أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 681

جلسة 18 من أكتوبر سنة 2004


برئاسة السيد المستشار/ محمد شتا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق الدهشان، حسن أبو المعالى، مصطفى صادق نواب رئيس المحكمة و خالد مقلد.

(103)
الطعن رقم 12270 لسنة 67 القضائية

(1) إصابة خطأ. رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر علاقة السببية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر الخطأ المستوجب للمسئولية وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها. موضوعى. مادام سائغًا.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار الخطأ ورابطة السببية فى جريمة الإصابة الخطأ.
(2) إصابة خطأ. مسئولية تقصيرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
النعى على الحكم إدانته الطاعن على أساس المسئولية التقصيرية وليس على أساس الخطأ الشخصى. غير صحيح. ما دام الحكم قد انتهى إلى توافر صورة من صور الخطأ وهى الإهمال بتركه كشك الكهرباء مفتوحًا والأسلاك عارية مما نتج عنه الحادث.
(3) إصابة خطأ. مسئولية جنائية.
تعدد الأخطاء يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أيًا كان قدر خطئه سواء كان سببًا مباشرًا أو غير مباشر.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى فى العناصر التى استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) إصابة خطأ. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على الحكم عدم بيان إحدى صور الخطأ. غير مجد. ما دام الطاعن لا ينازع فى ثبوت غيرها من صور الخطأ المنسوبة إليه.
(6) تقرير التلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
إثبات الحكم تلاوة تقرير التلخيص كفايته لصحة هذا الإجراء. ولو كان من عمل هيئة سابقة. أساس ذلك؟
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". تقرير التلخيص.
تقرير التلخيص. ماهيته؟
وجود نقص أو خطأ فى تقرير التلخيص. لا يعيب الحكم.
عدم جواز النعى على تقرير التلخيص بالقصور لأول مره أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(8) محضر الجلسة. حكم "بيانات الديباجة" "بطلانه". بطلان.
الحكم يكمل محضر الجلسة فى إثبات حصول تلاوة تقرير التلخيص. ورود هذا فى ديباجة الحكم. لا عيب. حد ذلك وأساسه؟
(9) حكم "بيانات التسبيب". بطلان. تقرير التلخيص.
خلو الحكم من بيان اسم وصفة من تلا تقرير التلخيص. لا يعيبه. مادام أنه تلى فعلاً. المادة 411 إجراءات.
(10) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها.
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفى. مادام الرد عليها مستفادًا ضمنًا من الحكم بالإدانة. أساس ذلك؟
منازعة الطاعن فى شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته والشركة. جدل موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(11) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب التحقيق المقدم من المتهم بعد حجز الدعوى للحكم أو الرد عليه. حد ذلك؟
1 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وأقوال الشهود ومعاينة مكان الحادث ونتيجة التقارير الطبية وأورد ما أثاره الطاعن فى دفاعه استظهر ركن الخطأ وعلاقة السببية وأثبتهما فى حق الطاعن بقوله "حيث إنه وإعمالاً لما تقدم وأخذًا به وكان الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى والتحقيقات التى أجرتها المحكمة أثناء تداول الدعوى بالجلسات والتى تطمئن إليها ومن أقوال..... مدير شبكة كهرباء...... من أن المتهم هو رئيس قسم الصيانة والتشغيل ويعاونه مجموعة من الفنيين والعمال، وهو الذى يرأس هذه المجموعة ومما جاء بمعاينة الشرطة بمحضر الاستدلالات من أن بابى كشك الكهرباء الذى تسبب فى الحادث كانا مفتوحين والكابلات ظاهرة من باطن الأرض بجوار الأكشاك وجميع السكاكين الموجودة داخل الكشك ظاهرة وفى حالة خطيرة لمن يقترب منها وأن المتهم هو المسئول الفنى عن الصيانة أهمل فى عمله المسئول عنه قانونًا ولم يراع الاحتياطات اللازمة وترك كشك الكهرباء بحالة تمثل خطورة لمن يقترب منه وهو الأمر الذى نتج عنه إصابة المجنى عليه بمجرد أن اقترب منه ومن ثم فإن ركن الخطأ قد توافر فى جانب المتهم، وكان هذا الخطأ هو الذى نتج عنه إصابة المجنى عليه المبينة بالأوراق وتوافرت بين الخطأ والضرر علاقة السبب بالمسبب ومن ثم تكون التهمة ثابتة قبل المتهم وتقضى المحكمة - على سند مما تقدم - بإدانته على النحو الوارد بالمنطوق عملاً بالمادة 244 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والإصابة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه وقد خلص مما له معينة الصحيح فى الأوراق إلى أن ركن الخطأ الذى نسب إلى الطاعن يتمثل فى أنه ترك كشك الكهرباء مفتوحًا وما به من كابلات ظاهرة من باطن الأرض وجميع السكاكين الموجودة بداخله ظاهرة وفى حالة خطيرة مما أدى إلى إصابة المجنى عليه بمجرد اقترابه منه وبالتالى إلى وقوع الحادث يكون سائغًا فى العقل والمنطق وهو ما يوفر قيام الخطأ فى جانب الطاعن وتتوافر به السببية بين هذا الخطأ وإصابة المجنى عليه وتنتفى به عن الحكم قالة القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.
2 - لما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى تحديد الخطأ فى حق الطاعن فى صورة واحدة تتمثل فى أنه أهمل عمله المسئول عنه ولم يراع الاحتياطيات اللازمة، وترك كشك الكهرباء مفتوحًا وما به من كابلات ظاهرة من باطن الأرض وجميع السكاكين الموجودة بداخله ظاهرة مما أدى إلى وقوع الحادث الذى نشأ عنه إصابة المجنى عليه بمجرد اقترابه منه ودلل الحكم على ثبوت هذه الصورة بأقوال الشهود ومما جاء بمعاينة الشرطة والتقارير الطبية، ومن ثم فإنه غير صحيح منعى الطاعن بأن الحكم دانه على أساس المسئولية التقصيرية باعتباره المسئول الفنى عن الصيانة وليس على أساس خطأ شخصى صادر منه.
3 - من المقرر أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوى فى ذلك أن يكون سببًا مباشرًا أم غير مباشر فى حصوله، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن على السياق المتقدم ورابطة السببية بين سلوك المتهم الخاطئ وإصابة المجنى عليه مما يتحقق به مسئولية الطاعن، ما دام قد أثبت قيامها فى حقه ولو أسهم آخرون فى إحداثها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم توافر ثمة خطأ فى جانبه أدى إلى إصابة المجنى عليه وأن غيره هو السبب فى ذلك لا يكون له محل.
4 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من أدلة منها أقوال.... فإن ما يثيره الطاعن بشأن هذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى العناصر التى استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدى له أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه من أنه لم يورد القانون أو اللائحة التى استندت إليها النيابة العامة فى وصفها التى أعطته للواقعة المنسوبة إليه من أنه تسبب بخطئه فى إصابة المجنى عليه بأن كان ذلك ناشئًا عن عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، ذلك لأنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ فى حق الطاعن وهو يتمثل فى إهماله فى أداء عمله وكانت هذه الصورة من الخطأ تكفى لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه بفرض أن الحكم أورد تلك الصورة من الخطأ فلا جدوى للطاعن من المجادلة فيها.
6 - لما كان الحكم قد أثبت تلاوة تقرير التلخيص فلا يقدح فى صحة الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التى فصلت فى الدعوى إذ إن ما يدعيه من ذلك - على فرض صحته - لا يدل على أن القاضى الذى تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه ولا يمنع أن القاضى بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المذكور يكفى فى التعبير عما استخلصه هو من الدراسة، ومن ثم يكون النعى بالبطلان فى الإجراءات فى غير محله.
7 - من المقرر أن تقرير التلخيص وفقًا للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يشب التقرير من نقص أو خطأ أى بطلان يلحق الحكم الصادر فى الدعوى، وكان الثابت بمحضر الجلسة أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير فلا يجوز له من بعد النعى على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغفل الإشارة إلى واقعة تهمه أن يوضحها فى دفاعه.
8 - من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة فى إثبات حصول تلاوة تقرير التلخيص، وكان الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة ذلك التقرير، فلا يقدح فى ذلك أن يكون إثبات هذه التلاوة قد ورد فى ديباجة الحكم المطعون فيه ما دام أن رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم قد وقع عليه مع كاتبها طبقا للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية مما يفيد إقراره لما ورد به من بيانات، فإن ما يتطلبه المشرع فى هذا الخصوص يكون قد تحقق مما يتعين معه اطراح ما يثيره الطاعن فى شأن نقص تقرير التلخيص أو إثبات تلاوته.
9 - من المقرر أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب بيان اسم وصفة من تلا تقرير التلخيص من أعضاء الدائرة، فلا يعيب الحكم خلوه من الإشارة لاسم وصفة من تلا التقرير ما دام الثابت أنه قد تلى فعلاً، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بدعوى البطلان يكون غير سديد.
10 - من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة فى الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفى التى يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادًا ضمنًا من الحكم بالإدانة اعتمادًا على أدلة الثبوت التى أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلاً على انتفاء مسئوليته والشركة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معقتدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة فى الدعوى وحجزتها للحكم فهى بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه الطاعن فى مذكرته التى يقدمها فى فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح مادام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى، ومن ثم فإن النعى بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: - تسبب خطأ فى إصابة..... وكان ذلك ناشئًا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن ترك أسلاك كابلات الكهرباء المسئول عنها فى حالة ظاهرة نشأ عنها الخطر مما تسبب فى إصابة المجنى عليه والتى نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1، 3 من قانون العقوبات. وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ... جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم... قضت غيابيًا بحبس المتهم شهرًا وكفالة... جنيهات لإيقاف التنفيذ. عارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بتغريم المتهم.... جنيه وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ.... جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وأقوال الشهود ومعاينة مكان الحادث ونتيجة التقارير الطبية وأورد ما أثاره الطاعن فى دفاعه استظهر ركن الخطأ وعلاقة السببية وأثبتهما فى حق الطاعن بقوله "حيث إنه وإعمالاً لما تقدم وأخذًا به وكان الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى والتحقيقات التى أجرتها المحكمة أثناء تداول الدعوى بالجلسات والتى تطمئن إليها ومن أقوال...... مدير شبكة كهرباء....... من أن المتهم هو رئيس قسم الصيانة والتشغيل ويعاونه مجموعة من الفنيين والعمال وهو الذى يرأس هذه المجموعة ومما جاء بمعاينة الشرطة بمحضر الاستدلالات من أن بابى كشك الكهرباء الذى تسبب فى الحادث كانا مفتوحين والكابلات ظاهرة من باطن الأرض بجوار الأكشاك وجميع السكاكين الموجودة داخل الكشك ظاهرة وفى حالة خطيرة لمن يقترب منها وأن المتهم هو المسئول الفنى عن الصيانة أهمل فى عمله المسئول عنه قانونًا ولم يراع الاحتياطات اللازمة وترك كشك الكهرباء بحالة تمثل خطورة لمن يقترب منه، وهو الأمر الذى نتج عنه إصابة المجنى عليه بمجرد أن اقترب منه ومن ثم فإن ركن الخطأ قد توافر فى جانب المتهم، وكان هذا الخطأ هو الذى نتج عنه إصابة المجنى عليه المبينة بالأوراق وتوافرت بين الخطأ والضرر علاقة السبب بالمسبب ومن ثم تكون التهمة ثابتة قبل المتهم وتقضى المحكمة، على سند مما تقدم بإدانته على النحو الوارد بالمنطوق عملاً بالمادة 244 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والإصابة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه وقد خلص مما له معينه الصحيح فى الأوراق إلى أن ركن الخطأ الذى نسب إلى الطاعن يتمثل فى أنه ترك كشك الكهرباء مفتوحًا وما به من كابلات ظاهرة من باطن الأرض وجميع السكاكين الموجودة بداخله ظاهرة وفى حالة خطيرة مما أدى إلى إصابة المجنى عليه بمجرد اقترابه منه وبالتالى إلى وقوع الحادث يكون سائغًا فى العقل والمنطق وهو ما يوفر قيام الخطأ فى جانب الطاعن وتتوافر به السببية بين هذا الخطأ وإصابة المجنى عليه وتنتفى به عن الحكم قالة القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى تحديد الخطأ فى حق الطاعن فى صورة واحدة تتمثل فى أنه أهمل عمله المسئول عنه ولم يراع الاحتياطات اللازمة وترك كشك الكهرباء مفتوحًا وما به من كابلات ظاهرة من باطن الأرض وجميع السكاكين الموجودة بداخله ظاهرة مما أدى إلى وقوع الحادث الذى نشأ عنه إصابة المجنى عليه بمجرد اقترابه منه ودلل الحكم على ثبوت هذه الصورة بأقوال الشهود ومما جاء بمعاينة الشرطة والتقارير الطبية، ومن ثم فإنه غير صحيح منعى الطاعن بأن الحكم دانه على أساس المسئولية التقصيرية باعتباره المسئول الفنى عن الصيانة وليس على أساس خطأ شخصى صادر منه. لما كان ذلك، وكان تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أيًا كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوى فى ذلك أن يكون سببًا مباشرًا أم غير مباشر فى حصوله، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن على السياق المتقدم ورابطة السببية بين سلوك المتهم الخاطئ وإصابة المجنى عليه مما يتحقق به مسئولية الطاعن ما دام قد أثبت قيامها فى حقه ولو أسهم آخرون فى إحداثها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم توافر ثمة خطأ فى جانبه أدى إلى إصابة المجنى عليه وأن غيره هو السبب فى ذلك لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من أدلة منها أقوال.... فإن ما يثيره الطاعن بشأن هذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى العناصر التى استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدى له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه من أنه لم يورد القانون أو اللائحة التى استندت إليها النيابة العامة فى وصفها التى أعطته للواقعة المنسوبة إليه من أنه تسبب بخطئه فى إصابة المجنى عليه بأن كان ذلك ناشئًا عن عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، ذلك لأنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ فى حق الطاعن وهو يتمثل فى إهماله فى أداء عمله وكانت هذه الصورة من الخطأ تكفى لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه بفرض أن الحكم أورد تلك الصورة من الخطأ فلا جدوى للطاعن من المجادلة فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت تلاوة تقرير التلخيص فلا يقدح فى صحة الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التى فصلت فى الدعوى إذ أن ما يدعيه من ذلك - على فرض صحته - لا يدل على أن القاضى الذى تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه ولا يمنع أن القاضى بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المذكور يكفى فى التعبير عما استخلصه هو من الدراسة، ومن ثم يكون النعى بالبطلان فى الإجراءات فى غير محله. لما كان ذلك، وكان تقرير التلخيص وفقًا للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يوشب التقرير من نقص أو خطأ أى بطلان يلحق الحكم الصادر فى الدعوى، وكان الثابت بمحضر الجلسة أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير فلا يجوز له من بعد النعى على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغفل الإشارة إلى واقعة تهمة أن يوضحها فى دفاعه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة فى إثبات حصول تلاوة تقرير التلخيص، وكان الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة ذلك التقرير فلا يقدح فى ذلك أن يكون إثبات هذه التلاوة قد ورد فى ديباجة الحكم المطعون فيه ما دام أن رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم قد وقع عليه مع كاتبها طبقا للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية مما يفيد إقراره لما ورد به من بيانات فإن ما يتطلبه المشرع فى هذا الخصوص يكون قد تحقق مما يتعين معه اطراح ما يثيره الطاعن فى شأن نقص تقرير التلخيص أو إثبات تلاوته. لما كان ذلك، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب بيان اسم وصفة من تلا تقرير التلخيص من أعضاء الدائرة فلا يعيب الحكم خلوه من الإشارة لاسم وصفة من تلا التقرير ما دام الثابت أنه قد تلى فعلاً، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بدعوى البطلان يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة فى الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفى التى يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادًا ضمنًا من الحكم بالإدانة اعتمادًا على أدلة الثبوت التى أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلاً على انتفاء مسئوليته والشركة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معقتدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة فى الدعوى وحجزتها للحكم فهى بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه الطاعن فى مذكرته التى يقدمها فى فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى، ومن ثم فإن النعى بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا التقرير بعدم قبوله مع مصادرة الكفالة.