أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 156

جلسة 27 من يناير سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد أحمد شعلة، د. مدحت محمد سعد الدين، عز العرب عبد الصبور حسنين نواب رئيس المحكمة ومحمود محمد محيى الدين.

(30)
الطعن رقم 1529 لسنة 70 القضائية

(1 - 5) تعويض "تعيين عناصر الضرر: الضرر المادى" "تقدير التعويض". حكم " عيوب التدليل: القصور فى التسبيب: ما لا يعد كذلك". محكمة الموضوع" سلطتها فى استخلاص الخطأ" "سلطتها فى استخلاص الضرر الناجم عن الخطأ التقصيرى" "سلطتها فى تقدير التعويض". (1) التعويض عن الضرر المادى. شرطه. الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققًا سواء وقع بالفعل أو كان وقوعه فى المستقبل حتميًا.
(2) تعيين العناصر المكونة للضرر فى حساب التعويض. من مسائل القانون. خضوعها لرقابة محكمة النقض.
(3) تقدير التعويض. من سلطة محكمة الموضوع. مناطه. قيام أسبابه وعدم وجود نص قانونى ملزم باتباع معايير معينة فى خصوصه. شرطه. بيانها عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه.
(4) استخلاص الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى ومستنداتها وقوع ضرر مادى أصاب المطعون ضدها تمثل فى الاستيلاء على ملكيتها فى أرض وبناء العقار وحرمانها من الانتفاع به فترة من الزمن وتكبدها مصروفات التقاضى وآلام نفسية جراء ذلك الاعتداء. مؤداه. إقامة قضائه بالتعويض عن الضرر المادى على أسباب سائغة تكفى لحمله ولها أصل ثابت فى الأوراق. نعى الطاعنين على الحكم بالقصور. على غير أساس.
(5) محكمة الموضوع. سلطتها فى استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغًا ومستمدًا من عناصر تؤدى إليه.
(6) بيع "بيع ملك الغير". حكم "عيوب التدليل: القصور فى التسبيب".
شراء ملك الغير. عدم اعتباره بمجرده خطأ يستوجب التعويض عنه. عدم بيان الحكم المصدر الذى استظهر منه الخطأ. قصور.
(مثال بشأن قصور حكم فى دعوى تعويض المالك الأصلى عن بيع ملك الغير).
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادى الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققًا بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه فى المستقبل حتميًا.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن تعيين العناصر المكونة للضرر التى يجب أن تدخل فى حساب التعويض من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن فى القانون نص يلزم باتباع معايير معينة فى خصوصه هو من سلطة محكمة الموضوع، ولا معقب عليها فى ذلك متى كانت قد بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها وقوع ضرر مادى أصاب المطعون ضدها يتمثل فى الاستيلاء على ملكيتها فى أرض وبناء العقار المبين بالأوراق وحرمانها من الانتفاع به فترة من الزمن وحبس مالها عنها فضلاً عما تكبدته من مصروفات التقاضى بالإضافة إلى ما ألم بها من آلام نفسية من جراء الاعتداء على حقها فى الملكية والانتفاع، فإنه يكون قد بين عناصر الضرر المادى التى تدخل فى حساب التعويض عنه وذلك بناء على أصل ثابت بالأوراق وبما ينفى عنه قالة القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وكان تقديره للتعويض عن الضرر الأدبى قد قام على أسباب سائغة تكفى لحمله ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع التقديرية لا تتسع له رقابة محكمة النقض وبما يضحى معه النعى على غير أساس.
5 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - إن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغًا ومستمدًا من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى خطأ الطاعنين الأول والثانى بما أورده بمدوناته "فإذا كان ما تقدم وقام المستأنف عليه الأول - الطاعن الأول - بمخالفة شروط ترخيص بناء هذه الأرض حال كون المستأنفة - المطعون ضدها - آنذاك تعمل بالخارج بالمملكة السعودية مما دعا قلم التنظيم بحى أول طنطا إلى تحرير محضر بتلك المخالفة برقم... قضى فيها بحبس كل منهما ثلاثة أشهر مع الشغل، وحين استأنفت هذا القضاء قضى ببراءتها مما أسند إليها، ثم قام بعد ذلك باغتصاب كامل العقار وتصرف فيه بالبيع لشقيقه المستأنف عليه الثانى - الطاعن الثانى - فحرر له عقدًا بذلك مؤرخًا 1/ 4/ 1995 فاستحصل الأخير بشأنه على حكم بصحة توقيع المستأنف عليه الأول - الطاعن الأول - كبائع بالدعوى رقم... لسنة 1995 كلى مدنى طنطا حيث مثل بجلسة 30/ 4/ 1995 وأقر قضائيًا بصحة توقيعه على عقد بيعه لكامل العقار لشقيقه المستأنف عليه الثانى - الطاعن الثانى - فباع بذلك ملك غيره على خلاف الواقع، ثم تمادى فى مسلسل اغتصابه لحق المستأنفة - المطعون ضدها - ومنعها من الانتفاع بملكها مما دعاها إلى تحرير محضر بتلك الواقعة تحت رقم... لسنة 1998 إدارى قسم أول طنطا وقد صدر قرار النيابة بتمكينها من الانتفاع وحيازة العقار فكان ذلك مجتمعًا من المستأنف عليه الأول والثانى - الطاعنين - خطأ يوجب مسئوليتهما عما ينشأ عنه من أضرار أصابت المستأنفة." وإذ كانت هذه الأفعال التى ساقها الحكم المطعون فيه بمدوناته على النحو سالف البيان تمثل بحق خطأ فى جانب الطاعن الأول إلا أنها لا تعد كذلك بالنسبة للطاعن الثانى، ولا ينال من ذلك قيام الأخير بشراء نصيب المطعون ضدها فى عقار النزاع من شقيقه الطاعن الأول، ذلك أن شراء ملك الغير لا يعد بمجرده خطأ يستوجب التعويض عنه، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه قد نسب إلى الطاعن الثانى خطأ لم يستظهر مصدره فيكون مشوبًا بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت الدعوى... لسنة 1997 مدنى طنطا الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا إليها مبلغ مائه ألف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا. وقالت بيانًا لدعواها إنها بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 27/ 5/ 1991 اشترت وزوجها الطاعن الأول مناصفة بينهما قطعة أرض فضاء وشرعت فى إقامة بناء عليها وبسبب سفرها إلى الخارج تولى زوجها مباشرة عملية البناء واستخراج التراخيص اللازمة لذلك إلا أنه أقام البناء مخالفًا للمواصفات فتحرر لهما الجنحة... لسنة 1993 قسم أول طنطا قضى فيها بحبسهما ثلاثة أشهر، فاستأنفت هذا الحكم فقضى ببراءتها عما أسند إليها، ثم توطأ الطاعن الأول مع شقيقه الطاعن الثانى فباعه العقار بأكمله بما فيه نصيبها، فأبلغت الشرطة وتحرر عن تلك الواقعة المحضر... لسنة 1998 أدارى قسم أول طنطا وقد مكنتها النيابة العامة من حيازة العقار والانتفاع به، فأصابها من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية فأقامت الدعوى. ومحكمة أول درجة رفضت الدعوى بحالتها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 48ق طنطا. وبتاريخ 16/ 2/ 2000 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن الأول بمبلغ عشرة آلاف جنيه والطاعن الثانى بمبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا للمطعون ضدها. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم فيما قضى به على الطاعن الثانى. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاءه بالتعويض عن الضرر المادى على ما خلص إليه من أن المطعون ضدها أصيبت من جراء أفعالهما بأضرار مادية على الرغم من أنها لم تقدم دليلاً على ذلك كما خلت أوراق الدعوى من دليل عليه، فضلاً عن أنه غالى فى التعويض عن الضرر الأدبى بما لم تدعيه المطعون ضدها من آلام نفسية ودون أن يبين مصدره فى ذلك بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادى الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققا بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه فى المستقبل حتميًا، وأن تعيين العناصر المكونة للضرر التى يجب أن تدخل فى حساب التعويض من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض، وأن تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن فى القانون نص يلزم باتباع معايير معينة فى خصوصه هو من سلطة محكمة الموضوع، ولا معقب عليها فى ذلك متى كانت قد بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه. وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها وقوع ضرر مادى أصاب المطعون ضدها يتمثل فى الاستيلاء على ملكيتها فى أرض وبناء العقار المبين بالأوراق وحرمانها من الانتفاع به فترة من الزمن وحبس مالها عنها فضلاً عما تكبدته من مصروفات التقاضى بالإضافة إلى ما آلم بها من آلام نفسية من جراء الاعتداء على حقها فى الملكية والانتفاع، فإنه يكون قد بين عناصر الضرر المادى التى تدخل فى حساب التعويض عنه وذلك بناء على أصل ثابت بالأوراق وبما ينفى عنه قالة القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وكان تقديره للتعويض عن الضرر الأدبى قد قام على أسباب سائغة تكفى لحمله ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع التقديرية لا تتسع له رقابة محكمة النقض وبما يضحى معه النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الأول والثانى والوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم قد نسب إلى الطاعن الثانى خطأ فى حق المطعون ضدها تسبب فى إحداث ضرر بها وألزمه بالتعويض عنه، فى حين أن هذا الخطأ الذى نسبه إليه الحكم ليس له مصدر فى الأوراق، وأن مجرد شرائه لعقار ليس مملوكًا للبائع له لا يعد خطأ يسأل عنه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله, ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغًا ومستمدًا من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى". لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى خطأ الطاعنين الأول والثانى بما أورده بمدوناته "فإذا كان ما تقدم وقام المستأنف عليه الأول - الطاعن الأول - بمخالفة شروط ترخيص بناء هذه الأرض حال كون المستأنفة - المطعون ضدها - آنذاك تعمل بالخارج بالمملكة السعودية مما دعا قلم التنظيم بحى أول طنطا إلى تحرير محضر بتلك المخالفة برقم.... قضى فيها بحبس كل منهما ثلاثة أشهر مع الشغل، وحين استأنفت هذا القضاء قضى ببراءتها مما أسند إليها، ثم قام بعد ذلك باغتصاب كامل العقار وتصرف فيه بالبيع لشقيقه المستأنف عليه الثانى - الطاعن الثانى - فحرر له عقدًا بذلك مؤرخًا 1/ 4/ 1995 فاستحصل الأخير بشأنه على حكم بصحة توقيع المستأنف عليه الأول - الطاعن الأول - كبائع بالدعوى رقم... لسنة 1995 كلى مدنى طنطا حيث مثل بجلسة 30/ 4/ 1995 وأقر قضائيًا بصحة توقيعه على عقد بيعه لكامل العقار لشقيقه المستأنف عليه الثانى - الطاعن الثانى - فباع بذلك ملك غيره على خلاف الواقع، ثم تمادى فى مسلسل اغتصابه لحق المستأنفة - المطعون ضدها - ومنعها من الانتفاع بملكها مما دعاها إلى تحرير محضر بتلك الواقعة تحت رقم... لسنة 1998 إدارى قسم أول طنطا وقد صدر قرار النيابة بتمكينها من الانتفاع وحيازة العقار فكان ذلك مجتمعًا من المستأنف عليه الأول والثانى - الطاعنين - خطأ يوجب مسئوليتهما عما ينشأ عنه من أضرار أصابت المستأنفة.... " وإذ كانت هذا الأفعال التى ساقها الحكم المطعون فيه بمدوناته على النحو سالف البيان تمثل بحق خطأ فى جانب الطاعن الأول إلا إنها لا تعد كذلك بالنسبة للطاعن الثانى، ولا ينال من ذلك قيام الأخير بشراء نصيب المطعون ضدها فى عقار النزاع من شقيقه الطاعن الأول، ذلك أن شراء ملك الغير لا يعد بمجرده خطأ يستوجب التعويض عنه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه قد نسب إلى الطاعن الثانى خطأ لم يستظهر مصدره فيكون مشوبًا بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه نقضًا جزئيًا فى هذا الخصوص.