أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 333

جلسة 5 من مارس سنة 2003

برئاسة المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، مصطفى محمد أحمد نواب رئيس المحكمة وعلى سليمان.

(35)
الطعن رقم 42490 لسنة 72 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معينًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) استيلاء. تسهيل استيلاء على مال عام. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
جريمتا الاستيلاء على المال العام وتسهيل ذلك للغير. لا يلزم لإثباتهما طريقًا خاصًا. كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لهما من أى دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة.
(3) جريمة "أركانها". استيلاء. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن ملكية المال موضوع جريمة الاستيلاء. غير لازم. ما دامت تلك الملكية لم تكن محل منازعة.
(4) جريمة "أركانها". تربح. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 عقوبات. مناط تحققها؟
جناية التربح من جرائم الخطر التى تهدد نزاهة الوظيفة العامة. علة ذلك؟
الحصول على الربح أو المنفعة. غير لازم لتحققها. مجرد محاولة ذلك. كاف. ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة.
مثال لتسبيب سائغ على تحقق جريمة التربح.
(5) تزوير. جريمة" أركانها". قصد جنائى.
تحدث الحكم استقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير. غير لازم. علة ذلك؟
القصد الجنائى فى جريمة التزوير. تحققه: بتعمد تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه.
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا الركن. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه.
مثال.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتعقب الطاعنين فى مناحى دفاعهم الموضوعى. اطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها. مفاده: اطراح اعتبارات عدم الأخذ بها. دون التزام ببيان علة اطراحها.
(7) محضر الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الأصل فى الإجراءات أنها روعيت. أساس ذلك؟
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة. غير جائز. إلا بالطعن بالتزوير.
إثبات بيانات المحررات المزورة فى صلب الحكم. غير لازم. ما دام قد ثبت من محضر الجلسة أنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة فى حضور الخصوم.
مثال.
(8) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة فى الطعن". اشتراك. تزوير. استيلاء. جريمة "أركانها". إضرار عمدى. ضرر.
النعى بعدم توافر الضرر فى جريمة التزوير. لا مصلحة فيه. ما دام الحكم عاقب الطاعنين عنها وجرائم الإضرار العمدى والاشتراك فيه وتسهيل الاستيلاء بعقوبة داخلة فى حدود عقوبة الجريمة الأشد. المادة 32 عقوبات.
(9) اتفاق. إثبات "قرائن". فاعل أصلى. اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الاشتراك بالاتفاق يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه.
النية من مخبآت الصدور ودخائل النفوس التى لا تقع تحت الحس. وليس لها أمارات ظاهرة.
الاشتراك بالمساعدة يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصودًا يتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة.
للقاضى الجنائى الاستدلال على الاتفاق والمساعدة بطريق الاستنتاج والقرائن. إذا لم يقم دليل مباشر عليه. ما دام سائغًا.
(10) دعوى جنائية "قيود تحريكها". نيابة عامة. قانون "تفسيره".
وجوب التضييق فى تفسير القيود التى ترد على حق النيابة فى رفع الدعوى.
صدور الطلب برفع الدعوى الجنائية. أثره: رفع قيد تحريكها عن النيابة العامة.
عدم اعتماد الطلب على إرادة فرد. اعتماده على مبادئ موضوعية. ووجوب أن يكون مكتوبًا.
صدور الطلب خلال فترة معينة من ارتكاب الجريمة. غير لازم. ما دامت الدعوى الجنائية لم تسقط بمضى المدة.
ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية من وزير الاقتصاد. أثره: للنيابة العامة مباشرة التحقيق. إلزام الوزير بأخذ رأى محافظ البنك المركزى. تنظيمى. لا يقيد حرية النيابة متى صدر الطلب.
(11) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته؟
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع" سلطتها فى تقدير الدليل""سلطتها فى تقدير أقوال الشهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه. علة ذلك؟
عدم التزامها بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". بنوك.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى. ما دام سائغًا.
النعى بأن الواقعة مجرد جنحة معاقب عليها بقانون البنوك وليس قانون العقوبات. جدل موضوعى فى سلطة المحكمة فى استخلاص صورة الواقعة.
(14) غرامة "الغرامة النسبية". عقوبة "تطبيقها".
الغرامة المنصوص عليها فى المادة 118 عقوبات. نسبية. تضامن المتهمين فى الالتزام بها. فاعلين كانوا أم شركاء. ما لم ينص القانون على خلافه. أساس ذلك؟
(15) رد. عقوبة "تطبيقها".
المقصود من الرد المنصوص عليه فى المادة 118 من قانون العقوبات؟
تعدد المحكوم عليهم بالرد. أثره: تضامنهم فى الالتزام به بالتساوى ما لم يعين الحكم نصيب كل منهم فيما يجب رده.
(16) تربح. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة فى مقدار المبلغ محل جريمة التربح لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائزة.
(17) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
المحاكمة الجنائية. قيامها على التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود. عدم جواز الخروج عن هذا الأصل إلا إذا تعذر سماع الشهود أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك.
(18) ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد" "تطبيقها".
اتحاد الجرائم التى دين الطاعنين بها فى فعل مادى واحد. أثره: تطبيق المادة 32 عقوبات. والحكم بعقوبة الجريمة الأشد دون المقررة للجريمة الأخف أصلية كانت أم تكميلية.
مثال.
(19) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن فى دليل لم يعول عليه الحكم فى مقارفته للجرائم التى دانه بها. غير مقبول.
مثال.
(20) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعى.
(21) نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة "سلطتها".
نقض الحكم وإعادة المحاكمة. يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التى كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. مؤدى ذلك؟
للمحكمة أن تورد فى حكمها الأسباب التى اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه. ما دامت تصلح لإقامة قضائه بالإدانة.
(22) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعى. كفاية تعويلها على أدلة الثبوت. ردًا عليه.
(23) دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها.
(24) نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون" نظر الطعن والحكم فيه". عقوبة تطبيقها.
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. المادة 43 من القانون 57 لسنة 1959.
إضافة الحكم المطعون فيه للطاعن عقوبة الرد والغرامة النسبية رغم عدم الحكم بهما عليه فى الحكم المنقوض. بناءً على طعنه. خطأ فى تطبيق القانون. لمحكمة النقض تصحيحه المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أن القانون لم يشترط لإثبات جريمتى الاستيلاء على المال العام والتسهيل للغير بارتكابها المنصوص عليهما فى الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - بوقوع الفعل المكون لهما من أى دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة، وكان ما أورده الحكم كافيًا وسائغًا فى التدليل على ثبوت تسهيل الطاعن الأول للطاعن الرابع الاستيلاء على المبالغ التى أشار إليها الحكم فى مدوناته، وعلى الاشتراك فى ارتكابها بحق الطاعنين الرابع والخامس، فإن منعى الطاعنين بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها فى حقهم لا يكون سديدًا.
3 - لما كان من المقرر أن التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطًا لازمًا لصحة الحكم بالإدانة فى جريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 من قانون العقوبات ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانونى الذى خلص إليه، وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل فى الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها.
4 - من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من فى حكمه بالمعنى الوارد فى المادة 119 مكررًا من ذات القانون وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته. ففى هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها، فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التى قد يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره، وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها فى نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحًا أو منفعة، فهذه جريمة من جرائم الخطر الذى يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدى إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقى أو لا يتمثل فى خطر حقيقى فعلى، فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة، كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفى لقيامها مجرد محاولة ذلك حتى ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة. لما كان ذلك، فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه من قيام الطاعنين الثلاثة الأول - وهم موظفين عمومين - الأول مدير... والثانى الباحث الائتمانى للبنك والثالث رئيس قسم الاستعلامات بالمركز الرئيسى للبنك المذكور - وهو ما لا يمارى فيه الطاعنون - باستغلال وظيفتهم بأن حصلوا لشركة المتهمين الرابع والسادس على تسهيلات ائتمانية بدون وجه حق من عمل من أعمال وظيفتهم بأن أعدوا تقارير الاستعلام والدراسة الائتمانية المزورة وضمنوها على خلاف الحقيقة استيفاء شركة المتهمين سالفى الذكر لشروط التسهيلات فتمكنوا بهذه الوسيلة من إقرار التسهيلات آنفة البيان - تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات سالفة الذكر التى دان الطاعنين الثلاثة الأول بها.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلال عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائى فى جريمة التزوير متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه وليس أمرًا لازمًا التحدث صراحة واستقلالاً فى الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعنين الثلاثة الأول ارتكبوا تزويرًا فى تقارير المركز المالى وتقارير الدراسة الائتمانية اللذين أعدوهما واعتمدوهما. وأثبتوا بهما بيانات مخالفة للحقيقة بنية استعمالهما فيما زورا من أجله وهو الحصول على ربح للمتهمين الرابع والسادس. فإنه لا يكون ملزمًا بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائى لدى الطاعنين ما دام أن إثبات وقوع التزوير منهم يلزم عنه أن يتوفر فى حقهم ركن العلم بتزوير المحرر الذى أسند إليهم تزويره واستعماله. ومع ذلك فإن الحكم قد تحدث عن توافر القصد الجنائى فى حق الطاعنين الثلاثة الأول ودلل عليه تدليلاً سائغًا ومقبولاً.
6 - لما كانت المحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعنين فى كل جزئية يثيرونها فى مناحى دفاعهم الموضوعى إذ فى اطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها المتهمون لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها.
7 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوى على المحررات المزورة واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه، وكان الأصل طبقًا للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما يثبت بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعنون، كما أنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات فى صلب الحكم بعد أن ثبت أنهما كانا مطروحين على بساط البحث والمناقشة فى حضور الخصوم وكان فى مكنة الدفاع عن الطاعنين وقد أطلع عليها أن يبدى ما يعن له بشأنهما فى مرافعته.
8 - لما كان لا مصلحة للطاعنين فيما ينعوه على الحكم بالنسبة لجريمة التزوير، ومنها عدم تدليله على توافر ركن الضرر بدعوى أن الأوراق المزورة عرفية. مثلما لا مصلحة لهم فى النعى على جريمة الإضرار العمدى والاشتراك فيه وتسهيل الاستيلاء ما دام البين من مدونات الحكم أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات و أوقع عليهم عقوبة واحدة عن جميع الجرائم المسندة إليهم تدخل فى حدود العقوبة المقررة للجريمة الأشد من تلك الجرائم.
9 - من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبأت الصدور ودخائل النفوس التى لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة كما أن الاشتراك بالمساعدة يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطًا لعقاب الشريك، وللقاضى الجنائى إذا لم يقم على الاتفاق أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعنون من عدم قبول الدعوى لتحصن قرار وزير الاقتصاد الأول برفض طلب تحريك الدعوى الجنائية قبلهم وبطلان قراره الثانى بالموافقة على تحريك الدعوى قبل استطلاع رأى محافظ البنك المركزى. واطرحه فيما مفاده أنه لا يعد قرارًا إداريًا يتحصن ضد الإلغاء وإنما يعد دفعًا للقيد الذى وضعه المشرع على سلطة النيابة العامة فى تحريك الدعوى وأنه ينصرف فقط إلى الجريمتين المنصوص عليهما فى المادتين 116 مكررًا، 116 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات ولا ينصرف إلى باقى الجرائم التى ارتكبها المتهمون والمؤثمة بالمادتين 113، 115 من ذات القانون وأنه لا يستقيم قانونًا أن يتحصن القرار ضد الإلغاء ولا تتمكن النيابة العامة من تحريك الدعوى الجنائية بصفة "أبدية" ذلك أنه قد تظهر أدلة جديدة أو توضح النيابة العامة لوزير الاقتصاد أمورًا لم توضحها فى طلبها الأول الذى رفضه وذلك فى طلب جديد تتقدم به إليه فيرى أن ظروف الدعوى أصبحت تستدعى تحريك الدعوى الجنائية فيها. لما كان ذلك، وكان قضاء النقض قد استقر على أن الإجراءات اللازمة لإمكان رفع الدعوى الجنائية على مرتكبى الجرائم محل الواقعة هى من القيود التى ترد على حق النيابة التى تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقًا للقانون بما يتعين الأخذ فى تفسيرها بالتضييق والقول بأن الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة رجوعًا إلى حكم الأصل، فالطلب يصدر من هيئة عامة بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنيًا عليها أو بصفتها أمينة على مصالح الدولة العليا ولا يتعلق بأشخاص مرتكبيها، فالطلب بحسبانه عملاً إداريًا لا يعتمد على إرادة فرد ولكن على مبادئ موضوعية فى الدولة ولا يكون إلا كتابيًا. لما كان ذلك، وكان القانون لم يتطلب تقديم الطلب فى فترة زمنية معينة من وقت الجريمة فإن الحق فيه يظل قائمًا حتى تسقط الدعوى الجنائية بمضى المدة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية من وزير الاقتصاد، فإنه بصدوره تعود للنيابة العامة حريتها وسلطتها فى مباشرة التحقيق. ولا ينال من ذلك ما ألزم به القانون وزير الاقتصاد من أخذ رأى محافظ البنك المركزى، إذ لا يعدو أن يكون تنظيمًا للعمل فى علاقة الوزير بمحافظ البنك لا يقيد حرية النيابة العامة بعد أن عادت لها حريتها بالطلب المقدم من الوزير هذا فضلاً عن ورود رأى محافظ البنك لاحقًا بالموافقة.
11 - لما كان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة.
12 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى، وهى فى ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإنه لا على المحكمة إن هى أغفلت من أقوال الشاهد الثانى عدم وجود الإمكانيات التى تتيح له التعرف على ظروف العميل ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص وفيما اطمأنت إليه المحكمة من أقوال شهود الإثبات ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
13 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، فإن النعى بأن الواقعة لا تعدو أن تشكل جنحة تقديم بيانات أو أوراق غير صحيحة لأحد البنوك بقصد الحصول على تسهيلات ائتمانية يسرى عليها قانون البنوك وليس قانون العقوبات، فذلك لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
14 - لما كان من المقرر أن الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدًا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من ذات القانون، وبالتالى يكون المتهمون أيًا كانت صفاتهم متضامنين فى الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلافه، ذلك بأن المشرع فى المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجانى بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفًا أو من فى حكمه.
15 - لما كان من المقرر أن جزاء الرد المنصوص عليه فى المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان فى ظاهره يتضمن معنى الرد إلا أنه فى حقيقته لم يشرع للعقاب أو الزجر إنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذى أضاعه المتهم عليها، ومؤدى ذلك أنه كلما تعدد المحكوم عليهم بالرد فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة المذكورة كانوا متضامنين بالالتزام به وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى إلا إذا عين الحكم نصيب كل منهم فيما يجب رده وذلك عملاً بالمادة 169 من القانون المدنى، كما أن هذا الجزاء يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه، وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر. ولم يقضِ بعقوبات مالية عن جريمة الإضرار العمدى كما لم يقضِ بأية فوائد عن المبلغ المقضى برده، فإن منعى الطاعنين الأربعة الأول فى هذا الصدد يكون على غير أساس.
16 - لما كان الحكم قد أثبت بأدلة منتجة اقتراف الطاعن الأول لما أسند إليه من جرائم وحدد مقدار مبلغ الربح الذى حصل لغيره عليه وذلك من أعمال وظيفته بدون وجه حق والذى لا يمارى الطاعن فى أن له أصله الصحيح فى الأوراق، وإذ كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع بما يثيره بوجه الطعن فليس له أن يبدى هذا النعى لأول مرة أمام محكمة النقض.
17 - لما كان من المقرر أن الأصل فى المحاكمة الجنائية أنها تقوم على التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة - فى مواجهة المتهم - بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها وأنه لا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك قبولاً صريحًا أو ضمنيًا إلا أنه متى كان المتهم قد حدد فى مرافعته ما يرمى إليه من طلبه مناقشة الشهود وبان للمحكمة أنه لا يقصد تحقيق المرافعة الشفوية وإنما يريد استظهار واقعة ترى المحكمة - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة - أنها واضحة وضوحًا كافيًا فلها أن تمتنع عن سماعهم بما لها من حق تخوله لها الفقرة الأخيرة من المادة 273 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى قضت فى الدعوى دون إجابة الطاعنين إلى طلبهم سماع الشهود الذين طلبوا سماعهم.
18 - لما كان ما أورده الحكم لأوصاف الجرائم التى دان الطاعنين الأربعة الأول بها قوامها فعل مادى واحد وهو ما رآه الحكم المطعون فيه وتراه أيضًا هذه المحكمة - محكمة النقض - وهو مما يوجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة للجريمة الأخف - أصلية كانت أو تكميلية - لما كان ذلك، وكانت جريمة التربح والاشتراك فيها هى صاحبة الوصف الأشد. فإنه يتعين القضاء بالعقوبة المقررة لها دون العقوبة المقررة للجرائم ذات العقوبة الأخف أصلية كانت أو تكميلية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعقوبة تكميلية عن جريمة تسهيل الاستيلاء والاشتراك فيها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا فى هذا الشق من قضائه بإلغاء عقوبة الرد والغرامة المحكوم بها عن جريمة تسهيل الاستيلاء والاشتراك فيها عملاً بالمادتين 35/ 2، 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
19 - لما كان الحكم قد استند فى إثبات التهمة فى حق الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعنين بالتحقيقات وتقرير لجنة الخبراء الحسابيين بمكتب خبراء وزارة العدل، ولم يعول فى ذلك على ما تضمنه تقرير لجنة الرقابة على البنوك، خلافًا لما يقول به الطاعن الرابع الذى لم يشر إليه فى مدوناته، فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون غير سديد.
20 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
21 - لما كان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتجرى فيها المحاكمة على ما هو ثابت بالأوراق وأنه لا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التى تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها فى قضائها ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هى بذاتها التى عول عليها الحكم المنقوض بل ولها أن تورد فى حكمها الأسباب التى اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمها ما دامت تصلح فى ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
22 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعى للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التى عولت عليها فى قضائها بالإدانة.
23 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه دفاعهم الموضوعية المشار إليها بأسباب الطعن.
24 - لما كان البين من الأوراق أن الحكم المنقوض كان قد قضى بمعاقبة الطاعن الخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع إيقاف العقوبة عما أسند إليه من الاشتراك فى تسهيل الاستيلاء على المال العام وقضت محكمة الإعادة بحكمها المطعون فيه بحبس الطاعن المذكور لمدة سنة مع الشغل وألزمته برد مبلغ... جنيه إلى بنك... وتغريمه مبلغ مساو لهذا المبلغ بالتضامن مع المتهمين الأول والرابع. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم السابق - فيما يتعلق بالطاعن المذكور - حاصلاً بناءً على طعنه وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 فإن الحكم المطعون فيه إذ أضاف للطاعن الخامس عقوبتى الرد والغرامة النسبية فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها فى المادة 39 من القانون المذكور أن تحكم محكمة النقض فى الطعن وتصحح الخطأ وذلك بإلغاء عقوبتى الرد والغرامة النسبية المقضى بهما على الطاعن الخامس دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام العوار لم يرد على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه مما يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنون بأنهم واخر أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفًا عامًا... سهل للمتهم الرابع الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال لجهة عمله السالف بيانها بلغ قدرها... جنيه وكان ذلك حيلة بأن استغل التسهيل الائتمانى "الحد الجارى المدين" الممنوح لشركة المتهم الرابع موضوع التهمة التالية ووافق له على سحب المبالغ آنفة البيان بالزيادة عن الحد المصرح به من الإدارة العليا للبنك وبالمخالفة للوائح العمل ونظمه وللأعراف المصرفية فمكنه بهذه الوسيلة من الاستيلاء على تلك المبالغ على النحو المبين بالتحقيقات. ثانيًا: المتهمون الثلاثة الأول: (1) بصفتهم موظفين عامين الأول بصفته السالف بيانها والثانى... رئاسة المتهم الأول والثالث... بالمركز الرئيسى للبنك المذكور حصلوا للمتهمين الرابع والسادس بدون وجه حق على ربح عن عمل من أعمال وظائفهم بأن حصلوا لشركتيهما... تسهيلات ائتمانية قدرها... جنيه "حد خطاب ضمان" ... جنيه "حد جارى مدين" دون حق وكان ذلك بأن أعدوا تقارير الاستعلام والدراسة الائتمانية المزورة موضوع التهمة المبينة بالفقرة "3" من هذا البند وضمنوها على خلاف الحقيقة استيفاء شركة المتهمين سالفى الذكر لشروط المنح فتمكنوا بهذه الوسيلة من إقرار التسهيلات آنفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات. (2) بصفتهم سالفة البيان أضروا عمدًا بأموال جهة عملهم السالف ذكرها بأن ارتكبوا الجنايتين سالفتى البيان مما أضاع على جهة عملهم مبلغ... جنيه قيمة المديونية المستحقة على شركة المتهمين الرابع والسادس على النحو المبين بالتحقيقات. (3) ارتكبوا تزويرًا فى محررات بنك... من الشركات المساهمة المملوكة للدولة بأن غيروا بقصد التزوير موضوع "تقارير الاستعلامات والمذكرات الائتمانية" فى حال تحريرها المختص بوظائفهم بجعلهم وقائع مزورة فى صورة وقائع صحيحة مع عملهم بتزويرها وذلك بأن حرر المتهم الثالث تقارير استعلامات عن المتهمين الرابع والسادس وشركتيهما السالف ذكرها أثبت فيها خلاف الحقيقة حسن سمعتهم وانتظامهم فى التعامل مع البنوك الأخرى وملكيتهم لمعدات قيمتها... جنيه وممارسة الشركة نشاطها فى مقر مملوك لها وأعد المتهمان الأول والثانى مذكرة الدراسة الائتمانية المؤرخة... للموافقة على زيادة التسهيلات الائتمانية الممنوحة لشركة المتهمين الرابع والسادس وأثبت فيها خلافًا للحقيقة تحقيقها أرباحًا عامى... متغاضين عمدًا عن مديونيتهما للجهاز المصرفى الثابتة لديهما بكتاب مجمع مخاطر الائتمان بالبنك المركزى عما ورد بميزانيتين خاسرتين عن ذات الفترة وحرر المتهم الأول منفردًا مذكرتين مؤرختين...، ... رفعهما إلى الإدارة العليا للبنك أثبت فيهما خلافًا للحقيقة أن التجاوز المرتكب فى حساب العميل موضوع التهمة الأولى مضمون بشيكات أصدرها العميل قيمتها ثلاثة ملايين جنيه ومعدات مملوكة له قيمتها تزيد على... جنيه واستعمل المتهمون الثلاثة المحررات المزورة السالف بيانها بأن قدموها للمختصين بجهة عملهم للاحتجاج بما ورد بها ولإعمال آثارها مع علمهم بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثًا: المتهمان الرابع والخامس: اشتركا مع المتهم الأول بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جناية تسهيل الاستيلاء على المال العام المسندة إليه آنفًا بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه بأن سحب المتهم الرابع المبالغ المستولى عليها موضوع التهمة الأولى من حساب... الممنوح لها التسهيلات الائتمانية... التى أصدر له المتهم الخامس رئيس مجلس إدارتها توكيلاً مصرفيًا للتعامل مع حسابها بالبنك سالف الذكر فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وعلى النحو المبين بالتحقيقات.
رابعًا: المتهمان الرابع والسادس: اشتركا مع المتهمين الثلاثة الأول بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جناية التربح المسندة إليهم آنفًا بأن اتفقا معهم على ارتكابها وساعداهم بأن قدما طلب للحصول على تسهيلات ائتمانية لشركتيهما..... ووقعا على عقود تلك التسهيلات والسندات الضامنة لها رغم علمهما بعدم أحقيتهما فى الحصول على تلك التسهيلات وعدم كفاية الضمانات المقدمة منهما فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وعلى النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا... لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للأول والثانى والثالث والرابع والخامس وغيابيًا للسادس عملاً بالمواد 40/ ثانيًا - ثالثًا، 41/ 1، 113/ 1، 115، 116/ 1 مكررًا، 118، 119/ (ب)، 119 مكررًا/ (هـ)، 213، 214 مكررًا من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة الأول والرابع والسادس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليهم. ثانيًا: بمعاقبة الثانى والثالث بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما.
ثالثًا: بمعاقبة الخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها عليه لمدة ثلاث سنوات. رابعًا: بعزل كل من المتهمين الأول والثانى والثالث من وظائفهم ببنك... .خامسًا: بإلزام المتهمين الأول والرابع برد مبلغ... جنيه لبنك... وتغريمهما مبلغًا مساويًا لهذا المبلغ. سادسًا: بإلزام المتهمين الأول والثانى والثالث والرابع والسادس برد مبلغ... جنيه لبنك... وتغريمهما مبلغًا مساويًا لهذا المبلغ. سابعًا: بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الخمسة الأول فى هذا الحكم بطريق النقض "قيد برقم..." ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة بهيئة أخرى قضت حضوريًا عملاً بالمواد 40/ ثانيًا - ثالثًا، 41، 113، 115، 116 مكرر/ 1، 118، 118 مكرر، 119/ ب، 119 مكرر/ ﮪ، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون.
أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والرابع بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لكل منهما عما أسند إليه من اتهام. ثانيًا: بمعاقبة كل من المتهمين الثانى والثالث بالسجن مدة ثلاث سنوات لكل منهما عما أسند إليه من اتهام. ثالثًا: بمعاقبة المتهم الخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه من اتهام وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث سنوات. رابعًا: بعزل كل من المتهمين الثلاثة الأول من وظيفته. خامسًا: بإلزام المتهمين الأول والرابع والخامس برد مبلغ... جنيه إلى بنك... وتغريمهم مبلغ مساو لهذا المبلغ. سادسًا: بإلزام المتهمين الأول والثانى والثالث والرابع برد مبلغ... جنيه إلى... وتغريمهم مبلغًا مساويًا لهذا المبلغ.
سابعًا: بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الخمس الأول فى هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" ... إلخ.


المحكمة

أولاً: أوجه طعن المحكوم عليه الأول: -
حيث إن المحكوم عليه الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تسهيل الاستيلاء على مال عام والحصول لغيره على ربح من أعمال وظيفته بدون وجه حق والإضرار العمدى والتزوير فى أوراق رسمية واستعمالها قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والتناقض والبطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دفع بعدم توافر أركان جرائم تسهيل الاستيلاء على المال العام والحصول لغيره على ربح من أعمال وظيفته بدون وجه حق والإضرار العمدى المسند إليه ورد عليه بما لا يسوغ، ولم يستظهر مدى توافر أركان جريمة التزوير فى حقه والطاعنين الثانى والثالث وركن الضرر لا سيما وأن البيانات المقول بوقوع التزوير فيها ليست من الأمور التى أعد المحرر من أجلها وأن النيابة لم تسند إليه تهمة تزوير تقارير الاستعلام، كما وأن الحكم لم يدلل تدليلاً كافيًا على توافر القصد الجنائى لجريمة الإضرار العمدى بالنسبة للطاعن والمحكوم عليهما الآخرين وخلط بينها وبين جنحة الإضرار بإهمال خاصة وأن الطاعن لا يملك التجاوز بأكثر من... جنيه وأن ضمانات التسهيلات كانت كافية وقت المنح. فضلاً عن أن الحكم استند فى قضائه بالإدانة إلى أدلة وإجراءات تساند إليها قضاء الحكم المنقوض، كما وأن الدعوى الجنائية غير مقبولة لعدم استطلاع رأى محافظ البنك المركزى قبل صدور إذن وزير الاقتصاد بتحريكها وأورد الحكم فى مدوناته أنه يعول فى الإدانة على الاستدلالات وأقوال أعضاء لجنة الرقابة على البنوك وإقرار الطاعنين بالتحقيقات ثم عاد وصرح باستبعادها لاتسامها بالبطلان والتعويل على تقرير لجنة خبراء وزارة العدل بوصفه دليل مستقل، وعول فى قضائه بالإدانة على اعتراف الطاعن بالتحقيقات رغم أنه لا يعد نصًا فى اقتراف الجريمة، كما طلب الطاعن سماع شهود إثبات ونفى وتشكيل لجنة من الخبراء لفحص الوقائع أساس الاتهام ورد عليه بما لا يسوغ، فضلاُ عن أن الحكم أوقع على الطاعن عقوبتى الرد والغرامة النسبية رغم أن قيمة المال الذى ضاع على البنك لم يتحدد بصفة نهائية. . كما استند الحكم فى قضائه إلى أقوال شاهد الإثبات الثانى دون بيان موضعها من الأوراق. فضلاً عن أن الحكم لم يحدد مقدار ما ألزم به كل متهم على حدة من مبلغ الرد والغرامة المقضى بهما. مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ثانيًا: أوجه طعن المحكوم عليهما الثانى والثالث:ـ
وحيث إن المحكوم عليهما ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الحصول على ربح لغيرهما من أعمال وظيفتهما بدون وجه حق والإضرار العمدى والتزوير فى محررات رسمية واستعمالها قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد وفى تطبيق القانون والتناقض والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بيانًا تتحقق به أركان الجرائم التى دانهما بها واطرح بما لا يسوغ دفعهما بانتفاء القصد الجنائى عن كافة الجرائم المسندة إليهما، كما لم يستظهر الحكم ركن الضرر فى جريمة الإضرار العمدى بأموال البنك المجنى عليه ولم يعرض لدفعهما فى هذا الشأن، فضلاً عن أن المحكمة لم تطلع على الأوراق المزورة فى حضور الخصوم ولم تبين مضمونها وموطن التزوير فيها وكيفية حدوثه والدليل عليه خاصة وقد تمسك الطاعنان بانتفاء أركان جريمة التزوير فى حقهما، ودفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى لبطلان الإذن الصادر من وزير الاقتصاد بتحريك الدعوى لتحصن قراره السابق ولعدم استطلاع رأى محافظ البنك المركزى قبل صدوره ورد عليه بما لا يسوغ، واستند الحكم فى قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات رغم أنها لا تصلح دليلاً للإدانة وأخذ بأقوال شاهد الإثبات الثانى بجلسة المحاكمة الأولى واطرح أقواله فى شأن عدم توافر الإمكانيات التى تتيح له التعرف على ظروف العميل، كما نازع الطاعنان فى أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة تقديم بيانات أو أوراق غير صحيحة لأحد البنوك بقصد الحصول على تسهيلات ائتمانية يسرى عليها قانون البنوك وليس قانون العقوبات، وقام دفاع الطاعنين على أن أموال بنك... لا تعتبر أموال عامة وإنما تخضع للحماية المقررة للشركات المساهمة إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع بما يسوغه واستند الحكم فى قضائه بالإدانة إلى إقرار الطاعن الثانى بالتحقيقات بما يخالف الثابت بالأوراق ورغم أن إقرار الطاعنين لا يعد نصًا فى اقتراف الجريمة، واستند الحكم فى قضائه بالإدانة إلى نتيجة تقرير لجنة خبراء وزارة العدل دون أن يورد مضمونه مغفلاً أجزاء هامة منه من شأنها نفى الاتهام عن الطاعنين، فضلاً عن أن الحكم بعد أن اطرح تقرير لجنة الرقابة التى انتدبتها النيابة العامة عاد وأخذ بكل ما ورد به، كما طلب الطاعنان سماع شهود وتشكيل لجنة من الخبراء لبيان مصير المبالغ المستولى عليها ورد عليه بما لا يسوغ، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ثالثًا: أوجه طعن المحكوم عليهما الرابع والخامس:
وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المحكوم عليه الرابع بجرائم الاشتراك فى تسهيل الاستيلاء على مال عام والتربح والإضرار العمدى والتزوير فى محررات رسمية ودان المحكوم عليه الخامس بجريمة الاشتراك فى تسهيل الاستيلاء على مال عام قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الأوراق جاءت خالية مما يفيد توافر أركان جريمتى الاشتراك فى تسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار العمدى فى حق الطاعنين ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعن الرابع فى هذا الشأن ودفع الطاعن وباقى المحكوم عليهم بعدم قبول الدعوى لبطلان الطلب الصادر من وزير الاقتصاد بتحريكها لتحصنه بمضى المدة دون الطعن عليه ولعدم استطلاع رأى محافظ البنك المركزى قبل صدوره وبطلان كافة الإجراءات المترتبة على ذلك ورد عليه بما لا يسوغ، وقام دفاعه على أن الواقعة لا تعدو أن تكون تصرفات مدنية تجارية ورد عليه بما لا يسوغ، كما تمسك الطاعن بطلب ندب لجنة من كليتى الهندسة والتجارة وطلب إعادة مناقشة أعضاء لجنتى خبراء البنك المركزى إلا أن المحكمة لم تجبه لطلباته وأخذت بالتقريرين المشوبين بالقصور والبطلان، واستند الحكم إلى تقرير لجنة خبراء البنك المركزى فى قضائه بعقوبتى الرد والغرامة على الطاعنين بالتضامن مع باقى المحكوم عليهم رغم أن المحكمة أطرحته لبطلان تشكيل تلك اللجنة، كما أوقع الحكم على المحكوم عليهم جميعًا عقوبتى الرد والغرامة عن جريمة الإضرار العمدى بالمخالفة لصحيح القانون، فضلاً عن انتفاء ركن الضرر الموجب لعقوبة الغرامة النسبية المقضى بها، كما قضت المحكمة على الطاعن بالفوائد رغم الحكم بإشهار إفلاسه وبما يخالف صحيح القانون، ودفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم كفاية التحريات وانعدامها وببطلان قرار النيابة بندب أعضاء لجنة الرقابة لضبط أصول المستندات المتعلقة بالدعوى لعدم تمتع أعضاءها بصفة الضبطية القضائية وبطلان الدليل المستمد من اطلاعها على حسابات الشركة العربية للمجتمعات العمرانية لخلو الأمر الصادر من محكمة استئناف القاهرة من التصريح بذلك ورد الحكم على هذه الدفوع بما لا يسوغ، كما أن المحكمة عدلت وصف الاتهام المسند إلى الطاعن الرابع والمحكوم عليه السادس دون لفت نظر الدفاع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها. وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يشترط لإثبات جريمتى الاستيلاء على المال العام والتسهيل للغير بارتكابها المنصوص عليهما فى الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - بوقوع الفعل المكون لهما من أى دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة، وكان ما أورده الحكم كافيًا وسائغًا فى التدليل على ثبوت تسهيل الطاعن الأول للطاعن الرابع الاستيلاء على المبالغ التى أشار إليها الحكم فى مدوناته، وعلى الاشتراك فى ارتكابها بحق الطاعنين الرابع والخامس، فإن منعى الطاعنين بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها فى حقهم لا يكون سديدًا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطًا لازمًا لصحة الحكم بالإدانة فى جريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 من قانون العقوبات ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانونى الذى خلص إليه، وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل فى الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من فى حكمه بالمعنى الوارد فى المادة 119 مكررًا من ذات القانون وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته. ففى هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها، فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التى قد يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره، وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها فى نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحًا أو منفعة، فهذه جريمة من جرائم الخطر الذى يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدى إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقى أو لا يتمثل فى خطر حقيقى فعلى، فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة، كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفى لقيامها مجرد محاولة ذلك حتى ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة. لما كان ذلك، فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه من قيام الطاعنين الثلاثة الأول - وهم موظفين عموميين - الأول مدير بنك... والثانى الباحث الائتمانى للبنك والثالث رئيس قسم الاستعلامات بالمركز الرئيسى للبنك المذكور - وهو ما لا يمارى فيه الطاعنون - باستغلال وظيفتهم بأن حصلوا لشركة المتهمين الرابع والسادس على تسهيلات ائتمانية بدون وجه حق من عمل من أعمال وظيفتهم بأن أعدوا تقارير الاستعلام والدراسة الائتمانية المزورة وضمنوها على خلاف الحقيقة استيفاء شركة المتهمين سالفى الذكر لشروط التسهيلات فتمكنوا بهذه الوسيلة من إقرار التسهيلات آنفة البيان - تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات سالفة الذكر التى دان الطاعنين الثلاثة الأول بها، ومن ثم فإن ما ينعوه على الحكم فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلال عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائى فى جريمة التزوير متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه وليس أمرًا لازمًا التحدث صراحة واستقلالاً فى الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعنين الثلاثة الأول ارتكبوا تزويرًا فى تقارير المركز المالى وتقارير الدراسة الائتمانية اللذين أعدوهما واعتمدوهما. وأثبتوا بهما بيانات مخالفة للحقيقة بنية استعمالهما فيما زورا من أجله وهو الحصول على ربح للمتهمين الرابع والسادس. فإنه لا يكون ملزمًا بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائى لدى الطاعنين ما دام أن إثبات وقوع التزوير منهم يلزم عنه أن يتوفر فى حقهم ركن العلم بتزوير المحرر الذى أسند إليهم تزويره واستعماله. ومع ذلك فإن الحكم قد تحدث عن توافر القصد الجنائى فى حق الطاعنين الثلاثة الأول ودلل عليه تدليلاً سائغًا ومقبولاً والمحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعنين فى كل جزئية يثيرونها فى مناحى دفاعهم الموضوعى إذ فى اطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها المتهمون لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ويضحى النعى على الحكم فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوى على المحررات المزورة واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه، وكان الأصل طبقًا للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما يثبت بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعنون، كما أنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات فى صلب الحكم بعد أن ثبت أنهما كانا مطروحين على بساط البحث والمناقشة فى حضور الخصوم وكان فى مكنة الدفاع عن الطاعنين وقد أطلع عليها أن يبدى ما يعن له بشأنهما فى مرافعته ومن ثم يكون النعى على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين فيما ينعوه على الحكم بالنسبة لجريمة التزوير، ومنها عدم تدليله على توافر ركن الضرر بدعوى أن الأوراق المزورة عرفية. مثلما لا مصلحة لهم فى النعى على جريمة الإضرار العمدى والاشتراك فيه وتسهيل الاستيلاء ما دام البين من مدونات الحكم أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة واحدة عن جميع الجرائم المسندة إليهم تدخل فى حدود العقوبة المقررة للجريمة الأشد من تلك الجرائم. لما كان ذلك، وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبأت الصدور ودخائل النفوس التى لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة كما أن الاشتراك بالمساعدة يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطًا لعقاب الشريك، وللقاضى الجنائى إذا لم يقم على الاتفاق أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة التى أوردها على اشتراك الطاعنين الرابع والخامس فى ارتكاب الجرائم التى أسندها إليهما، فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعنون من عدم قبول الدعوى لتحصن قرار وزير الاقتصاد الأول برفض طلب تحريك الدعوى الجنائية قبلهم وبطلان قراره الثانى بالموافقة على تحريك الدعوى قبل استطلاع رأى محافظ البنك المركزى واطرحه فيما مفاده أنه لا يعد قرارًا إداريًا يتحصن ضد الإلغاء وإنما يعد دفعًا للقيد الذى وضعه المشرع على سلطة النيابة العامة فى تحريك الدعوى وأنه ينصرف فقط إلى الجريمتين المنصوص عليهما فى المادتين 116 مكررًا، 116 مكررًا ( أ ) من قانون العقوبات ولا ينصرف إلى باقى الجرائم التى ارتكبها المتهمون والمؤثمة بالمادتين 113، 115 من ذات القانون وأنه لا يستقيم قانونًا أن يتحصن القرار ضد الإلغاء ولا تتمكن النيابة العامة من تحريك الدعوى الجنائية بصفة "أبدية" ذلك أنه قد تظهر أدلة جديدة أو توضح النيابة العامة لوزير الاقتصاد أمورًا لم توضحها فى طلبها الأول الذى رفضه وذلك فى طلب جديد تتقدم به إليه فيرى أن ظروف الدعوى أصبحت تستدعى تحريك الدعوى الجنائية فيها. لما كان ذلك، وكان قضاء النقض قد استقر على أن الإجراءات اللازمة لإمكان رفع الدعوى الجنائية على مرتكبى الجرائم محل الواقعة هى من القيود التى ترد على حق النيابة التى تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقًا للقانون بما يتعين الأخذ فى تفسيرها بالتضييق والقول بأن الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة رجوعًا إلى حكم الأصل، فالطلب يصدر من هيئة عامة بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنيًا عليها أو بصفتها أمينة على مصالح الدولة العليا ولا يتعلق بأشخاص مرتكبيها، فالطلب بحسبانه عملاً إداريًا لا يعتمد على إرادة فرد ولكن على مبادئ موضوعية فى الدولة ولا يكون إلا كتابيًا. لما كان ذلك، وكان القانون لم يتطلب تقديم الطلب فى فترة زمنية معينة من وقت الجريمة فإن الحق فيه يظل قائمًا حتى تسقط الدعوى الجنائية بمضى المدة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية من وزير الاقتصاد، فإنه بصدوره تعود للنيابة العامة حريتها وسلطتها فى مباشرة التحقيق. ولا ينال من ذلك ما ألزم به القانون وزير الاقتصاد من أخذ رأى محافظ البنك المركزى، إذ لا يعدو أن يكون تنظيمًا للعمل فى علاقة الوزير بمحافظ البنك لا يقيد حرية النيابة العامة بعد أن عادت لها حريتها بالطلب المقدم من الوزير هذا فضلاً عن ورود رأى محافظ البنك لاحقًا بالموافقة الأمر الذى يكون معه منعى الطاعنين فى هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الأخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكانت صورة الواقعة كما استقرت فى عقيدة المحكمة وأقام الحكم قضاءه عليها قد استمدها من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقرير لجنة الخبراء الحسابيين بمكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ولم يستند إلى شيء من أقوال أعضاء لجنة الرقابة على البنوك ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة التناقض فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى وهى فى ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإنه لا على المحكمة إن هى أغفلت من أقوال الشاهد الثانى عدم وجود الإمكانيات التى تتيح له التعرف على ظروف العميل ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص وفيما اطمأنت إليه المحكمة من أقوال لشهود الإثبات ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، فإن النعى بأن الواقعة لا تعدو أن تشكل جنحة تقديم بيانات أو أوراق غير صحيحة لأحد البنوك بقصد الحصول على تسهيلات ائتمانية يسرى عليها قانون البنوك وليس قانون العقوبات فذلك لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدًا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من ذات القانون، وبالتالى يكون المتهمون أيًا كانت صفاتهم متضامنين فى الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلافه، ذلك بأن المشرع فى المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجانى بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفًا أو من فى حكمه، كما أنه من المقرر أن جزاء الرد المنصوص عليه فى المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان فى ظاهره يتضمن معنى الرد إلا أنه فى حقيقته لم يشرع للعقاب أو الزجر إنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذى أضاعه المتهم عليها ومؤدى ذلك أنه كلما تعدد المحكوم عليهم بالرد فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة المذكورة كانوا متضامنين بالالتزام به وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى إلا إذا عين الحكم نصيب كل منهم فيما يجب رده وذلك عملاً بالمادة 169 من القانون المدنى، كما أن هذا الجزاء يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه، وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر. ولم يقضِ بعقوبات مالية عن جريمة الإضرار العمدى كما لم يقضِ بأية فوائد عن المبلغ المقضى برده فإن منعى الطاعنين الأربعة الأول فى هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت بأدلة منتجة اقتراف الطاعن الأول لما أسنده إليه من جرائم وحدد مقدار مبلغ الربح الذى حصل لغيره عليه وذلك من أعمال وظيفته بدون وجه حق والذى لا يمارى الطاعن فى أن له أصله الصحيح فى الأوراق وإذ كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع بما يثيره بوجه الطعن فليس له أن يبدى هذا النعى لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة، قد عرضت لطلب سماع شهود إثبات عينهم الطاعنون وذلك للتدليل على عدم ارتكابهم للواقعة وردت عليه بما مفاده أن الواقعة وضحت لديها، وأن الطلب لا يتصف بالجدية وقصد به تعطيل الفصل فى الدعوى. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن الأصل فى المحاكمة الجنائية أنها تقوم على التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة - فى مواجهة المتهم - بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها وأنه لا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك قبولاً صريحًا أو ضمنيًا إلا أنه متى كان المتهم قد حدد فى مرافعته ما يرمى إليه من طلبه مناقشة الشهود وبان للمحكمة أنه لا يقصد تحقيق المرافعة الشفوية وإنما يريد استظهار واقعة ترى المحكمة - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة - أنها واضحة وضوحًا كافيًا فلها أن تمتنع عن سماعهم بما لها من حق تخوله لها الفقرة الأخيرة من المادة 273 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى قضت فى الدعوى دون إجابة الطاعنين إلى طلبهم سماع الشهود الذين طلبوا سماعهم وتنحسر عنه قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم لأوصاف الجرائم التى دان الطاعنين الأربعة الأول بها قوامها فعل مادى واحد وهو ما رآه الحكم المطعون فيه وتراه أيضًا هذه المحكمة - محكمة النقض - وهو مما يوجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة للجريمة الأخف - أصلية كانت أو تكميلية. لما كان ذلك، وكان جريمة التربح والاشتراك فيها هى صاحبة الوصف الأشد. فإنه يتعين القضاء بالعقوبة المقررة لها دون العقوبة المقررة للجرائم ذات العقوبة الأخف أصلية كانت أو تكميلية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعقوبة تكميلية عن جريمة تسهيل الاستيلاء والاشتراك فيها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا فى هذا الشق من قضائه بإلغاء عقوبة الرد والغرامة المحكوم بها عن جريمة تسهيل الاستيلاء والاشتراك فيها عملاً بالمادتين 35/ 2، 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند فى إثبات التهمة فى حق الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعنين بالتحقيقات وتقرير لجنة الخبراء الحسابيين بمكتب خبراء وزارة العدل، ولم يعول فى ذلك على ما تضمنه تقرير لجنة الرقابة على البنوك - خلافًا لما يقول به الطاعن الرابع الذى لم يشر إليه فى مدوناته - فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن ما ينعاه الطاعن الرابع فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتجرى فيها المحاكمة على ما هو ثابت بالأوراق وأنه لا يترتب على إعادة المحاكمة إصدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التى تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها فى قضائها ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هى بذاتها التى عول عليها الحكم المنقوض بل ولها أن تورد فى حكمها الأسباب التى اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمها ما دامت تصلح فى ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ومن ثم يكون منعى الطاعنين فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعى للمتهم اكتفاءً بأدلة الثبوت التى عولت عليها فى قضائها بالإدانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه دفاعهم الموضوعية المشار إليها بأسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الحكم المنقوض كان قد قضى بمعاقبة الطاعن الخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع إيقاف العقوبة عما أسند إليه من الاشتراك فى تسهيل الاستيلاء على المال العام وقضت محكمة الإعادة بحكمها المطعون فيه بحبس الطاعن المذكور لمدة سنة مع الشغل وألزمته برد مبلغ.... جنيه إلى بنك... وتغريمه مبلغ مساوٍ لهذا المبلغ بالتضامن مع المتهمين الأول والرابع. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم السابق - فيما يتعلق بالطاعن المذكور - حاصلاً بناءً على طعنه وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 فإن الحكم المطعون فيه إذ أضاف للطاعن الخامس عقوبتى الرد والغرامة النسبية فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها فى المادة 39 من القانون المذكور أن تحكم محكمة النقض فى الطعن وتصحح الخطأ وذلك بإلغاء عقوبتى الرد والغرامة النسبية المقضى بهما على الطاعن الخامس دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام العوار لم يرد على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه مما يقتضى التعرض لموضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبتى الرد والغرامة النسبية المقضى بهما على الطاعن الخامس ورفض الطعن فيما عدا ذلك