أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 515

جلسة 16 من مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البندارى، كمال عبد النبى، سامح مصطفى نواب رئيس المحكمة ومنصور العشرى.

(94)
الطعن رقم 975 لسنة 70 القضائية

(1 - 4) بطلان "بطلان عقد العمل". حكم "ما لا يعد قصورًا". دعوى "المستندات فى الدعوى". عمل "العمل بالهيئات الأجنبية". قانون "سريان القانون من حيث الزمان". محكمة الموضوع. نظام عام.
(1) المصرى. حظر تعاقده للعمل أو عمله لدى حكومة أو شركة أو هيئة أو مؤسسة أو منظمة دولية أو أجنبية بدون إذن سابق من وزير الداخلية. م 1/ 1 , 5 قرار بق 173 لسنة 1958 المعدل بق 6 لسنة 1972. علة ذلك. عدم الإضرار بمصلحة الدولة. مقتضاه. بطلان الاتفاق المخالف لذلك. تعلقه بالنظام العام. لمحكمة الموضوع أن تقضى به من تلقاء نفسها.
(2) القانون. سريانه بأثر فورى على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه. عدم سريانه على الماضى. علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع. عدم التزامها بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضياته. حسبها إقامة قضاءها وفقًا للمستندات والأدلة المطروحة عليها.
(4) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى بطلان عقد عمل الطاعن مصرى الجنسية لدى شركة الخطوط الجوية الفرنسية لخلوه من إذن وزير الداخلية استنادًا إلى أحكام القرار بق 137 لسنة 1958. صحيح.
1 - مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة الأولى والمادة الخامسة من القرار بقانون رقم 173 لسنة 1958 باشتراط الحصول على إذن قبل العمل بالهيئات الأجنبية معدلاً بالقانون رقم 6 لسنة 1972 يدل على أن المشرع حظر على كل مصرى أن يتعاقد للعمل أو يعمل فى الجهات التى حددها بدون إذن سابق من وزير الداخلية واستهدف من هذا القانون - وحسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية - عدم الإضرار بمصلحة الدولة نتيجة لعمل بعض المواطنين فى الهيئات المحظور التعامل معها دون إذن ومقتضى ذلك أن كل اتفاق يتم بالمخالفة لهذا الحكم يقع باطلاً وهو بطلان يتعلق بالنظام العام ويعتبر مطروحًا دائمًا على محكمة الموضوع وعليها أن تقضى به من تلقاء نفسها.
2 - الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها أثارها أو فى انقضائها وهو لا يسرى على الماضى فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله.
3 - إن محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع وحسبها أن تقيم قضاءها وفقًا للمستندات والأدلة المطروحة عليها.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى أحكام القرار بقانون رقم 173 لسنة 1958 وانتهى إلى بطلان عقد العمل (عقد عمل الطاعن مصرى الجنسية لدى شركة الخطوط الجوية الفرنسية) لخلو الأوراق من إذن وزير الداخلية لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور فى التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم.... عمال جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدها - شركة الخطوط الجوية الفرنسية - بطلب الحكم بإلغاء قرار نقله وإعادته إلى قسم خدمة الركاب بالمطار مع إلزام المطعون ضدها أن تؤدى إليه مبلغ 50000 جنيه تعويضًا عن النقل التعسفى مع تعديل إيصال صرف راتبه بإعادة قيد العلاوة المقررة لدرجته الوظيفية كرئيس وردية لبند بدل الرئاسة بدلاً من قيدها تحت بند تسويات أخرى دائنة، وقال بيانًا لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 12/ 1979 التحق بالعمل لدى شركة الخطوط الجوية الفرنسية حتى شغل وظيفة رئيس وردية ومنح علاوة مالية تم قيدها فى إيصال صرف المرتب تحت بند بدل رئاسة وإذ فوجئ بنقله تعسفيًا من مكان عمله بقسم خدمة الركاب إلى قسم الشحن وتم تعديل إيصال صرف المرتب بقيد العلاوة تحت بند تسويات أخرى دائنة بما يعنى إهدار درجته الوظيفية، وأصيب من جراء ذلك بأضرار مادية وأدبية يستحق التعويض عنها فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن قدم تقريره قضت فى 27/ 11/ 1999 بإلغاء قرار النقل وإعادة الطاعن إلى قسم خدمة الركاب مع تعديل إيصال صرف راتبه بإعادة قيد العلاوة المالية لبند بدل الرئاسة وألزمت المطعون ضدها أن تؤدى إليه مبلغ 1000 جنيه تعويضًا عن الأضرار الأدبية، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم... ق، وبتاريخ 11/ 6/ 2000 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على سند من بطلان عقد العمل لعدم الحصول على تصريح الأمن قبل التحاقه بالعمل طبقًا لنص المادة الأولى من القانون رقم 173 لسنة 1958 بالرغم من أن هذا القانون قد ألغى وحل محله القانون رقم 231 لسنة 1996 والذى نص فى مادته الثانية على عدم اشتراط الحصول على تصريح الأمن لمن يعمل فى أى جهة أجنبية داخل البلد اكتفاءً بإخطار يرسله إلى الجهة التى يحددها وزير الداخلية، ولما كان القانون الأخير هو الواجب التطبيق على واقعة الدعوى لرفعها فى ظل العمل بأحكامه ولم تكن مسألة صحة عقد العمل أو بطلانه مطروحة على المحكمة لعدم إثارتها من جانب الخصوم، فإن الحكم المطعون فيه إذ تطرق إلى بحث هذه المسألة وفقًا لأحكام القانون رقم 173 لسنة 1958 ودون أن يطلب من الطاعن تقديم ما يفيد حصوله على تصريح الأمن أو يبين سبب تطرقه إلى بحث هذه المسألة فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن النص فى الفقرة الأولى من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 173 لسنة 1958 باشتراط الحصول على إذن قبل العمل بالهيئات الأجنبية معدلاً بالقانون رقم 6 لسنة 1972 على أنه "يحظر على كل شخص يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أن يتعاقد للعمل أو يعمل فى حكومة أو شركة أو هيئة أو مؤسسة أو منظمة دولية أو أجنبية أو فرع أو مكتب لها دون أن يحصل على إذن سابق من وزير الداخلية سواء كان هذا العمل بأجر أو بمكافأة أو بالمجان " والنص فى المادة الخامسة منه على أن "كل من خالف أحكام المادتين الأولى والرابعة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين" مفاده أن المشرع حظر على كل مصرى أن يتعاقد للعمل أو يعمل فى الجهات التى حددها بدون إذن سابق من وزير الداخلية. واستهدف من هذا القانون وحسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية عدم الإضرار بمصلحة الدولة نتيجة لعمل بعض المواطنين فى الهيئات المحظور التعامل معها دون إذن، ومقتضى ذلك أن كل اتفاق يتم بالمخالفة لهذا الحكم يقع باطلاً وهو بطلان يتعلق بالنظام العام ويعتبر مطروحًا دائمًا على محكمة الموضوع وعليها أن تقضى به من تلقاء نفسها، لما كان ذلك وكان الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها أثارها أو فى انقضائها وهو لا يسرى على الماضى فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله، وكان الثابت فى الدعوى أن عقد عمل الطاعن قد أبرم بتاريخ 1/ 12/ 1979 - أى فى ظل العمل بأحكام القرار بقانون رقم 173 لسنة 1958 المشار إليه - ومن ثم يخضع لأحكام هذا القانون سواء فى نشأته أو إنتاجه أثاره أو فى انقضائه، وكان البين من الأوراق أن الطاعن لم يقدم أمام محكمة الموضوع ما يدل على حصوله على إذن سابق من وزير الداخلية قبل التحاقه بالعمل لدى الشركة المطعون ضدها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع وحسبها أن تقيم قضاءها وفقًا للمستندات والأدلة المطروحة عليها، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى أحكام القرار بقانون رقم 173 لسنة 1958 وانتهى إلى بطلان عقد العمل لخلو الأوراق من إذن وزير الداخلية لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور فى التسبيب، ويضحى النعى عليه بأسباب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.