أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 488

جلسة 9 من مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد البارى سليمان، هانى خليل، نبيل عمران نواب رئيس المحكمة وأحمد الخولى.

(66)
الطعن رقم 29910 لسنة 73 القضائية

(1) إتلاف. جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وقوع الإتلاف على مال مملوك للمتهم. أثره: خروج الفعل عن مجال تأثيم المادة 361 عقوبات ودخولها فى عداد تصرف المالك فى ملكه. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.
(2) دعوى مدنية "قبولها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". اختصاص "الاختصاص النوعي". ضرر. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مناط اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية. أن يكون الضرر ناشئًا مباشرة عن الجريمة التى رفعت عنها الدعوى الجنائية أمامها. كون الضرر نشأ عن فعل لا يعد جريمة. أثره: خروج المطالبة بالتعويض عن ولاية المحاكم الجنائية. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. يوجب نقضه جزئيًا والقضاء بعدم اختصاص القضاء الجنائى بنظر الدعوى المدنية.
1 - من المقرر أن مفاد نص المادة 361 من قانون العقوبات أن "كل من خرب أو أتلف عمدًا أموالاً ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو عطلها بأية طريقة يعاقب بالحبس". فإن مناط التأثيم فيها أن تقع الجريمة على مال غير مملوك للمتهم فإذا وقعت على مال يمتلكه فإنها تخرج عن مجال التأثيم لتدخل فى عداد تصرف المالك فى ملكه. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهما هما المالكان للعقار موضوع الدعوى وأن الإتلاف قد وقع على سقف المسكن وهو ملك لهما، فإن إتلافهما لسقف المسكن المملوك لهما يكون بمنأى عن التأثيم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أحاط بالدعوى وبظروفها وبكافة الأدلة القائمة فيها وانتهى إلى تبرئة المطعون ضدهما بعد أن ساق على ذلك أدلة لا يجحد الطاعن سلامة مأخذها من الأوراق، ولم يقدم ما يخالف الثابت بالعقد المسجل من المطعون ضدهما، كما أنه لم يُثر ما أورده بأسباب طعنه بمحاضر جلسات المحاكمة الأخيرة، فإن ما يثيره فى شأن ذلك ينحل فى حقيقته إلى جدل فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن مناط اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية أن يكون الضرر ناشئًا مباشرة عن الجريمة التى رفعت عنها الدعوى الجنائية أمامها، فإذا نشأ الضرر عن فعل لا يعد جريمة - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة - فإن المطالبة بالتعويض عنه تخرج عن ولاية المحاكم الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فى خصوص الدعوى المدنية وقضى برفضها، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا وبعدم اختصاص القضاء الجنائى بنظر الدعوى المدنية.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح....... ضد المطعون ضدهما بوصف أنهما أتلفا عمدًا سقف منزله بأن قاما بنزع أربعة عروق خشبية منه وقاما بكسرها. وطلب عقابهما بالمادة 361 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بتغريم كل منهما مبلغ خمسين جنيهًا وألزمتهما بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
استأنف المحكوم عليهما ومحكمة........... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض وقضت تلك المحكمة - محكمة النقض - بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة... الابتدائية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى بخصوص الدعوى المدنية. ومحكمة الإعادة قضت حضوريًا - بهيئة مغايرة - بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المدنية.
فطعن الأستاذ/.... المحامى بصفته وكيلاً عن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف القاضى بإدانة المطعون ضدهما وببراءتهما مما أُسند إليهما ورفض الدعوى المدنية قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم.... بصحة ونفاذ عقد بيع العقار موضوع الدعوى لا ينتج أثره إلا بين أطرافه ولا ينتج أثره فى حق الغير، وإن واقعة إتلاف المنزل تمت قبل تسجيل ذلك الحكم، وأنه تم الطعن بالتزوير على هذا العقد لتسجيله خلسة بشهود مزورين، وأن ملكية العقار ثابتة له رغم حيازة المطعون ضدهما لهذا العقار، وأخيرًا فإن العقد المسجل لم يكمل لأى من المطعون ضدهما مدة وضع اليد الذى يتم على أساسه تسجيله، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
من حيث إن مفاد نص المادة 361 من قانون العقوبات أن "كل من خرب أو أتلف عمدًا أموالاً ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو عطلها بأية طريقة يعاقب بالحبس". فإن مناط التأثيم فيها أن تقع الجريمة على مال غير مملوك للمتهم فإذا وقعت على مال يمتلكه فإنها تخرج عن مجال التأثيم لتدخل فى عداد تصرف المالك فى ملكه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهما هما المالكان للعقار موضوع الدعوى وأن الإتلاف قد وقع على سقف المسكن وهو ملك لهما، فإن إتلافهما لسقف المسكن المملوك لهما يكون بمنأى عن التأثيم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أحاط بالدعوى وبظروفها وبكافة الأدلة القائمة فيها وانتهى إلى تبرئة المطعون ضدهما بعد أن ساق على ذلك أدلة لا يجحد الطاعن سلامة مأخذها من الأوراق، ولم يقدم ما يخالف الثابت بالعقد المسجل من المطعون ضدهما، كما أنه لم يثِر ما أورده بأسباب طعنه بمحاضر جلسات المحاكمة الأخيرة، فإن ما يثيره فى شأن ذلك ينحل فى حقيقته إلى جدل فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مناط اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية أن يكون الضرر ناشئًا مباشرة عن الجريمة التى رفعت عنها الدعوى الجنائية أمامها، فإذا نشأ الضرر عن فعل لا يعد جريمة - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة - فإن المطالبة بالتعويض عنه تخرج عن ولاية المحاكم الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فى خصوص الدعوى المدنية وقضى برفضها، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا وبعدم اختصاص القضاء الجنائى بنظر الدعوى المدنية.