أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 410

جلسة 13 من إبريل سنة 2004

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد درويش، د. خالد عبد الحميد، محمد العبادى نواب رئيس المحكمة وعبد الله خلف.

(75)
الطعنان رقما 795 لسنة 69 القضائية، 679 لسنة 72 القضائية

(1 - 4) إفلاس "دعوى الإفلاس". حكم " حجية الحكم: ما يحوز الحجية: ما لا يحوز الحجية" "تسبيب الحكم" "القصور فى الأسباب القانونية". نقض "سلطة محكمة النقض".
(1) دعوى إشهار الإفلاس. طبيعتها. دعوى إجرائية. هدفها. إثبات توقف المدين التاجر عن دفع ديونه التجارية لاضطراب مركزه المالى. عدم اعتبارها دعوى موضوعية بالحق.
(2) الحكم بإشهار الإفلاس أو برفضه. عدم ابتنائه على تحقيق المحكمة للدين. حجيته. قصرها على ما استظهرته أسبابه بشأن جدية المنازعة فى الدين دون تلك التى تعرض لها ولم تكن لازمة لقضائه.
(3) انتهاء الحكم فى دعوى إشهار إفلاس الطاعن إلى رفضها لزوال حالة التوقف بعد تقديمه ما ينبئ عن أداء كامل المديونية. عدم اكتساب أسبابه فى هذا الخصوص الحجية فى دعوى المطالبة بالمديونية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(4) قصور أسباب الحكم القانونية. لا عيب. لمحكمة النقض استكمالها دون أن تنقضه.
(5) محكمة الموضوع "مسائل الواقع: سلطتها فى تفسير المستندات".
محكمة الموضوع. سلطتها فى تفسير المستندات المقدمة فى الدعوى بما تراه أوفى بمقصود محررها واستخلاص ما يمكن منها.
(6) حكم " تسبيب الحكم: الرد الضمنى".
إيراد القاضى فى حكمه الحقيقة التى اقتنع بها ودليلها وإقامة قضائه على أسباب سائغة. أثره. لا عليه أن يتتبع أقوال وحجج الخصوم. شرطه.
(7) حكم "تسبيب الحكم: عيوب التدليل: ما يعد قصورًا".
تكوين المحكمة اعتقادها من الأوراق والمستندات بعبارة مجهلة معماة دون بيان مؤداها أو أوجه الاستدلال به منها. قصور مبطل. علة ذلك.
1 - دعوى إشهار الإفلاس بحسب طبيعتها والغرض منها ليست دعوى مطالبة موضوعية بالحق الذى يدعيه رافعها على مدينه التاجر بقصد الحصول على حكم يجبره على الوفاء به، وإنما دعوى إجرائية يهدف بها إثبات حالة معينة هى توقف مدينه عن دفع ديونه التجارية نتيجة اضطراب مركزه المالى لترتيب آثاره.
2 - الحكم الصادر بإشهار الإفلاس أو برفضه لا يبنى على تحقيق المحكمة للدين من حيث صحته ونفاذه فى حقه وإنما على ما تستظهره من جدية المنازعة فيه أو عدم جديتها لنفى أو إثبات توافر تلك الحالة، فإن أسبابه المؤدية إليها هى وحدها التى تحوز حجية دون تلك التى تعرض لها ولم تكن لازمه لقضائه فى هذا الخصوص.
3 - رفض الحكم المطعون فيه الاعتداد بحجية ما استرسلت إليه أسباب الحكم الصادر فى الاستئناف رقم... سنة... ق القاهرة والقاضى برفض دعوى إشهار إفلاس الطاعن كأثر لزوال حالة التوقف بعد أن قدم من المستندات والأوراق ما ينبىء عن أداء كامل المديونية محل النزاع وذلك باعتبار أن ما انتهى إليه فى هذا الخصوص غير لازم لقضائه فى هذا الشأن فلا يحوز حجية فى دعوى المطالبة بهذه المديونية التى أقامها عليه المطعون ضده - محل الطعن - فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة.
4 - لا يعيب الحكم قصوره فى أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكملها دون أن تنقضه.
5 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير المستندات المقدمة فى الدعوى بما تراه أوفى بمقصود محررها واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها.
6 - بحسب القاضى أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم فى مناحى أقوالهم ومختلف حججهم ما دام فى الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج.
7 - متى ذكرت المحكمة فى حكمها أنها كونت اقتناعها فى عبارة مجهلة معماة من الأوراق والمستندات فإن مجرد الإشارة فيه إلى هذه العناصر دون بيان مؤداها أو وجه ما استدل به منها يعد قصورًا مبطلاً له إذ لا يمكن معه تعيين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير من دفاع حوله لا يؤثر فيه والتحقق من أنه من الأدلة التى يصح قانونًا تأسيس الحكم عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن فى الطعن المقيد برقم... لسنة... ق (المطعون ضده فى الطعن المقيد برقم 679 لسنة 72 ق) بصفته رئيس مجلس إدارة شركة... أقام على المطعون ضده الأول بصفته ممثلاً لشركة..... (الطاعن فى الطعن الأخير) الدعوى رقم.... لسنة.... إفلاس الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإشهار إفلاسه لتوقفه وهو تاجر عن أداء دين تجارى مقداره 62713.95 جنيهًا ثابت بموجب إيصالات تسليم بضائع على نحو ينبىء باضطراب مركزه المالى ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 28 إبريل سنة 1999 بالاستجابة لهذا الطلب وحددت تاريخ 28 أغسطس سنة 1995 تاريخًا مؤقتًا للتوقف عن الدفع. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم... سنة... ق التى حكمت بتاريخ 25 يوليو سنة 1999 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. أقام الأخير الدعوى رقم... لسنة... تجارى الجيزة الابتدائية على ذات المطعون ضده الأول بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليه المبلغ محل الدعوى الأولى وبتاريخ 29 ديسمبر سنة 2001 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم... لسنة... ق فقضت المحكمة فى 7 يوليو سنة 2002 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى للطاعن مبلغ 26714 جنيهًا. طعن الأخير فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعنان على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 679 لسنة 72 ق
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب، ذلك أنه أهدر حجية الحكم الصادر فى الاستئناف رقم... لسنة... ق القاهرة الذى كان مردودًا بين طرفى النزاع والقاضى برفض دعوى إشهار إفلاسه على سند من أدائه ذات المديونية محل دعوى المطالبة التى أقامها المطعون ضده عليه، بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يعمل أثر هذه الحجية ويقضى برفض هذه الدعوى باعتبارها مسألة مشتركة بينهما، إلا أنه وقد خالف هذا النظر بمقولة اختلاف نطاق كل منها عن الأخرى فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك بأن دعوى إشهار الإفلاس بحسب طبيعتها والغرض منها ليست دعوى مطالبة موضوعية بالحق الذى يدعيه رافعها على مدينه التاجر بقصد الحصول على حكم يجبره على الوفاء به، وإنما دعوى إجرائية يهدف بها إثبات حالة معينة هى توقف مدينه عن دفع ديونه التجارية نتيجة اضطراب مركزه المالى لترتيب آثاره، وإذ كان الحكم الصادر بإشهار الإفلاس أو برفضه لا يبنى على تحقيق المحكمة للدين من حيث صحته ونفاذه فى حقه وإنما على ما تستظهره من جدية المنازعة فيه أو عدم جديتها لنفى أو إثبات توافر تلك الحالة، فإن أسبابه المؤدية إليها هى وحدها التى تحوز حجية دون تلك التى تعرض لها ولم تكن لازمة لقضائه فى هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ورفض الاعتداد بحجية ما استرسلت إليه أسباب الحكم الصادر فى الاستئناف رقم... سنة... ق القاهرة والقاضى برفض دعوى إشهار إفلاس الطاعن كأثر لزوال حالة التوقف بعد أن قدم من المستندات والأوراق ما ينبئ عن أداء كامل المديونية محل النزاع وذلك باعتبار أن ما انتهى إليه فى هذا الخصوص غير لازم لقضائه فى هذا الشأن فلا يحوز حجية فى دعوى المطالبة بهذه المديونية التى أقامها عليه المطعون ضده - محل الطعن - فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة لا يعيب الحكم قصوره فى أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكملها دون أن تنقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول وبالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب ذلك أنه أطرح ما قدمه من مستندات قاطعة فى أدائه كامل المديونية - محل النزاع - ومنها الخطاب الصادر من المدير التجارى للشركة التى يمثلها المطعون ضده والذى يعتبر قبولها خصم مبلغ 2213.75 جنيهًا بمقولة أن نفاذه معلق على شرط أداء مبلغ 7500 جنيهًا خلت الأوراق من دليله، هذا بالإضافة إلى أنه استبعد البعض الآخر من المستندات الدالة على الوفاء بالدين محل المطالبة بادعاء أنه لم يقدم الدليل على أنها تتعلق به بما يعد هذا منه نقلاً لعبء الإثبات كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى برمته فى غير محله ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير المستندات المقدمة فى الدعوى بما تراه أوفى بمقصود محررها واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها، وأنه بحسب القاضى أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم فى مناحى أقوالهم ومختلف حججهم ما دام فى الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لجميع المستندات التى قدمها الطاعن والمطعون ضده واستخلص منها أن حقيقة الدين هو مبلغ 62713.95 جنيهًا وأن ما قام الطاعن بأداء قيمته قد اقتصر على مبلغ 36000 جنيهًا ولم ير وفقًا لسلطته فى تفسير المستندات أن ما ورد بخطاب المدير التجارى للشركة التى يمثلها المطعون ضده ما يشير إلى قبولها خصم مبلغ من هذه المديونية أو أن فواتير ومستندات إعادة البضائع المقدمة من الطاعن يتعلق بها موردًا أسباب إطراحها على نحو سائغ فإن ما يعيبه الطاعن بوجه النعى لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة وتفسير المستندات تنحسر عنها رقابة محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيًا: الطعن رقم 795 لسنة 69 ق
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب ذلك بأنه قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى إشهار إفلاس المطعون ضده على سند من أن ما قدمه من أوراق ومستندات تفيد أداءه الدين محل الدعوى دون أن يبين أو يشير إلى المصدر الذى استقى منه ذلك ودليله عليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه متى ذكرت المحكمة فى حكمها أنها كونت اقتناعها فى عبارة مجهلة معماة من الأوراق والمستندات فإن مجرد الإشارة فيه إلى هذه العناصر دون بيان مؤداها أو وجه ما استدل به منها يعد قصورًا مبطلاً له إذ لا يمكن معه تعيين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير من دفاع حوله لا يؤثر فيه والتحقق من أنه من الأدلة التى يصح قانونًا تأسيس الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى إشهار إفلاس المطعون ضده على قوله "... لما كان الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة من الشركة المستأنفة والمطعون ضده - أمام هذه المحكمة أنها تفيد قيام المستأنف بصفته بسداد قيمة الدين محل النزاع وتصفية حساب الصفقة المبرمة من الطرفين ومن ثم فإن حالة الاضطراب فى أعمال المستأنف والتوقف عن الدفع تكون قد زالت عنه... "، وكان هذا الذى أورده الحكم قد جاء بعبارات عامة مجهلة معماة لا يبين منها وجه استدلاله لما انتهى إليه من نفى لاضطراب مركزه المالى وتعيين الدليل الذى كون منه اقتناعه بذلك فإنه يكون معيبًا بالقصور المبطل له على نحو يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.