أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 497

جلسة 9 من مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبى، حامد مكى، مجدى مصطفى نواب رئيس المحكمة ومحمد خليفة.

(90)
الطعن رقم 2153 لسنة 59 القضائية

(1 - 3) اختصاص "الاختصاص الولائى: الدفع بعدم الاختصاص الولائى". استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
(1) الاختصاص الولائى. مسألة قائمة فى الخصومة ومطروحة دائمًا على محكمة الموضوع. انتفاء ولاية المحكمة. أثره. وجوب قضائها بعدم اختصاصها. م 109 مرافعات. اعتبار الحكم الصادر فى الموضوع منطويًا على قضاء ضمنى بالاختصاص وبرفض الدفع بعدم الاختصاص الولائى.
(2) الاستئناف. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية فى حدود ما أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع و أوجه دفاع وما صدر برفضه حكم مستقل لم يستأنفه لصدور حكم فى الدعوى لصالحه. التزام محكمة الاستئناف بالفصل فيها جميعًا ولو لم يعاود التمسك بها طالما لم يتنازل عنها صراحة أو ضمنًا. م 233 مرافعات.
(3) قضاء محكمة أول درجة على استقلال برفض الدفع المبدى من المطعون ضدهم بعدم الاختصاص الولائى. قعودهم عن استئنافه لصدور الحكم فى الموضوع لصالحهم. مؤداه. اعتبار مسألة الاختصاص الولائى مطروحة على محكمة الاستئناف ولم يفصل فيها بحكم حائز الحجية. أثره. قضاؤها فى الموضوع قضاءً ضمنيًا برفض الدفع.
(4) اختصاص "الاختصاص الولائى: اختصاص القضاء الإدارى". أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص فى الانتفاع بها". إيجار "القواعد العامة فى الإيجار: بعض أنواع الإيجار: الترخيص بالانتفاع بالأملاك العامة".
الأسواق العامة التى تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة للنفع العام. اعتبارها من الأموال العامة. تصرف السلطة الإدارية فيها. سبيله. الترخيص المؤقت مقابل رسم لا أجرة. للسلطة المرخصة الحق فى إلغاء الترخيص والرجوع فيه قبل حلول أجله. اعتبار الترخيص من الأعمال الإدارية. لازمه. انعقاد الاختصاص بشأن المنازعة حول إنهائه لجهة القضاء الإدارى.
(5) نقض "أثر نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص وتعيين المحكمة المختصة الواجب التداعى إليها عند الاقتضاء. م269/ 1 مرافعات.
(6) دعوى "مصروفات الدعوى".
توجيه الطاعن خصومته إلى غير جهة القضاء المختصة بنظرها ولائيًا والدفع من خصومه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا. صدور الحكم لصالحهم و استئنافه من الطاعن و طعنه على قضاء الاستئناف بالنقض متمسكًا بما تمسك به خصومه من اختصاص جهة القضاء الإدارى بنظر الدعوى. وجوب إلزامه بمصاريفها. علة ذلك. المادتان 184، 185 مرافعات.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مسألة الاختصاص الولائى تعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائمًا على المحكمة، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات ويعتبر حكمها الصادر فى الموضوع منطويًا على قضاء ضمنى بالاختصاص وإذا فصل الحكم المطعون فيه فى موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمنًا برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائى.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف وفقًا لما تقضى به المادة 233 من قانون المرافعات بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة على محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف حتى ما كان منها قد صدر برفضه حكم مستقل من محكمة أول درجة وأغناه عن استئنافه صدور الحكم فى الدعوى لمصلحته، وعلى المحكمة أن تفصل فيها ولو لم يعاود المستأنف عليه التمسك بها مادام أنه لم يتنازل عن شيء منها صراحة أو ضمنًا.
3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن مسألة الاختصاص الولائى قد أثارها المطعون ضدهم أمام محكمة أول درجة التى قضت على استقلال وقبل الفصل فى الموضوع برفض الدفع وأغناهم عن استئنافه صدور الحكم فى الموضوع لصالحهم بما تكون معه مسألة الاختصاص الولائى مطروحة على محكمة الاستئناف ولم يفصل فيها بحكم حاز الحجية, فيكون قضاؤها فى الموضوع قضاءً ضمنيًا برفض الدفع.
4 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الأسواق العامة التى تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأموال العامة التى لا يجوز للسلطة الإدارية التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص المؤقت وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة التى لها دائمًا لداعى المصلحة العامة الحق فى إلغائه والرجوع فيه من قبل حلول أجله ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة. وهو فى ذلك كله يعد عملاً من الأعمال الإدارية التى يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التى تفرضها قوانين إيجار الأماكن بما لازمه انعقاد الاختصاص بشأن المنازعة حول إنهاء ترخيصه لجهة القضاء الإدارى.
5 - النص فى المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التى يجب التداعى إليها بإجراءات جديدة" ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى واختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارة بنظرها.
6 - إذ كان الطاعن هو الذى وجه خصومته إلى غير جهة القضاء المختصة بنظرها ولائيًا وقد دفعها خصومه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا ولما صدر الحكم لصالحهم استأنفه الطاعن ثم طعن على قضاء محكمة الاستئناف بالنقض متمسكًا بذات ما تمسك به خصومه من اختصاص جهة القضاء الإدارى بنظر الدعوى مما يتعين معه إلزامه بمصاريفها عملاً بنص المادتين 184، 185 من قانون المرافعات بعد أن تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعات الطعن تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم..... لسنة 1983 دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بمنع تعرض المطعون ضدهم له فى المحلين رقمى...،... والذى يستأجرهما بسوق الجملة بدمنهور ثم ضمهما معًا بموافقة الجهة المؤجرة التى اقتحمتها وأقامت جدارًا على جزء استولت عليه بقالة إن إدارة السوق ألغت ترخيصه حال أن حقه عليه محكوم بالقوانين التى تنظم إيجار الأماكن مما لا يجوز معه تعرض المؤجر له. دفع المطعون ضدهم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى. رفضت المحكمة الدفع وبعد أن ندبت خبيرًا حكمت بعدم قبول الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم برقم... لسنة 44 ق إسكندرية - مأمورية دمنهور - فتأيد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بطريق النقض فى هذا الحكم وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إنه رغم أن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف الصادر بعدم قبول الدعوى على سند من أن عين النزاع مملوكة للدولة وأنه يشغلها بموجب ترخيص صادر من الجهة الإدارية بما كان لازمه القضاء فيها بعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظرها أخذًا بدفع أبداه خصومه بشأنه أمام محكمة أول درجة وأصبح معروضًا على المحكمة بالاستئناف المرفوع بعد أن قضى لصالحهم ابتدائيًا وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى فى الدعوى بعدم قبولها دون أن يتصدى للدفع بعدم الاختصاص الولائى بنظر النزاع رغم تعلقه بالنظام العام فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مسألة الاختصاص الولائى تعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائمًا على المحكمة، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات ويعتبر حكمها الصادر فى الموضوع منطويًا على قضاء ضمنى بالاختصاص وإذا فصل الحكم المطعون فيه فى موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمنًا برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائى. وكان الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف وفقًا لما تقضى به المادة 233 من قانون المرافعات بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة على محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف حتى ما كان منها قد صدر برفضه حكم مستقل من محكمة أول درجة وأغناه عن استئنافه صدور الحكم فى الدعوى لمصلحته، وعلى المحكمة أن تفصل فيها ولو لم يعاود المستأنف عليه التمسك بها مادام أنه لم يتنازل عن شيء منها صراحةً أو ضمنًا. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن مسألة الاختصاص الولائى قد أثارها المطعون ضدهم أمام محكمة أول درجة التى قضت على استقلال وقبل الفصل فى الموضوع برفض الدفع وأغناهم عن استئنافه صدور الحكم فى الموضوع لصالحهم بما تكون معه مسألة الاختصاص الولائى مطروحة على محكمة الاستئناف ولم يفصل فيها بحكم حاز الحجية فيكون قضاؤها فى الموضوع قضاءً ضمنيًا برفض الدفع. لما كان ذلك وكان انتفاع الطاعن بعين النزاع الكائنة بسوق الجملة بدمنهور إنما يستند لترخيص إدارى ولما كانت الأسواق العامة التى تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأموال العامة التى لا يجوز للسلطة الإدارية التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص المؤقت وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة التى لها دائمًا لداعى المصلحة العامة الحق فى إلغائه والرجوع فيه من قبل حلول أجله ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة. وهو فى ذلك كله يعد عملاً من الأعمال الإدارية التى يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التى تفرضها قوانين إيجار الأماكن بما لازمه انعقاد الاختصاص بشأن المنازعة حول إنهاء ترخيصه لجهة القضاء الإدارى ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد عقد لنفسه الاختصاص بنظر الدعوى فإنه يكون معيبًا بالخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن النص فى المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التى يجب التداعى إليها بإجراءات جديدة "ومن ثم تعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى واختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظرها.
وحيث إنه عن المصاريف فإنه لما كان الطاعن هو الذى وجه خصومته إلى غير جهة القضاء المختصة بنظرها ولائيًا وقد دفعها خصومه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا ولما صدر الحكم لصالحهم استأنفه الطاعن ثم طعن على قضاء محكمة الاستئناف بالنقض متمسكًا بذات ما تمسك به خصومه من اختصاص جهة القضاء الإدارى بنظر الدعوى مما يتعين معه إلزامه بمصاريفها عملاً بنص المادتين 184، 185 من قانون المرافعات بعد أن تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها.