أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 301

جلسة 15 من مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ عبد الناصر السباعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حسن منصور، ناجى عبد اللطيف، صالح محمد العيسوى نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد الراضى عياد.

(57)
الطعن رقم 506 لسنة 66 القضائية "أحوال شخصية"

(1) حكم "حجية حكم النقض". قوة الأمر المقضى. نقض.
أحكام محكمة النقض. اكتسابها قوة الأمر المقضى. علة ذلك. عدم جواز المساس بحجيتها. م 272 مرافعات.
(2، 3) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: تمثيل النيابة العامة". حكم "بيانات الحكم: بطلان الحكم". نيابة عامة.
(2) النيابة العامة طرف أصيل فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحاكم الجزئية. تمثيلها أمام المحكمة وإبداء الرأى فى الدعوى بمذكرة أو تفويضها الرأى. كاف لتحقق تدخلها.
(2) النيابة العامة طرف أصيل فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحاكم الجزئية. تمثيلها أمام المحكمة وإبداء الرأى فى الدعوى بمذكرة أو تفويضها الرأى. كاف لتحقق تدخلها.
(3) إغفال بيان اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه فى القضية. لا يبطل الحكم مادامت النيابة قد أبدت رأيها وأثبت ذلك بالحكم.
(4، 5) أحوال شخصية "ولاية على المال: وصاية: عزل الوصى". حكم. نقض "أثر نقض الحكم".
(4) نقض الحكم والإحالة. أثره. إزالة الحكم المنقوض دون إنشاء خصومة جديدة. لخصوم الخصومة الأصلية متابعتها أمام محكمة الإحالة.
(5) قضاء الحكم الاستئنافى المؤيد للحكم المستأنف بعزل الطاعن من الوصاية كوصى مختار. نقض ذلك الحكم وإحالته لمحكمة الاستئناف. مؤداه. اعتبار ما يتعلق بالقضاء بعزل الطاعن مطروحًا على محكمة الإحالة للفصل فيه. بلوغ القاصر سن الرشد أثناء نظر الاستئناف. لا أثر له. علة ذلك.
(6) دعوى "الدفاع فى الدعوى: الدفاع الجوهرى".
التفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن الغير مؤثر فى النتيجة التى انتهت إليها. لا عيب.
(7) استئناف "تسبيب الحكم الاستنئافى". حكم.
محكمة الاستئناف. لها الأخذ بأسباب الحكم الابتدائى دون إضافة متى رأت فيها ما يغنى عن إيراد جديد.
(8) أحوال شخصية "الولاية على المال: وصاية: عزل الوصى".
مسائل الولاية على المال. المدار فيها. مصلحة القاصر والحفاظ على أمواله. مؤداه. اعتبار شروط صلاحية الوصى من قبيل شروط الإنشاء والبقاء. عزل الوصى. مناطه. إساءة إدارة أموال القاصر والإهمال فيها أو رعاية صوالحه وشئونه أو كان فى استمراره فى الوصاية يشكل خطر على أموال القاصر.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير شروط عزل الوصى".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة فى تقدير توافر شروط عزل الوصى. شرطه. إقامة قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله ولها مأخذها من الأوراق.
(10) حكم "بيانات الحكم: بطلان الحكم". دعوى "انقطاع سير الخصومة". بطلان.
البيان الجوهرى الذى يترتب على إغفاله البطلان. شرطه. أن يكون ذكره ضروريًا للفصل فى الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها. تصحيح شكل الاستئناف باختصام المطعون ضده بنفسه بعد بلوغ سن الرشد واتصاله بالخصومة. إغفال الحكم الإشارة لذلك. لا عيب. علة ذلك.
(11) حكم "عيوب التدليل: التناقض".
التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته.
(12) نقض " سلطة محكمة النقض".
تصدى محكمة النقض للفصل فى الموضوع. مناطه. أن يكون صالحًا للفصل فيه إذا رأت المحكمة نقض الحكم. م 269/ 4 مرافعات. مؤداه. رفض الطعن. لا محل لتصديها للموضوع.
1 - مفاد نص المادة 272 من قانون المرافعات - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - أن محكمة النقض هى خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى وأن أحكامها باتة تكتسب قوة الأمر المقضى فى المسائل التى بتت فيها فلا يجوز المساس بهذه الحجية.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة العامة طرفًا أصليًا فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحكمة الجزئية ولها ما للخصوم من حقوق وما عليهم من واجبات ويكفى لتحقق تدخلها تمثيلها أمام المحكمة وإبداء الرأى فى الدعوى بمذكرة أو بتفويضها الرأى.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه فى الدعوى ليس من البيانات الأساسية التى يترتب على إغفالها بطلان الحكم مادامت النيابة قد أبدت رأيها وأثبت ذلك فى الحكم.
4 - النص فى المادة 269 من قانون المرافعات على أنه إذ كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفى هذه الحالة يتحتم على المحكمة التى أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض فى المسألة القانونية التى فصلت فيها المحكمة..." مما مؤداه - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - أن نقض الحكم لا ينشئ خصومة جديدة. بل هو يزيل الحكم المنقوض ليتابع الخصوم الخصومة الأصلية أمام محكمة الإحالة.
5 - إذ كان الحكم المستأنف قد قضى بعزل الطاعن من الوصاية (كوصى مختار) وتأيد هذا القضاء استئنافيًا وقضى بنقضه وأحيل الاستئناف إلى محكمة الاستئناف للفصل فيه مجددًا وعجلت المستأنف ضدها والدة المطعون ضده وطلبت تأييد الحكم المستأنف. فإن ما يتعلق بقضاء الحكم بعزل الطاعن يعد مطروحًا على محكمة الإحالة للفصل فيه تأييدًا أو إلغاءً أو تعديلاً ولا يغير من ذلك بلوغ القاصر سن الرشد أثناء نظر الاستئناف إذ ببلوغه تثبت له الأهلية الكاملة بحكم القانون، وتتحقق مصلحته فى الفصل فى مادة العزل كما تتحقق ولاية المحكمة بنظرها باعتبارها من مسائل الولاية على المال التى يترتب عليها آثارًا مالية تتعلق بحقوق القاصر وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة.
6 - لا على المحكمة أن أعرضت عن الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص طالما أن ذلك لا يؤثر فى النتيجة التى انتهى إليها.
7 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائى دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد.
8 - المقرر أن المدار فى مسائل الولاية على المال هو مصلحة القاصر والحفاظ على أمواله لذا كانت شروط صلاحية الوصى للوصاية تعد من قبيل شروط الإنشاء والبقاء على حد سواء فيتحقق مناط عزل الوصى إذا أساء إدارة أموال القاصر وأهمل فى إدارتها أو رعاية صوالحه وشئونه أو كان فى استمراره فى الوصاية يشكل خطرًا على أموال القاصر.
9 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقدير توافر شروط العزل متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله وأن يكون لها مأخذها من الأوراق.
10 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه يشترط لاعتبار البيان جوهريًا يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضروريًا للفصل فى الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها وباعتباره حلقة من حلقاته قام بين الطرفين نزاع بشأنه وكان الثابت من الأوراق أنه قد تم تصحيح شكل الاستئناف باختصام المطعون ضده بنفسه بعد بلوغه سن الرشد واتصل بالخصومة فلا يعيب الحكم إن لم يشر إلى ذلك بمدوناته إذ لا يعد من البيانات الجوهرية التى يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
11 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه أو يكون واقعًا فى أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أى أساس قضت المحكمة بما قضت به فى منطوقه.
12 - النص فى المادة 269/ 4 من قانون المرافعات على أنه... ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وكان الموضوع صالحًا للفصل فيه أو كان الطعن للمرة الثانية رأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم فى الموضوع مما مؤداه أن مناط تصدى المحكمة للفصل فى الموضوع أن يكون صالحًا للفصل فيه أو إذا رأت المحكمة نقض الحكم لما كان ذلك وكانت المحكمة قد انتهت إلى رفض الطعن للأسباب السائغة التى أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه فإنه لا محل للتصدى للموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن "والدة المطعون ضده" عن نفسها وبصفتها وصية عليه تقدمت بطلب إلى نيابة... ابتغاء الحكم بعزل الطاعن بصفته وصيًا مختارًا على المطعون ضده وإحالة الكشوف المقدمة منه لخبير لفحصها وبيان ما تبقى فى ذمته من مال القاصر، وبتاريخ... حكمت محكمة....(1) بعزل الوصى المختار من الوصاية عن ابن شقيقه القاصر.... (2) برفض طلب الترشيح (ترشيح الطاعن وصى أصلى) وتعيين الوصية المنضمة (والدة المطعون ضده) وصية أصلية على أموال القاصر (3) إلزام الوصى المختار بتسليم الأموال التى فى عهدته إلى الوصية (4) ندب مكتب الخبراء الحكومى لتنفيذ المأمورية الواردة بالحكم (5) التأجيل لجلسة.... مع مخابرة محكمة.... فى الدعوى رقم.... برفض طلب إبقاء حالة الشيوع استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم.... وبتاريخ.... قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم... لسنة... ق أحوال شخصية، وبتاريخ.... قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة.....، وبتاريخ.... عجلت والدة المطعون ضده الدعوى أمامها وبتاريخ.... قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى شقه الأخير من مخابرة محكمة.... برفض طلب إبقاء حالة الشيوع فى الدعوى رقم.... وتأييده فيما عدا ذلك، طعن الطاعن فى هذا الحكم بالطعن الماثل وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى (أولاً): بعدم جواز الطعن فى الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الترشيح وتعيين الوصية المنضمة وصية أصلية على أموال القاصر، وإلزام الوصى المختار المعزول بتسليم الأموال التى فى عهدته إلى الوصية، وندب مكتب الخبراء الحكومى لتنفيذ المأمورية الواردة بالمنطوق (ثانيا) وعدا ما تقدم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم جواز نظر الطعن فمردود، ذلك بأن مفاد نص المادة 272 من قانون المرافعات - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن محكمة النقض هى خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى وأن أحكامها باتة تكتسب قوة الأمر المقضى فى المسائل التى بتت فيها فلا يجوز المساس بهذه الحجية لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد قضت بهيئة مغايرة فى الطعن الأول رقم... لسنة... ق أحوال شخصية بقبوله شكلاً مما يعنى ضمنًا قضاءها بجواز نظر مادتى الترشيح والعزل من الوصاية ومن ثم لا يجوز معاودة البحث فى ذلك ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفى بيان ذلك يقول إن مؤدى أحكام المواد 868، 871، 878 من قانون المرافعات وجوب تمثيل النيابة فى مسائل الأحوال الشخصية، والثابت من محاضر الجلسات أمام المحكمة الاستئنافية، عدم مثول النيابة بجلسات 8/ 1، 3/ 6، 6/ 6/ 1996، وأن ديباجة الحكم المطعون فيه خلت مما يفيد تمثيل النيابة، كما خلت حيثيات الحكم من اسم عضو النيابة الذى أبدى الرأى فى الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة العامة طرفًا أصليًا فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحكمة الجزئية، ولها ما للخصوم من حقوق وما عليهم من واجبات، ويكفى لتحقق تدخلها تمثيلها أمام المحكمة وإبداء الرأى فى الدعوى بمذكرة أو بتفويضها الرأى، وكان الثابت من أوراق الدعوى، أن النيابة قد مثلت بالجلسات أمام المحكمة الابتدائية، وأمام المحكمة الاستئنافية بدائرتها الأصلية، وقدمت مذكرة برأيها بعد أن قدم طرفا الخصومة أدلتهما، بما يتحقق معه غرض المشرع من وجوب تدخلها، ولا ينال من ذلك خلو محاضر جلسات 8/ 6، 1/ 6، 3/ 6/ 1996 من تمثيل النيابة، إذ الثابت أن النيابة قد مثلت بجلسة... حيث قررت الدائرة عرض الاستئناف على السيد المستشار رئيس المحكمة لتحديد دائرة أخرى لنظره لمانع لدى الهيئة وأحيل للدائرة الحادية عشر مدنى لنظره بجلسة... فيها قررت هذه الدائرة التأجيل لجلسة... للإعلان بالإحالة وبهذه الجلسة قررت الدائرة حجز الاستئناف للحكم بجلسة... وكانت هذه الجلسات قد تعلقت بالإحالة فحسب مما لا يؤثر عدم تمثيلها فى الجلسات وديباجة الحكم وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قد أورد بمدوناته رأى النيابة فلا ينال منه عدم ذكر اسم العضو الذى أبداه لما هو مقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه فى الدعوى ليس من البيانات الأساسية التى يترتب على إغفالها بطلان الحكم مادامت النيابة قد أبدت رأيها وأثبت ذلك فى الحكم، ومن ثم يكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى والشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون, والقصور فى التسبيب, وفى بيان ذلك يقول: إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بانتفاء ولاية المحكمة فى نظر مادة العزل لبلوغ القاصر(المطعون ضده) سن الرشد، وانتهاء مهمة الوصى، وانحسار ولايتها فى مادة الحساب عملاً بنص المادتين 970 من قانون المرافعات، 47/ 1 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952، فضلاً عن انتفاء مصلحة المطعون ضده فى طلبه بتأييد حكم العزل بعد بلوغه سن الرشد وإذ لم يتصدى الحكم لهذا الدفاع رغم جوهريته. فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن النص فى المادة 269 من قانون المرافعات على أنه "إذ كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص... فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم، وفى هذه الحالة يتحتم على المحكمة التى أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض فى المسألة القانونية التى فصلت فيها المحكمة... " مما مؤداه - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن نقض الحكم لا ينشئ خصومة جديدة بل هو يزيل الحكم المنقوض ليتابع الخصوم الخصومة الأصلية أمام محكمة الإحالة، لما كان ذلك, وكان الحكم المستأنف قد قضى بعزل الطاعن من الوصاية (كوصى مختار) وتأيد هذا القضاء استئنافيًا وقضى بنقضه وأحيل الاستئناف إلى محكمة الاستئناف للفصل فيه مجددًا وعجلته (المستأنف ضدها) والدة المطعون ضده وطلبت تأييد الحكم المستأنف، فإن ما يتعلق بقضاء الحكم بعزل الطاعن يعد مطروحًا على محكمة الإحالة للفصل فيه تأييدًا أو إلغاءً أو تعديلاً، ولا يغير من ذلك بلوغ القاصر سن الرشد أثناء نظر الاستئناف إذ ببلوغه تثبت له الأهلية الكاملة بحكم القانون، وتتحقق مصلحته فى الفصل فى مادة العزل كما تتحقق ولاية المحكمة بنظرها باعتبارها من مسائل الولاية على المال التى يترتب عليها أثارًا مالية تتعلق بحقوق القاصر وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا على المحكمة إن أعرضت عن الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص طالما أن ذلك لا يؤثر فى النتيجة التى انتهى إليها ومن ثم يكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان وفى بيان ذلك يقول إن المادة 176 من قانون المرافعات توجب اشتمال الحكم على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد حكم أول درجة فيما قضى به من عزله من الوصاية على مجرد قوله إن الحكم الابتدائى جاء صائبًا دون أن تعرض لأسبابه وهو ما لا يصلح تسبيبًا يحمل منطوقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائى دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد، كما أنه من المقرر أن المدار فى مسائل الولاية على المال هو مصلحة القاصر والحفاظ على أمواله، لذا كانت شروط صلاحية الوصى للوصاية تعد من قبيل شروط الإنشاء والبقاء على حد سواء، فيتحقق مناط عزل الوصى إذا أساء إدارة أموال القاصر وأهمل فى إدارتها أو رعاية صوالحه وشئونه، أو كان فى استمراره فى الوصاية يشكل خطرًا على أموال القاصر، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقدير توافر شروط العزل متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، وأن يكون لها مأخذها من الأوراق لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعزل الطاعن على ما أورده بأسبابه "من أن البين من أوراق الدعوى ومستنداتها والأحكام الصادرة فيها أن الطاعن قام بتأجير شقتين مملوكتين للقاصر(المطعون ضده) لشريك له ولم ينازع فى رسوم خاصة بالشهر العقارى قدرها....، فضلاً عن قيمة مصروفات قدرها.... والتى تبين للمحكمة أنها لو دفعت لكان فيها ما يؤثر على مال القاصر وينتقص منه، ومن ثم تقضى المحكمة بعزله من الوصاية ولا يقلل من ذلك طلبه بإعفائه من الوصاية، إذ أن طلب العزل متداول منذ فترة ليست بالقصيرة، وإن كان الوصى مهتم بمصلحة القاصر وأمواله لكان قد تقدم بطلب إعفائه من زمن أما ولم يفعل فإن المحكمة تنتهى إلى عزله "وهو من الحكم استخلاص سائغ لسوء إدارة الوصى لأموال القاصر وإهماله فى إدارتها يتحقق به مناط عزله فلا على الحكم المطعون فيه إن أخذ بتلك الأسباب دون إضافة طالما رأى فيها ما يغنى عن إيراد جديد ومن ثم فإن النعى عليه بهذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثالث فى شقة الأول على الحكم المطعون فيه البطلان وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يشر بمدوناته إلى تصحيح شكل الاستئناف بعد بلوغ القاصر (المطعون ضده) سن الرشد رغم أن التصحيح تم بقرار من المحكمة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لاعتبار البيان جوهريا يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضروريًا للفصل فى الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها وباعتباره حلقة من حلقاته قام بين الطرفين نزاع بشأنه, وكان الثابت من الأوراق أنه قد تم تصحيح شكل الاستئناف باختصام المطعون ضده بنفسه بعد بلوغه سن الرشد، واتصل بالخصومة فلا يعيب الحكم إن لم يشر إلى ذلك بمدوناته إذ لا يعد من البيانات الجوهرية التى يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثالث فى شقه الثانى على الحكم المطعون فيه التناقض فى تلخيص الوقائع، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أورد بمدوناته أن المطعون ضدها (والدة المطعون ضده) قامت بتعجيل الاستئناف وأن وكيلهما قدم مذكرة ردد فيها ما أثبته فى صحيفة استئنافه، ثم استطرد فى القول بأن وكيل المستأنف ضده قدم مذكرة طلب فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا برفض الاستئناف مما لا يفهم معه أيًا من الخصوم هو الذى طلب إلغاء الحكم المستأنف ومن الذى طلب تأييده وهو تناقض أثر فى قضاء الحكم الذى لم يحط بوقائع الدعوى ودفاع الخصوم وكان منهجه الأخذ برأى النيابة التى أبدته قبل صدور الحكم المنقوض وهو ما لا يتفق بعد بلوغ القاصر سن الرشد مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه، أو يكون واقعًا فى أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أى أساس قضت المحكمة بما قضت به فى منطوقه, لما كان ذلك, وكان الطاعن لم ينسب للحكم وقوع تناقض بين أسبابه أو بينها وبين منطوقة وكان الحكم قد أورد بمدوناته أن والدة المطعون ضده عجلت الاستئناف من بعد حكم النقض بصحيفة معلنة للمستأنف (الطاعن) بطلب الحكم بتأييد الحكم المستأنف، وكان الطاعن هو المستأنف مما مقتضاه أن طلباته فى الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف ومن ثم تكون طلبات الخصوم قد تحددت فى الاستئناف ومما لا يشكك فى هذا التحديد ما ورد بمدونات الحكم فى هذا الخصوص، ولا يؤثر فى النتيجة الصحيحة التى انتهى إليها والتى لا ينال منها ببلوغ القاصر سن الرشد أثناء نظر الاستئناف كما سبق الإشارة إليه، كما لا ينال من قضائه أن جاء متفقًا ورأى النيابة الذى أبدته قبل صدور الحكم المنقوض فيه طالما لم يستجد ما يستأهل إبداء رأيها فيه مجددًا، ومن ثم يكون النعى فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إنه لما كانت المادة 269/ 4 مرافعات توجب على محكمة النقض أن تحكم فى الموضوع إذا كان الطعن للمرة الثانية، وكان الطاعن قد رد على الحكم المستأنف بما تناوله عن النزاع الخاص بالشقة.... وبالنزاع الخاص برسوم تسجيل شقة... وبأن ذمته بريئة من أية التزامات للقاصر على الوجه المبين تفصيلاً بمذكرته المقدمة بجلسة... ولما كان مقتضى هذا الدفاع انتفاء أى خطأ أو تقصير فى إدارة شئون القاصر بل على العكس من ذلك ثبت أن محكمة الولاية على المال قد أمرت بوضع الأختام على الشقتين... وحرمت القاصر وباقى الورثة من إيجار هاتين الشقتين لمدة تزيد على ست سنوات ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون واجب الإلغاء.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك بأن النص فى المادة 269/ 4 من قانون المرافعات على إنه.... ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحًا للفصل فيه، أو كان الطعن للمرة الثانية ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم فى الموضوع" مما مؤداه أن مناط تصدى المحكمة للفصل فى الموضوع أن يكون صالحًا للفصل فيه أو إذا رأت المحكمة نقض الحكم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى رفض الطعن للأسباب السالفة التى أقام عليه الحكم المطعون فيه قضائه فإنه لا محل للتصدى للموضوع ويكون النعى على غير أساس.