاق.....، والثالث برقم..... بمبلغ..... جنيه استحقاق..... وسدد باقى الثمن بالعقد نقدا فى مجلس العقد، وأنه فى تاريخ تحرير الاتفاق بالفسخ فى...... قام المتهم بتسليمه ظرفًا مغلقًا لا يحوى إلا شيكًا واحدًا هو الشيك رقم..... وورقة من العقد، وأنه احتال عليه وأوهمه أن الظرف به الشيكات الثلاثة السابق تحريرها بمناسبة عقد البيع فإن هذا الادعاء ما هو إلا قول مرسل من المدعى بالحقوق المدنية لا يستند إلى أى دليل فى الأوراق ولا يصلح كدليل فى الإدانة، وينفيه ما ثبت من العقد موضوع الدعوى أن المدعى بالحقوق المدنية سدد الثمن ومقداره ستة ملايين جنيه إلى المتهم ولم يذكر فى العقد أن ذلك تم بموجب شيكات، فضلا عن أنه ثبت من الاتفاق بفسخ العقد أن المتهم سلم المدعى بالحقوق المدنية مبلغ ستة ملايين جنيه نقدا، وأن توقيع الطرف الثانى - المدعى بالحقوق المدنية - على الاتفاق يعد مخالصة تامة ونهائية باستلام المبلغ، الأمر الذى يستقر معه فى وجدان المحكمة أن واقعة النصب لا أساس لها من الواقع والقانون خاصة أن المدعى بالحقوق المدنية لم يرفع الجنحة الماثلة إلا فى..... بعد مرور سنة تقريبا من تاريخ الاتفاق على الفسخ ولم يتخذ المدعى بالحقوق المدنية خلال هذه المدة أى إجراء رسمى، بل أنه لم يرفع الجنحة إلا بعد إعلانه بتاريخ.... بالدعوى رقم..... جنح.... أقامها المتهم ضده. مما تقدم يبين أن الأوراق جاءت خلوا من أساليب الغش والخداع، وأنه لم تكن هناك طرق احتيالية استعملها المتهم كان من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة، وأن العلاقة التى تربط بين المتهم والمدعى بالحقوق المدنية بموجب عقد الاتفاق موضوع الدعوى علاقة مدنية، وأن المدعى بالحقوق المدنية كان على علم بظروف البيع، فقد تضمن عقد الاتفاق سند البائع - المتهم، كما تضمن تعهده بالحصول على تنازل من المدعى العام الاشتراكى عن قطعة الأرض، وأنه عندما عجز عن الوفاء بما تعهد به اتفق مع المدعى بالحقوق المدنية على فسخ العقد وقام برد مبلغ الستة ملايين جنيه إلى المدعى بالحقوق المدنية نقدا. إذن فلا يصح قانونا أن ينسب إلى المتهم أنه تصرف فى مال ثابت ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه، كما أن ما صدر من المتهم لا يعد إيهاما بوجود مشروع كاذب، الأمر الذى ترى معه المحكمة بحق انتفاء أركان جريمة النصب، ويتعين معه القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة النصب لا تقوم إلا على الغش والاحتيال الموجه إلى المجنى عليه لخداعه وسلب ماله، فإذا لم يكن هناك احتيال وغش بل كان تسليم المال ممن سلمه عن بينة بحقيقة الأمر فلا جريمة، وكان تقدير توافر أركان هذه الجريمة من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بلا رقابة عليه من محكمة النقض ما دام تقديره سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق، لما كان ذلك وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه من أسباب برر بها قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله أن الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - حين تعاقد مع المطعون ضده على شراء الأرض محل الاتهام كان يعلم أن الأخير اشتراها بموجب عقد البيع المؤرخ..... من..... المفروض على أمواله الحراسة، ومن بينها هذه الأرض، بموجب الحكم الصادر بتاريخ...... فى الدعوى رقم..... لسنة..... قيم، وأن....... ممنوع من التصرف فى أمواله، وأن عقد الاتفاق موضوع الدعوى مرتبط وجودا وعدما بعقد البيع الصادر من الأخير وإجازة المدعى العام الاشتراكى له وموافقته عليه، فإنه مادام الطاعن كان يعلم بظروف البيع يجب ألا يؤاخذ المطعون ضده جنائيا وينسب إليه جريمة النصب، وكل ما هناك أن تصرفه فى مال ممنوع التصرف فيه يعرضه للبطلان وذلك طبقا للمادة 21 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب التى جرى نصها على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 7 من هذا القانون يترتب على الحكم بفرض الحراسة رفع يد الخاضع عن إدارة المال المفروضة عليه والتصرف فيه، ويقع باطلا كل تصرف يجريه الخاضع بعد صدور الحكم بشأن المال الذى فرضت عليه الحراسة أو خلال مدة المنع من التصرف المنصوص عليها فى المادة "7" ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من جدل فيما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بانتفاء جريمة النصب المسندة إلى المطعون ضده يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة إذ إن مرجع ذلك إلى ما تطمئن إليه فى تقدير الدليل، مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكانت مدونات الحكم تكشف عن أن المحكمة قد ألمت بظروف الدعوى ومحصت أدلة الثبوت التى قام عليها على نحو ينبئ عن أنها فطنت إليها وقامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث، ثم أفصحت - من بعد - عن عدم اطمئنانها إليها، فإن هذا حسبها ليستقيم قضاؤها، وكان لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه مادام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله - كما هو الحال فى واقعة الدعوى الماثلة - وإذ كان ما أفصح عنه الحكم فى مدوناته من عدم الاطمئنان لأدلة الثبوت فى الدعوى يتضمن بطريق اللزوم العقلى والمنطقى اطراح ما قد تتصف به الأفعال المنسوبة إلى المطعون ضده من أوصاف أخرى فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فإن لها أن تعرض عنه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن سماع أقوال كل من........ و......... واطراحه للأسباب السائغة التى أوردها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه، مردودا بأن من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملا إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته فى المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه فى الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة فى طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته. لما كان ذلك وكان لا يؤثر فى سلامة الحكم بافتراض صحة ما يدعيه الطاعن عن خطئه فيما أثبته من أن الطاعن طلب حجز الدعوى للحكم حال أنه لم يطلب ذلك ما دام أنه لا يمارى فى أن الدعوى نظرت على وجه صحيح فى القانون وفى أن الحكم صدر بعد أن استوفى كل خصم دفاعه وإقفال باب المرافعة فى الدعوى طبقا للمادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى ديباجته النطق به علنا، أى تلاوته، وهو ما عبر عنه المشرع فى المادة 174 من قانون المرافعات بقوله "ينطق القاضى بالحكم بتلاوة منطوقه، أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه ويكون النطق به علانية وإلا كان باطلاً، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء فى محضر الجلسة أو فى الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعن فإن ما يجادل فيه من عدم تلاوة الحكم يكون غير قويم ولا يعتد به. لما كان ذلك وكان الأصل فى الأحكام أن تحرر كاملة بأسبابها قبل النطق بها، كى لا تنطق المحكمة بالحكم إلا وهى مقتنعة تماما بما تريد تقريره، مقتنعة كذلك بما تستند إليه من أسباب، ولا ينفى ذلك ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 312 منه من جواز تحرير الحكم بأسبابه فى الثمانية أيام التالية لصدوره، فذلك من قبيل التيسير على القاضى وكاتب الجلسة فى تدوين الحكم والتوقيع عليه، فلا يقبل قول الطاعن أن المحكمة أعدت الحكم المطعون فيه مسبقًا قبل إصداره، مادام أن ذلك قد تم بعد أن أصدرت المحكمة قرارها بإقفال باب المرافعة، وفى مرحلة كانت الدعوى فيها بين يدى المحكمة لبحثها والمداولة فيها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا التقرير بعدم قبوله مع مصادرة الكفالة.