أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 570

جلسة 26 من مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ شكرى العميرى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فرحات نائب رئيس المحكمة، زكريا إسماعيل، سامى الدجوى ومحمود العتيق.

(105)
الطعن رقم 5736 لسنة 72 القضائية

(1) نقض "الخصوم فى الطعن".
الطعن بالنقض. عدم جواز اختصام إلا من كان خصمًا حقيقيًا فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه. تحديد الخصم. مناطه. توجيه الطلبات منه أو إليه. مؤداه. عدم قبول اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. عدم القضاء للمطعون ضدهما ثانيًا أو عليهما. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
(2 - 6) تعويض "من صور التعويض: التعويض عن إساءة استعمال الحق" "الخطأ الموجب للتعويض: تحديده". حكم "ضوابط التسبيب" "عيوب التدليل: الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون". محكمة الموضوع" سلطتها فى استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية". مسئولية "إثبات المسئولية" "من صور المسئولية التقصيرية: إساءة استعمال الحق".
(2) الاستعمال المشروع للحق. انتفاء المسئولية عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير. الاستعمال غير المشروع للحق. مناطه. ألا يقصد به سوى الإضرار بالغير. تحققه بانتفاء كل مصلحة من الاستعمال. المادتان 4، 5 مدنى.
(3) حق التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة. عدم مسئولية من يلج أبواب القضاء تمسكًا بحق يدعيه لنفسه أو ذودًا عن الحق. الاستثناء. ثبوت انحرافه عنه إلى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم.
(4) استخلاص الفعل المكون للخطأ المؤسس عليه طلب التعويض. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون الاستخلاص سائغًا له أصل ثابت بالأوراق. تكييف الفعل بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه. من مسائل القانون. خضوعها لرقابة محكمة النقض.
(5) الحكم. انتهاؤه إلى مسئولية خصم عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضى. لازمه. وجوب إيراده العناصر الواقعية والظروف التى يصح استخلاص نية الانحراف والكيد منها استخلاصًا سائغًا.
(6) إقامة الطاعنين دعوى بطلب التصريح لهم بتركيب مصعد بالعقار المملوك للمطعون ضدهم. استخلاص الحكم المطعون فيه ثبوت ركن الخطأ الموجب لمسئولية الطاعنين عن إساءة استعمال حقهم فى التقاضى ابتغاء مضارة الأخيرين على سند من مخالفة الطلب لما أوجبه القانونان 78 لسنة 1974 و 106 لسنة 1976 فى قصر الحق فيه على المالك أو من يمثله وأن الطاعنين ادعوا على غير الحقيقة بأنهم ملاك العقار. عدم صلاحيته للتدليل على توافر ذلك الخطأ. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. فساد فى الاستدلال وخطأ.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم فى الطعن إلا من كان خصمًا حقيقيًا فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه، والمناط فى تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو إليه، فلا يقبل اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء ووقف من الخصومة موقفًا سلبيًا إذ يعتبر خصمًا غير حقيقى فى الخصومة التى فصل فيها الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المطعون ضدهما ثانيًا بصفتهما لم يقض لهما أو عليهما بشيء، وبالتالى لا يعتبران خصمين فيه ومن ثم يكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص فى المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدنى أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعًا لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير، وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن حق التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكًا بحق يدعيه أو ذودًا عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم.
4 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه لئن كان استخلاص الفعل المكون للخطأ والذى يؤسس عليه طلب التعويض مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق فضلاً عن أن تكييف هذا الفعل بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض.
5 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه يتعين على الحكم الذى ينتهى إلى مسئولية خصم عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضى أن يورد العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التى يصح استخلاص نية الانحراف والكيد منها استخلاصًا سائغًا.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص ثبوت ركن الخطأ الموجب لمسئولية الطاعنين على سند من تقدمهم بطلب تركيب مصعد بالعقار المملوك للمطعون ضدهم بالمخالفة لما أوجبه قانون المصاعد رقم 78 لسنة 1974 والقانون 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم أعمال البناء والهدم من قصره ذلك على المالك أو من يمثله وادعائهم على غير الحقيقة بأنهم ملاك ذلك العقار بما لا ينفيه صدور إذن من القاضى المستعجل به لعدم اختصاصه. وكان هذا الذى ساقه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا يصلح للتدليل على القول بتوافر الخطأ الموجب للتعويض إذ إن ما قاموا به كان لجلب منفعة مشروعه يتيحها لهم عقد الإيجار وأن لجوءهم إلى القضاء لاستصدار الإذن لهم بتركيب المصعد على نفقتهم الخاصة ودون تكبيد المطعون ضدهم ثمة تكاليف ينفى عنهم مظنة إساءة استعمال الحق أو ابتغاء مضارة المطعون ضدهم دون نفع يجلبونه لأنفسهم من ذلك الطلب وينفى عن سلوكهم الغش والتدليس. ولما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم فى نطاق استعمالهم لهذا الحق دون أن ينحرفوا فى استعماله ولم يثبت أنهم قصدوا مضارة المطعون ضدهم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر فإنه يكون معيبًا بالفساد فى الاستدلال وجره ذلك إلى الخطأ فى تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدهم أولاً أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم..... لسنة 1998 مدنى محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم وعلى نفقتهم الخاصة بإعادة الحال إلى ما كان عليه وسقوط الحق فى الترخيصين المبينين بالصحيفة وإلزامهم بأن يؤدوا لهم بالتضامن فيما بينهم خمسين ألف جنيه وقالوا بيانًا لذلك إن الطاعنين يستأجرون ثلاث وحدات سكنيه بالعقار المملوك لهم والمبين بصحيفة الدعوى وقد خاصموهم بالدعوى رقم..... لسنة 1995 مدنى مستعجل الإسكندرية طلب للحكم بالتصريح لهم بتركيب مصعد بالعقار المذكور حالة كونهم لا يحق لهم ذلك لاقتصار ذلك الأمر على المالك وحده أو من يمثله قانونًا وإذ أجابهم الحكم الصادر فى الدعوى سالفة البيان لطلباتهم فقد تحصلوا على الترخيصين اللذين يتيحان لهم ذلك رقمى..... و ..... من جهة الاختصاص بحى شرق الإسكندرية بالتواطؤ بينهم وبين العاملين فيه إلا أن هذا الحكم قد أوقف تنفيذه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم..... لسنة 54 ق الإسكندرية - وإذ لحقتهم أضرار مادية وأدبية تتمثل فيما أنفقوه على القضايا وأتعابها والآلام النفسية التى حاقت بهم يقدرون التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به ومن ثم أقاموا الدعوى - واختصموا حال نظرها المطعون ضدهما ثانيًا - ندبت المحكمة خبيرًا لتحقيق عناصرها وبعد أن قدم تقريره قضت برفضها. استأنف المطعون ضدهم أولاً هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 58 ق الإسكندرية وبتاريخ 14/ 8/ 2002 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء للمطعون ضدهم المذكورين بالتعويض الذى قدرته ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما ثانيًا وأبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما ثانيًا أنهما لم يكونا خصمين حقيقين فى النزاع إذ لم يقض لهما أو عليهما بشيء ووقفا من الخصومة موقفًا سلبيًا.
وحيث إن هذا الدفع فى محله ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم فى الطعن إلا من كان خصمًا حقيقيًا فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه، والمناط فى تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو إليه، فلا يقبل اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء ووقف من الخصومة موقفًا سلبيًا إذ يعتبر خصمًا غير حقيقى فى الخصومة التى فصل فيها الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المطعون ضدهما ثانيًا بصفتهما لم يقض لهما أو عليهما بشيء، وبالتالى لا يعتبران خصمين فيه ومن ثم يكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الحكم اعتبر لجوءهم إلى القضاء المستعجل للتصريح لهم بتركيب مصعد بالعقار المملوك للمطعون ضدهم والذى يستأجرون وحدات فيه بالدعوى رقم..... لسنة 1995 مدنى مستعجل الإسكندرية وتقدمهم بطلب إلى جهة الاختصاص بناءً على الحكم الذى صدر لصالحهم فيها لاستخراج التراخيص اللازمة لذلك وهو ما أجابتهم إليه خطأ يستوجب التعويض استنادًا إلى أن ذلك الحق مقصور على المالك أو من يمثله عملاً بقانون المصاعد وتنظيم أعمال البناء والهدم فضلاً عن عدم اختصاص القضاء المستعجل بذلك، وادعائهم ملكية العقار رغم أن التجاءهم إلى القضاء حق يكفله لهم القانون طالما لم يقصدوا به الإساءة أو الإضرار بالغير وكان لجوءهم إلى القضاء المستعجل استعمالاً لهذا الحق المشروع وهو مما لا يتحقق به خطأ يستوجب التعويض بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - إن مفاد النص فى المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدنى أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعًا لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير، وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق وكان حق التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكًا بحق يدعيه أو ذودًا عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم، كما أنه ولئن كان استخلاص الفعل المكون للخطأ والذى يؤسس عليه طلب التعويض مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق فضلاً عن أن تكييف هذا الفعل بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض، فيتعين على الحكم الذى ينتهى إلى مسئولية خصم عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضى أن يورد العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التى يصح استخلاص نية الانحراف والكيد منها استخلاصًا سائغًا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص ثبوت ركن الخطأ الموجب لمسئولية الطاعنين على سند من تقدمهم بطلب تركيب مصعد بالعقار المملوك للمطعون ضدهم بالمخالفة لما أوجبه قانون المصاعد رقم 78 لسنة 1974 والقانون 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم أعمال البناء والهدم من قصره ذلك على المالك أو من يمثله وادعائهم على غير الحقيقة بأنهم ملاك ذلك العقار بما لا ينفيه صدور إذن من القاضى المستعجل به لعدم اختصاصه، وكان هذا الذى ساقه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا يصلح للتدليل على القول بتوافر الخطأ الموجب للتعويض إذ إن ما قاموا به كان لجلب منفعة مشروعة يتيحها لهم عقد الإيجار وأن لجوءهم إلى القضاء لاستصدار الإذن لهم بتركيب المصعد على نفقتهم الخاصة ودون تكبيد المطعون ضدهم ثمة تكاليف ينفى عنهم مظنة إساءة استعمال الحق أو ابتغاء مضاره المطعون ضدهم دون نفع يجلبونه لأنفسهم من ذلك الطلب وينفى عن سلوكهم الغش والتدليس. ولما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم فى نطاق استعمالهم لهذا الحق دون أن ينحرفوا فى استعماله ولم يثبت أنهم قصدوا مضارة المطعون ضدهم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر فإنه يكون معيبًا بالفساد فى الاستدلال وجره ذلك إلى الخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم... لسنة 58 ق الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف.