أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 525

جلسة 20 من مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ محمود رضا الخضيرى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود سعيد محمود، محى الدين السيد، رفعت أحمد فهمى نواب رئيس المحكمة وبدوى عبد الوهاب.

(96)
الطعن رقم 2798 لسنة 70 القضائية

(1 - 3) رى "مسئولية الحكومة عن إدارة مرفق الرى والصرف". عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع "سلطتها فى تفسير العقود".
(1) وزارة الرى. اختصاصها وحدها بتوفير وتوزيع مياه الرى اللازمة للأرض الزراعية القائمة أو أراضى التوسع الزراعى الجديد بالمجارى العامة والمآخذ الخاصة. المادتان 36، 63 ق 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الرى والصرف.
(2) محكمة الموضوع. سلطتها فى تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين بغير رقابة من محكمة النقض. شرطه. ألا تخرج عما تحتمله عبارات العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها.
(3) إقامة المطعون ضدهم الخمسة الأول الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار التى أصابتهم نتيجة إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدى الوارد فى عقود البيع الصادرة إليهم والمتمثل فى توفير مياه الرى اللازمة للأراضى محل العقود. ثبوت عدم مسئولية الأخيرة عن توفير هذه المياه ومسئولية وزارة الرى عن ذلك وفقًا لبنود كراسة شروط بيع تلك الأراضى وأحكام ق 12 لسنة 1984. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بتعويض المطعون ضدهم سالفى الذكر تأسيسًا على إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدى بصيانة وتشغيل محطات الرى وتجديدها وتوفير مياه الرى اللازمة لرى أراضيهم متجاوزًا المدلول الظاهر لعبارات عقود البيع وما تحتمله نصوصها. خطأ وفساد فى الاستدلال.
1 - مفاد النص فى المادتين 36، 63 من القانون رقم 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الرى والصرف يدل على أن توفير وتوزيع مياه الرى اللازمة للأرض الزراعية القائمة أو أراضى التوسع الزراعى الجديد بالمجارى العامة والمآخذ الخاصة من اختصاص وزارة الرى وحدها.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج فى تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم الخمسة الأوائل أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار التى أصابتهم نتيجة إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدى الوارد فى عقود البيع الصادرة إليهم والمتمثل فى توفير مياه الرى اللازمة للأراضى محل هذه العقود، وكان الثابت من البند 36 من كراسة شروط بيع تلك الأراضى أن "... هذه الأرض تروى عن طريق ترع رئيسية تابعة لوزارة الرى متفرع منها مساق فرعية والمشترى مسئول عن صيانة المساقى والمصارف الفرعية التى تخدم الأرض التى ستؤول إليه وأن مياه الرى مسئولية وزارة الرى وحدها "فإن مفاد هذه العبارات - بحسب مدلولها الظاهر - أن الطاعنة ليست المسئولة عن توفير مياه الرى اللازمة للأراضى التى باعتها إلى المشترين، وأن المسئول عن ذلك هى وزارة الرى وفقًا لأحكام قانون الرى والصرف (رقم 12 لسنة 1984)، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، مستخلصًا من تلك العبارات، أن الضرر الذى أصاب المطعون ضدهم الخمسة الأوائل راجع إلى إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدى بصيانة وتشغيل محطات الرى وتجديدها وتوفير مياه الرى اللازمة لرى أراضيهم، مرتبًا على ذلك قضاءه بالتعويض متجاوزًا المدلول الظاهر لعبارات عقود البيع وما تحتمله نصوصها، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهم من الأول إلى الخامس أقاموا على الشركة الطاعنة وباقى المطعون ضدهم الدعوى رقم... لسنة 1993 مدنى دمنهور الابتدائية "مأمورية كفر الدوار "بطلب الحكم - وفقًا لطلباتهم الختامية - بإلزام الطاعنة والمطعون ضدهما السادس والثامن بصفتيهما فى مواجهة باقى المطعون ضدهم بأن يؤدوا إليهم مبلغ 203500 جنيه، وأحقيتهم فى حبس الأقساط المتبقية عليهم من ثمن الأرض المبيعة إليهم، وقالوا بيانًا لذلك إنهم اشتروا من الطاعنة الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة، التى قامت بتوفير مياه الرى اللازمة لها فى بداية التعاقد، إلا أنهم فوجئوا بعد ذلك بعدم توفير تلك المياه، مما أتلف زراعاتهم وأضر بأرضهم. ولما كان المسئول عن توفير تلك المياه هى الطاعنة والمطعون ضدهما السادس والثامن، وأنه يحق لهم التعويض عن هذه الأضرار وتأجيل باقى أقساط الثمن فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا فى الدعوى وبعد أن أودع تقريريه حكمت برفضها. استأنف المطعون ضدهم الخمسة الأوائل هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة 55 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وفيه قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تؤدى إليهم ما قدرته من تعويض. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال، وذلك حين قضى بتوافر مسئوليتها عن الضرر الذى أصاب المطعون ضدهم الخمسة الأوائل نتيجة عدم توفير مياه الرى للأرض التى باعتها لهم، تأسيسًا على أن الثابت من البندين الحادى عشر والسادس والثلاثين من كراسة شروط بيعها أنها أرض زراعية، ولا يتحقق ذلك إلا بتوافر مياه الرى اللازمة لها وأن الثابت بتقرير الخبير الأول أن عدم توفير تلك المياه مرجعه إلى تعطل محطات رفعها إلى الترع التى تروى تلك الأرض نتيجة إخلال الطاعنة بالتزامها نحو إصلاح تلك المحطات وتوفير مياه الرى اللازمة، فى حين أن المسئول عن ذلك هى وزارة الرى طبقًا لأحكام قانون الرى والصرف، وهو ما انتهى إليه تقرير الخبير الثانى، كما أن الثابت من عقود البيع أنها لا ترتب قبلها ثمة التزامًا بتوفير مياه الرى اللازمة للزراعة، الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن النص فى المادة 36 من القانون رقم 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الرى والصرف على أن "تتولى وزارة الرى توزيع مياه الرى بالمجارى العامة أيًا كان نوعها على المآخذ الخاصة ولها تعديل نظام الرى والصرف بما يتناسب وطبيعة الأرض الزراعية" وفى المادة 63 منه على أن "لا يجوز تخصيص أية أراض للتوسع الزراعى الأفقى الجديد قبل أخذ رأى وزارة الرى للتأكد من توفر مصدر مائى تحدده الوزارة لديها" يدل على أن توفير وتوزيع مياه الرى اللازمة للأرض الزراعية القائمة أو أراضى التوسع الزراعى الجديد بالمجارى العامة والمآخذ الخاصة من اختصاص وزارة الرى وحدها. لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج فى تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم الخمسة الأوائل أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار التى أصابتهم نتيجة إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدى الوارد فى عقود البيع الصادرة إليهم والمتمثل فى توفير مياه الرى اللازمة للأراضى محل هذه العقود، وكان الثابت من البند 36 من كراسة شروط بيع تلك الأراضى أن "... هذه الأرض تروى عن طريق ترع رئيسية تابعة لوزارة الرى متفرع منها مساق فرعية والمشترى مسئول عن صيانة المساقى والمصارف الفرعية التى تخدم الأرض التى ستؤول إليه وأن مياه الرى مسئولية وزارة الرى وحدها" فإن مفاد هذه العبارات - بحسب مدلولها الظاهر - أن الطاعنة ليست المسئولة عن توفير مياه الرى اللازمة للأراضى التى باعتها إلى المشترين، وأن المسئول عن ذلك هى وزارة الرى وفقًا لأحكام قانون الرى والصرف المشار إليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، مستخلصًا من تلك العبارات، أن الضرر الذى أصاب المطعون ضدهم الخمسة الأوائل راجع إلى إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدى بصيانة وتشغيل محطات الرى وتجديدها وتوفير مياه الرى اللازمة لرى أراضيهم، مرتبًا على ذلك قضاءه بالتعويض متجاوزًا المدلول الظاهر لعبارات عقود البيع وما تحتمله نصوصها، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.